الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

دراسة الدستور الجديد 2013 ماله وما عليه والمشاكل المحيطه به

هتصوت بنعم ولا لا علي الدستور الجديد لمصر ؟؟

ده السؤال اللي كتير منا بيسأله في الفترة الاخيرة البعض محتار والبعض مقراش الدستور كله والبعض حسم موقفه من فترة وعارف هو هينزل يقول نعم ام لا ..
قبل ما تدي صوتك وعشان تعرف ايه اللي اتغير وايه اللي لسه ما تغيرش من الدساتير اللي فاتت لازم تدي لنفسك وقت كافي وتقرا مثلا دستور 23 و كمان دستور 71 وتقارنهم بدستورك الجديد..

في ناس ممكن تقول لكن دستور 71 اقراه ليه وهو اصلا عليه معترضين كتير ؟ لكن الفكرة تعرف ايه اللي تم تعديله بالكامل وايه اللي بقي زي ما هو حتي لو اتعدلت الصيغة وايه المواد اللي كنت تتمني تتغير لكن فضلت زي ما هي في الدستور الجديد .

الدساتير في دول العالم توافقية ..سواء تركيا او اول دستور امريكي في 1784 عن طريق جميعة تأسيسية ..او دستور زي اللي حصل في اندونيسيا واللي اتكلم عليه الصحفي وائل قنديل وقال ان بعد الثورة هناك واما جم يعملوا الدستور كانت المفاجئة ان مسيحي يرأس لجنة الدستور في اكبر دولة اسلامية !!
يعني مش فكر اقصائي او تحكم مجموعة معينة بدستور البلاد ..وده نفس اللي حصل في تركيا رغم ان حزب ليه الاغلبية الا انهم اما جم يعملوا الدستور الكل اتجمع من أجل دستور توافقي للبلاد
رغم انه كان يقدر يسيطر ويحط دستور احتكاري لكن التوافق في وضع دستور للبلاد هو الحل.

الدستور زي ما احنا عارفين هو ابو القوانين وهو اللي بيحدد نظام الحكم والحكومة ..وعشان كده لازم نقراه بتأني ونحدد قرارنا السليم لانه مستقبل البلد.

في مقالة قرأتها ل "محمد زكريا توفيق" في "الحوار المتمدن"   يذكر فيها بعض من اقوال الاباء المؤسسون للدستور الامريكي ..وفي الاقوال دي هتلاقي دروس كتير مستفادة في كيفية التوافق في وضع الدساتير :

جننج بدفورد:
إذا امتلكت الأغلبية كل السلطة، من الذي يمنعها من تدميرنا جميعا؟

روجر شيرمان:
أنا ضد تمكين أي فرد من فرض سلطته على الكل. لأنه لم يوجد حتى الآن من فاقت حكمته وعلمه الجميع.

جون ديكنسون:
لا أوافق على مزج السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية. الأولى تشرح القوانين، والثانية تنفذها.

لكن هل الدستور المصري توافقي بدرجة كبيرة بلاش نقول مية في المية لان مافيش توافق هيكون بالنسبة دي لكن علي الاقل 80 في المية ؟؟
بعض المنسحبين من اللجنة التأسيسية كانت ليهم اسبابهم منها مصلحة شخصية ومنها ناس خايفة علي البلد فعلا..

لكن ايه أبرز الاعتراضات علي الدستور المصري اللي ظهرت علي السطح ودارت حولها كل النقاشات الفترة الاخيرة ؟؟

1- العديد اعترض علي المادة رقم 198 الخاصة بالمحاكمات العسكرية واللي كان عندهم أمل ان الكلام ده يتلغي تماما ولا لمحاكمة المدنيين امام القضاء العسكري واعترضت بشدة مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" علي المادة وقالت ان المادة مبهمة وتسمح باستمرار محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري .

2- اما المادتين 195 و 147 قال عنهم الخبير العسكري محمد بلال في جريدة الدستور :  ان المادة التي تنص " علي أن  وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة ويعين من بين ضباطها "، تعد مادة عائمة ومطاطة وفضفاضة وقابلة للتأويل والتفسير، حيث أن المشرع لم يحدد أي من الضباط يعين وزيراً للدفاع، مشيراً إلى أنه هناك ثلاث فصائل لضباط القوات المسلحة، وهم الضباط العاملين وضباط الاحتياط والضباط العسكريين المتقاعدين.

3- وجدل كبير بيدور عن حرية تكوين النقابات ان المادة 52 بتدي الحق في تكوين النقابات لكن نبيل الصياد احد رؤساء النقابات المستقلة بيقول ان رغم الحرية دي الا انهم اهملوا حق الاخطار زي الجمعيات والاحزاب السياسية وكمان قال الصياد :  هل يعقل بعد مطالبة العمال بحد أدنى وحد أقصى للأجور أن يوضع فى المادة (14) ربط العمل بالإنتاج ودون تحديد ساعات عمل، عن أى فوارق بعد ذلك يتحدث فى ذات المادة موضحا أنه لو قرر صاحب العمل التوقف عن الإنتاج دون سبب سيتم تشريد العمال وإغلاق منازلهم.

4-اما عن الصحافة وحريتها ففي جدل كبير دائر هل اعطي حقوق اكتر ولا بالعكس اخد من حرية الصحافة كتير ؟
صحفيين كتير اتكلموا ان لا يليق بدستور بعد الثورة يبقي علي امكانية حبس الصحفيين وفريدة النقاش قالت كمان ان المجلس الوطني للاعلام بيعينه رئيس الجمهورية فبيصبح خصم وحكم في نفس الوقت وتم ذكر تفاصيل المجلس الوطني للاعلام في المادة 215
واعتراضات بالجملة علي المواد الخاصة بالصحافة خلت الصحف تحتجب عن الصدور بسبب ما يرونه من تقييد ليهم في الدستور الجديد .

5- اما بالنسبة للكلام عن الاجور فان الكلام الدائر في برامج عدة ان المادة 14 لم تربط الحد الاقصي والادني للأجور وهي من اهم المطالب التي كانت الشغل الشاغل بعد الثورة ولا حياة لمن تنادي
وكمان النقطة بتاعة ربط الاجر بالانتاج دي نقطة خطيرة جدا ولا تحترم ادمية العمالة في مصر.

6- ازاي رئيس الجمهورية في الدستور الجديد ليه الحق ان يعفو عمن يشاء ؟؟ في اي دولة في العالم الكلام ده ؟؟ الدستور الجديد لم يراعي الفصل بين السلطات بل ان التدخل الرئاسي في القضاء وفي الأجهزة الرقابية واضح جدا في اكتر من مادة.

7- وطبعا الاحتجاج الاشمل ان الدستور اتعمل يعتبر من فصيل واحد بعد انسحاب عدد كبير برغم ان بعض المواد كان موافق عليها المنسحبين قبل الانسحاب..وقال حافظ ابو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في تصريح له : " الدستور المقترح أسوأ دستور كتب فى تاريخ مصر الحديثة ويأخذ مصر الى عصور الظلام"

طيب ايه مزايا الدستور ولا كله عيوب ؟؟

الاستاذ فهمي هويدي كتب مقالة بعنوان :"لنفصل بين الإعلان والدستور"  ذكر فيها بعض اهم الايجابيات من وجهة نظره في الدستور الجديد ومنها :
تقييد سلطات رئيس الجمهورية ــ ضبط العلاقة بين سلطات الدولة ــ التوسع في باب الحقوق والحريات الذي بمقتضاه أصبح تشكيل الأحزاب والجمعيات وإصدار الصحف مثلا، يتم بمجرد إخطار الجهات المعنية، ودون أية اشتراطات أو إجراءات أخرى مسبقة
              ☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

كل دستور ليه مزاياه وعيوبه وكل واحد حسب قرائته للدستور ..حريتك انك تقول نعم أو لا لكن المم تقرا كل النقط بتركيز وتقاربن بين الدساتير وتاخد وقتك كامل في التفكير في قرار هيغير مستقبل مصر اللي كلنا عايزينه يكون للأفضل طبعا.

تقول نعم أو لا المهم يكون باقتناعك انت بضميرك انت وقرائتك انت للدستور مع الاستعانة اكيد برأي الخبراء في الاعلام والصحف واهل القانون والدستور طبعا لانهم بيزودونا بمعلومات وحقائق عن الدستور وتفاصيل مهمة جدا .

اسمع كل الاراء وكون وجهة نظر وقناعة شخصية بدون تحيز لاي فصيل او هوي سياسي معين ولكن خلي كل تفكيرك وولائك لمصر ..مصر فقط..مصر فوق الاهواء والمصالح الشخصية..
شارك في دستور بلدك بس عشان مصلحة بلدك.
الدستور المصري الجديد: تقييم أولي لمزاياه وعيوبه منقولة
زيد العلي
في أعقاب الإعلان عن نتائج الاستفتاء على الدستور الذي يبدو أن 63.8% من الناخبين قد وافقوا على نصه، صار الدستور المصري أصبح الآن نافذًا، وقد كان الإقبال أقل كثيرًا من التوقعات إذ لم يتعدى 32.9% من السكان الذين يتمتعون بحق الانتخاب وهو ما لا يعد نصرًا كبيرًا لمؤيديه كما هو واضح، وسوف يكون لضعف الإقبال عدد من التبعات، منها أن الشرعية الشعبية للدستور الجديد قد يصبح عرضة للطعن في المستقبل، مما سيؤدي إلى الانتقاص من الجهد المبذول لحل الكثير من المشكلات الملحة التي تواجه مصر اليوم.

وقد احتد الجدل الدائر حول الدستور الجديد، فالكثير من أشد النقاد حماسة للدستور قد أخضعوا النص لدراسة مدققة للبحث عن دليل يثبت أن الحركات الإسلامية بالبلاد تحضر لتشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو لخفض سن الزواج الرسمي لتسع سنوات، إلا أنه اتضح أن الكثير من هذه دططجججد إما بلا أساس أو مجرد نصوص متبقية من دستور 1971 ولم يجر تطبيقها بشكل فعلي، وهو الوضع الذي من المرجح أن يستمر في ظل الدستور الجديد. والحقيقة كانت هي إنه عند مقارنة النص الجديد بالتقاليد الدستورية المصرية، اتضح أن النص الجديد يقدم عدد من التحسينات لحماية حقوق معينة وتطوير نظام الحكومة وليس الكارثة التي أصر الكثيرون على رؤيتها.

ولكن إذا ما تغير المقياس، لوجدنا أن هناك أسباب صحيحة تمام الصحة لمعارضة الدستور الجديد، فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى التطورات الأخيرة التي جرت على مستوى الدول في مجال القانون الدستوري، لاسيما في الكثير من البلدان الأفريقية وبلدان أمريكا اللاتينية، أو بالنظر حتى إلى التطلعات التي عبرت عنها الثورة المصرية، تسبب النص في إحباط القارئ. وبعيدًا عن حقيقة أن النص يشوبه الكثير من الغموض، فهو ينقصه عدد من الحقوق الهامة، مما دفع الكثير من النشطاء إلى معارضة النص معارضة شديدة، كما إنه لا يقدم رؤية مقنعة في الكثير من المجالات التي تشمل اللامركزية ودور المؤسسات المستقلة والعلاقات المدنية العسكرية.

ويتمثل الهدف من هذا التحليل مناقشة أكثر الخصائص بروزًا في الدستور الجديد من بينها نظام الحكم، ودور الدين، والحماية التي يوفرها النص لحقوق معينة، والعلاقات المدنية العسكرية، واللامركزية. وبالرغم من ذلك، تحتاج عملية الصياغة أولاً إلى بعض المناقشة، نظرًا لأثرها على الطريقة التي ترى بها البلاد النص.

عملية ذات عيوب

ومن أجدر جوانب عملية صياغة الدستور المصري بالملاحظة، إنه أول دستور يضعه كيانًا منتخبًا في البلاد، وكما هو الحال في الكثير من البلدان العربية الأخرى، فإن دساتير مصر السابقة لم تكن إلا نتاج لجلسات صياغة سرية تعقدها نخبة غير تمثيلية وغير منتخبة (وحتى تاريخه، كانت الاستثناءات الوحيدة الواضحة لذلك هما العمليتان التونسية والليبية المستمرتان، والدستور العراقي، بالرغم من أن الأخير قد جرت صياغته في ظل احتلال عسكري). وفي هذا الصدد، كانت العملية المصرية إنجازًا في حد ذاتها، فبعد انتخاب برلمان جديد في بداية 2012، رشح مجلس الشعب جمعية تأسيسية قوامها 100 عضو لصياغة الدستور، كان هناك تناقضًا واضحًا في كيفية اختيارهم، غير أن حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين رأى أنه من المبرر ترجمة نجاحه الانتخابي إلى سيطرة على الجمعية، بينما أكدت المعارضة على أنه نظرًا لأن الأغلبيات البرلمانية هي مؤقتة، ينبغي أن يعكس تشكيل الجمعية كل أطياف المجتمع المصري. وفي نهاية الأمر، تمكن حزب الحرية والعدالة من تحقيق هدفه، وهو ما ضمن أنه بغض النظر عن الاختلافات في الجمعية، فسوف يتمكن من استكمال عمله في أي حال من الأحوال.

ولسوء الحظ، اختارت الجمعية استخدام دستور 1971 والتقاليد الحالية باعتبارها نقطة بداية لمداولاتها، وكانت نتيجة ذلك أنه بالرغم من أن الدستور الجديد يدعي بأنه نتاج لإرادة الشعب، فقد تأثر بشدة بالعقود السابقة التي ساد فيها حكم استبدادي لدرجة أن الكثير من المواد ظهرت بنفس صياغتها ومفرداتها في النص النهائي، وعليه، فمع أن الدستور الجديد يحل بعض من مشكلات البلاد الأهم (من بينها غياب حدود لفترة الرئاسة ووجود برلمان لا يتمتع بسلطة فعلية)، فإن إصراره على إتخاذ دستور 1971 مصدرًا للإستلهام أدى إلى تكرار نفس الثغرات والحفاظ على نفس العلاقة ذات الطابع الرسمي بين الدولة والشعب (أقوى دليل على ذلك هو الفصل المعيب بشدة الذي يتناول اللامركزية، أنظر أدناه). ويتناقض كل هذا تناقضًا واضحًا مع المجلس التأسيسي التونسي الذي إتخذ قرارًا في بداية عمله بوضع دستور 1959 جانبًا والذي تم إسقاطه وبداية صفحة جديدة. وقد نشر المجلس التأسيسي التونسي أول مسوداته الكاملة منذ بضعة أسابيع واضعًا علامة واضحة على التخلص من الماضي، فالمجلس يبذل جهودًا حقيقية من أجل التعامل مع مواطن الفشل الماضية بدلاً من تكرارها.

وربما كان أكبر خطأ إرتكبه مرسي، هو قرار الإبقاء على عملية الصياغة التي وضع أساسها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مارس 2011، وبالرغم من أنه من الواضح أن المجلس العسكري ليس بخبير في عملية الانتقال الديمقراطي، فقد وضع  إطارًا زمنيًا مدته ستة أشهر لعملية صياغة الدستور بالكامل لأنه لم يفهم التحديات التي كانت تواجه مصر أو لأنه فضل عدم مواجهة تلك التحديات، إذ أن الصياغة الدستورية صعبة في أي سياق، لكنها تزداد تعقيدًا عندما تتضمن مفاوضات متعددة الأطراف. أما في السياق الثوري، تنخفض احتمالات صياغة دستور حديث في ستة أشهر لأن هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى التغيير ولأن الأحزاب عليها أن تتشاور على المستوى الداخلي ومع بعضها البعض في كل قضية. وكان من الأساس واضحًا أن مهلة الستة أشهر المحددة لاكمال الدستور كانت ستشكل معضلة، ولهذا السبب كان ينبغي على الرئيس مرسي أن يعيد النظر في مسألة دستور مارس 2011 المؤقت بمجرد توليه منصبه في يونيو 2012، فقد كان أمامه الكثير من البدائل التي كان يمكن أن يختار من بينها، حيث كانت تتضمن النموذج التونسي الذي يسير قدمًا في الوقت الحالي بصورة أنجح من مصر. وفي نهاية الأمر، صار الوفاء بالموعد المحدد أحد الأهداف الأساسية للعملية بصرف النظر عن إمكانية تحقيق الوحدة الوطنية. وفي تلك العملية، وصلت المفاوضات إلى مرحلة من الهستيريا قبل أن تنهار تمامًا في نهاية الأمر، فبعد سلسلة من الاتهامات القاسية على كل الجوانب، انسحب عمليًا كل عضو غير إسلامي من الجمعية التأسيسية وهو ما سوف يتسبب في التشكيك في شرعية الدستور في المستقبل.

سلطات فرعونية للرئيس؟

ومن الإدعاءات التي تكررت دون كلل على مدار الأسابيع القليلة الماضية هي أن الدستور الجديد موضوع للسماح لرئيس إخواني بالسيطرة على العملية السياسية وفرض أجندة إسلامية بصرف النظر عن تشكيل المؤسسات الأخرى، إلا أن أي قراءة صادقة للدستور لا تدعم هذا الإتهام. فإذا ما تم تطبيق نظام الحكم الذي ينص عليه الدستور بشكل حرفي، فإن أيام سيطرة السلطة التنفيذية القوية سيطرة مطلقة ستنتهي، حيث يحصل البرلمان على سلطة بارزة في تشكيل الحكومة وعملية الإقالة، ويتمتع بالحماية من الحل التعسفي وله سلطات إشرافية هامة، كما تحددت سلطة الرئيس في إعلان حالة الطوارئ. وفي الوقت ذاته، لا يزال الرئيس يتمتع بسلطة التدخل في الأمور التي لا ينبغي أن يتدخل بها.

ومن بين الأهداف المحددة للجمعية التأسيسية تقليص سلطات الرئيس من أجل تجنب ظهور فرعون جديد قد يفرض سيطرته على البلاد لعقود. ومن هذا المنطلق، يمكن القول بأن الدستور الجديد قد حقق هدفه، فقد وضع فترات محددة (المادة 133). ويجب على الرئيس التعاون تعاونًا وثيقًا مع البرلمان أثناء عملية تشكيل الحكومة ويجب على أية حكومة أن تقدم برنامجها للبرلمان للموافقة عليه (المادة 139). كما أن البرلمان ذاته يتمتع بسلطة إقالة الحكومة أو رئيس الوزراء أو أي وزير بمجرد موافقة أغلبية بسيطة من أعضائه (المادة 126). بينما في ظل دستور 1971، لم يكن البرلمان قادرًا على إقالة الحكومة إلا بعد الحصول على موافقة الرئيس، أو إذا ما حاز التصويت بسحب الثقة على أغلبية ثلثين (المادة 127). كما تتمتع الأقليات البرلمانية بآليات قوية بإعطاء الأعضاء الفرديين حق تقديم طلب إحاطة بالمعلومات أو طلب بيان من الحكومة أو حتى استجواب رئيس الوزراء بشأن الأمور الطارئة ذات الأهمية العامة (المواد 123 – 125)، وأخيرًا، يضع الدستور قيودًا قوية على سلطة الرئيس بإعلان حالة الطوارئ وعلى السلطات التي يمكن الرئيس ممارستها خلال تلك الفترة (المادة 148).

ومع ذلك فمن الصعب التخلص من بعض العادات، ولا يزال الرئيس يتمتع ببعض السلطات تفوق ما هو مناسب في هذه الظروف وهي سلطات تتعلق بآليات عمل الحكومة على وجه الخصوص. فعلى سبيل المثال، لا يزال الرئيس يحظى بسلطة تعيين عُشر عدد أعضاء مجلس الشورى (المادة 128)، والتي تعطي سيطرة غير عادلة وغير مستحقة على العملية التشريعية. ومن الأمور ذات العلاقة هي مسؤولية الرئيس عن تعيين رؤساء كل المؤسسات المستقلة في البلاد، ومن بينها الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزي. وبالرغم من أن التعيين يجب أن يتم بموافقة مجلس الشورى، إذ أن الرئيس يحظى بسلطة تعيين عدد كبير من أعضائه، فالعملية متحيزة لصالحه بطرق يصعب تبريرها، والأثر هو الحد من استقلالية كل مؤسسة من هذه المؤسسات في وقت يجب أن تعمل مؤسسات تتمتع بأكبر قدر من الاستقلالية على مسائلة السلطة التنفيذية، وهو ما يعد عيب كبير ينبغي تصويبه خلال عملية الصياغة.

وأخيرًا، سوف تستمر السلطة القضائية أيضًا في ضبط إساءة استخدام السلطتين التنفيذية والتشريعية لسلطاتهما، فإضافة إلى تمتع الاستقلال القضائي بالحماية (مواد 168 و170)، هناك آلية واضحة تنص على تعيين النائب العام على نحو يضمن أيضًا الاستقلالية (مادة 173). وتبقى المحكمة الدستورية العليا الجهة الوحيدة المنوطة بالنظر في دستورية القوانين (مادة 175). لكن للأسف، تظهر من جديد الكثير من عيوب دستور 1971 في النص الجديد، فمن ضمن جملة أمور أخرى، لا توجد أي تفاصيل حول كيفية تعيين القضاة أو إقالتهم ولا أية معلومات حول كيفية تحديد مرتباتهم (كل الأركان الأساسية للاستقلال القضائي). ومن الأمور الأخرى المثيرة للحرج هي أنه بالرغم من الإشارة بإيجاز الى المجلس القضائي الأعلى (الجهة المسؤولة عن الإشراف على أعمال القطاع القضائي بالكامل) في ثلاثة مواضع مختلفة بالدستور، فلا يوجد له أي تعريف فعلي. ومن الواضح أنه هناك تشريع قائم في مصر يحكم عمل هذه المجالات، غير أن هناك بعض المبادئ (مثل ذلك الذي لا يسمح باستبعاد قاض إلا في حالة إساءة السلوك، إلخ) التي ينبغي أن تكون ثابتة وينبغي أن ينص عليها الدستور بوضوح.

دولة إسلامية؟

وبعد عقود من الفساد وسوء الإدارة والوحشية والخداع، تحتاج مصر إلى مجموعة جديدة من المعايير التي يمكن أن ترشد الدولة إلى كيفية تقديم خدمات أفضل لشعبها، فقد تمنى البعض من الثورة أن تسد هذا الفراغ، إلا أن الانتخابات جاءت بأغلبية إسلامية للبرلمان ورئيس ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الإسلام هو الحل، وقد تم ترجمة معتقداتهم إلى أحكام دستورية محددة، إدعى بعض من ينتمون إلى معسكر المعارضة أنها تؤسس لدولة دينية مما يشكل انتهاكًا لالتزام سابق بالمحافظة على وجود "دولة مدنية" (أنظر أدناه). لكن عند قراءة الدستور الجديد بصورة متأنية، نجد أنه لا يدعم هذا الإدعاء، بالرغم من وجود بعض الألفاظ والتعبيرات المثيرة للقلق والتي تحتاج إلى المزيد من التوضيح. وخلاصة الأمر هي أنه بالرغم من أن الدستور يقوم على فكرة أن مصر دولة عمادها الدين، لكنه لا يؤسس لدولة دينية بمعناها الحرفي.

وتمهيدًا للموضوع، يمكن القول بأن مصر قبل الثورة لم تكن دولة علمانية تمامًا بالمعنى الغربي للكلمة، ولا كانت دولة دينية. ولطالما لعب الدين دورًا هامًا في كل البلدان العربية، ومن ضمن جملة أمور أخرى، نجد أن قانون الأسرة دائمًا ما يتحدد بناء على الأحكام الدينية مما يمنع بالتالي كل ما يشبه الزواج المدني، وفي الوقت ذاته، لم يحتل رجال الدين مناصب رسمية تتمتع بسلطات في الدولة، وهو ما يعني أن مصر لا يمكن أن توصف بأنها دولة دينية. وفي ذلك السياق، تم مؤخرًا وضع مصر في إطار "الدولة المدنية"، وهو مصطلح بالرغم من عدم وجود تعريف له، فهو يعني في العموم أن البلاد ينبغي أن يديرها ويقودها مدنيون بدلاً من العسكريين والرموز الدينية ـ وكان من بين الأهداف الرئيسية للجماعات الثورية والعلمانية والليبرالية منذ اشتعال فتيل الثورة في 2011 هو أن تبقى مصر "دولة مدنية" بنيّة ضمان عدم حصول القيادة الدينية العليا للإخوان المسلمين على أدوار رسمية في الدولة.

وقد تركز الجدل الذي دار حول هذه النقطة في بداية الأمر على المادة 2 التي اشتمل عليها دستور 1971 لتهدئة الإسلاميين وتوفير فرصة كافية للتأويل القانوني بغرض الحد من أثر النص، وتم الإبقاء على النص في نهاية الأمر بنفس ألفاظه في الدستور الجديد، حيث نص على إن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، لكن في الوقت الذي تم إضافة تلك المادة فيه لأول مرة، كانت الخدعة تكمن في الإشارة تحديدًا إلى "مبادئ" الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها التشريع، وهو مصطلح شكل ابتكارًا وقد تم تركه دون تعريف. وأخيرًا، فمن أجل ضمان تفريغ النص من أي معنى مؤثر، تم ترك التأويل للمحاكم التي لم تتعاطف كثيرًا مع فكرة الدولة القائمة على الدين. وفي نهاية الأمر، تم تفسير المادة 2 على أنها تشير إلى عدد محدود من المبادئ التي لم تكد تترك أي أثر على الدولة والمجتمع المصري.

ففي يونيو 2012، مع بداية عملية صياغة الدستور، تم الإعلان عن وعد في بداية الأمر بعدم إجراء تغييرات على المادة، وكان الغرض من الاتفاق طمأنة الليبراليين وغيرهم بأن مصر ليست في الطريق إلى المزيد من الأسلمة، إلا أنه كان من المؤكد أن الجمعية التأسيسية التي يسيطر عليها الإسلاميون سوف تسعى لتغيير الطريقة التي ضيقت بها المحاكم نطاق تطبيق المادة 2. وبالتالي، فبدلاً من تعديل المادة 2، تم إضافة نصين في النسخة الأخيرة يحددان ما يعنيه لفظ "مبادئ" الشريعة الإسلامية ومن المسؤول عن تفسير ذلك اللفظ. وعليه، فبالرغم من أن هذين النصين لا يعدلان المادة 2 حرفيًا، فهما يغيران طريقة فهمهما وتطبيقهما بطرق لم يتوقعها الكثير من أعضاء الجمعية من الليبراليين.

وتضمن النصان الجديدان المادة 219 التي توسع من نطاق المادة 2 بصورة كبيرة جدًا تتعدى الحدود التي وضعتها المحاكم من قبل. وتتضمن الآن "مبادئ الشريعة الإسلامية" كل قواعد الفقه والمصادر الموثوق بها المقبولة في المذهب السني من ضمن جملة أمور أخرى. وما يعنيه ذلك هو أن علم الفقه الإسلامي بالكامل (مجموعة معقدة من القوانين تعود إلى قرون) يعد مصدرًا يقوم عليه التشريع. وقد اشتكى نقاد الدستور على الفور، بأن هذا سيجبر المشرعين على التفكير في مصادر القانون التي عفا عليها الزمن، كما عبر الكثيرون عن قلقهم بشأن فرض بعض من أشد أنماط الشريعة صرامة التي تتضمن العقوبة البدنية. وعلى الرغم من وجود غموض حول الأثر الذي ستتركه المادة 219 على التشريع الحالي والمستقبلي، فهناك اتفاق يفيد بأن الفقه الإسلامي عام بدرجة كافية تسمح له بأن يشمل آراء متعددة (بعضها معتدل والبعض الآخر أكثر تشددًا) في معظم القضايا، وهو ما يعني أن المشرعين والمحاكم لا يزال لديهم فرصة كافية للمناورة أثناء قيامهم بعملهم.

وبما أن الشريعة الإسلامية تعد متسعة المجال إلى حد كبير حيث الآراء تتباين ضمن مجموعة قوانينها، يصبح السؤال عن المسؤول عن تفسير الشريعة سؤالاً شديد الأهمية. وقد حلت الجمعية التأسيسية هذا الأمر من خلال المادة 4 التي تنص على وجوب طلب رأي الأزهر (واحدة من المؤسسات الإسلامية التي تحظى بأكبر درجة من الاحترام على مستوى العالم). ولا تترك صياغة النص الكثير من الشك حول إلزامية هذه الاستشارة ووجوب سعي كل الجهات (من بينها المحاكم والبرلمان) للحصول عليها، وبالتالي تبقى المحاكم مسؤولة عن تطبيق وتفسير القانون بالإضافة إلى ضمان توافق التشريعات مع الدستور (وبالتالي مع الشريعة)، ولكن يجب عليها الآن استشارة الأزهر، لكن الأمر الذي يبقى غير واضح هو الوزن الممنوح للآراء الفردية للأزهر، إذ تشير المادة 4 نفسها إلى أن آراءه لن تكون ملزمة، إلا أن بعض المفسرين عبروا عن قلقهم بأنه لن يكون من السهل على المحاكم معارضة رأي صادر عن الأزهر، وفي الوقت ذاته ينص الدستور بوضوح على منح المحاكم مساحة للاختلاف مع الآراء الصادرة عن الأزهر لأي سبب من الأسباب (من بينها مثلاً الاختلاف حول منطق الرأي أو إذا رأت أن الأزهر لم يأخذ في عين الاعتبار كل المصادر ذات الصلة)، ولا يمنع المحاكم من طلب آراء أخرى فيما يخص الأمر ذاته.

لكن الأكثر يقينًا من ذلك هو أن هذه النصوص أعادت إشعال الصراع على سيطرة الأزهر ومجلس كبار العلماء الخاص به، إذ يقال أن عقود من الحكم الاستبدادي قد تركت مؤسسة الأزهر دون مخالب، وعلى الرغم من أن استقلال الأزهر يحميه الدستور بصورة شكلية، فالاسلاميون من كل الأطياف سوف يسعون للتأثير على تشكيله على مدار السنة القادمة نظرًا للدور الذي حصل عليه. ومن الأساليب التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك هو اسلوب النص في التشريع على دعوة الدستور لتنظيم الشؤون الداخلية للأزهر، وهو ما يتضح أنه سيكون من أول القضايا التي سيتم التعامل معها بعد انتخاب البرلمان الجديد خلال الأشهر القادمة، وسوف تشعل بعضًا من أكثر المعارك أهمية بين مختلف معسكرات البلاد.

وأخيرًا، فالأمر يستحق التخلي عن بعض النظريات الأكثر تطرفًا التي تم طرحها بشأن بعض المواد. بالأخص، تردد أن المادة 10 التي تنص على أن "تحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية" قد أضافها الإسلاميون المتشددون بالجمعية التأسيسية للدستور عن عمد للسماح بتأسيس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ستتجول بالأحياء لتنفيذ الرؤية التقليدية والمتشددة للمجتمع. غير أن الواقع ليس مقلق بنفس الدرجة، حيث أن المادة 10 منقولة بنصها حرفيًا من المادة 9 من دستور 1971، وهو النص الذي لم يكن له أي أثر عملي لعقود. وعليه، فبدلاً من أن تكون محاولة لتأسيس دولة دينية بالخلسة على النمط السعودي، فالمادة 10 تعد ناتج قيام جمعية تأسيسية كان عليها الانتهاء من الصياغة خلال فترة قصيرة بالنقل دون دراسة، بيد أن بعض النقاد قد عبروا عن قلقهم بأنه تحت حكم إدارة إسلامية، سوف تكتسب المادة 10 معنى جديد. قد يكون كذلك، لكنه من المرجح أيضًا أن تبقى مجرد صياغة رمزية دون تطبيق عملي.

ونخلص إلى أن حكام مصر الإسلاميين قد منحوا مستشاريهم الاسلاميين دورًا في رسم التوجه الذي ينبغي على الدولة السير فيه دون إعطائهم أي سلطة سياسية فعلية (ممثلي الإخوان المسلمين في الحكومة كلهم خبراء مهنيين، ويحمل الكثير منهم درجة الدكتوراه في موضوعات متعلقة بالعلوم وليس لديهم رغبة كبيرة في ترك السلطة لرجال الدين). وعليه، لا يمكن وصف مصر بدولة دينية إذ تبقى السلطة السياسية في حوزة مدنيين، لكن الدين سوف يلعب الآن دورًا حقيقيًا في طريقة سير الأمور في الدولة، وسواء أدى ذلك إلى حكم أفضل، أو فساد أقل، أو عقوبات أكثر تشددًا، أو اعتدال، فالزمن وحده سيكشف عن ذلك.

حماية الحقوق

كانت حماية الحقوق الأساسية في ظل الدستور أمرًا مثيرًا للجدل من البداية. يفرض النص النهائي رؤية لمجتمع محافظ على البلاد، وهي رؤية تقدمية من الناحية الاقتصادية لكنها تحظر ممارسة حقوق معينة بطريقة تتعارض والممارسات الفضلى أو المثل الديمقراطية. وقد تركز الخلاف في الأساس على وضع المرأة وعلى حقوق أخرى تتضمن حرية التعبير عن الرأي، ومع أن النص ذاته يعج بأمور مختلفة: فهو ليس تقدميًا على الإطلاق مقارنة بالكثير من الدساتير الغربية فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية (ولم يكن هناك أية نية كي يكون كذلك)، ولكن يتضمن عدد من الطموحات في الحقوق الاقتصادية التي لا تضاهى والتي يستحيل تحقيقها في الأقل على المدى القصير. كما نجد بعض الحقوق غير مرتبة وغامضة مما يصعب من عملية فهمها في بعض الأحيان.

ويجب أن تكون نقطة البداية فيما يخص حقوق المرأة هي فهم صادق للتقليد الدستوري المصري فيما يتعلق بهذه القضية، فالمجتمع المصري مجتمع شديد المحافظة، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات في المنطقة، وهو الأمر الذي انعكس على تاريخه الدستوري. وقد تضمن نص 1971 (الذي اعتقد الكثير من المفسرين خطأً أنه نصًا ليبراليًا) صياغة غير ملائمة تفرض على المرأة التزامًا بالعمل ورعاية أسرتها دون فرض واجبات مساوية على الرجل. كما أن النص لم يحظر صراحة التمييز على أساس الجنس. وفي 2012، سعى الكثير من أعضاء الجمعية التأسيسية من الليبراليين لحل هذه القضية أولاً من خلال منع التمييز على أساس الجنس على وجه التحديد، ومن خلال حذف أي إشارة لالتزامات المرأة تجاه أسرتها، وبعد الكثير من التكرار وإعادة الصياغة، يبدو أن الليبراليين لم يحصلوا على أي تنازلات. وبالرغم من حذف نص مأخوذ من مسودة قديمة نددت بها جماعات الحقوق المدنية على وجه التحديد، فإن معظم نصوص تلك المسودة ظهرت مرة ثانية في مواضع أخرى، وتنسخ بعض من تلك النصوص (من ضمنها المادة 10) الصياغة التي استخدمها دستور 1971 للإشارة إلى هذه القضية وتفرض على المرأة مرة أخرى التزامات تجاه أسرتها دون فرض ذلك الدور على الرجل.

وعليه، فمع أن الدستور الجديد ربما يعكس بدقة قيم قطاع كبير من المجتمع حول هذه القضية، فقد تسبب ذلك في إحباط لعدة أسباب، أولها أنه بالرغم من أن الكثير من المصريين هم من المحافظين اجتماعيًا، فينبغي على كل امرأة (ورجل) أن تكون حرة في قراراتها بالزواج أو إنجاب الأطفال دون تدخل من الدولة، حيث أن المطالبة صراحة بالترويج لرؤية محافظة للمجتمع تعد تعديًا على الحرية الشخصية للمواطنين في تقرير اختياراتهم الفردية. وثانيًا، غالبًا ما تستخدم الدساتير في الكثير من مجتمعات ما بعد الثورة في الترويج لمبادئ لا تتفق بالضرورة وقيم الأغلبية، وتستخدم في حماية تلك المبادئ أيضًا، فإجراءات الحماية الدستورية غالبًا ما يمكنها قيادة تغيير إيجابي في المجتمع أو على الأقل الدفاع عن حقوق الفرد أمام الأغلبية الكاسحة. ومن الأمثلة التي تثبت ذلك، إلغاء عقوبة الإعدام في جنوب أفريقيا بالرغم من أنها كانت ولا تزال تتمتع بالكثير من التأييد في الكثير من الجماعات. وتدعوا دساتير أسبانيا، والإكوادور، وبوليفيا، وكينيا وغيرهم إلى تطبيق إجراءات للحيال دون وقوع تمييز قائم على النوع الاجتماعي (الجندر). وبالرغم من أن القيم الاجتماعية لا تتفق مع ذلك بالضرورة، فالتقدم في أمريكا اللاتينية (منطقة معروفة بأنها محافظة) قد وصل الآن إلى المرحلة التي تم فيها انتخاب العديد من السيدات لمنصب رئيس الدولة في بلدان كانت تلك الأمور تعتبر مستحيلة منذ بضعة عقود. وثالثًا، كان من الممكن دومًا وضع وتنفيذ إجراءات للحيول دون وقوع تمييز قائم على النوع الاجتماعي في مصر، إذ قامت بلدان ذات شعوب محافظة على نحو مماثل بتقديم ضمانات قوية، من بينها المجلس التأسيسي التونسي الحالي الذي وافق أخيرًا بعد ضغط كبير من المجتمع المدني على أنه ينبغي حظر التمييز القائم على النوع الاجتماعي صراحة. وبالتالي، فدستور مصر الجديد سوف يحبط الكثير من أعضاء المجتمع المدني الذين كان في إمكانهم التأثير على النتيجة لو أُعطوا مجال المشاركة جهة الصياغة.

وتمثل حرية التعبير مشكلة معقدة في ظل الدستور الجديد، فالدساتير حسنة الصياغة تميل إلى دمج لدرجة معقولة كل الأمور المتعلقة بموضوع واحد في نص واحد، ولا يعد هذا المنهج نافعًا لأغراض التفسير وحدها، بل هو مفيدًا لكل فرد من أفراد الشعب عند الرجوع للنص، إلا أن الدستور المصري لا يتبع هذا المنهج، إذ تضمن المادة 45 حرية التفكير والرأي باستخدام ألفاظ مطلقة دون وضع أي قيود وهو ما يعد في حد ذاته أمرًا مثاليًا لأي مدافع عن حرية التعبير. غير أن الواقع هو أن هناك الكثير من القيود على حرية التعبير المنتشرة في جميع أرجاء النص، وبعض منها يصعب العثور عليه. وتحتوي المادة 44 على أحد القيود الواضحة الذي يحظر أي نوع من التعبير يمثل إساءة للرسل والأنبياء. وتنص المادة 31 على قيد آخر يحظر إهانة وازدراء أي إنسان. وهناك مواضع أخرى أقل وضوحًا مرشحة كي تكون كذلك منها على سبيل المثال، المادة 198 التي تنص على إمكانية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية "للجرائم التي تضر بالقوات المسلحة"، التي إذا ما تم تفسيرها تفسيرًا واسعًا يمكن أن تشمل اتهامات بالفساد أو سوء الإدارة في الجيش.

وتوضح هذه النصوص مع بعضها البعض عددًا من المشكلات في الدستور المصري، تتعلق الأولى بجودة الصياغة. فاليوم لم يعد يُنظر للدساتير باعتبارها واقعة ضمن نطاق عمل فقهاء القانون وحدهم. وتماشيًا مع الممارسات الدستورية الحديثة، فمن المفترض أن تكون سهلة القراءة وأن يكون جميع أفراد الشعب قادرين على الإطلاع عليها خاصة في البلدان النامية، حيث يتسبب غياب إمكانية الإطلاع على المعلومات في التقييد الجزئي لممارسة الحقوق بحرية. لكن الدستور المصري لا يتبع ذلك المنهج كما توضح نصوص حرية التعبير، فحقيقة أن على المرء أن يراجع النص بالكامل ويحل شفرة النصوص الغامضة لمعرفة مواضع القيود، تعني أن الشخص المصري العادي ليس لديه الكثير من الأمل في فهم مواضع حقوقه. وفي واقع الأمر حتى الفقهاء الدستوريين الذين ليس لديهم الكثير كي يقوموا به غير ذلك، سوف يواجهون صعوبة في فهم كيف ينبغي ممارسة الحقوق في ظل هذا الدستور.

وتمثل طبيعة وصياغة بعض القيود ذاتها مشكلة كبيرة أخرى، وبالرغم من القلق الذي عبر عنه معسكر المعارضة، فبعض من القيود شرعية، وفي واقع الأمر شديدة الشيوع في البلدان التقدمية (حتى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تسمح بتقييد التعبير لحماية سمعة الآخرين)، ومع أن حظر الإساءة إلى الأنبياء لا يتفق والممارسة المقارنة الحديثة، فإن مصر كأمة لديها صلاحية تقرير ما إذا كان الأمر يمثل أهمية كافية لشعبها، لتبرير وضع قيد على التعبير بنفس الطريقة التي يمكن للرغبة في حماية سمعة الآخرين، أن تبرر وضع مثل هذا القيد. وتكمن الصعوبة في صياغة القيود نفسها التي تعد شديدة الغموض لدرجة أنها ستؤدي على الأرجح إلى فرض قيود خطيرة على التعبير. فعلى سبيل المثال، يسهل استخدام صياغة المادة 44 لمنع الجدل الديني بين مختلف الجماعات الدينية، حيث أن إنكار نبوة شخص معين دون نعته بأي صفات سلبية يمكن أن يشكل إساءة في أذهان الكثيرين. كما يمكن للمادة 31 أن تمنع بسهولة، توجيه أي نوع من الاتهامات لأي مسؤول كبير بسوء الإدارة أو حتى الفساد في العديد من الظروف، إذ إنه لا يوجد تمييز بين كبار المسؤولين وباقي السكان.

ومن المفاجأت الأخيرة في الدستور الجديد هو بند القيود والذي يظهر في المادة 81، فمن الشائع في التاريخ الحديث (خاصة في المنطقة العربية) أن تشير الدساتير إلى أن التشريع يجب أن ينظم الحقوق الأساسية وأن يقيد التشريع ذاته مباشرة ذلك الحق، لحد يجعل منح هذا الحق غير مجد في المقام الأول. واليوم تسعى الكثير من الدساتير في أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى مقاومة هذا التوجه بإضافة ما يشار إليه ببنود التقييد التي تنص على أنه لا يمكن للتشريع أن ينتقص من الطبيعة الفعلية للحق. فقد تم طرح المادة 81 للمرة الأولى باعتبارها وسيلة لتحقيق الهدف ذاته، إلا أنه تم إضافة فقرة ثالثة قال المفسرون أنها قد تترك أثر عكسي، فهي تنص على أن كل الحقوق المنصوص عليها في الدستور يجب أن يتم ممارستها طبقًا للباب الثاني من الدستور، وهو الباب الذي يقيم العدالة الاجتماعية باعتبارها أولوية ويؤكد اعتبارها الأسرة ركن أساسي للمجتمع. وبالتالي، فإن الأمر المثير للقلق هو أنه يجب أن يتم تطبيق وتفسير الحقوق طبقًا للرؤية المحافظة للمجتمع. ومرة أخرى، لا تكمن مشكلة هذا النص في أنه يؤدي بمصر إلى طريق مظلم، بل في أنه يبقى من المستحيل التنبؤ بأثره في هذه المرحلة. غير أن هناك نصوص أخرى يتضح أن تطبيقها أمر سلبي وقد تسببت في رفض الكثيرين للدستور برمته.

الجانب الأكثر ظلامًا

تتضمن تلك النصوص قسم حول اللامركزية والعلاقات المدنية العسكرية، وكان هذان المجالان مفاجأة للكثير من المحللين، لأنه من الواضح أنهما بعيدين عن الطموحات الديمقراطية للشعب ولأنهما يهدفان إلى حماية الاهتمامات المترسخة على حساب الأمة.

ويعد التوجه نحو المزيد من اللامركزية ظاهرة عالمية لأنه يهدف إلى تقريب الديمقراطية من الشعب، لكن في المنطقة العربية واجه هذا التوجه مقاومة قائمة على عدد من الافتراءات التي نشرتها الأنظمة الاستبدادية. وكانت الحجة التي لجأوا إلى استخدامها هي أن اللامركزية على بعد خطوة من الفيدرالية التي تعد في حد ذاتها نذير بتفكك البلاد طائفيًا. والحقيقة في واقع الأمر، هي أن النظم غير الديمقراطية قد استخدمت أشكال شديدة المركزية من الحكم للحفاظ على قبضتها الحديدية على السلطة والتحكم في الشعوب لأقصى درجة ممكنة، ونتيجة لذلك، تحتفظ البلدان العربية حتى يومنا هذا على واحد من أكثر أشكال الحكم مركزية في العالم حيث يتحكم وزراء مركزيون في تعيين وإقالة المسؤولين المحليين تحكمًا كاملاً وحيث الانتخابات المحلية (إذا ما جرت على الإطلاق) فهي بلا أي معنى. وبالتالي، فإن وضع تقديم الخدمات خارج العاصمة قد صار تقريبًا كارثة لا يمكن تغييرها في جميع أنحاء المنطقة العربية. ولم تتمكن مصر من تجنب ذلك التوجه (وبالطبع كانت من أوائل من رسخوه في المقام الأول) وليس الدستور الجديد باستثناء لذلك، فهو يدعو إلى انتخاب مجالس محلية (المادة 188)، لكن يسمح للحكومة المركزية بإسقاط أي من قراراتها لمنع "الإضرار بالصالح العام" (المادة 190). والأسوأ من ذلك أن الدستور لا يشير إلى كيفية اختيار المحافظين (سواء بالانتخاب أو الاختيار) ولا يحاول أن يعرّف سلطاتهم (المادة 187)، تاركًا كل الأمور الهامة للتشريع اللاحق كي يحددها كما كان الحال على مدار العقود القليلة الماضية. وأخيرًا، فالمسودات الأولى طالبت بآلية إعادة توزيع مالية بين المحافظات لإصلاح التفاوت الكبير في البلاد، لكن هذا النص لم يتم حذفه من النسخة النهائية، وبالتالي لا يوجد ما يمكن أن يوقف النظام السابق شديد المركزية من الاستمرار بالعمل في المستقبل.

والأسوأ من ذلك هي النصوص المتعلقة بالعلاقات المدنية العسكرية، ففي بداية عملية الصياغة، جعل عدد كبير من أعضاء الجمعية من الحاجة إلى إنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين أولوية لهم، وهو ما كان مطلب ثوري رئيسي من بداية الثورة في يناير 2011، ونما بمرور الوقت، كما زاد نفوذ الجيش في الدولة خلال عامي 2011 و2012. وبالتالي، فقد تضمنت الكثير من النصوص أجزاء متعددة من المسودة التي نادت بإنهاء تلك الممارسة، إلا أن المسودة الأخيرة قضت على أي درجة من التقدم قد تكون تحققت في السابق، من خلال النص صراحة على أن المدنيين يمكن محاكمتهم أمام محاكم عسكرية لجرائم "تضر بالقوات المسلحة" (المادة 198). وقد تم ترك المصطلح لتشريع لاحق كي يضع له تعريفًا. ففي الماضي، كان التقليد هو باصدار تشريع يمكن لتشريع جديد أن يلغيه. واليوم، تم ترقية المحاكمات العسكرية للمدنيين إلى مرتبة مبدأ دستوري مما يجعل إلغاءها أمرًا أكثر صعوبة، فكان من الأفضل للدستور كثيرًا ألا يذكر شيئًا حول هذه القضية.

ومن الأمور المفاجئة، تأسيس مجلس دفاع قومي والسلطات التي تم منحها له، ففي 2011، سعى المجلس العسكري للاستحواذ على عملية صياغة الدستور من خلال صياغة ما كان يشار إليه في ذلك الوقت "بالوثيقة فوق الدستورية"، وكانت الوثيقة شديدة التحيز لصالح الحفاظ على استقلالية الجيش لدرجة أنها أدت إلى مظاهرات كبيرة في البلاد أسفرت في نهاية الأمر عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف. ومن بين المبادئ المهينة، فكرة أن ميزانية الجيش ينبغي أن تبقى سرية وخارج نطاق الإشراف المدني، ومع أن مبادرة المجلس العسكري كان مصيرها السقوط على يد معارضة شعبية، أعاد ذلك النص بالتحديد الظهور في عملية صياغة الدستور. كما أصرت إحدى مسودات الدستور الأولى على أن ميزانية الجيش ينبغي أن تظهر في شكل رقم واحد في قانون الميزانية السنوية للدولة دون إدراج أي تفاصيل، وهو ما تم تخفيف حدته في المسودة النهائية التي تنص على أن مجلس الدفاع الوطني (الذي يتكون من ثمانية أعضاء عسكريين وسبعة مدنيين) مسؤول الآن عن مناقشة ميزانية الجيش (المادة 197). وقد تم حذف الإشارة إلى "رقم واحد"، ولكن تبقى حقيقة وهي أن الجيش قد حصل على امتياز لا يتمتع به نظرائه في بلدان أخرى. ومرة أخرى، كان من الأفضل كثيرًا للدستور أن يلتزم الصمت بشأن هذه النقطة.

كلمة أخيرة

وإجمالاً، فمقارنة بالتقاليد الدستورية المصرية، النص الجديد ليس كارثي بالدرجة التي يدعيها نقاده ولا هو نقلة رائعة إلى الأمام بالدرجة التي يصفها مؤيدوه. لكن الانتخابات البرلمانية القادمة لن تحدد كيفية تطبيق النص فقط، بل ستحدد أيضا احتمالات استمراره واستدامته في الفترة القادمة.

الدستور المصري الجديد

تناولت حلقة "الاتجاه المعاكس" ليوم 3/12/2013 الدستور المصري الجديد، وتساءلت: ألا يؤسس لدولة بوليسية يحكمها العسكر؟ ألا يضم مواد تحصّن الانقلابيين وتسمح بمحاكمة المدنيين عسكريا؟ أم أنه دستور صاغته لجنة من ذوي الخبرة والرأي؟ ألم يُعلن عن طرحه لاستفتاء شعبي؟

استضافت الحلقة كلا من القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني مجدي حمدان والكاتب الصحفي محمد القدوسي.

وقال مجدي حمدان إن أول من سيخرج للتصويت على الدستور الجديد "هم الإخوان المسلمون لأنهم يعرفون أنه أفضل من الدستور الذي وضعوه في 2012"، واصفا مشروع الدستور بأنه "سوف يعلو بمصر ويحقق المساواة".

ودافع حمدان عن المواد المتعلقة بالجيش وقال "نريد أن نحصن هذه المؤسسة التي هي الوحيدة المتبقية في المنطقة".

ورأى أن محاكمة المدنيين أما القضاء العسكري مبررة، مضيفا "نحن نمر بظرف استثنائي ومن يتعدى على أي مؤسسة عسكرية في كل الديمقراطيات يحاكم أمام قضاء عسكري".

اللجنة المعينة

"
بيّن محمد القدوسي أن كل الديمقراطيات في العالم تقوم على إبعاد القضاء والجيش عن السياسة "لأن الجيش لديه قوة دبابة والقضاء لديه سلطة الأحكام"

" من جانبه قال محمد القدوسي إن هذه اللجنة معينة ولا يوجد في العالم دستور تضعه لجنة معينة.
ورجوعا إلى دستور 2012 قال إن واضعيه أسسوا آلية لتعديل العيوب، وردا على القول بأنه سُلق سلقا، قارن القدوسي بأن دستور 2012 وضع في ستة أشهر بينما مشروع الدستور الحالي انتهى في ثلاثة أشهر.

وأضاف "لست ضد دور المؤسسة العسكرية فهي التي تحمي الوطن ولكن ليس دورها أن تحكمني".

وبين أن كل الديمقراطيات في العالم تقوم على إبعاد القضاء والجيش عن السياسة "لأن الجيش لديه قوة دبابة والقضاء لديه سلطة الأحكام".

وتحدى القدوسي أن يؤتى بدستور في أي دولة بالعالم ينص على بنود تحصن وزير الدفاع.

وتساءل "كيف ستصبح الحكومة مسؤولة عن وزير الدفاع ما دامت هي لم تعينه؟".
ط »
مصر
آخر تحديث: الأحد 4 شوال 1434هـ - 11 أغسطس 2013م KSA 17:20 - GMT 14:20
جدل وصراعات حول تعديل الدستور المصري ولجنة الـ 50
مطالبات بإعداد دستور جديد والبعض يرى أن التعديل يقلل فرص إفساد المرحلة الانتقالية
الأحد 4 شوال 1434هـ - 11 أغسطس 2013م

القاهرة- سعيد السني
أثار القرار الجمهوري الصادر مؤخراً عن الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور بتحديد معايير اختيار أعضاء لجنة الخمسين المعنية بالمرحلة الثانية لتعديل دستور 2012 المعطل، جدلاً واسعاً بين الفقهاء و الخبراء بالقانون والسياسة حول "تكوين" اللجنة بل واتسع الجدل ليشمل المطالبة بإعداد دستور جديد للبلاد بدلا من تعديل وترقيع دستور 2012 استناداً إلى أن قيام ثورة 30 يونيو يترتب عليها بالضرورة إسقاط الدستور الإخواني كلية فيما يرى فريق منهم أن التعديل يقلل من فرص إفساد المرحلة الانتقالية وبما يشير إلى أن الانقسام هو سيد الموقف.
وينص القرار الجمهوري على دعوة الأحزاب والمثقفين والعمال والفلاحين وأعضاء النقابات المهنية والاتحادات النوعية والمجالس القومية والأزهر والكنائس المصرية والقوات المسلحة والشرطة والشخصيات العامة، لترشيح أسماء ممثليهم في اللجنة على أن يكون بينهم عشرة أعضاء نسبة 20% على الأقل من الشباب والنساء وأن يرشح مجلس الوزراء 10 من الشخصيات العامة.
وكان المستشار علي عوض مقرر "لجنة الخبراء" لتعديل الدستور المكونة من عشرة أعضاء ، قد أعلن في مؤتمر صحافي قبل أيام بأن لجنته تتولى حالياً مراجعة جميع مواد دستور 2012 "المعطل"، وقال "إن كل المواد خاضعة للمراجعة بما في ذلك مواد الشريعة الإسلامية".. إلا أنه استدرك مشيراً إلى أن المراجعة لا تعني حتما التعديل.
شباب الثورة ونسبة غير مرضية
وعبرت رنا فاروق المتحدثة الإعلامي لاتحاد شباب الثورة لـ" العربية نت" عن الاستياء وعدم الرضا عن "لجنة الخمسين" التي تم تشكيلها لتعديل الدستور كونها تضم أربعة شخصيات شبابية فقط، الأمر الذى يُعد مجرد "طبطبة" على الشباب على طريقة الأنظمة السابقة وقالت "سبق ونبهنا إلى ضرورة تمثيل الشباب تحت سن 40 عاما - في هذه اللجنة بنسبة 50%، خاصة وأن الشباب يمثل 60% من مجموع المجتمع المصري".
وأضافت أن مجموعة الشباب المشاركة في لجنة الخمسين معظمهم ينتمون لجهة سياسية واحدة ولم يؤخذ في الحسبان عند الاختيار التنوع.
وتابعت "لقد صمتنا رغم عدم رضائنا عن التشكيل بسبب الظروف التي يمر بها المجتمع من توتر داخلي ونرى أن مصلحة البلد في الوقت الحالي هي الأهم".
فرصة للتنازع والصراعات
من جانبها أكدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا رفضها من الأساس لفكرة تعديل "دستور 2012" وقالت إن هذا الدستور قد سقط بقيام ثورة 30 يونيو ,خاصة وأن عنوانه كان الانقسام والإقصاء، كما أن اللجنة التأسيسية التي وضعته حُكمَ بعدم دستوريتها وبالتالي فإن الوثيقة التي صدرت عنها باطلة.
وتابعت الجبالي القول بأن التعديل يوفر فرصة للتنازع والصراعات وسيحدث نوع من الاقتتال الوطني فمن حصل على مكاسب في الدستور الباطل لن يتنازل عنها بسهوله بل سيقاتل من أجل بقائها , ويكون من الأنسب عمل دستور "مؤقت" وبعد أن تستقر الأمور يتم إعداد دستور دائم وبناء عليه تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية بما يضمن خروج مصر من النفق المظلم الذي تعيش فيه الآن حيث تتشكل الآن التحولات الديمقراطية والتوازن الاجتماعي.
التعديل يقطع خط الرجعة
ويرى الدكتور جمال سلامه رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن تشكيل لجنة الـ50 بصورته الحالية مناسب ومُعبر عن تركيبة المجتمع مؤكداً أن لكل فئة حق التعبير عن طموحاتها وآمالها في الدستور ثم يأتي الدور "الفني" للفقهاء الدستوريين لإنجاز الصياغة النهائية والتوجيه بما يتماشى مع مصلحة المصريين والوطن.
ويشير سلامة بأنه كان من أول المنادين بوضع دستور جديد للبلاد لكن في ظل الظروف الحالية فإن إعداد دستور جديد لابد وأن يثير إشكاليات كثيرة ويصبح الاعتراض هو سيد الموقف.
وأوضح أن الحل الأمثل لتخطي المرحلة الانتقالية بأقل خسائر هو "التعديل" وتصحيح عيوب الدستور السابق كي نقطع خط الرجعة على من يريد إفساد هذه المرحلة ونبني مؤسسات الدولة بسرعة.
خطايا دستور 2012
من جانبه لا يمانع حازم منير الناشط الحقوقي فكرة "التعديل" بشرط أن يتم التوافق حولها و يستمر هذا الدستور المعدل لعامين أو ثلاثة حتى الخروج من أجواء الأزمات السياسية الحالية بعدها يمكن كتابة دستور دائم للبلاد في ظل بيئة سياسية أكثر ملاءمة من الظرف الحالي.
154 مادة خلافية
أما الدكتور إيهاب رمزي المحامي وعضو مجلس الشعب السابق كان يتمنى دستورا جديدا بدلا من التعديل، مناشداً "لجنة الخبراء" بتوسيع دائرة التعديلات لتشمل 154 مادة خلافية تهدد أمن ووحدة البلاد ومن ثم يجب إجراء تعديلات جوهرية عليها ومعرباً عن رفضه لسياسة "المواءمات" في هذا الصدد لأن الدستور يجب أن يكون مبادئ عامة لحكم مصر فلا مجاملات في دستور البلاد.
الترقيع مرفوض
وقال محمد منيب رئيس المركز الإفريقي للديمقراطية ودراسات حقوق الإنسان والقيادي بحزب الكرامة "أي دستور يقوم أساساً على ما تتمناه شرائح المجتمع المختلفة من عمال ومهنيين وفلاحيين ونساء أما رجال القانون والفقهاء الدستوريين دورهم المتابعة والمراقبة للنقاشات لتعديل مسارها خاصة وأن لديهم خبرة في وضع مشاريع دساتير سابقة".
ويعطي منيب مثلا لما يقوم به الفقهاء في وضع الدساتير فيقول "مثلا إذا رأى العمال أن مصالحهم في تعديل مادة ما فقد يرى القانونيون والدستوريون أن هذه المادة قد تضر بفكرة جذب المستثمرين أو تؤدي لحجب منافع عن المجتمع فيحاولون تعديلها دون المساس بالمصلحة العامة للوطن".
ويرفض منيب فكرة ترقيع الدستور المعطل لأنها تجني المشاحنات بين الحين والآخر مؤكداً أهمية صناعة دستور جديد يكفل للمصريين الحريات ويضمن لهم الحقوق

ليست هناك تعليقات:

قران كريم