اتفقت مع الطلاب علي اجراء امتحان بشكل مختلف؛ حيث أنه سيكون أونلاين. وحددت لهم أنه يجب عليهم تأدية الإمتحان من 10 الي 11 صباحاً في يوم معين. لكن يمكنهم فعل ذلك من أي مكان متصل بالإنترنت في الجامعة أو المنزل أو حسب ما يرغبون.
وكانت إحدى الطالبات قد لفتت نظري قبلاً أن رأيتها تسرع بعد المحاضرات للخروج من القاعة برغم هدوءها وصمتها الدائم. ثم رأيتها بالصدفة في أحد الأماكن داخل الجامعة تبيع سندوتشات ووجبات خفيفة ساخنة. ثم علمت بعد ذلك أنها تصحو في الرابعة صباحاً لتقوم بالطبخ واعداد الأكل الذي ستبيعه، ثم تتجه الي الجامعة في السابعة صباحاً لتبيع الساندوتشات قبل بدء المحاضرات في الثامنة صباحاً. تفعل ذلك بشكل يومي متكرر باستثناء Weekends عطلة نهاية الأسبوع.
وفي يوم الإمتحان وبعد أن حل وقت الإمتحان علي الإنترنت، ومتابعتي لدخول الطلاب وتسجيل اسماءهم وبدء الإمتحان، قررت النزول الي أماكن التجمعات الطلابية داخل الجامعة. وبالفعل وجدت بعضهم يؤدون الإمتحان في معامل الكمبيوتر، وبعضهم في Study Rooms أو قاعات المذاكرة، وبعضهم الآخر في المكتبة. كان أغلبهم داخل الجامعة يؤدون الإمتحان.
توجهت ناحية الكافتيريات لأتناول شيئاً خفيفاً. لكن صدمني ما رأيت!! ... كانت تلك الطالبة واقفة علي المأكولات التي تبيعها، وتحمل في يدها Tablet 'تابلت' وتكتب فيه. ثم بين فنية وأخري، تترك التابلت لتبيع شيئاً لأحد الطلاب. ثم تسرع لالتقاط التابلت للمواصلة. كان منظراً مؤثراً ومهيباً يستحق التصوير والتسجيل. ولولا خصوصية الناس التي لا يجوز انتهاك حرمتها، لقمت بتصويره. بالطبع لم يكن أحد من الواقفين يفهم سر لهفتها علي البيع بسرعة والعودة للتابلت سواي!! ... بل ربما فسر البعض ذلك أنها تلعب احدي الألعاب Games أو تعمل Chat شات مع شخص أو ما الي ذلك.
فرغت من قهوتي وعدت أدراجي الي المكتب، كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة بقليل. كان وقت الإمتحان قد انتهي وأدي جميع الطلاب الإمتحان، فبدأت بسرعة في اجراء التقييم. لم يستغرق الأمر طويلاً حتي انتهيت من الدرجات. وما أن بدأت في فحص الدرجات، حتي علت وجهي الإبتسامة. كانت تلك الطالبة هي الوحيدة التي حصلت علي الدرجة النهائية في الإمتحان!! ... استلقيت علي كرسي المكتب سعيداً. انها من تلك اللحظات القلائل التي أشهد فيها بنفسي مظاهر الكفاح التي تؤدي الي التفوق والنجاح. لا تتكرر تلك المشاهد كثيراً في هذا الزمان. يالتلك الطالبة، لم يمنعها تحضير وبيع النودلز الساخنة (اندومي)، أو سندوتشات Hotdog الهوت دوج أو السامبوسه من التحصيل أو المواظبة علي الحضور بل حتي علي التميز والتفوق! وما أكثر الطلاب الذي يرهقون أهليهم مادياً ومعنوياً بنفقاتهم وتواكلهم وعدم جديتهم وقلة طموحهم، برغم توافر كافة الإمكانيات لهم.
ربما يكون أيضاً من أحد المميزات الخفية لاستخدام التكنولوجيا، تأدية امتحان عن طريق الانترنت في هذا السياق، هو رؤية البعد المجهول في حياة الطلاب والذي ربما يخفي عنا بطرق التعليم التقليدية.
# نجاح_بطعم_الكفاح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق