الجمعة، 26 أغسطس 2011

مقالات رائعة

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

عار الكوبرى والحى! August 26th, 2011 10:26 am


ليس التاريخ فقط هو الذى يتغير وجهه ومساره الآن فى الوطن العربى، بل الجغرافيا أيضا لم تفلت من الآثار العميقة التى تحدثها عاصفة الثورات العربية المشتعلة والمتنقلة منذ الشتاء الماضى من قطر لآخر.. هذا هو مضمون الخبر الذى بثه الموقع الإلكترونى لتليفزيون سى إن إن يوم الثلاثاء الماضى، إذ نقل الموقع عن مصادر فى إدارة محرك البحث الشهير «جوجل» أن مستخدمى خدمة الخرائط التى يقدمها هذا الأخير google maps، لاحظوا مؤخرا تغيرات وتبديلات كبيرة ومتلاحقة طالت عديدا من معالم المدن العربية على الخارطة مما جعلها الأسرع تبدلا وتحولا بين كل خرائط مناطق العالم المختلفة.
وأرجع مسؤولو جوجل هذه التغييرات إلى مفاعيل الثورات الناجحة فى تونس ومصر قبل أن تنضم ليبيا إليهما مطلع هذا الأسبوع، بل إن اليمن وسوريا اللذين ما زال شعباهما يقاومان ببطولة وبسالة نظامى حكم إجراميين وعاتيين، لم يتخلفا عن الإسهام فى تغيير معالم خرائطهما، فقد استخدم مواطنون فى هذين القطرين رخصة اقتراح تعديل أسماء الأماكن والشوارع التى منحتها «خرائط جوجل» للمستخدمين ومحوا من على الخريطة مسميات وأسماء كريهة (خصوصا أسماء الحكام الطغاة القتلة) كانت قد فرضت بالغصب على معالم ومرافق عامة مهمة فى مدنهم، واستبدلوها بمسميات ذات معنى، أغلبها له علاقة بالثورة وقوافل الشهداء الذين سقطوا فيها.
والحقيقة أن ما استوقفنى فى هذا الخبر ودفعنى إلى اتخاذه ذريعة لكتابة سطور زاوية اليوم، ليس أنه يذكرنا بمظهر مهم وخطير من مظاهر الحالة الكارثية التى تتردى فيها أمتنا العربية وتثور شعوبنا هذه الأيام لإنهائها وتغييرها، أى محاولات عصابات الحكم التى رقدت بالعافية والزور طويلا حتى تعفنت على صدور وقلوب مجتمعاتنا، تأميم أوطاننا وتقزيمها واختزالها وجعل صورتها الذهنية متماهية تماما فى ملامح صورهم المغضنة العجوز فلا يعود الناظر إلى خرائط بلادنا يعرف الفرق بين مصر والمخلوع مبارك (والست مراته والمحروس ابنه) أو بين اليمن والمحروق على عبد الله صالح، ولا ليبيا والعقيد المجنون الهارب من وجه العدالة، ولا بين سوريا الجريحة وأسدها الذى فى الحروب نعامة (أو خروف أعجف) وعلى شعبه قاتل مرعب.. إلخ
ما أغرانى فى خبر قيام مواطنين عرب باستخدام خرائط جوجل لإعادة بناء صورة مدننا ومعالم أوطاننا، ودافعى الوحيد لأن أستهل به هذه السطور هو غيظ قديم تفاقم واستفحل مع الزمن حتى صار حزنا وغيظا شخصيين، أما سببه فيعود إلى ذلك المسمى الشائن الذى بقى صامدا على مدى سنين وعقود طويلة بعدما اخترعه الأستاذ المرحوم أنور السادات وتمادى فى العار لدرجة أنه أوعز بإطلاقه على معلمين رئيسيين من المعالم الحالية لعاصمتنا، أولهما كوبرى أضحى الآن شهيرا جدا والثانى «حى سكنى» مستحدث فى أقصى جنوب القاهرة، وكلاهما يحمل اسم تاريخ غريب عجيب يدعى «15 مايو»!!
ما هذا الـ«15 مايو»؟ وما أصله وفصله وإلى ماذا يشير؟ أصله ياسيدى حكاية تافهة، خلاصتها أن الأستاذ المرحوم المذكور أعلاه حسم فى شهر مايو عام 1971 صراعا على السلطة مع عدد من رجال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وزج بهم جميعا فى السجن، والتفاهة هنا مرجعها أن خصوم المرحوم هم الذين انسحبوا طواعية من حلبة الصراع وتطوعوا بتقديم استقالاتهم من مناصبهم الرفيعة الحساسة ثم ذهبوا إلى بيوتهم، وانتظروا هناك حتى اعتقلهم وحاكمهم أمام محكمة استثنائية هزلية بتهم سياسية عبيطة، ليس من بينها أن واحدا منهم استغل نفوذه أو مد يده ليسرق مليما واحدا من المال العام أو الخاص. غير أن الغريب العجيب فعلا أن أحداث هذه الواقعة التاريخية التافهة (التى سماها السادات فى البداية «حركة تصحيح» ثم أغراه الطمع فجعلها «ثورة» انتهت تماما يوم 13 مايو، ومع ذلك أصر على اختيار 15 مايو بالذات يوما لعيد مولد حكمه ونظامه!)
هذا الإصرار من جانب الأستاذ أنور على تجاهل حقيقة أن يوم 15 مايو مجرد يوم عادى وعار من أى مناسبة تبرر الاحتفاء به وتمجيده، كان يمكن أن يمر باعتباره مجرد شطحة «تحشيش» من الشطحات المماثلة الكثيرة للرجل لولا ارتباط هذا التاريخ بمناسبة أخرى كريهة ومشؤومة هى الإعلان الرسمى (فى 15 مايو 1948) عن سرقة أرض فلسطين وتأسيس الكيان الصهيونى اللقيط على أشلاء المجتمع العربى الذى كان قائما فوق هذه الأرض من آلاف السنين!! رغم ذلك فالعبد لله -كاتب هذه السطور- ليس معنيا ولا مهتما الآن ببحث وتفسير دوافع أنور السادات لارتكاب تلك الفعلة المخجلة النكراء التى جعلتنا نبدو كل هذه السنين وكأننا نشارك عدونا احتفاله وتخليده ليوم نكبتنا وعيد عدوانه واغتصابه لأراضينا ومقدساتنا، كل ما يعنينى ومنتهى أملى أن ننهى فورا هذا العار، إن لم يكن بقرار رسمى يزيل اسم «15 مايو» اللعين هذا من الكوبرى والحى معا، فبقرار شعبى أدعو شبابنا لتنفيذه فورا.. ولو على «خرائط جوجول

ليست هناك تعليقات:

قران كريم