دستور من نوع خاص
الأربعاء 4 ديسمبر 2013
أثبت السيد عمرو موسى أنه رجل دولة بحق، وصاحب خبرات حقيقية فى العمل السياسى، وما قام به أثناء إدارته لجلسات لجنة الخمسين يثبت ذلك، لكن تجلى عمرو موسى الحقيقى كان بعد الانتهاء من التصويت على الدستور وإقراره، حينما وصف الدستور أنه دستور من نوع خاص، يتعامل مع ضرورات المرحلة وظروفها، وللحق هو تعبير دقيق لا يحمل أية مبالغات أو شطط، ويعكس الفكر الذى تم به صياغة الدستور، دون اللجوء إلى صيغ المبالغة التى شهدناها عقب إقرار دستور ٢٠١٢، من أنه أحسن وأعظم وأفضل دستور فى العالم، وهو الذى حرص عمرو موسى تلافيه، وإن كان حرصه لم يمنع آخرين من قول ذلك وإطلاق المبالغات على الدستور الذى شاركوا فى صياغته، وهو أمر لا يجوز على أية حال خاصة قبل تصويت الشعب عليه.
هذا الدستور، الذى غالبا سيحمل اسم «دستور 2014» دستور جيد فى مجمله، شجاع فى بعض مواده واتجاهاته، مثل إلغائه لمجلس الشورى باعتبار أنه كان باب للفساد والمحسوبية والرشوة السياسية، أو إلغائه لنسبة العمال والفلاحين فى التمثيل النيابى، وهى شجاعة حقيقية، حيث كان الجميع يتحرج دائما من مواجهتها، بالرغم من أن الجميع كانوا يرون أن الزمن تجاوزها، وهذا لم يمنع أن لجنة الخمسين اهتمت بحقوق العمال والفلاحين اهتماما حقيقيا، وفى رأيى أنهم حصلوا على مكاسب لم يحققوها وهم يشغلون أكثر من نصف مقاعد المجالس التشريعية والنيابية.
لابد أيضا، من الإشارة إلى تحضر هذا الدستور ووعيه بثقافة العصر واللحظة، سواء فى المواد المتعلقة بكبار السن، أو التبرع بالأعضاء، فقد كان هذا ينقصنا صراحة، فلا يوجد لدينا أى اهتمام حقيقى بكبار السن، والذين يحتاجون لرعاية خاصة ولإجراءات تعمل على راحتهم وتتناسب مع أعمارهم، بينما كان النقاش فى اللجنة عن التبرع بالأعضاء ونقلها، بديعا وجميلا، ويعكس إيمان مصر بالعلم واحترامه وتقديره، لذا كان إصرار اللجنة على تخصيص نسبة لا بأس بها من الموازنة للبحث العلمى، وهو ما يعنى، لو تم ذلك فعلا، أن مصر بدأت السير فى اتجاه التقدم.
أما الأمر الذى لم أسترح إليه حقيقة، هو باب نظام الحكم، خاصة فيما يتعلق بمواد بتعيين رئيس الوزراء، وهى مواد كانت موجودة، تقريبا، بذات نصوصها فى الدستور المعطل، وأعتقد عند التطبيق أن القصة ستحتاج لكياسة سياسية أو سندخل فى صراعات لا معنى لها حتى يكون لنا رئيس وزراء، وحتى عندما سيكون لدينا رئيس للوزراء، فى الغالب لن يكون الأفضل، أو رئيس الوزراء الذى نتمناه، ومع ذلك ستبدأ المسئولية من الآن للقوى السياسية، التى عليها العبء الأكبر فى التعامل مع الجماهير وإدارة شئون حياتهم، واحترام إرادتهم، وفقا لدستور وصفه عمرو موسى أنه من نوع خاص ويتناسب مع المرحلة التى نعيشها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق