الاثنين، 18 مايو 2015

مقالات د علاء الاسواني


د. علاء الأسواني يكتب  أخطر م 

كيف تقضي على الثورة فى 6 خطوات ؟ 

 

أيها الجنرال .اذا فاجئتك الثورة لا تفزع . اياك أن تخاف من مشهد ملايين المتظاهرين الغاضبين

..اهدأ..التقط أنفاسك وتمالك نفسك. 

اعلم أن الثورة حالة استثنائية . لحظة انسانية نادرة يتصرف فيها الناس بشجاعة ويندفعون الى الموت دفاعا عن حريتهم وكرامتهم .

الثورة استثناء و القاعدة أن الناس يتقبلون الظلم خوفا من القمع أو طمعا في مصالح صغيرة

الدليل على ذلك أن عدد الثورات قليل للغاية في التاريخ الانساني .

 

.لقد وضعتك الظروف على قمة السلطة في أعقاب الثورة

فلا تخف من هدير الجماهير الغاضبة في الطرقات ... انهم أشبه بحيوانات قوية هائجة بلا عقل . 

 

أنت المروض الماهر الذى سيتمكن بضربات محسوبة بارعةمن السيطرة عليهم و ادخالهم الى أقفاصهم مرة أخرى .. ..

 

عليك باتباع الخطوات الآتية : 

 

أولا :

احتفل بالثورة والعن الديكتاتور المخلوع

 


 

يجب أن تعلن ادانتك الكاملة للعصر البائد ، أنت بالطبعمتعاطف مع الديكتاتور السابق الذى كان رفيقك وصديقك على مدى عقود

لكن يجب أن تلعنه على الملأ وتهتف بحياة الثورة

.. سوف يصدقك الشعب فورا .

 

لن يفكر أحد في أنك صاحبت الديكتاتور المخلوع أربعين عاما فلم تعترض مرة واحدة على جرائمه

. سيصدقك الناس لأنهم يتمنون لو كنت مؤيدا للثورة والانسان أقرب الى تصديق ما يتمنى حدوثه . 

 

* لا تسرف في لعن الديكتاتور حتى لا تثير الشكوك . 

 

* العنه مرة أو مرتين على الأكثر . لكن عليك بالاحتفال الدائم بالثورة . 

 

* يجب أن يستيقظ المواطنون و يناموا على أناشيد الاحتفالبالثورة ..

 

أولا : لأنهم سيشعرون أن الثورة قد نجحت ( بالرغم أنها لم تحقق هدفا واحدا من أهدافها )

ثانيا  : لأن كل ما يحدث في بلادهم بعد ذلك سيرتبط بالثورة دون سواها . .. 

 

 

ثانيا :

 

احتفظ بالنظام القديم كاملا


 

 

اياك أن تخضع لمطالب الثوار و تغير شيئا من النظام القديم .ذلك خطأ فاحش

. في البداية سيضغطون عليك بشدة من أجل التغيير .

انتظر حتى تصل ضغوطهم الى ذروتها ثم قم بتغيير صغير شكلي لايمس قواعد النظام القديم

 

. ماذا يفعل ربان السفينة اذا شارفت على الغرق .؟!.

انه يلقى الى البحر ببعض الأشياء الثقيلة حتى تسترد السفينةتوازنها

.. هذا ما يجب أن تفعله .

اختر بعض الشخصيات السياسية المكروهة من الشعب . اقبض عليهم وقدمهم الى المحاكمة .

يجب أن تكون محاكماتهم بطيئة معقدة كثيرة الاجراءات حتى ينسى الناس في النهاية الغرض منها . 

 

اجتمع بهؤلاء المكروهين واشرح لهم أنك لن تتخلى عنهم أبدا . قل لهم ان أحدا لن يؤذيهم وأن محاكماتهم مجرد اجراءسياسي لامتصاص غضب الشعب لا أكثر ولا أقل

.اجعلهم ينعمون بحياة مترفة داخل السجن وكأنهم لا زالوا يعيشون في قصورهم .

 

اياك أن تتخلى عن أعضاء النظام القديم . هؤلاء هم جنودك المخلصون . 

لو فرطت فيهم لن تجد لهم بديلا وستجد نفسك وحيدا بلا سند أمام شعب غاضب .

ان القاضى الفاسد الذى تملى عليه الأحكام بالتليفون و وكيل النيابة الذى يفسد بيده أدلة الاتهام بناء على طلبك

و المذيعة الشهيرة التى تتلقى يوميا تعليمات الأمن قبل التصوير و ضابط الشرطة الجلاد الذى يعذب ويقتل عشرات الناس دفاعا عن النظام . 

 

هذه النماذج نادرة اياك أن تضيعها من يدك

.. اجتمع بهم سرا وأكد لهم أن النظام القديم كما هو لم ولن يتغير

ثم أجزل لهم العطاء حتى يتفانوا في الدفاع عنك . 

 

 

 

ثالثا :

 

اترك أحوال البلد تتدهور حتى تصل الى الحضيض

 


 

يجب أن تفهم كيف حدثت الثورة .

لقد كان المجتمع منقسما الى ثلاثة أقسام :

المستفيدون من النظام و الثوريون و الناس العاديون .

 

الثوريون كان عددهم قليلا و تأثيرهم ضعيفا لأن النظام كان يقمعهم باستمرار ،

القطاع الأعرض من الشعب كان ينتمى الى الناس العاديين الذين كانوا متضررين من النظام لكنهم لا يملكون شجاعةالاعتراض .

 

لقد حدثت الثورة عندما نجح الثوريون في اقناع العاديينبالانضمام اليهم . 

 

هنا نقطة ضعف الثورة التى يجب أن توجه اليها ضرباتك

.. يجب أن تضغط على الناس العاديين حتى يعودوا الى مقاعد المتفرجين ..

 

يجب أن تتفاقم الأزمات في كل مكان

الفلاحون يجب أن تنقطع عنهم مياه الرى ولايجدون الأسمدة حتى يفسد المحصول وتبور الأرض .

العمال يجب أن يلقى بهم في الشارع لأن المصانع توقفت

الموظفون يجب أن تتأخر رواتبهم وتلغى العلاوات التى وعدوا بها

 

يجب أن تختفى الشرطة تماما وتنتشر السرقة والاعتداءات والبلطجة .

 

يجب أن يندس عملاء الأمن بين المتظاهرين ليعطلوا المرافقو يقطعوا خطوط السكك الحديدية

 

في نفس الوقت فان عملاءك في الاعلام يجب أن يقودوا حملة منظمة لترويع الناس .

 

يجب أن يضخموا من تأثير الأزمة

و يلصقوا كل المشكلات بالثورة

حتى تترسخ في أذهان الناس فكرة : 

أن البلد تقترب من المجاعة والفوضى بسبب الثورة . الثورة وحدها.

 

 

 

رابعا :

 

اضرب وحدة الثوريين وفرق بينهم

 

 


اعلم أن الثوريين أعداؤك الحقيقيون .انهم لايثقون بك وسوف يدركون أبعاد مؤامرتك منذ اللحظة الأولى .

يجب أن تشق صفوفهم . 

 

استعن بتقارير الأمن لتفهم اتجاهاتهم الفكرية والسياسية .

ستكتشف أنهم مختلفون لكنهم اتحدوا في الثورة من أجل تغيير النظام

 

.. اصطنع قضية ثم قم باجراء انتخابات أو استفتاء من أجل أن ينقسم الثوريون الى فريقين

 

بعد ذلك يجب أن تتحالف سرا مع فريق من الثوريين ضد الفريق الآخر .. 

 

من الأفضل دائما أن تتحالف مع الفاشية الدينية ضد القوى الديمقراطية

.. الفاشيون حلفاء ممتازون لأنهم لايؤمنون بالديمقراطية وانما يستعملونها فقط للوصول الى السلطة . انهم يشعرون بأنهم يمتلكون وحدهم الحقيقة الكاملة وبالتالي يحتقرون المختلفين عنهم ولايعترفون بحقوقهم ، 

 

الفاشيون يشبهون جيشا منظما سيضع نفسه بالكامل تحت تصرفك

سوف يسحقون كل من يخالفك و سوف يؤيدون كل ما تفعله أو تقوله مادمت قد وعدتهم بالسلطة . هؤلاء الفاشيون الذين يتحدثون باسم الدين ويحرصون على أداء الصلوات في أوقاتها سوف يدهشونك بقدرتهم على الكذب والنفاق ،

 

سوف ينقضون العهد ويخونون الثورة بنفس البساطة التى تشعل بها أنت سيجارة

 

. اطلب من الفاشيين أن ينظموا مظاهرات ضخمة من أجل استعراض قوتهم

وعندما يشاهد المواطنون تشكيلاتهم العسكرية و وجوههم المتجهمة ويستمعون الى هتافاتهم العدوانية .. 

 

سيصاب الشعب بالفزع وسوف يتساءل كثيرون ان كانت الثورة التى أزاحت الديكتاتور تعتبر عملا صائبا .؟

 

في تلك اللحظة لابد أن تظهر مظاهرات مختلفة

.. مجموعات أعدتها أجهزة الأمن يقوم أثرياء النظام القديم بتمويلها وتركز عليها أجهزة الاعلام..

 

هؤلاء المتظاهرون الجدد يشيدون بالديكتاتور المخلوعويعتبرونه بطلا عظيما و يبكون أمام الكاميرات

 و هم يتذكرون ماحاق به من اهانات .

هكذا تتحول الثورة الى وجهة نظر تخالفها وجهة نظر أخرى. 

 

اذا نجحت في تنفيذ هذه الخطوات  , سيصبح الثوريون محاصرين من كل اتجاه :

الفاشيون يتوعدونهم ويعتدون عليهم

والناس العاديون يعتبرون أن المظاهرات التى يقومون بها هي السبب في الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن . 

 

عندئذ سيقل عدد الثوريين وسيعودون كما كانوا قبل الثورة  :.. قلة متحمسة لايتعاطف الناس معها كثيرا . 

 

 

 

خامسا :

 

حاصر الثوريين وشوه سمعتهم

 


 

بعد أن انصرف الناس العاديون عن الثورة وانقلب عليها الفاشيون ...

 

يجب أن تبدأ حملة واسعة منظمة من أجل تشويه سمعة الثوريين .. 

 

الأمر من أسهل ما يمكن فلديك أتباعك في الاعلام والشرطةو القضاء

.. من السهل تلفيق وثائق و صور ومستندات تؤكد أن هؤلاء الثوريين خونة و أنهم عملاء لقوى أجنبية دفعتهم للثورة

.يجب أن تسجل عشرات البرامج في التليفزيون   و تعقدعشرات الندوات من أجل مناقشة هذا الأمر الخطير .. 

 

هل كانت هذه الثورة وطنية فعلا أم أنها مدبرة من عناصر أجنبية ؟!

هل انتقمت الدول الاستعمارية من الديكتاتور المخلوع لأنه تمسك دائما باستقلال بلاده ..؟

 

بالطبع أنت تعرف أن المخلوع كان خائنا وعميلا لأكثر منجهاز مخابرات ... لكن للضرورة أحكام  !!

 

و في لحظة مناسبة سوف يعلن المتحدث باسمك أنك أمرت ب

تحقيق موسع لمعرفة حجم الدور الأجنبي في التخطيط للثورة ..؟ 

هل كان هناك أجانب يعطون تعليمات لأشخاص معينين في أيام الثورة ؟؟؟

 

سوف يؤيدك الفاشيون بقوة و سوف يكذبون لتشويه الثوريينلأنهم يريدون أن يتولوا الحكم وحدهم . 

 

سوف يصاب الناس العاديون باضطراب وكثيرون منهم سيصدقون أن هؤلاء الثوريين ما هم الا عملاء خونة .

 

سوف تضحك طويلا و أنت ترى شباب الثورة الذين كان ينظر اليهم منذ أسابيع قليلة باعتبارهم أبطالا قوميين .. تلاحقهم الآن في كل مكان نظرات الاستهجان واتهامات العمالة .. 

 

 

سادسا :

 

وجه ضربتك القاضية !!


 

انتظر حتى تسوء الأحوال الاقتصادية والأمنية بشدة

..عندئذ سيكون الناس العاديون قد انهارت معنوياتهم وبدءوا يكرهون الثورة فعلا ..

 

عندئذ .صارح الشعب بأن الأزمة طاحنة وأن الحالة ستزداد سوءا ثم اطلب من المواطنين أن ينقطعوا عن التظاهر والاعتصامات حتى تهدأ الأحوال وتدور عجلة الانتاج

 

بالطبع لن يقبل الثوريون التوقف عن التظاهر ..

انهم الآن يشعرون بأنك خدعتهم و سرقت الثورة

.. انهم يدركون أنك تظاهرت بحماية الثورة

لكنك في الواقع احتويتها وعطلتها عن تحقيق أهدافها

 

.. سينزل الثوريون بأعداد قليلة ويتظاهرون من جديد ويهتفون بسقوطك . . عندئذ ستكون نهايتهم .. 

 

. سيعتدى عليهم الفاشيون بكل شراسة رغبتهم في الحكم

أما الناس العاديون الذين يشعرون بالضياع والاحباط فسوف ينقضون عليهم وهم يلعنون الثورة .. 

 

سيحاول الثوريون شرح وجهة نظرهم ولكن بدون جدوى . لا أحد يريد أن يسمعهم

 

الفاشيون يتهمونهم بالخيانة وتنفيذ أجندات أجنبية

والناس العاديون يحملونهم مسئولية الفقر والبطالة والفوضى .. 

ابعث من يصور لك ما يحدث في الميادين

وعندما ترى الناس العاديين الذين كانوا يوما ما مستعدين للموت من أجل الثورة

.. يلعنون الثورة ويضربون الثوريين و يطاردونهم حتى يجلوهم عن الميادين,

عندئذ فقط تكون قد أتممت المهمة بنجاح

امنح نفسك أجازة أنت تستحقها

.احتفل وافخر بانجازك

. لقد نجحت في القضاء على الثورة  !!


ملحوظة :

خطرت لى فكرة هذا المقال وأنا أقرأ عن تاريخ الثورات في جمهورية جزر القمر

و بالتالي لاعلاقة للمقال بمايحدث الآن في مصر .. بتاتا 

 

. الديمقراطية هي الحل .. 

ينشر صباح الثلاثاء 2/8/2011

علاء الأسواني لـ "نيويورك تايمز": السيسي أمل الفلول الأخير كتبت ـ شيماء عمرو الإثنين, 16 يونيو 2014 18:15 قال الروائي علاء الأسواني، إنه يتعين على الرئيس عبدالفتاح السيسي ألا ينخدع بالتأييد الساحق الذي يحظي به "فهو ليس مطلقًا بل مشروطًا بامتثاله لإرادة الشعب المصري". ورأى أن "الثورة المصرية بالرغم من أنها تبدو وكأنها هزمت إلا أنها لم تسير في الاتجاه المعاكس؛ فلقد نجح الثوار في تحقيق تغييرات عميقة لا رجعة فيها في الفكر والسلوك الإنساني، فلقد حاربوا الخوف وتعلموا كيف يحددون مصير بلادهم ونجحوا في الإطاحة برئيسين في أقل من ثلاثة سنوات". وتابع في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن السيسي أمامه ثلاث خيارات إما استعادة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، أو ترسيخ حكم قومي ثوري استبدادي يحقق المساواة بين الأفراد، في الوقت الذي يحرمهم فيه من ممارسة حقوقهم السياسية، أو استغلال شعبيته الكاسحة وهو الخيار الأكثر صعوبة لترسيخ مبادئ الديموقراطية. وقال في مقاله المعنون: "خيارات السيسي: الأفضل والأسوأ"، إن حالة الفقر، والفوضى، وانعدام الأمن، والهجمات الإرهابية المتواصلة هي التي دفعت بالمصريين "لعبادة" السيسي بوصفه البطل الذي سينقذهم من محنتهم. واعترف الأسواني بأن "الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها القنوات المملوكة لفلول مبارك والتي تزعم بأن الثورة ما هي إلا مؤامرة أمريكية قد نجحت في التأثير علي الرأي العام؛ بالرغم من غياب الأدلة ليجد الثوار أنفسهم متهمين "بالخيانة". وقال إن "أنصار السيسي وهم يشكلون أغلبية المجتمع المصري فقدوا حماستهم للثورة فهم يرونها سببًا لجميع الأزمات التي حلت بهم". وأوضح أنه "يمكن للسيسي الاعتماد ليس فقط على مؤسسات الدولة؛ ولكن أيضًا الفلول الذين تمكنوا من جمع ثرواتهم خلال عهد مبارك؛ فأملهم الأخير هو أن يصبح الرئيس الجديد "مبارك جديد" يزيد من حجم ثرواتهم، ويعزز من نفوذهم". وإلى نص المقال: هناك نكتة يهودية قديمة تحكي عن رجل أراد مقابلة الحاخام  ليشكو إليه الرجل "لدي زوجة وخمسة أبناء ونعيش في حجرة صغيرة واحدة ولا أقدر عللا إعالتهم . من فضلك أدعوا لي الرب ليساعدني ." طلب الحاخام منه أن يعود إليه في اليوم التالي . وحينما عاد ، وجد الحاخام يحمل بين يديه ماعز . وقال له " إن الرب يأمرك بأن تأخذ تلك الماعز إلي بيتك " لقد تعجب مما قائله الحاخام . وبعد أسبوع أراد العودة إلي الحاخام ليشكو إليه الماعز ؛لكن الحاخام أوصاه بالتحلي بالصبر حتى يقضي الإله بشيء آخر . ومر أسبوع آخر ، وعاود الرجل الذهاب إلي الحاخام حينما نفذ صبره ." إن رائحة الماعز لا تطاق ، كما أنها حطمت أثاث الحجرة ، وآذت أطفالي، إنني أفضل الموت علي أن تظل تلك الماعز في حجرتي." . استعاد الحاخام الماعز مرة أخري. وبعد أسبوع، سأل الحاخام الرجل عن حاله فرد "مبتسمًا" :" لا نزال فقراء ولا تزال الحجرة صغيرة للغاية... إلا أن الحجرة رائعة للغاية بعد أن رحلت الماعز !" إن تلك النكتة ربما تسلطت الضوء علي ما يحدث في مصر . فالمصريون الذين تمردوا علي الرئيس حسني مبارك وأطاحوا به عاشوا ثلاث سنوات في ظروف أسوأ من تلك التي  ثاروا عليها . لقد تدهور الوضع الأمني ، والاقتصاد يعاني الركود ، وباتت الفوضى تهدد المجتمع المصري . ووفقًا للإحصاءات الحكومية ؛فإن معدلات البطالة قد ارتفعت إلي أكثر من 13% (وصلت إلي 3.7 مليون في الربع الأول من العام الجاري بعد أن كانت 2.4 مليون خلال الربع الأول من عام 2010 ).  ووجه تراجع أعداد السياح ضربة "ساحقة" إلي صناعة السياحة ؛إذ انخفضت عائداتها خلال الثلاثة أشهر الأولي لعام 2014 بنسبة بلغت 43% مقارنة بنفس الفترة لعام 2013 . أعداد أولئك الذين يعانون الفقر – أولئك الذين يعيشون بأقل من 500 دولار في العام وفقًا للإحصاءات الرسمية – قد ارتفعت نسبتهم من 21.6% لعام 2009 إلي 26.3 %  بحلول نهاية عام 2013 . إنَّ الملايين الذين يحتفلون بالانتصار الذي حققه وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي في سباق الانتخابات الرئاسية ،هم أنفسهم الذين احتفلوا في الشوارع بسقوط مبارك ، وهم الذين هتفوا لنجاح مرسي في الانتخابات الرئاسية لعام  2012 ، وخرجوا في تظاهرات في يونيو الماضي مطالبين بالإطاحة به . باختصار، لقد دفعت حالة الفقر، والفوضى وانعدام الأمن، والهجمات الإرهابية المتواصلة بالمصريين "لعبادة" السيسي بوصفه بطلاً يتطلعون لأن ينقذهم من محنتهم. خلال اللقاء العلني الأخير ، صرخت امرأة في وجه السيسي قائلة :" إنَّ اْبني هجم عليه رجال مسلحون في الشارع وقتلوه . لقد فقدت ولدي وكل ما أطلبه منك هو استعادة الأمن . الأمن فقط ." إنها مجرد مثال لملايين المصريين الذين يتوقون لاستعادة الأمن بأي ثمن . ولا يعنيهم عودة الدولة البوليسية أو التقارير الصادرة عن منظمات "حقوق الإنسان" التي تدين ما تقوم به السلطات من اعتقالات تعسفية وتعذيب المعتقلين. لقد فقد أنصار السيسي وهم يشكلون أغلبية المجتمع المصري "حماستهم" لثورة 25 من يناير التي يعتبرونها سببًا لجميع الأزمات التي حلت بهم بعد ذلك ، لقد أصبحوا مستهدفين من الحملة الإعلامية "الشرسة " التي تشنها القنوات التلفزيونية المملوكة للمقربين من الرئيس المخلوع مبارك والتي تزعم أنَّ التظاهرات التي شهدها  ميدان التحرير ما هي إلا مؤامرة أمريكية . وبالرغم من غياب الأدلة علي صحة هذا الزعم ؛ إلاَّ أنَّ حملة " التشوية " تلك نجحت في التأثير علي الرأي العام ؛ليجد الكثير من الثوار أنفسهم متهمين "بالخيانة" . يمكن للسيسي أيضًا الاعتماد علي دعم مؤسسات الدولة ، بالإضافة إلي دعم أولئك الذين تمكنوا من جمع ثرواتهم خلال عهد مبارك . فأملهم الأخير أن يكون السيسي "مبارك جديد" يزيد من حجم ثرواتهم ، ويعزز نفوذهم. وبالرغم من ذلك لا تزال جماعة " الإخوان المسلمين" متربصة علي المستوي السياسي ، فهي ترفض الاعتراف بأنَّ الشعب قد خرج للإطاحة بها من سُدة الحكم. فيفضل الإخوان العيش في كنف عالمهم الأيديولوجي الذي يري أنهم يشنون حربًا ضد أعداء الإسلام. وهناك الثوار الذين يرفضون السيسي وديكتاتوريته حتى وإن كانت ستستعيد دولة القانون والنظام. وحتى الآن، لا تزال نسبة المعارضين للسيسي ضعيفة. إذنْ، يمكننا طرح سؤال هل الثورة المصرية اْنحرفت، بالفعل، عن مسارها؟ الإجابة هي أنَّه ربما هُزمت الثورات؛ لكنها لم تسير في الاتجاه المعاكس؛ لأن الثوار استطاعوا تحقيق تغييرات عميقة لا رجعة فيها في الفكر والسلوك الإنساني. لقد حارب المصريون الخوف، وتعلموا كيف يحددون مصير بلادهم.لقد نجحوا في الإطاحة برئيسين في أقل من ثلاث سنوات. إنَّ التأييد الساحق الذي يحظي به السيسي الآن ، ليس "مطلق" ولكنه مشروط بتحقيقه ما يريده المصريون . إنَّ الرئيس الحالي أمامه ثلاث خيارات. أولها أنه يمكنه استعادة النظام القديم، ويحمي المسؤولين الفاسدين ويستمر في السير علي نهج سياسات مبارك المعتمدة علي القمع والكسب غير المشروع. إن الرهان بالنسبة للسيسي سيكون عما إذا كان المصريون الذين تحملوا مثل هذا الشكل من الحكم الذي دام ثلاثة عقود، ستكون لديهم الرغبة للخروج ضده مرة أخرى. المسار الثاني هو ترسيخ نظام حكم قومي ثوري استبدادي كالذي كان سائدًا في الدول العربية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي،في ظل حاكم يحقق المساواة بين أفراد الشعب في الوقت الذي يحرمهم فيه من ممارسة حقوقهم السياسية .لقد كشف التاريخ عن أنه حتى الديكتاتور "حسن النية" ينتهي به الحال إلي جر بلادهم نحو "كارثة"، فإنجازاته محفوفة بالطغيان. أما الخيار الثالث وهو الأكثر صعوبة فينبغي علي السيسي استغلال شعبيته الكاسحة في تحقيق جهد حقيقي للقضاء علي الفساد ، يثمر عن فرض الضرائب التصاعدية، والحد من الفقر . وفي الوقت نفسه ، يتعين عليه ضمان الحريات الشخصية ،ووضع نهاية للاعتقالات ، والتعذيب ، ويعمل علي احترام الدستور  والقانون . قريبًا سنري أي الخيارات سيتبناها السيسي. http://www.nytimes.com/2014/06/16/opinion/alaa-al-aswany-sisis-choices-good-and-bad.html?hp&rref=opinion&_r=0 Sisi's Choices: Good and Bad 
=mobile

ليست هناك تعليقات:

قران كريم