السبت، 31 ديسمبر 2011

كليب علي الحجار اغنية ضحكة المساجين - الأبنودي - يوتيوب الفراعنة

كليب علي الحجار اغنية ضحكة المساجين - الأبنودي - يوتيوب الفراعنة

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

عايدة الأيوبى على نجومى

عايدة الأيوبى على نجومى

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

تحميل اغنية عايدة الايوبي و كاريوكي يا الميدان mp3 بدون تسجيل او اشتراك ~ ZiadArwady

تحميل اغنية عايدة الايوبي و كاريوكي يا الميدان mp3 بدون تسجيل او اشتراك ~ ZiadArwady

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

رجال مبارك لسه بيحكموا

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com 
maboeleneen@yahoo.com
مازال هناك ناس لم تشعر او ترى ما حدث فى مصر من ثورة اشاد بها العالم بأيدى شباب طاهر جلب الحرية للمصريين بعد استعباد بواسطة رجال فقدوا كل انواع الانسانية عاشوا على مص دماء الشعب المصرى ادخل على مدونتى تجد الكثير
الهم انتقم من كل ظالم وكل من ساعد على الظلم
عد تحريضه على المتظاهرين.."كاطو" صاحب تصريحات أفران هتلر أمام المحكمة أول فبراير
أقامت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان  ومؤسسة حرية الفكر والتعبير اليوم, دعوي قضائية أمام محكمة جنح مدينة نصر ضد عبد المنعم كاطو “اللواء المتقاعد”, علي خلفية تصريحاته الصحفية التي حملت تحريض ضد المتظاهرين وتضمنت سب وقذف في حقهم  وبث خطاب الكراهية ، وقد حددت المحكمة جلسة 1 فبراير 2012 لنظر القضية.
وكانت جريدة الشروق المصرية قد نشرت في عددها الصادر  يوم الاثنين 19 ديسمبر 2011 تصريحات غير مسئولة  لهذا اللواء ، تضمنت تحريض على قتل المتظاهرين وذلك بقوله “أنتوا خايفين علي ولد صايع لابد أن يوضع في أفران هتلر” وهو التصريح الذي اعتبرته الشبكة  العربية  ومؤسسة حرية الفكر ، والالاف من المواطنين المصريين تحريضا علي استخدام العنف ، فضلا عن سب وقذف للمتظاهرين ووصفهم “بالصيع” كما احتوت التصريحات نفسها  اتهامات للإعلام بالديكتاتورية والعمالة وحمايته للمجرمين وذلك علي أحداث الإعتداء علي المتظاهرين وسحلهم في ميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء ، والتي بدأت منذ يوم 17 ديسمبر 2011
وردا على الحملة التي بدئتها الشبكة العربية للمطالبة بعقاب هذا اللواء الذي يحرض على حرق الشباب المصري في ” أفران هتلر”  قام اللواء كاطو اليوم مرة أخرى بتأكيد رغبته في إستخدام أفران هتلر ، ولكن ضد شاب وصفه بقوله ” الشاب الذى كان يرتدى تى شيرت أحمر ويرقص فرحا بعدما أشعل النار فى المجمع العلمى» !! طبقا لما جاء بتصريحه اليوم لجريدة الشروق ، وهو ما يؤكد النزعة النازية التي يجب أن يعاقب عليها ، لان المحاكمة العادلة يجب أن تكون هي مصير أي مواطن يخالف القانون ، وليس الحرق في أفران هتلر.
 وقد طالبت الشبكة العربية ومؤسسة حرية الفكر والتعبير بمحاكمة كاطو بموجب قانون العقوبات,طبقا للمادة 171 التي تقضي معاقبة كل من أغري بارتكاب جناية او جنحه علي اعتباره شريكا في فعلها وذلك عن طريق القول بأي طريقة من طرق التعبير وإن لم تتم الجريمة يتم محاسبته علي الشروع فيه, و المادة172 فقد اوجبت معاقبة كل من حرض علي ارتكاب جنايات القتل او النهب أو الحرق بالحبس  ، والمادة176 قد اوجبت عقوبة الحبس علي كل من حرض علي التمييز ضد طائفة من طوائف المجتمع وهي الجريمة التي ارتكبها كاطو حين ذكر ان المصريين الشرفاء يتهمون وسائل الاعلام بالديكتاتورية والعمالة وهو تصنيف طائفي ضد وسائل الإعلام لإعتباره العاملين فيها ليسوا من المواطنين الشرفاء.
فضلا عن   المادة1\302 من نفس القانون ، وتلك المواد تجعل كاطو معرضا لعقوبة الحبس والغرامة علي خلفية تلك التصريحات الغير مسئولة.
وقالت المؤسستان الحقوقيتان “لقد إنتظرنا أن يحرك المجلس العسكري ساكنا وأن يقوم بمحاسبة كاطو علي تلك الجرائم الا انه أكتفي بنشر بيانه رقم 93 لينفي مسئوليته عن تصريحات ما اسماهم بالمعلقين السياسيين والأستراتيجيين ، فقمنا برفع دعوي مباشرة لآن مثل هذه التصريحات الخطيرة لا يجب ان يفلت صاحبها من العقاب ، خاصة وأن حياة المصريين وكرامتهم لا يجب العودة للإستهانة بهما عقب ثورة 25 يناير التي قامت من أجل حماية كرامة المصريين ، وليس حرقهم في أفران هتلر”.
وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان  ومؤسسة حرية الفكر والتعبير في دعواهما بتوقيع اقصي عقوبة ضد عبد المنعم كاطو ليكون عبرة لغيره من المحرضين حتي لا يستمر نهج الافلات من العقاب ، سواء قبل الثورة أو بعدها ، لا سيما ,ان هذا اللواء المتقاعد بات مواطنا مدنيا لا تشمله القوانين العسكرية التي تحمي بعض العسكريين من المحاكمة المدنية.
وأضافت المؤسستان الحقوقيتان ” قمنا برفع القضية بإسماء ” الطالب محمد الطاهر ، والمدون وائل عباس ، والمحاميان جمال عيد وعماد مبارك ، تجنبا لأي حملة انتقامية قد يتعرض لها أي من عشرات المواطنين والشباب الذين أعربوا عن رغبتهم أن ترفع القضية باسمائم ، لتسير جنبا الى جنب مع حملة التوقيعات التي شارك بها نحو خمسة ألاف مواطن للمطالبة بمحاكمة كاطو والعمل على ألا يفلت من العقاب”

مقالات بلال فضل

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com



بلال فضل يكتب: رد الاعتبار لأبطال«محمد محمود»
يدعو المعتصمون جميع المصريين للمشاركة بميدان التحرير يوم الجمعة 2 ديسمبر فى تأبين شهدائنا، شهداء شارع محمد محمود، وكل شهدائنا فى المعركة ضد حكم العسكر، ابتداءً من ٢٦ فبراير، مرورا بماسبيرو، وحتى الآن.

كانت نتيجة سقوط شهداء الثورة فى يناير وفبراير، حبس حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق. أما اليوم، وقد قتلت الداخلية والقوات المسلحة أعدادا من شبابنا، فى عصر يفترض فيه أنه عصر الثورة، لم نر أى مسؤول تم حسابه أو عقابه. لم يُحبَس وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى، بل تم تهريب الضابط محمد صبحى الشناوى، الذى صورته الكاميرات يحتفل مع جنوده بإصابة عيون الثوار -تم حبس الضابط لاحقا 4 أيام على ذمة التحقيق.

دماء الشهداء تطالب بمحاكمة كل المتورطين فى هذه المذبحة سواء من الجيش أو الشرطة، وتطالب برد الاعتبار إلى هؤلاء الأبطال -الذين لم ينالوا ما يليق بهم من الاحتفاء حتى اليوم.

ولذا أطلقنا على الجمعة القادمة جمعة رد الاعتبار لأبطال «محمد محمود».

التحرير لا يرى اختلافا أو فرقا بين المشاركة فى الانتخابات والمشاركة فى تأبين الشهداء، فهم ليسوا شهداء التحرير بل شهداء مصر كلها. انضموا إلينا يوم الجمعة وشاركوا فى تأبين الشباب الذى دفع حياته فداء لمصر.

نرجو ارتداء ملابس الحداد.

فعاليات اليوم:

من ١-٤ العزاء فى سرادق بالميدان أمام شارع محمد محمود.

من ٤-٦ مسيرة بالنعوش الرمزية.

من ٦ مساء احتفالية التأبين مع كلمات من أهالى الشهداء.

الموقعون:

1- حزب التحالف الشعبى الاشتراكى.

2- الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية.

3- اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة.

4- الاشتراكيون الثوريون.

5- حزب العمال الديمقراطى.

6- الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.

7- حملة دعم البرادعى.

8- ائتلاف شباب الثورة.

9- ائتلاف ثورة اللوتس.

10- شباب حزب الجبهة.

11- رابطة شباب الثورة التقدمى.

12- حركة المصرى الحر.

13- حركة مشاركة.

14- حركة بداية.

15- تيار الاستقلال الوطنى.

16- تكتل شباب السويس.

17- حركة شباب من أجل العدالة والحرية.

18- حركة 6 أبريل الجبهة الديمقراطية.

19- ائتلاف الثورة الديمقراطى بقنا.

20- ائتلاف ثورة 25 يناير بالصعيد.

21- ائتلاف ثورة 25 يناير بالأقصر.

22- ائتلاف الثورة الديمقراطى بأسوان.

23- اتحاد شباب ماسبيرو.
بلال فضل يكتب: الشعب يريد
كلما سألنى أحد عن رأيى فى «الهرتك» السياسى الضارب أطنابه فى عموم البلاد، أتذكر هذا المقال الذى نشرته قبل نحو ثلاثة أشهر، والذى أتمنى أن يساعد على تذكير البعض باختراع توصل إليه إنسان العصر الحديث الذى عرف أيضا الميادين والثورات والظلم والقمع، ثم اكتشف أن حل الكثير من مشكلاته لن يكون ممكنا إلا بذلك الاختراع الخشبى حينا والزجاجى أحيانا أخرى: صندوق الانتخابات. أتركك للمقال لعل فى إعادته إفادة لك اليوم وغدا.
«ما أجملها من ثورة بلا قائد. رأيى ولا ألزم به أحدا، لم يكن ممكنا أن يكتمل جمال الثورة المصرية وتزيد عظمتها إلا لأنها ثورة بلا قائد، ولذلك فهى تستحق وصف الثورة الشعبية بامتياز لا تستحقه الكثير من الثورات، هى ثورة قادها أحرار الشعب المصرى وهم وحدهم أصحاب الحق فى الحديث باسمها وتقرير مصيرها، هل كنا سنفرح لو ارتبطت هذه الثورة بقائد فأصبحت منسوبة إليه وأصبحت عرضة للانكسار إذا انكسر لسبب أو لآخر مثلما حدث فى الثورة العرابية، هل كنا سنفرح لو تعلق الناس بقائد يقولون إن الاحتلال على يده خير من الاستقلال على يد غيره مثلما حدث عقب ثورة 19 مع سعد زغلول، الذى دخلت مصر متاهة من الانقسامات عقب رحيله، هل كنا نريد لثورتنا أن يكون لها قائد يتحول إلى حاكم فرد مثل عبد الناصر، مع أنها قامت أصلا لكى يسقط حكم الفرد، هل أنت مقتنع أن الثورة المصرية كان يمكن أن تفرز مجلسا لقيادتها يضم كل التيارات الشعبية التى شاركت فيها وينجح ذلك المجلس فى حكم البلاد، إذا كنت مقتنعا فأنا لست كذلك، ربما لأننى أعرف الكثير من هؤلاء الذين تتردد أسماؤهم فى المجالس المقترحة لحكم البلاد، وأسأل الله للبلاد ولهم السلامة من أن تتحول تلك الاقتراحات إلى حقيقة، وربما لأننى أؤمن بأنه لا يصح أن يفرض أحد نفسه على الشعب إلا عبر صناديق الانتخابات.
ما إن تأتى سيرة صناديق الانتخابات حتى تتكرر مقولات باتت محفوظة من فرط ما رددها بعض الذين يخافون على الشعب من ممارسة حقه «أصل لازم الأول نطهر القضاء والداخلية عشان يبقى فى انتخابات»، كلام جميل ورائع لكنه ليس عمليا ويؤدى بالبلاد إلى الوقوع فى خطر استمرار حكم العسكر، هو كلام ينسى قائلوه أن مبارك رغم سيطرته على القضاء والأمن والإعلام وكل ما فى مصر، كان يفشل فى حسم الانتخابات لمصلحة حزبه من أول جولة، بل كان يلجأ إلى أسفل وأسوأ وقائع التزوير التى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتكرر إلا إذا كنت تعتقد أن الثورة أصلا لم تقم من أساسه. بصراحة لم أفهم حتى الآن معنى أن يهتف شخص من أعماق قلبه أن الشعب يريد، ثم عندما تطالبه بأن يترك الشعب يريد، يبدأ فى تعداد الأسباب التى تعنى أن الشعب مغيب ومن السهل الضحك عليه وتغييب إرادته. لنفرض يا سيدى أن الشعب أراد اختيار فلول الوطنى كما يقول البعض، من أنت لكى تمنعه وتفرض عليه إرادتك؟ ليس لديك عند الشعب أكثر من أن تعرض عليه وجهة نظرك وتوريه جمال أفكارك وتقنعه بأنك ستحل له مشاكله وستجعل مصر أكثر تقدما ورقيا وعدالة، أما أن تصل بك البجاحة إلى أن تفرض عليه أن يختارك أنت دون غيرك، فهذا أمر ليس من حقك، حتى لو لم تكن قد شاركت فى الثورة فقط، بل لو كنت قد شاركت فى الفتوحات الإسلامية.
عندما تفتح سيرة الانتخابات يسألك البعض: يا عم وهو لو الانتخابات اتعملت ونجح الإسلاميون المتطرفون هنشوف ديمقراطية تانى؟ فى العادة ينتمى هؤلاء إلى أنصار مدرسة المبادئ الحاكمة للدستور، التى لا أدرى من أقنع مؤيديها أن الشعب المصرى لو اختار التطرف مثلا يمكن لأحد أن يقف ضده، للأسف هؤلاء يريدون أن يريحوا أنفسهم بفرض آراء فوقية على الناس دون النضال من أجلها، يريدون أن يسقوا الشعب آراءهم بمعالق سلطوية، دون أن يدفعوا ثمنا باهظا لذلك، كالذى دفعه الذين أرادوا لشعوبهم أن تؤمن بالعقل والتنوير وحرية الفكر. أنا من الذين يؤمنون بأن الشعب المصرى معتدل بطبيعته، وليس للتطرف مستقبل حقيقى فى مصر رغم كل الظواهر التى تقلق البعض، لن تستطيع أن تنزع من المصريين تدينهم ولا وسطيتهم، فقد حاول كثيرون ذلك من قبل وفشلوا، وإذا كان هناك من يمكن تحميله مسؤولية انتشار التطرف فى مصر الآن فهو نظام مبارك الذى أدرك أهمية ذلك من أجل إبقاء حكمه قويا راسخا، وإذا كان هناك من يتصور أن القضاء على التطرف سيكون بوضع كام مادة فى الدستور، فأظنه غارقا فى وهم أتمنى له أن يفيق منه، لأن القضاء على التطرف يكون بالعدل والتنمية وصراع الأفكار، نعم يمكن أن يحتل مقاعد السلطة أناس متطرفون يسعون إلى مصادرة حقوق الناس وحرياتهم ويسعون إلى البقاء فى السلطة إلى الأبد، لكن من قال لك إن أحرار المصريين سيسكتون، قالها الأخوان رحبانى من قبل «لا تخافوا.. ما فى حبوس تساع كل الناس»، سنثور ضد هؤلاء كما ثرنا ضد مبارك، وستنتصر إرادة الأحرار على الخوف والقهر، أتعجب كيف يخاف من القهر من شارك لتوه فى ثورة عظيمة ورأى كيف تنتصر إرادة الشعوب على من يقهرها أيا كانت قوته.
لقد كشفت الأشهر الماضية أن مبارك لم يكن شخصا، بل كان حالة عقلية تلبست مؤيديه وبعضا من معارضيه، كان مبارك يظن أنه الوحيد الذى يعرف مصلحة الشعب، وأنه الذى يحمى الشعب من نفسه ومن إمكانية أن يسىء الاختيار، وقد نجح فى توظيف هذه الأكذوبة داخليا وخارجيا لكى يحقق لنفسه ولأسرته ورجاله حلم الثراء والبقاء الطويل فى السلطة، هذه الأكذوبة قهرتها كلمتان رائعتان اقتبسهما شاب تونسى ما من بيت لشاعر تونسى عظيم، «الشعب يريد..»، ومنذ أن رأيت فاعلية هاتين الكلمتين وسحرهما فى تغيير الواقع المتبلد الكئيب، عاهدت نفسى أن أحترم إرادة الشعب ولا أتحدث باسمه حتى لو كنت أظن أن رأيى أكثر صوابا وحكمة.
نعم، لم يعد لدى أمل فى أن المجلس العسكرى سيحقق للثورة المصرية كامل مطالبها لأنه لو كان يريد ذلك لفعله، هو اختار أن يكون متحفظا وبطيئا وعقيما، وهذا شأنه، لأنك لن تستطيع أن تجبر أحدا على أن يدخل صفحات التاريخ المشرقة بالعافية، أحيانا أقول لنفسى ربما كان الله يحبنا لأن ذلك حدث لكى لا يستحلى العسكر السلطة، وأحيانا أسأل نفسى: طيب كل ده كان ليه؟ أتفهم حنق الكثيرين وغضبهم العاصف الذى يجعلهم يطلقون دعوات منفلتة طائشة، لكننى لا أرى حتى الآن أن هناك وسيلة مضمونة غير الانتخابات أيا كانت تفاصيلها لإنهاء حكم العسكر، ومنح مصر الفرصة التى تستحقها فى حكم مدنى منتخب لم تشهده طيلة تاريخها، وقد يرى غيرى العكس، لكن لا أنا ولا هم سيقررون، الشعب هو الذى سيريد، والشعب عندما يريد، انسى يا معلم».
بلال فضل يكتب: اركب مع الثورة!
كتبت مرة على تويتر: «بعض النشطاء يقيمون موقف الشعب من الثورة بناء على سائقى التاكسى الذين يركبون معهم فيتضح أنهم مؤيدون للثورة بحماس، وينسون أن لدى سائقى التاكسى موهبة فى تقييف الآراء حسب رغبة الزبون تنافس موهبة فتحى سرور فى ذلك»، وبعدها قرأت تعليقا ألطف كتب قائله: «يغيظنى بشدة النشطاء الذين يكتبون أنهم مندهشون لأنهم ركبوا مع سائق تاكسى ولم يقل أى رأى عن الثورة». عن نفسى لست من المتحمسين لتقييم موقف الشارع من الثورة بناء على آراء سائقى التاكسى، ليس لأننى أتخذ موقفا سلبيا منهم، بل لأننى لم أعد أركب التاكسى كثيرا منذ أصبح لدىّ عربية. يعتقد البعض أن ظاهرة انشغال سائقى التاكسى بالهمّ السياسى ظاهرة محلية بحتة، والحقيقة أنها ظاهرة عالمية تؤرق كل ركاب التاكسى فى شتى بلاد الدنيا، هناك عبارة شهيرة للكوميدى الأمريكى جورج بيرنز تقول: «من المؤسف أن كل من لديهم خطط رائعة لحكم البلاد مشغولون بالعمل كسائقى تاكسى أو حلاقين»، لكن للأمانة كلما تصادف أن ركبت مع سائق تاكسى بسبب ظروف تخص سيارتى، وجدت لديه وجهة نظر تستحق التأمل، أو وجدته مشغل الكاسيت بصوت عالٍ يعفينى من تأمل أى وجهة نظر له.

نادرا ما أركب مع سائق تاكسى وأجده يتعرف على شخصى الكريم، وهو ما يشى بانشغال غالبية السائقين فى لقمة العيش بعيدا عن صخب الفضائيات، وهو أمر كان يمكن أن يكفل لهم نقاء وجدانيا وبراءة سياسية تجعلهم مصدرا رائعا للحكمة، لكنهم للأسف يمتلكون حصيلة معرفية فتاكة تعتمد على سلاح الدمار الشامل المعروف باسم «ركب معايا واحد وقال لى»، عقب خلع مبارك ركبت مع سائق تاكسى قال لى إن أحد أعضاء المجلس العسكرى ركب معه وقال له إن مبارك سيعود للحكم الشهر القادم بعد ما نلمّ كل العيال اللى عاملة قلق فى التحرير، لم أسخر من كلامه لأنه كان فظا غليظ القلب فانفضضت من نقاشه وسألته فقط: هوّ انت شفت شكله قبل كده فى التليفزيون مع بتوع المجلس العسكرى؟ فردّ بجدية: وهو أنا يا بيه فاضى للتليفزيون زيكو؟ أنا راجل باشقى على لقمة عيشى. تجاهلت اللمزة البادية فى كلامه وسألته: طيب هل كان لابس بدلة جيش عليها رتبة لواء؟ رد بتلقائية: لا الصراحة هو كان لابس ترينج. تجاهلت البلاهة الطافحة من إجابته وسألته: ممكن كان رايح نادى من بتوع الجيش وعشان كده نازل بالترينج، يبقى أكيد قال لك بنفسه إنه عضو فى المجلس العسكرى. قال لى: بصراحة الكدب خيبة، بس هو شكله راجل ليه هيبة، جاله تليفون وكان عمال يقول للى بيكلمه: أنا جاى من المجلس حالا.. قعدنا كتير فى المجلس.. هاروح بكره اجتماع المجلس… هوّ يا بيه فيه مجالس شغالة اليومين دول فى البلد غير المجلس العسكرى؟ مت من الضحك يومها، وظللت أروى الواقعة كثيرا لأصدقائى متندرا، قبل أن أحكيها منذ شهر تقريبا بوصفها خبرا جادا، بل وأسأل نفسى الآن: يا ترى من كان عضو المجلس الذى ركب مع السواق إياه؟

بالأمس كان لدى مشاوير متعددة منذ الصباح الباكر، ركبت من أجلها أكثر من خمسة تاكسيات، ثلاثة منها كان بها زبائن يكرهون الثورة، وركاب الاثنين الباقيين كانوا يكرهون الثورة ويكرهون أنفسهم أيضا، لو كنت من هواة الاستسهال الثورى لوصفت التاكسيات الخمسة التى ركبتها بأنها ليست سوى لجان إلكترونية متنقلة بين أحياء القاهرة أو غرف عمليات للثورة المضادة. لى صديق يعتقد جادا غير هازل أن رجال أعمال تابعين للحزب الوطنى يمتلكون ثلاثة أرباع تاكسيات المدن الكبرى وبيجوهات الأرياف، وأنهم يقومون بدفع مرتبات آلاف الركاب الذين يركبون الأوتوبيسات والميكروباصات بانتظام، ويتكبدون مبالغ طائلة فى سبيل نشر دعاية مضادة للثورة، بينما الحقيقة أن ما يقوله أغلب راكبى المواصلات ورواد المقاهى وساكنى الكنب من كلام مضاد للثورة وكاره لها ليس سوى حاصل جمع فشل سياسات المجلس العسكرى وعناده الذى يتصور أنه يدمر به الثورة بينما هو فى حقيقة الأمر يضع الوطن كله فى مهبّ الريح نفسه، زائد نتائج مقلب عصام شرف وحكومة الخُشُب المسنَّدة التى أضيفت على فاتورة الثورة وستظل الثورة تحاسَب عليه كلما جاء مرشح جديد لخلافته واعترض الثوار عليه، زائد طيش وعصبية بعض الوجوه الثورية التى لا تعى أن دفاعك عن قضية نبيلة لا يكفى لكى تكسبها، بل لا بد أن تكون هادئا وذكيا ومطمْئنا للناس، وإذا أضفت إلى كل هذا خليطا إعلاميا لا يقول أغلبه للمجلس العسكرى إنت أعور فى عينه، ويقوم بعضه بمداعبة غريزة الخوف لدى الناس على طريقة أفلام الرعب، ولا ينشر كله الأمل والتفاؤل والطاقة الإيجابية بين الناس، عندما يتوفر كل ذلك، فأنت لا تحتاج إلى أن تدفع مليما من أجل أن يقوم سائقو التاكسى وركاب الميكروباصات بتشويه الثورة.

بصراحة لو كان خلق رأى عام لا يناهض الثورة يتوقف على سائقى التاكسى، لكان الحل أن يلجأ ائتلاف شباب الثورة إلى رجل الأعمال الثورى ممدوح حمزة لكى يشترى خط تاكسيات يسميه «تاكسى الثورة» ويتم تشغيله فى شوارع المدن الكبرى بأسعار رمزية ويقوده قادة الائتلاف ويركب إلى جوارهم أعضاء الائتلاف لكى يحببوا الناس فى الثورة. طيب والله العظيم فكرة تستحق الدراسة بل والاكتتاب الشعبى إسهاما فى تجديد الدماء فى شرايين الثورة المرهقة التى انتصرت ثم توهجت ثانية بفعل غباء أعدائها ولن يجعلها تنتصر تماما سوى غبائهم أيضا، وللأسف لن يجيب لها الكافية سوى غباء بعض أنصارها. بصراحة إذا كان لدينا مجلس عسكرى مصمم على أن يمارس مع نفسه ومع البلاد بأكملها لعبة الروليت الروسى بإصراره على العناد وعدم التغيير واستمتاعه بلعبة الاستقطاب وعدم الحسم التى تكفل له انتشار حالة الفزع بحيث يبقى هو طوق النجاة الوحيد فى نظر الملايين، وإذا كان لدينا إعلام يعتمد على «إنديكس» الموبايلات التى يمتلكها مئة معد برامج هم الذين يشكلون خريطة الرأى العام فى مصر، وإذا كان لدينا تيارات إسلامية تظن أن الشريعة الإسلامية يمكن أن يتم تطبيقها بالصمت على الظلم مع أن الشريعة فى جوهرها انحياز ضد المحاكمات العسكرية واختبارات كشف العذرية وإسناد الأمر إلى غير أهله، وإذا كان لدينا نخبة مهترئة تظن أن الحريات العامة والخاصة يمكن أن يتم تحققها دون الحاجة إلى معارك فكرية وثقافية وتربوية طويلة الأجل، فبصراحة اقتراح «تاكسى الثورة» أجدع وأكثر فاعلية وأسهل تنفيذا، على الأقل الركوب مع الثورة أرحم من ركوب الثورة ذات نفسها.
بلال فضل يكتب: قلمين
آن الأوان ترحلى يا دولة العواجيز.. عشان نجيب دولة أعجز.
لوجه الله: لو أراد المجلس العسكرى أن يحل أزمته مع الثوار المعتصمين فى ميادين التحرير، أنصحه بالتفاوض مع لجنة مكونة من سجين الثورة علاء عبد الفتاح والدكتور أحمد حرارة الذى فقد عينيه، ومالك مصطفى الذى فقد عينه اليمنى ووالدة شهيد الإسكندرية بهاء السنوسى وشقيقة شهيد ماسبيرو مينا دانيال وضحية اختبارات كشف العذرية سميرة إبراهيم، وأنا أضمن للمجلس أن كل من فى ميادين التحرير سيفوضون هؤلاء للحديث باسمهم، وأتحدى من يثبت العكس.
تغيرت مصر كثيرا بفضل المجلس العسكرى، فبفضل إدارته الحكيمة للبلاد أصبحت المصطلحات العسكرية جزءا من حياتنا، وأصبح أبناؤنا الصغار الذين كانوا يحفظون شعار «الجيش والشعب إيد واحدة» يحفظون الآن مصطلحات عسكرية من نوعية «حرب شوارع، مستشفى ميدانى، تجدد الاشتباكات، انهيار الهدنة على خطوط التماس، تزايد عدد القتلى والمصابين، هدوء حذر يسود المنطقة، سواتر خرسانية لفض الاشتباكات، غاز مجهول يسبب تشنجات عصبية»، ولذلك نسأله الرحيلا لكى تتوقف علاقة أطفالنا بالمصطلحات الحربية عند هذا الحد ويعودوا بعد عودة جيشنا العظيم إلى ثكناته للهتاف من جديد «الجيش والشعب إيد واحدة».
كان هناك أناس يصدقون شعار حزب الحرية والعدالة ذراع جماعة الإخوان المسلمين، «نحمل الخير لمصر»، لكن مواقف الإخوان المخزية والمرتبكة طيلة الأسبوع الماضى أثبتت أن «الحمل» كاذب. هل هناك فرص قادمة أمام الإخوان لحمل خير حقيقى؟ دى حاجات بتاعة ربنا، لكن الأمل قائم فى رجال مثل الدكتور محمد البلتاجى والأستاذ كمال الهلباوى وشباب الإخوان الذين يدينون بالسمع والطاعة لمصر.
وسط أنهار الدماء التى سالت طيلة الأسبوع الماضى لمعت بوارق أمل عديدة أضاءت عتمة الوطن: انتهى عصر كسر إرادة الإنسان المصرى أمام أى سلطة مهما كان تسليحها. علاء عبد الفتاح انتصر ونال حق الوقوف أمام قاضيه الطبيعى، وعقبال كل المدنيين لو تعلموا منه الأمل والكفاح والإصرار. أخيرا عاد مشايخ الأزهر ليلعبوا دورا مشرفا فى الشارع، اكتشف الكثيرون حقيقة من يرفع شعارات إسلامية بينما يتخذ قرارات أبعد ما تكون عن مقاصد الشريعة الإسلامية التى تبدأ بحفظ النفس، عرف الناس أن الطاغية محمد محمود صاحب وزارة اليد الحديدية، لا يستحق أن تطلق عليه اسم شارع مهم فى وسط البلد، وبدؤوا يبحثون عن تاريخ أسماء جميع الشوارع التى ضربهم فيها الأمن المركزى لتحمل أسماء أبطالهم الحقيقيين.
سؤال لشيوخ السلفية: ألا يستحق اعتداء بعض ضباط وجنود الداخلية على عرض صحفية مصرية هى الأستاذة منى الطحاوى غضبة منكم لشرفها، أم أن فرصة تضامنكم معها فاتت لأنها مثلا لم تكن منقبة، وإذا كانت الفرصة لا تزال قائمة لو وعدتكم بالنقاب، هل نراكم قريبا فى مسيرة أمام وزارة الداخلية ترفع شعار «عايز حق أختى منى»؟ مجرد سؤال والله.
مشاركة ممثل رسمى عن الأزهر فى مليونية أمس خطوة متقدمة على طريق استقلال الأزهر الذى لن يكتمل إلا عندما نرى شيخ الأزهر يصلى بالمتظاهرين دائما الجمعة، لكى نوقن عندها أن الأزهر عاد مكتملا لمصر.
شاهدت الكلمة التى وجهها الدكتور عصام شرف رئيس حكومة الخُشُب المُسنّدة لكاميرات التليفزيون فور نجاح عملية فصله عن كرسى رئاسة الوزراء، وشعرت أن ملامحه التائهة وهو يسأل الكاميرات «هو فى إيه.. أنا مش عارف إيه اللى حصل»، لخصت حال مصر طيلة الأشهر الماضية، أعرف أن بعض المحبين للدكتور عصام يروجون لنظرية أنه كان ضحية، وأعتقد بوصفى محبا سابقا له أن ذلك ليس صحيحا، وإلا فليثبت لنا العكس بأن يحكى للشعب الضغوط التى مورست عليه من المجلس العسكرى، ولماذا قبلها ولم يحقق ما وعد به بأن يعود إلى ميدان التحرير إذا لم يتمكن من تحقيق أهداف الثورة، المصارحة الآن هى الحل، ليس فقط من أجل التكفير عن خطايا الماضى بل من أجل مساعدة الشعب على مواجهة تحديات المستقبل، فهل يفعلها الدكتور عصام ويتكلم؟ لننتظر ونرى.
أتمنى أن تقوم جهة ما بتوثيق أسماء كل أبطال المستشفيات الميدانية فى التحرير وما حوله من أطباء وممرضين ومعاونين ومسعفين، بالإضافة إلى سائقى موتوسيكلات الإسعاف، تلك الظاهرة المصرية الفريدة، لا بد من تكريم هؤلاء الأبطال جميعا بعد أن تنتصر الموجة الثانية من الثورة، خصوصا وقد نسيت الموجة الأولى من الثورة تكريمهم، مع خالص الأمل أن لا تلجأ الثورة إليهم بعد ذلك أبدا، قادر يا كريم.
سبحان الله، الأغنية التى عملها العبقرى كمال الطويل والفنان الجميل محمد نوح لحزب الوفد فى الثمانينيات لسه عايشة، بينما الحزب نفسه قتله رئيسه السيد البدوى. بالمناسبة طالب البعض بتطبيق قانون العزل السياسى على رؤساء أحزاب النظام البائد مثل البدوى ورفعت السعيد. عن نفسى أرفض ذلك بشدة وأطالب بتطبيق عقوبة مبتكرة، هى حبسهم جميعا فى غرفة مظلمة وتشغيل أغنية «قلبك مع مين الوفد الوفد» باستمرار، حتى يوقعوا على إقرارات باعتزال الحياة السياسية للأبد.
آه، افتكرت صحيح، فى المرة القادمة التى نلعب فيها مع البرازيل يجب أن نرفع دعوى فى القضاء الإدارى لعزل لعيبة البرازيل حتى نكسب.
نصيحة لا أمل من تكرارها: المستجير من الفاشية العسكرية بالفاشية الدينية كالمستجير من الرمضاء بالنار، والمستجير من الفاشية الدينية بالفاشية العسكرية كالمستجير من النار بالرمضاء.
ختاما، شكر واجب: شكرا للرئيس مبارك مفجر الثورة.. وشكرا للمشير طنطاوى مطور الثورة.
بلال فضل يكتب: هوامش على دفتر الدم والغاز
شوفوا لكم حلا معى، لأننى لا أريد أن أؤمن أبدا أن سوء الظن من حسن الفطن، ولذلك هُرعت أول أمس لكى أشاهد اللقاء الذى حاور فيه التليفزيون العسكرى كلا من اللواءين محمد العصار ومحمود حجازى عضوى المجلس العسكرى، تخيلوا أننى بعد كل ما حدث للبلاد والعباد، كان لدى أمل فى أن أرى لقاء يحترم عقول الناس لكى نخلص من النفق المظلم الذى ندخله بإصرار، كنت متعطشا لأى قرارات ترتقى إلى مستوى الحدث لكننى فوجئت بأن عقلية الإنكار ما زالت سيد الموقف دون أن يدرك أحد أنها تشكل خطورة على مصر. تخيلوا أننى من فرط سذاجتى كنت أظن أن اللقاء سيطلع على الناس بقرارات تعلن إحالة ضباط شرطة وجيش إلى المحاكمة العسكرية لأنهم ارتكبوا انتهاكات بحق الإنسان شاهدها الملايين فى العالم، لكى يتأكد أن ما شاهدناه كان تصرفات فردية وليس بناء على أوامر، لكن اللواء العصار اكتفى بإعلان أسفه لما حدث بكلمات عمومية تشبه ما قاله عقب مذبحة ماسبيرو، ليتضح أنه يشغل الآن منصبا جديدا هو مساعد المشير طنطاوى لشؤون الأسف، فقط لأن أحدا ما فى المجلس العسكرى يتصور أن الأسف إذا جاء على لسان المشير طنطاوى شخصيا سيقلل من مكانته وهيبته، وهو ما يعد استمرارا غريبا للطريقة التى كان يفكر بها مبارك الذى يبدو أنه لم يكن الحاصل على دكتوراه فى العند.

لم يدم مفعول أسف اللواء العصار طويلا، فقد جاء اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية الذى كنا نحسبه مستقيلا والله حسيبه، ودخل على هواء القناة الأولى الملوث بالغاز لينسف ذلك الأسف على الفور، الرجل الذى فرحنا فى البداية بأنه مثقف ثم اتضح أن ثقافته لعنة على مصر وعلينا، لأنه على ما يبدو يؤمن بالفلسفة العدمية، فهو كلما تسبت وزارة الداخلية فى مجزرة خرج ليؤكد عدم وجودها أصلا، فى السابق قال إنه لا يوجد قناصة من أساسه فى وزارة الداخلية، وهذه المرة نفى أن الداخلية أطلقت أصلا على المتظاهرين الرصاص الحى أو الخرطوش وكل ما فعلته هو إطلاق الغاز، ولم يقل له المذيعان إن اللواء العصار كان لتوه قد اعتذر للشعب المصرى عما حدث فى شارع محمد محمود، سبحان الله! ربك كريم ولا يرضى بأن تضيع دماء الشهداء والجرحى أونطة ولذلك ساق العيسوى ليتحدث فى هذا التوقيت بالذات دون أن يدرك أنه أبطل مفعول اعتذار العصار الذى كان يعلق المجلس عليه الكثير من الآمال، فكيف أصدق أنك جادّ فى اعتذارك وأنت تحتفظ بوزير داخلية ينكر أنك فعلت ما يستوجب الاعتذار من أساسه؟

الأسف هذه المرة سيأتى منى أنا، لأننى تمسكت بحسن الظن أملا فى صلاح الأحوال، كنت أظن أن أحدا ما فى المجلس العسكرى والأجهزة الأمنية المعاونة له سيكون لديه من الحصافة ما يجعله يضحى بأفراد لكى ينقذ البلاد، لكن الجميع صمم على التجاهل والإنكار لكل تفاصيل المشهد الذى يخزق وضوحه عين الشمس. كنت أتمنى أن ينهر اللواءان مسؤولى التليفزيون لإصرارهم على التركيز على صور لأطفال يرشقون الداخلية بالحجارة لتسفيه ما يجرى، كنت أتمنى أن يستنكرا تركيز التليفزيون على صور بعض المواطنين البسطاء المرهقين الذين دمر نظام مبارك صحتهم لإيصال رسالة ذات مغزى إلى الجمهور الذى سيخرج باستنتاجات طبقية بأن من يشاهدهم هم بلطجية لأنهم لا يشبهون شباب «الفيسبوك» ذوى الخدود المتوردة. كنت أتمنى أن يجلس أعضاء المجلس العسكرى لكى يتأملوا جيدا فى صور وجوه قادة الموجة الثانية من الثورة التى تنقلها لهم الأجهزة الأمنية أولا بأول كما أظن، ليدركوا أنهم يواجهون الآن نوعية جديدة من الثوار ليس لهم منظّرون ولا نخب ولا قعور مجالس، يواجهون الضحايا الحقيقيين لستين عاما من حكم العسكر، يواجهون أناسا ليس لديهم ما يخسرونه، يواجهون أناسا لا يخافون الموت لأنهم فى الأصل مدفونون بالحيا، ومواجهة أمثال هؤلاء لن تكون باللقاءات المعسولة فى القاعات المكيفة ولا بقنابل الغاز والرصاص الحى، بل ستكون بطريق واحد لا شريك له: التغيير الجذرى الشامل والفورى.

كنت أنتظر من اللواءين العصار وحجازى أن يشتما مسؤولى التليفزيون المصرى لأنه كرر عرض ذلك الفيديو المخجل للبؤساء الأجانب الثلاثة الذين وقفوا مذعورين وقد حملوا ما قيل إنه زجاجات مولوتوف، كنت أتوقع أن يقولا لهم: عيب إنتو كده بتهزؤونا عندما تلوّحون للملايين أن ثلاثة مراهقين يمكن أن يقنعوا الآلاف بالثورة علينا. كنت أتوقع أن يوجهوا اعتذارا جادا لكل الأجانب المقيمين فى مصر أو الذين يفكرون فى زيارتها عن هذه الحركة النص كم التى لا يكف جهابذة أمن الدولة عن اتباعها، ويتذكروا أن ما حدث لهؤلاء البؤساء الذين اتضح أنهم طلبة فى الجامعة الأمريكية نزلوا لكى يتفرجوا على ما ظنوه حدثا تاريخيا، يمكن أن يحدث لأى مواطن مصرى يتفرج على أى مظاهرة فى أى مدينة فى العالم، لا أدرى هل يحب أعضاء المجلس العسكرى وهم يسافرون كثيرا إلى العواصم الغربية أن يتم القبض عليهم إذا مروا صدفة بجوار مظاهرة لتتم معاملتهم بمثل ما نعامل به الأجانب الذين اتخبطوا فى نافوخهم وقرروا حضور مظاهراتنا، بالطبع لا أعنى بهذا الكلام منح حصانة لكل أجنبى قد يوزّه شيطانه لكى يشارك فى التخريب، بالعكس علينا أن نقدمه إلى العدالة بصحبة دلائل قاطعة تثبت اشتراكه فى التخريب، وبعد أن يحظى بتحقيق عادل بحضور محامين، ودون أن يتم انتهاك حقوقه القانونية بتصويره بهذا الشكل الذى تعودنا أن نتعامل به مع مواطنينا الذين لا يعرفون حقوقهم ولا يحرصون عليها، لا أدرى هل يدرك عضوا المجلس العسكرى أن موافقتهما على عرض تلك الصور الفضيحة فى أثناء حديثهما يمكن أن تشكل ضربة قاصمة إضافية للسياحة خصوصا أن الصور التى صورها أذكياء الداخلية تناقلتها محطات التليفزيون فى أنحاء العالم.

تبقى الحسنة الوحيدة فى لقاء اللواءين العصار وحجازى من وجهة نظرى أنه أكد لى إدراكا يتعاظم يوما بعد يوم هو أن ما يحدث الآن فى شوارع مصر يعكس صراعا خفيا شرسا داخل هرم السلطة، لأنه طبقا لقانون وحدة الخطأ المعروف فيزيائيا، لا يمكن أن ينتج كل هذا الارتباك والتشوش والتخبط عن رؤية موحدة حتى لو كانت رؤية خاطئة، ولو قرأت كتب التاريخ فستجد أن صراعا مثل هذا فى ظروف مثل هذه ينتج دائما عن حلم شخص ما فى أروقة السلطة بأن يكون طاغية جديدا يكتسب شرعيته بإنهاء الفوضى العارمة التى تحدث عقب الثورات، وهو حلم أعتقد أنه سيتبدد لو كان لدى ذلك الطاغية المرتقب أى قناة تليفزيونية تبث صورا مباشرة لما يحدث فى ميادين التحرير.

يا خفىّ الألطاف نجِّنا مما نخاف.
 بلال فضل يكتب: قُصر الكلام
منعنى من إكمال كتابة هذا المقال عدم قدرتى على التنفس جيدا بفضل سحب الغاز التى تحاصر بيتى القريب من ميدان التحرير، تلك السحب اللعينة التى لا تتوقف طيلة أيام عن الانبعاث من آلاف قنابل الغاز الخانق التى يستوردها النظام العسكرى الحاكم بالملايين ويهدرها فى ثوانٍ لكى يقمع شعبه الذى يريد الحرية، ثم يشكو من توقف عجلة الإنتاج وغياب الانتماء.

تقتضى المسؤولية أن أظل مرابطا فى ساحة المعركة بما أملكه، وهو قلمى، دون أن أعتذر ولو حتى، لأننى لا أحصل على أبسط حقوق الإنسان فى الحياة: حق التنفس، لكننى أشعر أن كل ما يمكن أن أقوله الآن لا يساوى حرفا مما قالته والدة البطل الشهيد بهاء السنوسى فى برنامج «آخر كلام» أول من أمس. هذه السيدة أشرف وأشجع وأعقل وأحكم وأقوى وأصدق من كل ما يمكن أن يقوله الخبراء والمحللون والكتاب والسياسيون، أترك هذه المساحة لبهائها ونورها وصدقها، وأدعوك لمشاهدتها فى هذا الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=5WkQf_Y6FO8&feature=player_embedded
 
نصيحتى لكل من يتصورون أنهم سيكسرون إرادة الشعب المصرى بالقمع، سواء كانوا فى المجلس العسكرى أو غيره: لا تضعوا أنفسكم فى مواجهة شعب به أمهات شهداء مثل هذه السيدة، فصبرهن وقوتهن وإيمانهن بالله وحبهن لمصر يمكن أن يسقط حلف الناتو بأسره. لا تظنوا أن من يقفون فى ميادين التحرير الآن يمكن أن يرضوا بأنصاف الحلول، فهم أناس لا تعرفون عنهم شيئا، ولن تجدى فى فهمهم تقارير مخبريكم الكاذبة الملفقة، وقد كتبتم بدمائهم التى تلطخ أيديكم نهاية الحلول التوفيقية التلفيقية. ليس عندى ذرة يقين فى أنكم تخافون على البلاد، فلو كان ذلك صحيحا لما حدث ما حدث من مجازر طيلة الأيام الماضية، لكن إذا كنتم تخافون على أنفسكم ومصالحكم حقا فأنقذوا مصر بانتخابات رئاسية مبكرة، ولا تكابروا فنضيع جميعا والعياذ بالله، ولا تظنوا أن الله سيبارك فى الخطط الترقيعية البطيئة العاجزة التى تظنون أنكم ستنقذون أنفسكم بها، فالله لا يصلح عمل المفسدين.

حفظ الله مصر وشعبها من الغباء والعناد. ويا خفىَّ الألطاف نجنا مما نخاف.
بلال فضل يكتب: لماذا قتلت شعبك؟
«لماذا أمرت بالضربات التى سقط فيها أبناء شعبك قتلى وجرحى فى شوارع مصر طيلة الأيام الماضية؟ إذا لم تكن أنت الذى أمرت فمن الذى أمر بذلك إذن؟ ولماذا ولو لمرة لم تعتذر لشعبك كما يفعل كل الزعماء فى العالم المتقدم الذين يعلمون أنهم ليسوا آلهة ولا أنصاف آلهة، بل بشر يخطئون ويصيبون؟ أنت تعلم بأن شعبك كان يُقتل ويُهان ويُقمع ويُسحل فى الشوارع، إذا لم تكن قد أمرت بذلك فلا بد أنهم نقلوا لك ما حدث فى التقارير، وإذا كانوا لم ينقلوه لك فلا بد أنك شاهدته فى الفضائيات والصحف المصرية العربية والأجنبية التى قاومت قمع أجهزتك ونجحت فى تسريب بعض الصور بعيدا عن أيدى رجالك. إذا كنت تعلم فتلك مصيبة لأنك خالفت ما أقسمت عليه بالحفاظ على أمن وسلامة المواطن، وإذا كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم لأنك عندها لا تستحق أن تكون رئيسا لنا.

… نحن لسنا شعبا من الخراف لكى تدهس شبابنا عربات الأمن المركزى ويضربهم الضباط بالرصاص الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع بعد أن زهقوا من ركلهم بالبيادات وهم يلقون بهم إلى سيارات تأخذهم إلى معسكرات اعتقال نجا منها الفاسدون والظلمة والفشلة. لماذا رضيت بإطلاق الرصاص على مواطنين أقسمت على حمايتهم؟ لماذا لم تفكر ولو من باب المصلحة فى أن تقول للناس إنك لست إلها، وإنك بشر يمكن أن يعتذر ويعترف بالخطأ، لماذا لم تتحدث بكلمة عن المئات الذين قتلهم وأصابهم رجالك؟ لم تعلن حتى عن إحالة القتلة إلى محاكمة عاجلة لكى تبرئ نفسك من دمائهم؟ للأسف لم تفعل يا سيادة الرئيس ولذلك ستظل دماؤهم فى رقبتك إلى أن تعتذر وتحاكم من سفكوا دماء الأبرياء».

للأسف، السطور السابقة التى قرأتها هنا نشرتها يوم الخميس 3 فبراير 2011، وكانت موجهة إلى الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك فى عز بطشه وجبروته، والمخجل والمؤسف والمحزن والمثير للقرف أنها لا تزال صالحة للنشر دون أن يتغير شىء سوى اسم من يستحق أن توجه إليها، وهذه المرة هو المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الذى يتحمل وحده دون غيره جريمة ما حدث فى ميدان التحرير طيلة الأيام الماضية، ويكذب على نفسه ويخون ضميره ومبادئه كل من يحاول أن يصور أن المسؤولية يجب أن يتحملها رئيس حكومة الخُشُب المُسنَّدة عصام شرف، وقد كتبت ذلك صراحة على صفحتى فى موقع تويتر مع بدء سقوط ضحايا فى التحرير، لا لأننى رجل منفلت الأعصاب، أو لأننى تلقيت مئات الآلاف من الدولارات لكى أحرِّض ضد المجلس العسكرى، ولا لأننى بلطجى، بل لأننى رجل أدعو إلى الاستقرار والأمن والأمان وزيادة الإنتاج والتنمية وجذب الاستثمار وعودة السياحة، وأؤمن أن كل ذلك لن يتحقق إلا بإقامة العدل.

العدل وحده هو الذى يمكن أن يحقق لكل المواطنين الخائفين كل ما يحلمون به، ومن يتصور أنه بسكوته على الظلم والقتل والسحل والدهس وركل الجثث وإلقائها فى الزبالة واستهداف الأبرياء فى أعينهم يمكن أن يحقق الأمن لنفسه ولأسرته ولوطنه فهو واهم، هل يتخيل أحد أن هؤلاء الذين تعرضوا للقتل والإصابة وفقدان الأعين والاختناق والسحل والترويع سيتحولون إلى حمائم وديعة محبة للمجلس العسكرى والشرطة فور مغادرتهم ميدان التحرير؟ من قال إن قتل كل من فى ميدان التحرير وتحويل أهاليهم وأقاربهم وذويهم وأحبابهم إلى أعداء يمكن أن يحقق السلم الاجتماعى فى البلاد؟ أعلم أن الناس قد فاض بها الكيل من الخوف والقلق ووقف الحال ولذلك فقد بدأت تتجاهل ما يحدث أو تبرره أو تقف ضد الضحية، لا لأنها تمتلك أنفسا رديئة، بل لأنها تمتلك أنفسا إنسانية والإنسان ضعيف، لكننى أناشد كل من يفكر هكذا أن يسأل نفسه: إذا كنت تعتقد أن القبضة العسكرية هى الحل فدعنى أقُل لك بالله عليك ما الذى حققته القبضة العسكرية لمصر طيلة الأشهر الماضية؟ هل شهدنا أمنا واستقرارا؟ هل تقدمنا اقتصاديا؟ هل رأينا قرارات سياسية صائبة؟ لن أحدّثك عن المبادئ والمُثُل العليا، سأسألك فقط: لماذا من أجل مصلحتى ومصلحتك لا نتّحد معًا لكى نطلب طلبا محددا هو أن نقرر مصيرنا بأنفسنا فنختار من يحكمنا فيحفظ دماءنا ويحقق مطالب ثورتنا وينقلنا إلى الأمام؟

أعلم أن كثيرين يدعون إلى الصمت على ما حدث من جرائم مفزعة ضد الإنسانية لكى نصل إلى الانتخابات ونأتى ببرلمان منتخب، ويرى البعض من هؤلاء كجماعة الإخوان وحزب الوفد وغيرهما من القوى السياسية أنهم بهذا الموقف يمارسون ذكاء سياسيا من أجل مصلحة البلاد، وينسون أنهم يسقطون باتخاذ هذا الموقف سقوطا أخلاقيا وإنسانيا ويخونون مبادئهم وتاريخهم ويدمرون مستقبلهم فى نفس اللحظة. نعم، المجلس العسكرى يريد أن تتم الانتخابات، صحيح، لكنه يريد ذلك لكى يأتى بسلطة تشريعية تظل تحت السيطرة يمارس معها نفس الدور الذى مارسه على حكومة عصام شرف، ولو كان هذا المجلس جادا فى تحقيق الانتقال السلمى لوافق على طلب القوى السياسية بإعلان موعد واضح ومحدد للانتخابات الرئاسية، دون أن يختبئ خلف إصراره على إطالة الفترة الانتقالية ووضع الدستور، لأنه لا يليق به بعد كل هذا الفشل فى كل المجالات أن يتصور أنه يستحق أن يمارس دور الوصاية على المصريين، فيعرف مصلحتهم أكثر منهم.

المعركة الآن واضحة، ليست معركة انتخابات ولا سلطة ولا زفت، هى معركة إنسانية وأخلاقية، هل تقبل بالظلم؟ هل تريد أن تدخل مصر فى طريق مظلم يأخذ الناس العدالة فيها بأيديهم؟ أم تريد أن تعيش فى مجتمع يسوده العدل الذى لا يفرق بين مدنى وعسكرى وبين كبير وصغير؟ هل ترضى أن تضيع دماء الشهداء هباء وأنت تتوهم أن ذلك سيحقق لك الأمن؟ هل تريد أن تضيع فرصة أولادك فى العيش فى وطن حر كريم؟ هل تريد أن تخفض رأسك وتعيش ذليلا أم ترفع رأسك فوق لأنك مصرى؟ هذه أسئلة عليك أن تواجه نفسك بها كل لحظة، وأنت وضميرك.

لا يبقى سوى أن أختم سطورى هذه بما ختمت به رسالتى إلى حسنى مبارك فى عز جبروته، ولم تكن بشائر النصر قد ظهرت بعد، ومع ذلك فقد كنت واثقا فى ذلك الوقت العصيب بانتصار إرادة الثورة، ولذلك ختمت سطورى قائلا: «تحيا مصر، ومبروك لأحرار المصريين أنهم استعادوا وطنهم من جديد».

بلال فضل يكتب: مارس فى نوفمبر!
هل يتآمر المجلس العسكرى الآن لإجهاض الانتقال الديمقراطى للسلطة كما تآمر جمال عبد الناصر لإجهاض الديمقراطية فى مارس 1954؟

يكتب أحد قادة ثورة يوليو خالد محيى الدين، فى مذكراته الخطيرة (والآن أتكلم) أن القاهرة «شهدت فى خضم أزمة مارس ستة انفجارات دفعة واحدة، منها انفجاران فى الجامعة وانفجار فى جروبى وآخر فى مخزن الصحافة بمحطة سكة حديد القاهرة، كلها لم تتسبب فى خسائر مادية، لكنها أثارت هواجس شديدة وسط الجميع حول مخاطر انفلات الوضع ومخاطر إطلاق العنان للديمقراطية دون قبضة حازمة للدولة، وبدأ الكثيرون يشعرون أن الأمن غير مستقر وأنه من الضرورى إحكام قبضة النظام وإلا سادت الفوضى.

وقد روى لى عبد اللطيف بغدادى أنه زار عبد الناصر فى أعقاب هذه الانفجارات هو وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم فأبلغهم أنه هو الذى دبر هذه الانفجارات لإثارة مخاوف الناس من الاندفاع فى طريق الديمقراطية والإيحاء بأن الأمن قد يهتز وأن الفوضى ستسود». وفى موضع آخر يروى خالد محيى الدين أن عبد الناصر اعترف له أنه دفع أربعة آلاف جنيه من جيبه لتدبير مظاهرات العمال الرافضة للديمقراطية، وأنه قال له بالنص: «لما لقيت المسألة مش نافعة قررت أتحرك، وقد كلفنى الأمر أربعة آلاف جنيه».

«إما الثورة أو الديمقراطية» جملة يقول خالد محيى الدين إن البكباشى جمال عبد الناصر ظل يرددها بحماس شديد طيلة الأشهر التى سبقت أزمة مارس 1954 التى انتهت باستيلاء عبد الناصر على السلطة. اليوم أتصور أن المشير محمد حسين طنطاوى يردد باستمرار لكل من حوله جملة شبيهة هى: «إما الثورة أو الدولة»، ليس ذلك استنتاجا منى، فقد أعلن المشير تلك الجملة أكثر من مرة فى تصريحاته وخطاباته القليلة، ورددها من بعده كل من تكلم من قادة المجلس العسكرى حتى بات الناس يحفظون أن كل من سيتحدث من قادة المجلس العسكرى عن أى خطأ يقومون بارتكابه، لن يقدم لهم اعتذارا صريحا أو تفسيرا شافيا أو خارطة طريق للحل، بل كل ما سيقوله إن هناك من يريد إسقاط الدولة وإنها لن تسقط، دون أن يدرك قادة المجلس العسكرى أن إصرارهم على العناد وعدم التغيير هو وحده الذى بات يشكل أكبر خطر على تماسك الدولة المصرية، تماما كما كان تصوّر عبد الناصر أن الديمقراطية ليست صالحة للمصريين وأن الدولة القوية القمعية أبرك وأهم سببا مباشرا فى هزيمة 1967 والقضاء على حلم النهضة المصرية.

ما حدث فى التحرير يوم السبت الماضى يجعلك تصدق كل سيناريوهات المؤامرة التى تدور لإجهاض التحول الديمقراطى، لا يمكن أن يقوم شخص يريد مصلحة البلاد بإصدار قرار بفض اعتصام لمئتى شخص، بينهم 19 مصابا بوحشية تدفع إلى اعتصام عشرات الآلاف وإصابة المئات واستشهاد المزيد من خيرة شباب مصر.

هذه المرة لم يذهب أحد لاقتحام وزارة الدفاع أو سفارة إسرائيل، ولم تكن هناك أى قرارات ثورية غير محسوبة لكى نختلف معها جميعا، لأنها ستفجر الموقف، فالقرار غير المحسوب هذه المرة اتخذه المجلس العسكرى وقام بتوريط وزارة الداخلية فيه تماما كما فعل مبارك من قبله، وماكينات الكذب الإعلامية فى القنوات الحكومية والخاصة دارت على أشدها لكى تصور للناس أن المواجهات الدامية اندلعت بعد قيام مجموعة مأجورين بإحراق سيارة أمن مركزى، دون أن يسأل أحد: لماذا لم يكن هؤلاء المأجورون المزعومون موجودين أصلا قبل أن تتلقى الداخلية أوامر بفض شرس لاعتصام محدود، كان يتمركز فى الصينية دون أن يؤذى أحدا أو يعطل المرور، وكان يمكن اللجوء إلى لجنة حكومية أو شعبية لدراسة مطالب مصابى الثورة المعتصمين بدلا من سحلهم على الأسفلت لكى ينفجر الموقف. للأسف فى الإعلام الكذاب الذى لا يتعلم أبدا تظهر مئات الأصوات التى نافقت مبارك وتزلّفت له وصورت للناس أن البلاد ستضيع من غيره، لتقول نفس الكلام عن مصير مصر المظلم إذا تم تسليم السلطة، متغافلين عن أن الغالبية الساحقة من الثائرين لا تطلب تسليم السلطة لأى حد معدى، بل تطلب عقد انتخابات رئاسية بعد الانتخابات البرلمانية، لكى يختار المصريون من يحكمهم، بعد أن ضجوا من أخطاء المجلس العسكرى الذى بدد رصيده الإيجابى لديهم بأخطاء متوالية، يصر على تكرارها وتبريرها وعدم مواجهتها.

للأمانة، كل سيناريوهات التآمر التى تثور فى مخيلتك ستنسفها مكالمة يقوم بها اللواء محسن الفنجرى، عضو المجلس العسكرى، مع قناة الحياة الحمراء، لنكتشف أن تغيير الأداء الحكومى الفاشل أمر مرفوض، لأنك «ما ينفعش تغير الأب وهو خلاص هيجوز بناته» طبقا لنص كلامه، ولنكتشف أن اللواء الفنجرى يحمل مفهوما عجيبا عن طبيعة أداء منظمات المجتمع المدنى التى وصفها بأنها «تعمل لمصلحة الشعب وضد الحكومة» وهو أمر أعتبر أنه يستحق الإدانة، مع أنه يحمل فى طياته اعترافا بأن مصلحة الشعب أصبحت تتعارض مع أداء الحكومة. كالعادة أخذ اللواء الفنجرى يكرر نفس الكلام الذى يقوله قادة المجلس عن تقسيم التورتة والمأجورين والمدفوعين دون أن يسميهم بأسمائهم، فذكّرنا بكلام مشابه، قاله اللواء حسن الروينى عن حركة «٦ أبريل» التى اتهمها بأنها تتلقى تمويلا من الخارج، ثم أثبتت لجنة تقصى الحقائق الحكومية أن ذلك ليس صحيحا، ولم يخرج اللواء الروينى لكى يعتذر عن تشويهه سمعة شباب، قاوموا فساد مبارك بكل شجاعة وللأسف صدقه ملايين المصريين، لأنهم يثقون فى قادة الجيش، مع أنه اعترف فى نفس المكالمة بأنه يقوم بترويج إشاعات وهو يعلم أن القانون يعاقب على ذلك، ويعلم أيضا أن القانون لن يعاقبه أبدا، لا هو ولا غيره من قادة المجلس مهما أخطؤوا أو تجاوزوا.

تستمع مرارا وتكرارا إلى مكالمتى اللواء الفنجرى مع قناة الحياة وقناة سى بى سى، فتدرك أنه لا يمكن أن تكون هناك مؤامرة يقودها المجلس العسكرى ضد الديمقراطية، فاستمرار المجلس العسكرى فى الحكم بهذه الطريقة المتعالية المعاندة للواقع التى يعتمد فيها على تقارير أجهزة مبارك الأمنية كفيل بإجهاض الديمقراطية دون أى مجهود للتآمر. ولو جاءت على الديمقراطية وحدها لهان الأمر، فنحن الآن إزاء خطر أكبر على البلاد لن يجدى معه هذه المرة الإصرار على إنكار الحقيقة. طيب، ما الحل إذن؟

الحلول كلها يعرفها المجلس العسكرى وتلقّاها بدل المرة ألف مرة من الكتاب والمثقفين والسياسيين الذين الْتقاهم، لكنه مصمم على أن يتصرف بطريقته وحده التى لم تجلب للبلاد الخير وبددت الطاقة الإيجابية التى كانت تملأ المصريين عقب خلع مبارك، وجعلت الكثيرين يتعاملون معه على أنه يتآمر ضد الثورة، فقط لأنهم لا يريدون أن يصدقوا أنه فشل فى قيادة البلاد. فهم حتى وهم يعارضون المجلس يحسنون الظن بقدراته، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بلال فضل يكتب: صباحٌ «سعدني»
تعودت كل عام أن أحتفل بذكرى ميلاد وذكرى رحيل شيخ الساخرين وإمام الساخطين عمنا محمود السعدنى، عرفانا بجميله ووفاء لفضله واستئناسا بحسه، وفى كل مرة كنت أطالب مسؤولى وزارتى الثقافة والإعلام ومحافظة الجيزة بأن يحتفلوا بذكراه ويحيوا سيرته العطرة، وأطرح عليهم اقتراحات محددة لعل أهونها تنفيذ توصية المجلس المحلى لمحافظة الجيزة قبل سنوات بإطلاق اسم السعدنى أنجب من أنجبت الجيزة على أحد شوارعها. ورغم أن المجلس اختار شارعا من أصغر شوارع الجيزة ليضع عليه اسم السعدنى الذى كان يستحق إطلاق اسمه على ميدان الجيزة لعله يبدد بعض كآبته، فإن ذلك لم يحدث فعلا حتى الآن، تماما مثلما لم يتم تنفيذ أى اقتراح مما أوصيت به أنا وكل محبى السعدنى مثل إعادة عرض مسرحياته الجميلة فى مسارح الدولة، أو إعادة طبع قصصه القصيرة ورواياته المجهولة لكى يصل إلى الناس وجهه الأدبى المشرق الذى لم يعرفه الكثيرون، أو وضع تمثال له فى نقابة الصحفيين كما كان قد أعلن الأستاذ مكرم محمد أحمد، أو إصدار قرار من وزارة الإعلام بشراء برنامجه الرائع «حكايات السعدنى» الذى أنتجته له قناة «الأوربت» قبل سنوات طويلة ولم يصل إلى مستحقيه من عموم المصريين، أو طبع برامجه الإذاعية الرائعة ومسلسلاته الإذاعية المبهجة فى أسطوانات تبيعها شركة «صوت القاهرة»، أو جمع آلاف المقالات التى كتبها فى عشرات الصحف داخل وخارج مصر وظلت مدفونة فى الأرشيف يهددها النسيان، كل ذلك طالبت به مرارا وتكرارا فى العهد البائد ولم يستجب له أحد، فهل أطمع عند تذكيرى به فى هذا العهد البائخ أن يلتفت إليه الدكتور عماد أبو غازى؟ فليس هناك ما هو أمضى من محمود السعدنى سلاحا فى مواجهة القتامة والغتاتة والبلادة التى تحيط بنا من كل الجهات.
لا أريد أن ينقضى احتفالى بذكرى السعدنى فى اللوم والحسرة، فكتابات السعدنى ستظل عصيّة على النسيان والتجاهل، ما زال السعدنى رغم صمته الطويل قبل رحيله الأكثر مبيعا ومحبة وإمتاعا، وسيظل كذلك إلى الأبد، لأنه كان حقيقيا لا شيَة فيه، لم يكن مثقفا حنجوريا يتكلم عن أناس لا يعرفهم ويتصور أن شرعيته كمثقف تأتى فقط من تبنيه لمواقف شرسة أو صاخبة أو متعالية على عامة الناس، كان لديه قدرة غريبة على تشريح البشر أو هرشهم كما كنا نقول له مداعبين، كنت أستغرب كثيرا أنه يكره أسماء كانت تبدو لنا معارضة شرسة وقتها، فى حين يقرب إليه أناسا كانوا بداخل السلطة أو خرجوا لتوهم منها، وعندما كنا نستغرب ذلك ونعاتبه عليه يقول لنا تعليقات تركز على الجانب الإنسانى للبشر أكثر من انشغالها بالمواقف السياسية التى تبدو صاخبة أو فاقعة، كان دائما يذكرنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام «خير الناس أنفعهم للناس»، وأقسم بالله إننا كنا دائما نندهش عندما نكتشف أن أحكامه فى مجملها تثبت صوابها حتى لو تأخر ذلك قليلا، وكان ذلك من الدروس التى تعلمتها منه، أن لا أحكم على الناس بناء على مواقفهم السياسية المعلنة، بقدر ما أحكم على تعاملاتهم الإنسانية ونفعهم للناس.
كنت وكثيرون من أبناء جيلى الذين أحبوه واقتربوا منه نشاغبه دائما بسبب موقفه من الديمقراطية وتقديمه العدالة الاجتماعية عليها دائما وأبدا، كان له رأى عجيب يقول فيه إنه لا يتمنى للمواطن المصرى أكثر من مصير السجين داخل السجن، الذى تكون إدارة السجن ملزمة بأن تقدم له ثلاث وجبات يوميا وتتحمل رعايته الصحية لكى لا يمرض ويكون عبئا عليها وتوفر له حراسة مشددة، وأن خلافه مع عهدى السادات ومبارك كان يتركز على أنها تخلت عن مسؤولياتها الاجتماعية التى كان عبد الناصر يحافظ عليها، وعندما كنا نذكره بحفلات التعذيب التى كان يتعرض لها فى معتقلات ناصر وأن سلب حرية المواطن هو الذى أفضى بالبلاد إلى ما عاشته فى عهدى السادات ومبارك وأنه لا أمل فى أى كرامة للمواطن إلا بالديمقراطية وتداول السلطة أولا وأخيرا، كان يقول لنا بطريقته الساحرة فى السخرية من الكلام الحنجورى المنبعث من الشواشى العليا إننا طالما ظللنا نركز على الكلام العمومى عن الديمقراطية فلن نستطيع أن نكسب الناس، وإننا إذا أردنا أن يسمع لنا أحد ويلتف حول ما ننادى به من تغيير علينا أن نركز على العدالة الاجتماعية أولا وثانيا وأخيرا، لأن عموم المصريين سيظلون يسخرون من كل المطالبات بالديمقراطية التى لا تعنى لهم أكثر من شكل إذا لم يشعروا أنه سيحسن حياتهم فلن يفرق معهم ببصلة. وأعتقد أن كلام السعدنى تثبت وجاهته الآن بشدة مع تزايد عدد الساخطين على كل ما جرى منذ اندلاع الثورة لأنه لم يحسن حياتهم، بل وشكهم من أن تفعل الانتخابات نفسها ذلك، وهو ما أخشى أن يطرب له بعض أعداء التغيير الجذرى داخل المجلس العسكرى فيتصوروا أنه يرسخ من بقائهم فى السلطة، دون أن يدركوا أن هذا التوجه بالذات لن يعصف فقط ببقائهم فى السلطة بل بمستقبل البلاد كلها لا قدر الله، ولن تنفعهم حينها مماحكات تسليم السلطة ولعبة الاستقطاب التى يتصورون أنها تثبت دعائم قوتهم.
فى كتابه العظيم (مصر من تانى) الذى صدر فى ثمانينيات القرن الماضى حكى السعدنى كثيرا عن تاريخ مصر من وجهة نظر الصياع والمتشردين والحرافيش ورجل الشارع، وفيما كان مثقفون كثيرون فى ذلك الوقت الذى ساده اليأس المطبق، يرددون كلاما عن مصر التى لا تثور ولا تتغير وعن شعبها الذى لا أمل فيه ولا رجاء منه، كتب الولد الشقى السعدنى فى إحدى فقرات كتابه عن جمال الدين الأفغانى «القائد الحقيقى ليس هو الذى يقود فى حياته، ولكن هو الذى يترك خلفه مصابيح تضىء الطريق من بعده، وهو لم يترك مصابيح فقط، ولكنها كانت مصابيح ومواد ملتهبة فى آن واحد، وسرعان ما تفجر الأمر كله عن بركان سيهز مصر هزا عنيفا وسيشعل النار فى كل شىء، سيزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة، وسيدهش العالم كله، وسيثبت حقيقة مصر الأبدية، إن الحياة تمضى بها فى هدوء، حتى يخيل للبلهاء أنها فى غيبوبة، ثم لا تلبث أن تنفجر فجأة، ويكون لانفجارها دوى عظيم، وكان الانفجار هذه المرة أعنف مما تصور البعض، وأخطر مما تنبأ به البعض، إنها الثورة». هذا الكلام الرائع ذكرت الناس به قبل رحيل مبارك وعقب رحيله، وها أنا ذا أذكر به الآن قادة المجلس العسكرى الذين لو قرؤوا كتاب (مصر من تانى) بتمعن وإخلاص لتغيرت حساباتهم كثيرا، إن لم يكن خوفا على مصر فخوفا على أنفسهم.
الفاتحة أمانة لشيخ الساخرين وإمام الساخطين محمود السعدنى. ألف رحمة ونور عليك يا عم محمود.
لال فضل يكتب: جمعة ع اللي جرى
لا أدرى لمن سيكون أمر المنصات اليوم فى ميدان التحرير، لكن ما أدريه أنه لو كان أمرها بيدى لاخترت أن تكون الأغنية الرسمية لمليونية اليوم أغنية (ع اللى جرى)، طيب والله بجد أقترح وأسأل: هل يمكن أن يتجاوز الإخوة المتشددون قليلا ويصموا آذانهم بعض الوقت لكى يتاح لمصر كلها أن تستمع إلى هذه الأغنية وهى تتأمل ما حدث فيها ولها طيلة الأشهر التسعة الماضية، لا أعنى فقط مصر الحاضرة اليوم فى الميدان بل أعنى أيضا مصر الغائبة عنه ومصر المراقبة له ومصر المتوجسة خيفة منه ومصر المتطلعة إليه أملا فيه، الكل بحاجة إلى أن يترك نفسه قليلا للشجن المرير الذى ينبعث مع صوت عليا التونسية وهى تشدو بتلك الجملة الساحرة التى تحمل بداخلها معانى متعددة للأسى والندم والتساؤل والتفكير والتذكر والتأمل والحسرة والحذر والتعلم والأمل فى جملة واحدة «ع اللى جرى».

تخيل معى الأعداد التى ستصعد إلى الميدان أو ستراقبه من بعيد، وهى تشترك جميعها فى ترديد تلك الآهات الطويلة الحزينة التى تُفتتَح بها الأغنية، فتهتف كلها فى صوت واحد «آآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآه» وهى تسترجع صورا من الذاكرة لها وهى تهتف بإيمان حقيقى «الجيش والشعب إيد واحدة»، وتجرى فى الشوارع فِرحَة يوم خُلع الطاغية لتحتضن كل صاحب بدلة عسكرية أيا كانت رتبته وتلتقط معه الصور التذكارية بكل فخر، دون أن تسأله هل يؤمن حقا أن قائده الأعلى مبارك لا يستحق المحاكمة والحساب؟، وهل حقا يؤمن أن من يحتضنهم الآن ناس خربوا البلد أم أنهم صنعوا مجده وأعادوا إليه العزة والكرامة؟ وهل سيكون هو وقادته على قد آمال الناس وثقتهم فيهم أم أنهم سيهدرون ثقة الناس ويخيّبون آمالهم فى تحقيق مطالب الثورة كما وعدوا وصدقناهم ليس عن عجز أو يأس، بل عن إدراك أنهم خيارنا الوحيد حتى تأتى سلطة مدنية منتخبة تخوض طريق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؟

تخيل كل واحد من الواقفين فى الميدان أو المراقبين له وهو يناجى صور الشهداء المحفورة فى وجدانه قائلا لكل منهم بحُرقة حقيقية «ع اللى جرى.. بس اما تيجى وانا احكى لك ع اللى جرى»، قبل أن يحكى له بكل أسى عن بعض ما جرى، عن سميرة إبراهيم تلك الثائرة الصعيدية الحرة المحجبة التى أخذوها من قلب الميدان وأهانوا شرف مصر كلها بما قاموا به بحقها من حركات مهينة لكشف عذريتها وكسر إرادتها، وبدلا من أن يرى كل قائد من قادة المجلس العسكرى فيها ابنة له ويبكى بدل الدموع دما على ما جرى لها، استسهلوا اتهامها بالخيانة ولم يستجيبوا لكل مطالبات الاعتذار والتحقيق فى تلك الجريمة التى لن تسقط أبدا بالتقادم. عن مينا دانيال الذى سيبقى حاضرا إلى الأبد فى ذهن كل من رآه وهو يحتضن أخاه محمد ويغنيان سويا فى قلب جنة التحرير «ليه الثورة جميلة وحلوة وإنت معايا» قبل أن يجد نفسه بعد مصرعه متهما ومطلوبا للحساب على أيدى من إذا لم يكونوا قد قتلوه فهم على الأقل لم يحموه من قاتليه. عن التحية العسكرية التى تلقاها حرامية وقتلة أمام سمع وبصر الملايين. عن البيادات العسكرية التى تلقتها أجساد شباب طاهر شريف دفعه الحماس إلى أن يعبر عن حبه لبلاده بطريقته التى كان يمكن أن نختلف معه فيها أو نناقشه أو نحاوره أو نزجره، لكن قادة المجلس العسكرى اختاروا طريقا آخر هو قمعه والتنكيل به والهتاف فيه أن ينزل على ركبه ذليلا مهانا كأنه هو المجرم العتيد الذى نهب مصر وخربها وقعد على تلها.

سنحكى للشهداء ع اللى جرى، عن كل شهيد قتله حجر غادر أو رصاصة حقيرة أو مدرعة مرتبكة ولم يجد من يكشف للناس حقيقة مقتله ويقدم قاتله إلى العدالة فتهدأ النفوس وتصفو بدلا من أن تزداد مرارة وحنقا. عن قتلة الشهداء الذين عوملوا بمنتهى الرقة والحنان، بينما عومل أهاليهم الثكلى والمفجوعون بمنتهى القسوة والخسة. عن دم طاهر لم يقدره حق قدره الذين ظننا أنهم سيعرفون قيمة الدم أكثر منا. عن شباب حُرموا حق مقاضاتهم أمام قاضيهم الطبيعى وذهبوا إلى محاكمات عسكرية لم يذهب إليها الذين أهانوا شرف مصر وقزّموها وجعلوها عالة على الأمم. عن الجدع علاء عبد الفتاح الذى رفض أن يشترك فى المسرحية التى تساوى بين الضحية والجلاد فانحاز إلى عدل الله الذى زعموا أنه لا يؤمن به، بينما سكت عن الظلم الذى لا يرضاه الله، كثيرٌ ممن يزعمون أنهم يدافعون عن شرع الله.

سنحكى عن عدالة اجتماعية ظن الناس أنها إذا لم تتحقق فورا فإنهم يمكن أن يروا ولو حتى أملا محسوبا يعدهم بها فتهدأ نفوسهم وتقر أعينهم. عن متاهة الوعود والخطط وبالونات الاختبار والتصريحات المدهونة بزبدة والمحاكمات البطيئة والقرارات التى تصب الزيت على نيران الفتنة عمدا أو عجزا. عن أحلام علقناها على رئيس وزراء حملناه على أكتافنا فوضع أحلامنا تحت حذائه، واختار أن يكون موظفا ذليلا خانعا بدلا من أن يكون شامخا مثل الثورة التى منحته ما لا يستحق. عن رجل اسمه المشير محمد حسين طنطاوى جاءته فرصة لم يكن يحلم بها لكى يسجل نفسه فى كتب التاريخ بحروف من ذهب فاختار أن يهيل على نفسه غبار التساؤلات والشكوك ويعادى جيلا ثائرا كان ينبغى أن يكرمه وينحنى له كل يوم إجلالا وتقديرا لأنه وقف فى مواجهة آلة القمع أعزل فى نفس الوقت الذى كان يأمر فيه قادته وجنوده بأن يقفوا على الحياد بين القتلة والضحايا.

سنحكى ع اللى جرى للشهداء وللدنيا ولأنفسنا ونحن نغنى من مقام الأسى «متغربين احنا.. متغربين.. تجرى السنين واحنا جرح السنين.. ما حد قال عنك خبر يفرحنا.. ولا حد جاب منك كلمة تريّحنا.. يا ليل آه.. يا جرح آه.. يا شعب آه.. الصبر دوبناه.. تهنا وتوّهناه.. وتاهت المراسيل.. بين النهار والليل.. مافضلش غير دمعة مرسومة فى المناديل.. ع اللى جرى».

لكن الأغنية ستنتهى، ومعها سينتهى حتما كل أسانا وكل ألمنا، ستنتهى رغبتنا فى تذكر كل اللى جرى والتعلم منه، وسيبدأ فصل جديد من فصول ثورة قامت لكى تعيش مصر فرحة كاملة، وسالت فيها الدماء لكى يحظى المصرى بحرية غير منقوصة، وطارت فيها الأعين لكى ترى مصر نور العدالة. سنبقى مختلفين بعضنا مع بعض فى تفاصيل شتى، وسيظن بعض اليائسين أن فشل هذه الجولة أو تلك هو فشل للثورة، وسيتوهم كل الفاسدين أن الشعب المصرى يمكن أن يعود إلى سباته ثانية، وسينسون أنه ربما يصمت ويعدّيها إلى حين، لأنه ما زال يرى بصيص أمل اسمه صندوق الانتخابات يدرك أنه وحده الذى سيأتى له بأناس يأخذون حقوق الشهداء والجرحى وينصفون المظلومين والمنتهكَين فى المحاكم العسكرية، ولذلك وحده تتجمل الملايين الثائرة بالصبر، لكنها لن تتسامح أبدا مع من يعبث بإرادتها أو يزيفها أو يظن أنه يمكن أن يعيد إنتاج العهد البائد ثانية ويحرم المصريين من أن يكونوا بنى آدمين بحق وحقيق، ككل خلق الله فى بلاد الله المتقدمة الحرة المتحضرة.

أيا كانت التفاصيل، وأيا كان اللى جرى، ستنتصر إرادة الحياة، وسيعلم الذين ظلموا أىَّ منقلب ينقلبون.

بلال فضل يكتب: التجربة النرويجية
صوابع النرويجيين ليست زى بعضها، ولذلك لم يكن كل مواطنى النرويج سعداء بتجربة بلادهم الفريدة فى حسن معاملة السجناء، لأن تلك التجربة طمّعت فيهم حثالة المجرمين فى الدول المجاورة والقصية، فتوافدوا زرافات ووحدانا إلى النرويج لتشكيل عصابات دولية تستفيد من النظام القضائى المتسامح فى البلاد ومن السجون المرفهة، لدرجة أن 32% من إجمالى السجناء فى النرويج من الأجانب، ولذلك تطالب الأحزاب المحافظة باستماتة أن تكون السجون المرفهة للنرويجيين فقط، وأن يتم نقل السجناء الأجانب إلى سجون عادية كالتى توجد فى باقى الدول الأوروبية، لعدم تشجيع هجرة الجريمة إلى النرويج، بالطبع لا يجرؤ أى حزب مهما كان متطرفا أن يقترح إعدام هؤلاء السجناء، كما يقترح مثلا لدينا بعض الدعاة أن يتم إعدام من لا ينزل لهم من زور، ولا يتفق معهم فى الدين والإيمان، وبالرغم من وجاهة الأفكار التى يطرحها المحافظون فإن أغلبية المواطنين لم يقتنعوا بها، لأنهم يعتبرون أن مجرد قضاء الإنسان السجن، ولو فى مكان فخم، هو عقوبة كافية، وهو ما يعبر عنه وزير العدل النرويجى بقوله لصحيفة الـ«صنداى تايمز» التى قرأت فيها كل هذه المعلومات «إذا أردت أن تخفض معدلات الجريمة، عليك أن تفعل أى شىء غير أن تضع المجرمين فى سجون خلف أبواب مغلقة». تلتقى الصحيفة مع سجين قضى تسع سنوات فى السجن، منها سنة فى الجزيرة الخلابة التى حدثتك عنها أمس، ومع ذلك فهو يشعر بندم شديد، لأنه أضاع كل هذه السنين بعيدا عن أولاده الأربعة وهم يكبرون، هو سعيد لأنه تعافى من إدمان المخدرات فى السجن، وتعلم تصليح الدراجات، بل أصبحت لديه قدرات تمكنه من عقد جلسات إرشاد نفسى لزملائه السجناء الذين يريدون أن يكونوا آباء أفضل.

يقول الخبراء أن جزءا كبيرا من قدرة المجتمع النرويجى على إبداء هذا التسامح فى التعامل مع المجرمين يعود إلى طبيعة وسائل الإعلام، فالصحف النرويجية تعتمد بشكل أساسى على الاشتراكات أكثر من اعتمادها على بيع الجرائد، لذلك هى لا تعتمد على العناوين المثيرة لجذب القراء، وأسلوب الكتابة لديها براجماتى أكثر من كونه عاطفيا، فى كتابه (عندما يقتل الأطفال أطفالا: عقوبات الشعوب والثقافة السياسية) يقارن الخبير الجنائى الأمريكى ديفيد جرين بين أسلوب الإعلام البريطانى والإعلام النرويجى فى تغطية أخبار قتل أطفال أطفالا مثلهم، فيقول إن الصحافة البريطانية صورت تلك الأخبار على أنها مؤشر خطير على انهيار الأخلاق فى بريطانيا، أما الصحافة النرويجية فعالجت القضية بهدوء، ووصفتها بأنها «سابقة مأساوية تتطلب تدخل الخبراء لكى يسهلوا عملية إعادة دمج هؤلاء الأطفال المجرمين فى المجتمع»، وهكذا يتم دائما التعامل مع حوادث العنف الكبيرة على أنها حالات فردية، لا على أنها عرض لانحطاط وتدهور مجتمع، وهو ما يسهل فهمها والتعاطى معها.

أضف إلى حسرتك المعلومات الآتية: تصنف 36% من سجون النرويج على أنها منخفضة الأمن، حيث يسمح للسجناء بعدد غير محدود من المكالمات الهاتفية دون حاجة إلى أن يخبئوا شرائح المحمول فى أماكن حساسة، بل تسمح لهم بإجازة أربعة أيام شهريا، لحثهم على السلوك الحسن خارج السجن، ويستطيع السجين فى السجون مشددة الحراسة أن يطلب نقله إلى سجن آخر من سجون النرويج الإثنين والخمسين، ثانى أكبر هذه السجون اسمه «هالدين» يقع جنوب النرويج، ويوصف بأنه من السجون الأعلى أمنا، وقد استغرق بناؤه 10 سنوات بتكلفة بلغت 230 مليون دولار، لأنه صمم على هيئة قرية صغيرة حتى يشعر السجناء أنهم لا يزالون جزءا من المجتمع، ولكى يكون -على حد تعبير مصمم السجن- «قبضة حديدية مغطاة بقفاز من حرير»، فالسجناء يقضون نصف اليوم خارج الزنازين فى ممارسة رياضات وأنشطة وهوايات وورش عمل، وسط حراس لا يحملون مسدسات، لكى لا تخلق نوعا من التباعد الاجتماعى مع السجناء، إذا أصدرت الآن أصواتا ما فلن ألومك فقد سبقتك إلى ذلك، لكن انتظر حتى تضيف إليها أصواتا جديدة عندما تعلم أن الحراس ملزمون بأن ينادوا على السجناء بأسمائهم الأولى، وبأن يمارسوا معهم الرياضات المختلفة، ويقوموا بتناول الطعام معهم، لكى ينبع احترام السجناء لهم من تقديرهم لا من الخوف منهم، لا وخذ دى كمان، قالك: إدارة السجن ملزمة بأن تقول للسجين فور وصوله «إذا هربت، فمن فضلك اتصل بنا بأسرع وقت ممكن لنعلم أنك على ما يرام»، إذا ظننت أنهم يفعلون ذلك، لأنهم بلهاء تسيل الريالة النرويجية من أفواههم، فلك أن تعلم أن أكثر هذه السجون تساهلا أمنيا لم تسجل فيه سوى حالتى هرب خلال عامين كاملين، وفى الحالتين اتصل الهاربان بالسجن ليقولا للحراس «أنا بخير.. اطمئنوا». وبرغم كل هذا تنوى الحكومة إدخال أنماط جديدة من العقوبات مثل برامج المراقبة الإلكترونية التى تسمح حاليا لنحو مائة مجرم محكوم عليهم بأربعة أشهر أن يقضوا العقوبة فى منازلهم، كما أنها متحمسة لبناء ما يسمى بالسجون المفتوحة مثل سجن «ساندكر» فى وسط مدينة أوسلو، وهو يقع فى الدور الأرضى لعمارة سكنية ويقطن به 16 نزيلا (لفظ سجين هناك ممنوع)، يعملون بالمدينة طوال النهار ويعودون فى المساء، فالسجن يشترط عليهم أن يؤمنوا وظائف لأنفسهم حتى يؤمنوا إطلاق سراحهم.

لست أشك ولو للحظة فى أنك ستسخر من كل ما قرأته من تفاصيل، وأنك تؤمن بأنها لن تكون أبدا صالحة للتطبيق فى مجتمعنا، فنحن أناس نستلذ الشعور بأننا منحطون، مع أنه شعور يناقض تديننا وإيماننا الذى يوجب علينا أن نعتقد بأن الله تعالى خلق الناس كلهم أحرارا ومكرمين، وكلهم دون تمييز يستحقون العدالة والعيشة الكريمة، عليك فقط أن تكون حازما فى تطبيق القانون دون أن تلجأ إلى الانتهاك الجسدى، وتعطى الناس فرصا عادلة، لكى يبدؤوا من جديد، خصوصا إذا كان الفقر والضنك وانعدام الفرص هو الذى دفعهم إلى الجريمة، وتجفف منابع الجريمة بخلق عدالة اجتماعية وتنمية شاملة، وعندها فقط ستندهش من أن المصرى الفقير يمكن أن يكون راقيا كالنرويجى المرفه، لأن الله خلق الhثنين من طينة واحدة، المشكلة أننا أصلا لسنا مقتنعين أن الله خلقنا نحن المصريين من طينة واحدة، ولذلك فنحن نطبق التجربة النرويجية فقط على قاطنى بورتو طرة من الحرامية والقتلة.

طيب، فى أحوال كهذه يلجأ الناس إلى ترديد عبارة الشيخ محمد عبده الشهيرة التى قالها متحسرا بعد زيارته لأوروبا، والتى لم نخجل من أننا ظللنا نستشهد بها على مدى قرن كامل دون أن تفقد الصلاحية، وربما لذلك أشرت إليها دون ذكرها، على سبيل التغيير، وأهو تبقى حاجة اتغيرت من ساعتها، والبقية ستأتى حتما بإذن الله، فربنا كريم ومصر تستاهل.

مقالة بلال فضل

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com
بلال فضل يكتب: اركب مع الثورة!
كتبت مرة على تويتر: «بعض النشطاء يقيمون موقف الشعب من الثورة بناء على سائقى التاكسى الذين يركبون معهم فيتضح أنهم مؤيدون للثورة بحماس، وينسون أن لدى سائقى التاكسى موهبة فى تقييف الآراء حسب رغبة الزبون تنافس موهبة فتحى سرور فى ذلك»، وبعدها قرأت تعليقا ألطف كتب قائله: «يغيظنى بشدة النشطاء الذين يكتبون أنهم مندهشون لأنهم ركبوا مع سائق تاكسى ولم يقل أى رأى عن الثورة». عن نفسى لست من المتحمسين لتقييم موقف الشارع من الثورة بناء على آراء سائقى التاكسى، ليس لأننى أتخذ موقفا سلبيا منهم، بل لأننى لم أعد أركب التاكسى كثيرا منذ أصبح لدىّ عربية. يعتقد البعض أن ظاهرة انشغال سائقى التاكسى بالهمّ السياسى ظاهرة محلية بحتة، والحقيقة أنها ظاهرة عالمية تؤرق كل ركاب التاكسى فى شتى بلاد الدنيا، هناك عبارة شهيرة للكوميدى الأمريكى جورج بيرنز تقول: «من المؤسف أن كل من لديهم خطط رائعة لحكم البلاد مشغولون بالعمل كسائقى تاكسى أو حلاقين»، لكن للأمانة كلما تصادف أن ركبت مع سائق تاكسى بسبب ظروف تخص سيارتى، وجدت لديه وجهة نظر تستحق التأمل، أو وجدته مشغل الكاسيت بصوت عالٍ يعفينى من تأمل أى وجهة نظر له.

نادرا ما أركب مع سائق تاكسى وأجده يتعرف على شخصى الكريم، وهو ما يشى بانشغال غالبية السائقين فى لقمة العيش بعيدا عن صخب الفضائيات، وهو أمر كان يمكن أن يكفل لهم نقاء وجدانيا وبراءة سياسية تجعلهم مصدرا رائعا للحكمة، لكنهم للأسف يمتلكون حصيلة معرفية فتاكة تعتمد على سلاح الدمار الشامل المعروف باسم «ركب معايا واحد وقال لى»، عقب خلع مبارك ركبت مع سائق تاكسى قال لى إن أحد أعضاء المجلس العسكرى ركب معه وقال له إن مبارك سيعود للحكم الشهر القادم بعد ما نلمّ كل العيال اللى عاملة قلق فى التحرير، لم أسخر من كلامه لأنه كان فظا غليظ القلب فانفضضت من نقاشه وسألته فقط: هوّ انت شفت شكله قبل كده فى التليفزيون مع بتوع المجلس العسكرى؟ فردّ بجدية: وهو أنا يا بيه فاضى للتليفزيون زيكو؟ أنا راجل باشقى على لقمة عيشى. تجاهلت اللمزة البادية فى كلامه وسألته: طيب هل كان لابس بدلة جيش عليها رتبة لواء؟ رد بتلقائية: لا الصراحة هو كان لابس ترينج. تجاهلت البلاهة الطافحة من إجابته وسألته: ممكن كان رايح نادى من بتوع الجيش وعشان كده نازل بالترينج، يبقى أكيد قال لك بنفسه إنه عضو فى المجلس العسكرى. قال لى: بصراحة الكدب خيبة، بس هو شكله راجل ليه هيبة، جاله تليفون وكان عمال يقول للى بيكلمه: أنا جاى من المجلس حالا.. قعدنا كتير فى المجلس.. هاروح بكره اجتماع المجلس… هوّ يا بيه فيه مجالس شغالة اليومين دول فى البلد غير المجلس العسكرى؟ مت من الضحك يومها، وظللت أروى الواقعة كثيرا لأصدقائى متندرا، قبل أن أحكيها منذ شهر تقريبا بوصفها خبرا جادا، بل وأسأل نفسى الآن: يا ترى من كان عضو المجلس الذى ركب مع السواق إياه؟

بالأمس كان لدى مشاوير متعددة منذ الصباح الباكر، ركبت من أجلها أكثر من خمسة تاكسيات، ثلاثة منها كان بها زبائن يكرهون الثورة، وركاب الاثنين الباقيين كانوا يكرهون الثورة ويكرهون أنفسهم أيضا، لو كنت من هواة الاستسهال الثورى لوصفت التاكسيات الخمسة التى ركبتها بأنها ليست سوى لجان إلكترونية متنقلة بين أحياء القاهرة أو غرف عمليات للثورة المضادة. لى صديق يعتقد جادا غير هازل أن رجال أعمال تابعين للحزب الوطنى يمتلكون ثلاثة أرباع تاكسيات المدن الكبرى وبيجوهات الأرياف، وأنهم يقومون بدفع مرتبات آلاف الركاب الذين يركبون الأوتوبيسات والميكروباصات بانتظام، ويتكبدون مبالغ طائلة فى سبيل نشر دعاية مضادة للثورة، بينما الحقيقة أن ما يقوله أغلب راكبى المواصلات ورواد المقاهى وساكنى الكنب من كلام مضاد للثورة وكاره لها ليس سوى حاصل جمع فشل سياسات المجلس العسكرى وعناده الذى يتصور أنه يدمر به الثورة بينما هو فى حقيقة الأمر يضع الوطن كله فى مهبّ الريح نفسه، زائد نتائج مقلب عصام شرف وحكومة الخُشُب المسنَّدة التى أضيفت على فاتورة الثورة وستظل الثورة تحاسَب عليه كلما جاء مرشح جديد لخلافته واعترض الثوار عليه، زائد طيش وعصبية بعض الوجوه الثورية التى لا تعى أن دفاعك عن قضية نبيلة لا يكفى لكى تكسبها، بل لا بد أن تكون هادئا وذكيا ومطمْئنا للناس، وإذا أضفت إلى كل هذا خليطا إعلاميا لا يقول أغلبه للمجلس العسكرى إنت أعور فى عينه، ويقوم بعضه بمداعبة غريزة الخوف لدى الناس على طريقة أفلام الرعب، ولا ينشر كله الأمل والتفاؤل والطاقة الإيجابية بين الناس، عندما يتوفر كل ذلك، فأنت لا تحتاج إلى أن تدفع مليما من أجل أن يقوم سائقو التاكسى وركاب الميكروباصات بتشويه الثورة.

بصراحة لو كان خلق رأى عام لا يناهض الثورة يتوقف على سائقى التاكسى، لكان الحل أن يلجأ ائتلاف شباب الثورة إلى رجل الأعمال الثورى ممدوح حمزة لكى يشترى خط تاكسيات يسميه «تاكسى الثورة» ويتم تشغيله فى شوارع المدن الكبرى بأسعار رمزية ويقوده قادة الائتلاف ويركب إلى جوارهم أعضاء الائتلاف لكى يحببوا الناس فى الثورة. طيب والله العظيم فكرة تستحق الدراسة بل والاكتتاب الشعبى إسهاما فى تجديد الدماء فى شرايين الثورة المرهقة التى انتصرت ثم توهجت ثانية بفعل غباء أعدائها ولن يجعلها تنتصر تماما سوى غبائهم أيضا، وللأسف لن يجيب لها الكافية سوى غباء بعض أنصارها. بصراحة إذا كان لدينا مجلس عسكرى مصمم على أن يمارس مع نفسه ومع البلاد بأكملها لعبة الروليت الروسى بإصراره على العناد وعدم التغيير واستمتاعه بلعبة الاستقطاب وعدم الحسم التى تكفل له انتشار حالة الفزع بحيث يبقى هو طوق النجاة الوحيد فى نظر الملايين، وإذا كان لدينا إعلام يعتمد على «إنديكس» الموبايلات التى يمتلكها مئة معد برامج هم الذين يشكلون خريطة الرأى العام فى مصر، وإذا كان لدينا تيارات إسلامية تظن أن الشريعة الإسلامية يمكن أن يتم تطبيقها بالصمت على الظلم مع أن الشريعة فى جوهرها انحياز ضد المحاكمات العسكرية واختبارات كشف العذرية وإسناد الأمر إلى غير أهله، وإذا كان لدينا نخبة مهترئة تظن أن الحريات العامة والخاصة يمكن أن يتم تحققها دون الحاجة إلى معارك فكرية وثقافية وتربوية طويلة الأجل، فبصراحة اقتراح «تاكسى الثورة» أجدع وأكثر فاعلية وأسهل تنفيذا، على الأقل الركوب مع الثورة أرحم من ركوب الثورة ذات نفسها.

مقالة بلال فضل يكتب: عندما يحكم الخروف

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com

بلال فضل يكتب: عندما يحكم الخروف!.....مقال 6 نوفمبر

 
 
مقال أ/ بلال فضل 6 نوفمبر 2011

لو أن أحدا قال لى إنه قرأ هذه الواقعة المدهشة فى كتاب تاريخ لما صدقته، لكننى قرأتها بنفسى فى كتاب (إغاثة الأمة بكشف الغمة) للمؤرخ المصرى العظيم المقريزى، ولذلك وحده صدقتها، مع أننى فى البداية ظننتنى أتوهم قراءتها بفعل إرهاق الصيام الذى كان يكتنفنى، وأنا أنتظر قدوم أذان المغرب، لكن التفاصيل بعد أن دققت النظر، وأمعنت فى القراءة بدت لى مقنعة، ولذلك صدقتها رغم كونها أعجوبة خارقة، ولكن هل تليق الأعاجيب إلا بمصر أرض المضحكات المبكيات؟


يروى المقريزى «.. وفى تلك السنة وقعت بمصر رجة عظيمة اهتزت لها البلاد، وانقلب حال العباد، وخرج الخلق إلى حوارى المحروسة وشوارعها زرافات ووحدانا يلعنون سنسفيل الوالى وذريته وحاشيته الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد وحق عليهم من الله سوط العذاب، وأخذ الناس يتصايحون بلسانهم العامى، وهم يزحفون نحو قصر الوالى (شيلوا الوالى وحطوا خروف.. يمكن يحكم بالمعروف- ارحل يعنى امشى.. يمكن مابيفهمشى)، ودارت بين الناس وجند الوالى مقتلة عظيمة سقط فيها مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وكان كلما سقط من الناس شهيد أو جريح كبروا وهللوا وجأروا إلى الله بالشكوى والدعاء، وزادت حماستهم أكثر، حتى إنهم لم يعودوا يطالبون برحيل الوالى عن سدة السلطنة فقط، بل أخذوا يطالبون بالقصاص منه هو وقادته ووضعهم على الخازوق أمام باب زويلة، إنفاذا لشرع الله، وحاصر الخلق قصر الوالى قبل أن يتبين لهم أنه هرب من سرداب أسفل القصر إلى ضيعة بعيدة كان يحب أن يقيم فيها، ولكى لا يقتحم الناس قصر الوالى خرج إليهم قائد جيشه وقال لهم إنه أجبر الوالى على ترك القصر حقنا للدماء، وإنه يضع نفسه هو وقادته وجنوده تحت تصرف الناس ويترك لهم حق اختيار حاكمهم كما يروق لهم.


اجتمع أعيان الناس وعوامهم فى ساحة قصر الوالى، وأخذوا يتشاورون فى ما بينهم عن اسم الوالى الذى يمكن أن يختاروه لكى يحكمهم، وكان الأعيان كلما طرحوا على الناس اسما من فضلاء المماليك صاح العامة رفضا له، وأخذوا يذكرون بعضهم بما ذاقوه من أشباهه قبل ذلك، وكان العامة كلما طرحوا على الأعيان اسما من بينهم يشتهر عنه النزاهة ونضافة اليد اتهمه الأعيان بأنه فور جلوسه على كرسى الولاية سيتجبر ويتفرعن ويصبح ألعن من المماليك الذين تولوا الحكم، وبعد أن ضج الناس بالشكوى من فرط الجدال والمراء، وشعروا بالقلق من فراغ قصر الولاية من وال يحكم البلاد، ويشكم من اعوجّ من العباد، قرر أهل المحروسة أن يحدثوا حدثا لم يسبقهم إليه أحد من قبل، إذ تذكر أحد الذين قادوا الناس إلى القصر ما كانوا يهتفون به فى الشوارع والحوارى، وهم يزحفون على القصر، وعزموا على أن يلقنوا سائر المماليك فى أرجاء المعمورة ممن يتجبرون على العباد درسا لن ينسوه، إذ ذهبوا إلى حظيرة السلطان، واختاروا من داخلها أكثر الخرفان هزالا وضآلة، وأحضروه إلى داخل القصر، وقاموا بغسله وتجفيفه ثم ألبسوه رداء مزركشا ووضعوا على رأسه تاج الولاية، وكان كلما استقر على رأسه أسقطه، فربطوه إلى رأسه بحبل، ووضعوه على كرسى الولاية، وتنادوا له بالبيعة، وزحف الناس من كل أرجاء المحروسة على قصر الوالى وهم يصيحون (يمكن يأمر بالمعروف)، وتوافدت وفود من الناس على قاعة الحكم، وأخذ كل من دخل يقبل رأس الخروف ويبايعه ويدعو له، ثم وقف القاضى الفاضل أمام الناس، وقال لهم (يا أهالى المحروسة لا تحسبوا أنكم جئتم شيئا إدا، فوالله لقد حكمكم من يمتلك هذا الخروف عقلا أرجح منه، واستبد بأمركم من لا يخاف من الله كما يخاف هذا الخروف.. فتوكلوا على الله وتواصوا فى ما بينكم بالحق وتواصوا بالصبر.. وعليكم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتراحم والمودة.. لا يبيتن أحدكم شبعانا وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم.. لا تصبروا على ضيم يحيق بكم.. ولا تنصروا ظالما على مظلوم.. وتالله لو فعلتم كل ذلك لدعوتم لمولانا الخروف بطول العمر ودوام البقاء).


ولم يلبث الناس إلا أن اختاروا من بينهم ثلاثة وزراء من صلحاء الناس وفضلائهم، على أن لا ينفرد أحدهم بالوساطة بين عموم الناس وواليهم، بل يقوم الثلاثة مجتمعون بكتابة كل ما تحتاج إليه البلاد من قرارات وأوامر وفرمانات على أوراق خضراء توضع فى زنبيل، ثم تعرض على الوالى أمام نخبة مختارة من الشعب، فيمد الوالى رأسه ويلتقط ورقة كما اتفق، فينتزعها الوزراء من فمه، ويقرؤونها على الناس فيهللون ويكبرون وهم يشكرون الله الذى أجرى الحق على فم الوالى الخروف الذى ما مد فمه نحو قرار أو فرمان إلا وحمل الخير للناس، وأمر بالعدل والإنصاف، بل تعجب الناس أن الوالى الخروف لم يقدم قرارا هينا على قرار عظيم، ولم يختر أبدا قرارا يحمل ظلما لبرىء أو يجور على حق ضعيف، أو يضع مظلوما فى غيابة السجن، وزعم الناس أن معجزة أنزلها الله على البلاد رأفة بحالها وشفقة بشعبها الذى تحمل من الجور والعسف ما لم تحمله شعوب الأرض قاطبة، وما علم الناس أن الأمر كله لم يكن حكمة تنزلت على الخروف، وإنما كان فى ما تحلى به وزراؤه من عدل وعقل وحكمة، جعلهم لا يضعون فى الزنبيل قرارا واحدا يحمل شبهة ظلم أو إجحاف، وأنهم تدارسوا فى ما بينهم ما تحتاج إليه البلاد ووضعوا لكل ما يشكو منه الناس حلا يرضى غالب الناس، وإن أغضب خاصتهم، وتذكروا أن ما أخرج الناس من بيوتهم صوب قصر الوالى هو شيوع الظلم وعموم الفقر، فعزموا أن لا يضعوا فى الزنبيل قرارا يوقع الظلم على أغلب الناس، وعملوا جاهدين على كتابة فرمانات تخفف فقرهم وعناءهم، وإن أغضبت أغنياءهم وسراتهم، ولذلك كان حضرة الوالى الخروف كلما مد فمه نحو الزنبيل أخرج للناس ما يجعلهم يعتقدون أنه مؤيد من الله بالحكمة، ويجعلهم يفخرون لأنهم هتفوا ذات يوم (شيلوا الوالى وحطوا خروف.. يمكن يؤمر بالمعروف)».


«مااااااااء.. ماااااااء.. مااااااء»، علت أصوات ثغاء خروف مجلجلة فى مسمعى، فأيقظتنى مما تبين أنه غفوة طالت قليلا فى انتظار أذان المغرب، كانت أصوات الخروف الذى احتجزه جارنا فى منور العمارة منذ أمس ليذبحه عقب صلاة العيد، نظرت إلى كتاب المقريزى الذى كنت أحمله بين يدى، فلم أجد سطرا واحدا مما توهمته، فانتابنى ضحك كالبكاء.
 المصدر : http://masrstars.com/vb/showthread.php?t=366898 - masrstars.com

مبادرة شعبية مصرية لاستقبال العام الجديد بالشموع فى ميدان التحرير لتشجيع السياحة

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com

مبادرة شعبية مصرية لاستقبال العام الجديد بالشموع فى ميدان التحرير لتشجيع السياحة
طرحت الناشطة السياسية المستقلة سمية الجناينى، اليوم الثلاثاء، مبادرة تستهدف تشجيع جذب السياحة لمصر خلال الفترة المقبلة عبر تقديم الوجه الحضارى للبلاد باستخدام ميدان التحرير، الذى أصبح واحدا من أهم معالم العالم بعد ثورة 25 يناير، وكذلك فى ميادين التحرير فى المحافظات والأقاليم المصرية المختلفة.

تقوم المبادرة على دعوة كافة أطياف الشعب المصرى لاستقبال الدقائق الأولى من العام الميلادى الجديد بالشموع فى ميدان التحرير وميادين المحافظات لتأبين شهداء ثورات الربيع العربى فى تونس ومصر وليبيا وسوريا، ويتضمن الاحتفال وجود شجرة عيد الميلاد التى يتم تعليق صور الشهداء عليها فى كل ميدان من هذه الميادين، بينما تتم تلاوة الترانيم وآيات القرآن على أرواح الشهداء.

وأكدت سمية الجناينى أنها مواطنة مصرية عادية لا تنتمى لأى تيار سياسى، وفكرت فى هذه المبادرة بعد أن لمست كيف تأثر موسم رأس السنة السياحى فى مصر، مما أثر على عدد كبير للغاية من المصريين الذين يعملون فى مجال السياحة وأضر بهم فى أرزاقهم ومعيشتهم، موضحة أن تحسين صورة مصر من خلال هذه المبادرة سيؤدى لايصال رسالة سلام وتحضر ومدنية الى العالم كله، وسيؤدى حتما لجذب المزيد من السائحين.

وأضافت أن كاميرات التليفزيون العالمية تتجول فى لحظات العام الميلادى الجديد عبر ميادين العالم المختلفة، ونريد لميدان التحرير فى هذه اللحظات أن يبعث برسالة حضارة وسلام وازدهار، لنرسخ الصورة العظيمة التى تأكدت خلال ثورة 25 يناير، مما يساعد بعد ذلك فى جذب المزيد من السائحين إلى مصر".

وردا على سؤال عن وسائل تنفيذ تلك المبادرة، قالت الجناينى إن اتصالات جرت خلال الساعات الماضية مع ممثلين عن السلطات الرسمية للحصول على التصاريح اللازمة، كما جرت اتصالات مع العديد من القوى الثورية والائتلافات الشبابية ومن بينها ائتلاف شباب الثورة، واتحاد شباب الثورة، وحركة 6 ابريل، والجمعية الوطنية للتغيير، وغيرها من الحركات والهيئات والأحزاب السياسية المختلفة.

وأضافت:" لا أريد للسياسة أن تتدخل فى هذه المبادرة فتفسد المعنى الجميل الذى يقف خلفها، نحن نرحب بكل المصريين من كافة الأطياف للاحتفال بمصر وبالثورة فى هذه الليلة، ونريد للعالم أن يرى ويشاهد الصورة الحضارية الرائعة للشعب المصرى الذى قدم- ولا يزال - الكثير من التضحيات لنيل حريته وتحقيق ديمقراطيته التى سيبهر بها العالم كما أبهره فى 25 يناير".
ودعت الناشطة السياسية المصرية المستقلة المؤسسات الحكومية مثل وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة للتعاون فى تنفيذ هذه المبادرة التى تخدم الأهداف التى تم من أجلها إنشاء هذه المؤسسات، وكذلك المؤسسات والشركات الخاصة، والمثقفين وأصحاب الرأى وكافة المواطنين المصريين

قران كريم