الجمعة، 26 أغسطس 2011

تفكيك الثور

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

تفكيك الثورة August 18th, 2011 11:02 am

وقالت أسماء محفوظ فى لقاء لها مع الأستاذ يسرى فودة «أنا تعبت، نفسنا نفرح ببلدنا». طااااب يا أسماء، تعبت -ولك الحق- يمكنك أخذ تعسيلة كشكول لمدة خمس دقائق لأن الطريق طويل. الطريق طويل لأن المحبين أبدوا قلقهم من مقال كتبته أول من أمس، ولأن الكارهين أبدوا سعادتهم: يلا حتغورى فى داهية على «س28» ونخلص منك. وبعض «المحايدين» طلبوا منى «التأدب» حين أتحدث عن المجلس العسكرى.
آه.. كده بقى، كما قال حازم صلاح أبو إسماعيل «على الشعب أن يستعد تماما». إن كنت -بعد سقوط كل هذا الكم من الشهداء- سأفكر فى ما أكتب، حتى لا أقلق المحبين، ولا أشمت العدا، وإن كان البعض يتحدث بنفس نبرة الرئيس الراحل أنور السادات «اتأدبى يا بنت.. لو المجلس العسكرى ده أبوكى كنتى كلمتيه كده؟» فعلى الشعب أن يستعد تماما.
لا.. مش حاتأدب، خالص، البتة، مطلقا، أبدا. لم نقم بثورة لنتأدب، فقد كنا نهاجم شخص مبارك، وكنت أنا أدعوه باسم «عوكل». وأذكر فى ما أذكر أن المحاكمات العسكرية الدائر رحاها لسحق كل صاحب مظهر فقير بدعوى أنه بلطجى، وكل معتصم بدعوى أنه أجندا، كانت فى عهد مبارك مقصورا جلها على الإسلاميين -الإسلاميين.. فاكرين؟ إييييه.. دنيا- وكان يريعنى أن يتضامن البعض مع المقدمين للمحاكمات العسكرية من الإخوان بعد أن يبدؤوا بديباجة «على الرغم من اختلافنا مع فكر الإخوان…». كنت أظن -وأقول- أنها ملحوظة حقيرة، تنم عن جبن وتخاذل ولا إنسانية دفينة تتوارى خلف رغبة فى الظهور بمظهر الحقوقى.
دارت الأيام، ومرت الأيام، ما بين ثوار ونيام، وتعهد المجلس العسكرى بأنه فهمنا، أى نعم.. فهمتكم، وبأنه سيلبى كل طلباتنا، يلا بقى، ثُرنا كتير، واستشهدنا كتير، واتصَبنا كتير، نروح بقى نتفرج على التليفزيون ونسمع «نجوم إف إم» ونتابع الماتش ونشوف الحاجات المهمة اللى ورانا.
لكننى، بشكل شخصى، فوجئت بأننا عدنا من حيث بدأ آباؤنا، بمعنى أننا قطفنا من كل بستان زهرة، فقدمنا المدنيين لمحاكم عسكرية مثل مبارك، وبدأ البعض يعلمنا الأدب وأخلاق القرية التى كان يعلمها لنا السادات، وزدنا على ذلك، أن المقدمين للمحاكم العسكرية ليسوا أعضاء فى تنظيم يمكنه تولى شؤون معيشتهم على الأقل، وإنما معظمهم من الفقراء، وبعضهم من النشطاء أمثال أسماء محفوظ، ومها أبو بكر، التى استدعتها النيابة العسكرية ثم اكتشفت أنها «تشبه» ناشطة أخرى، فقالوا لها «سبحان الله! يخلق من الشبه أربعين! روحى يا بنتى»، ولؤى نجاتى، وعمرو البحيرى. بل إننا استحدثنا أمرا جديدا بعد الثورة، فقديما كان المتضامن يتنصل ممن يتضامن معه بصيغة «على الرغم من اختلافنا فى الرأى…»، الآن، صار المتضامن مع المقدمين للمحاكمات العسكرية لا يتنصل منهم فقط، وإنما يتضامن مع جلادهم ومحاكمهم، فأصبحت الجملة تصاغ هكذا «على الرغم من اختلافى مع اللى قالته أسماء، وعلى الرغم من احترامنا الشديد وثقتنا غير المحدودة فى المجلس العسكرى…». ها؟ وإيه كمان؟ نجيب اتنين لمون؟ اختلافك مع ما قالته أسماء أو «شبيهة» مها أو ما فعله لؤى -اللى مش فاهمة عمل إيه لحد دلوقت- لا أعتقد أن مجال ذكره يكون فى لحظة تضامنك معهم، خصوصا فى ظرف ثورى، فقد كان الناس يستهلون تضامنهم بهذه الجملة فى العهد البائد خوفا من أن يحسبوا على «المحظورة» فيُجروا من آذانهم إلى المحاكم العسكرية، كما أننى لا أفهم ما سر «احترامنا الشديد وثقتنا غير المحدودة فى المجلس العسكرى»! ده عشان إيه؟ عشان ضباط جيش ولا عشان كبار فى السن ولا عشان بيحكموا البلد؟ شخصيا وثقت بهم لأنهم تعهدوا بتلبية مطالب الثورة، وبينى وبينهم تعهداتهم فقط، إن أوفوا بالتعهدات تبقى صاحبى وحبيبى وكفاءة، وإن لو يوفوا فحد الله ما بينى وبينك غير حب الوطن يا حكومة، ولو أن الأمر يتعلق باحترام السن فكان الأولى أن لا نخلع مبارك، لو كان الاحترام يعود للبزة العسكرية، فـ«الجيش يحمى ما يحكمشى»، ولو يتعلق الأمر باحترام «الحاكم» يبقى يا داهية دقى!
إذن: على الشعب أن يستعد تماما على رأى الراجل.. لم يُخلق الساسة للاحترام، الساسة خلقهم الله كى تحاسبهم الشعوب، كل بالأسلوب الذى يعنّ له، وليس دور السياسى أن يربى الشعب والإعلاميين والنشطاء، خصوصا إذا قام هذا الشعب بثورة قدم فيها التضحيات، ومن يرد أن يتصدر المشهد السياسى فعليه أن يتقبل لكمات الرأى العام والصحافة وأن يكف عن تربيتنا وتهذيبنا وتأديبنا، وإن لم يستطع تحمل «قلة الأدب» فعليه هو أن يرحل، لا أن يرحّل الناس إلى «س28».
واحنا حنقل أدبنا من هنا ورايح… مش لابس الطاقية ليه؟

فكيك الثورة «2» August 19th, 2011 10:25 am

رأيى الشخصى الذى لا أفرضه على أحد، وسننتظر الأيام لتثبت صحته من عدمها، هو أن المجلس العسكرى كان فى البداية مرتبكا فى ما يخص موقفه من الثورة، لأن ما حدث لم يكن متوقعا، على الأقل فى هذا التوقيت. أنا أصدق دموع بعض القيادات العسكرية الذى نزل الميدان وانخرط فى البكاء بمجرد أن رأى مشهد الجماهير المهيب (هو المشير دون ذكر أسماء). إلا أن القرار بتنحية المخلوع لم يأت إلا بعد أن أثبت أنه غير لائق عسكريا، وأنه سيتسبب فى الإضرار بالمؤسسة العسكرية، فكان أمام المجلس العسكرى إما أن يختار بين ولائه للقائد الأعلى للقوات المسلحة أو ولائه للشرف العسكرى، فاختار المجلس الشرف العسكرى.
إذن فانحياز المجلس للشرف العسكرى يعنى أنه لم يأخذ صف الثوار بالضرورة، ولا صف النظام البائد أيضا، وإنما تصرف بما تمليه عليه عقيدته العسكرية، وهو أمر لا يعيبهم، بل يشرفهم ويزيد قدرهم فى إطار أنهم حماة الحدود. حماة الحدود والوطن وقناة السويس والمتصدون للعدو الاستراتيجى الإسرائيلى -كما ورد على لسان اللواء العصار فى وثائق ويكيليكس- وهى مهمة شريفة، ووطنية، وعلى راسنا من فوق. ولأن الشعب المصرى على وعى كامل بهذا الدور فإنه لم يسلك حيال القوات المسلحة نفس المسلك الذى سلكه تجاه وزارة الداخلية، التى كان منوطا بها حماية نظام أراد الشعب إسقاطه. ليس من شأن المجلس العسكرى أن يتصرف بوصفه قيادة ثورية، لأنه ليس كذلك ولم يدّع ذلك، لذا فقد تعهد بالاستجابة لـ«مطالب الثورة» التى يبدو أنه لم يكن يعلم جميعها حين تعهد بتنفيذها، ولذات السبب فإن المجلس العسكرى صرح بأنه يدير شؤون البلاد لحين تسليم البلاد إلى سلطة منتخبة.
هذه المقدمة التى تعتبر «حكيا فى المحكى» إنما هى تذكرة تنفع المؤمنين. فالشعب هو من حمى القوات المسلحة وحافظ عليها متماسكة، صلبة، وخلع عليها بهاء واحتراما يليق بالمهمة المنوطة بها. فعل الشعب المصرى ذلك بكامل وعيه -أمال أنا باحبه من شوية، شعب قمر- وظل الشعب يتعامل مع القوات المسلحة على هذا الأساس: احنا الثورة وانتو حرس الحدود. ومن ثم فقد دأب الشعب، بصبر أيوب، على النزول إلى الشارع لتشكيل «ضغط» يهزم الضغوطات الأمريكية والخليجية التى كانت تطمح إلى إجهاض الثورة وتبديد أهدافها، إلا أن خطأ ما حدث -لن أتكلم بشأنه الآن حتى يحين موعده- تسبب فى شعور المجلس العسكرى بأن الثورة قد تشكل خطرا على تماسكه الذى من أجله نحّى قائده، الأمر الذى تسبب فى تحول يلمسه جميعنا.
بداية، الثورة أيها المجلس العسكرى لم ولن تشكل خطرا على القوات المسلحة، والحادثة التى حدثت، وشيّلتك فى قلبك من الثورة، ولن أتكلم بشأنها الآن، كانت عارضة وليست جزءا من الثورة. ثم، ليس من الحكمة الظن بأن خطة تفكيك الثورة يمكن تؤتى أكلها، بالمفتشر كده: ما حدث فى البحرين لن يحدث فى مصر. لن يجدى نفعا أن يتم الترويج للفكرة الآتية: ليس كل من مات فى الثورة شهيدا! دبح القطة ده كان فى الأول مش دلوقت خااااالص.
كل من مات فى الثورة هو شهيد حقا وصدقا ويقينا، ما دام أخلص النية لله والوطن، ولا نزكى على الله أحدا، وأولئك الذين ماتوا أمام أقسام الشرطة ليسوا بلطجية، هم ثوار، وأقدموا على عمل ثورى سليم وصحيح تماما. الثورة هى خروج على النظام الحاكم ومحاربته لتفكيكه وإحلال نظام بديل له، ومن الطبيعى أن يهاجم الثوار بؤر القوة التى تمثل النظام الحاكم وتشكل ذراعه وقبضته، والنظام البائد كان نظاما بوليسيا بامتياز، أى أن ذراعه وعصبه هما الشرطة وأمن الدولة، ورمزه هو الحزب الوطنى، وما قام به الثوار من الهجوم على أقسام الشرطة، ومقرات أمن الدولة، والحزب الوطنى، هو عمل ثورى، يحسب بطولة إذا نجحت الثورة، ويعد جريمة إذا فشلت الثورة، تماما كما أن تسلم المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد كان سيعد انقلابا عسكريا يستوجب عقوبة الإعدام إذا فشلت الثورة، ويستلزم الشكر والتهليل والتكبير إذا نجحت الثورة، وتماما كما أن حركة الضباط الأحرار كانت ستجلب عليهم الرمى بالرصاص إذا ما فشلوا. إذن، ما الذى يقوله لنا الإعلام الحكومى المؤتمِر بأوامر المجلس العسكرى حين يصر على أن من ماتوا فى أثناء الهجوم على مقرات الشرطة وأمن الدولة والحزب الوطنى ليسوا شهداء؟ هل يخبروننا بأن الثورة فشلت؟ إن كان هذا هو الخبر، فأولا: يجب على المجلس التنحى وإعادة مبارك إلى سدة الحكم، ثانيا: كنتو تقولوا ساعتها عشان نعمل ثورة تانية.. مستنيين لما الحر دخل؟!

تفكيك الثورة «3» August 20th, 2011 9:40 am

قلت بالأمس إن الشعب هو الذى حمى القوات المسلحة المصرية، وفى الإعادة فن وإفادة خصوصا مع تكرار جملة: «الجيش حمى الثورة ومارضيناش نموتكوا».. ده بقى ولا حكاية الطلعة الجوية. المجلس العسكرى صوت بالإجماع على عدم قتل المتظاهرين، وهو بذلك كان يحمى المؤسسة العسكرية والشرف العسكرى، والشعب صوت بالإجماع على استقبال القوات المسلحة بالورود والترحاب وهتاف «الجيش والشعب إيد واحدة»، وذلك بعد أن أحرق مدرعة ودبابة من باب العلم بالشىء: بنعرف نحرق.. إحنا اللى مش عايزين.. وهم لا يزالون «مش عايزين»، إذ إن أى تهديد لكيان القوات المسلحة، من الداخل أو الخارج، يعد هزيمة منكرة للثورة، فلا يعقل أن تظل القوات المسلحة ساكنة طوال فترة حكم المخلوع، ولا تنقلب إلا بعد الثورة ويكون ذلك فى مصلحتها، وأى اهتزاز لكيان القوات المسلحة من داخلها أو خارجها سيسوق البلاد إلى حكم عسكرى من حديد ونار، وبصريح العبارة: إذا كنا مش عارفين نسلك مع اللى كانوا هيموتوا فى 73.. هنسلك إزاى مع اللى عمرهم ما حاربوا وكمان اتدربوا فى مناورات النجم الساطع؟ خليها متلصمة كده لما يحلها ربنا. من هنا أتت الورود والقبلات وأخذ الصور الفوتوغرافية بجوار الدبابات، وبذلك قام الشعب بحماية القوات المسلحة، وحماية الوطن، وحماية المهمة الوطنية المنوطة بالجيش وهى: حراسة الوطن من العدو.
العدو فى عرف المصريين هو إسرائيل، وليس لنا عدو غيرها، الحمد لله ده قبول من عند ربنا، كل الناس بتحبنا. تقودنا هذه الحقيقة إلى عدة نقاط:
أولا: لا يعقل أن يحافظ الشعب المصرى على قواته المسلحة بدافع حماية بلاده من العدو الإسرائيلى، ثم يفاجأ فى يوم 15 مايو بأن ضابط الجيش -مصرى- يقول لشباب يتظاهر أمام سفارة العدو الصهيونى: كله على ركبه يا ولاد الـ… يا… كل… فيكم فاكر لى نفسه هيحرر فلسطين؟ مش العلم اللى هينزل…. أمك هو اللى هينزل. والأدهى من ذلك أن يستخدم الإعلام ذات الخطاب الذى كان يستخدمه المخلوع: «يعنى عايزينا نحارب؟» يالهو بالى ياما… هل عدنا لتلك الأسطوانة المشروخة مرة أخرى؟
وهل حين أغارت القوات الإسرائيلية على حدودنا وقتلوا مجندينا، كان ذلك بسبب تظاهر الشباب المصرى أمام السفارة الإسرائيلية؟ وما هو شعور ذلك الضابط، ضابط الجيش المصرى، ضابط القوات المسلحة المصرى، مش عارفة أقوله إيه عشان أفكره بواجبه، الآن بعد أن توعد الشباب المصرى بأن العلم الإسرائيلى لن ينزل وإنما الملابس الداخلية لوالدتهم هى التى ستنزل؟ وما يزيد الطين بلة أن يردد راقصو السياسة نغمة ممجوجة: ده واجبهم فى حماية السفارة، لو سفارة إندونيسيا كانوا عملوا كده.
طب بس دى مش سفارة إندونيسيا. ولم يفلح التزلف والإمعان فى إذلال المصريين لحماية سفارة العدو فى أن تقينا شر اعتداءاته.
ثانيا: كيف دافعت القوى الثورية عن القوات المسلحة، وقامت بحمايتها، وحرصت على تماسكها، وفى ذات الوقت يتهم بعضها بالعمالة لجهات أجنبية؟ المسألة لا تقف عند حركة 6 أبريل فقط، وإنما يشعر جميعنا بأن اتهام 6 أبريل إنما هو استهلال لسلسلة من الاتهامات التى أدمن عليها أحمد سبايدر، وبثها على أعجب قناة فى التاريخ «الفراعين»، والمدهش أن نفاجأ بأحد قادة القوات المسلحة -الروينى دون ذكر للأسماء- يردد كلام أحمد سبايدر ولم يبق إلا أن يقول: الماسونية.. عارفين الماسونية؟ الماسونية دى بتقدم لك العسل وفى قلب منه السم. ولو كانت حركة 6 أبريل، أو غيرها من الحركات، تعمل لصالح جهات أجنبية ماسونية صهيونية رأسمالية اشتراكية متعفنة، لما هتفت بملء حنجرتها: الجيش والشعب إيد واحدة، وهاتك يا بوس وهشتكة ودلع لما طمعوا فينا.
ثالثا: هل نقد المجلس العسكرى، أو التظاهر أمام وزارة الدفاع، أو حتى التطاول على بعض أعضائه يهدم كيان القوات المسلحة؟ لا أظن ذلك، إذن فلماذا الإصرار على التعامل مع المواطنين بوصفهم عساكر لا يصح لهم أن يرفعوا أعينهم فى قيادات الجيش وإلا لما استطاعت القيادات أن تعطيهم الأوامر؟ نقد المجلس العسكرى إن أساء فى أدائه السياسى واجب وطنى، ولا يهدد كيان القوات المسلحة، ونرجو التوقف عن خلط الأوراق واتباع سياسة التخويف، والادعاء بأن النقد اللفظى يهدم الجيش، لأن ذلك يطعن فى قوة الجيش المصرى ذاته. كلام يهدم جيشا؟
رابعا: مهمة الجيش هى الحماية، وليس من ضمن مهامه القبض على الفقراء، وتعذيبهم فى السجن الحربى، وكهربة المدنيين، والكشف على عذريات الفتيات، وقولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى.
هى الانتخابات إمتى؟ يا بخت من زار وخفف.. أنا أعصابى تعبت.

ليست هناك تعليقات:

قران كريم