الخميس، 12 مايو 2016

نماذج مشرفة ابطالها ذو الاحتياجات الخاصة منقولة

"معاقون" نماذج مشرّفة أثبتت وجودها بالعرق والكفاحئ؟
بضعة حروف تفصل بين العجز بمعناه المادي، وعكسه، هذه الحروف القليلة تغطيها مفردة، قد يراها البعض في مواقفهم الحياتية المظلمة والمعاندة للأحوال، مرهماً بلا مفعول، أو قرصاً مسكّناً يزيد الألم، ويفتح الجرح على اتساع نزفه، فيأبى على الرتق أو الاندمال، ويضحي فريسة للعطن والعطب، هذه الحروف التي تحتويها مفردة الإرادة فعلت الأعاجيب منذ بداية الخلق، وستظل إذا ما استوعبها أصحاب المحن، وتمازجت مع الدم في العروق، واتخذوها كمصباح ديوجين يكشف لهم الحقيقة .

أسماء كثيرة في القديم والحديث ملأت الدنيا فلسفة وشعراً وأدباً وفكراً، قد لا يداني الكثير منه أدب أو فكر الأسوياء من مجايليهم، أبو العلاء المعري، وبشار بن برد، وسواهما في القديم، وطه حسين وعبدالحميد يونس وغيرهما في الحديث . . هؤلاء قادوا ونبغوا، رغم الظلام الذي يضرب أطنابه حواليهم، وأضحوا قادة فكر ورؤية، وهناك الكثيرون غيرهم من أصحاب الإعاقات المختلفة من حققوا بطولات رياضية، وقدموا أفكاراً تنم عن إبداع حقيقي، وأضحوا هم الآخرون أعلاماً في أعمالهم وأنجزوا الكثير مما لم يقدر عليه غيرهم . والتحقيق التالي يقدم نماذج أخرى ماثلة أمام أعيننا، ونلمس إنجازاتها، التي تشي بقادة في المستقبل .

يحظى هشام الوحدي الذي يعاني إعاقة بصرية، ويعمل مدقق برايل بمطبعة المكفوفين التابعة لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، بشعبية كبيرة بين زملائه في العمل، الذين يشيدون بأخلاقه الرفيعة في التعامل مع الجميع وتفانيه في أداء عمله .

ويقول الوحدي إنه لا يواجه أي صعوبات في مجال العمل بفضل الله أولاً، ثم بفضل قيام القائمين على المؤسسة بتوفير بيئة سليمة، يشعر فيها بأنه عنصر فاعل ومؤثر، ويلقى كل التعاون من زملائه الذين لا يشعر معهم بأنه يعاني أي إعاقة .

وعن كيفية حصوله على هذه الوظيفة، قال إنه فور انتهائه من الدراسة الجامعية اتصلت به مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، لتبلغه بوجود فرصة عمل بمطبعة المكفوفين، حيث قام بتقديم أوراقه، ليتم قبولها على الفور .

وأوضح الوحدي أن طبيعة عمله تتمثل في التدقيق على الكتب التي تتم طباعتها من خلال مطبعة المكفوفين بطريقة برايل، وتصحيح ما بها من أي أخطاء لغوية وتنسيقها، تمهيداً لطرحها على مستخدمي هذه الطريقة، مضيفاً أنه يحب طبيعة عمله لما تحققه من فائدة تتمثل في توفير فرص التحصيل العلمي لذوي الإعاقة البصرية .

كما توجه بخالص الشكر والامتنان للقيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، للجهود الكبيرة والمستمرة لتذليل المعوقات كافة التي قد تواجه ذوي الإعاقة، وتوفير الرعاية والعيش الكريم لهم .

معاق وليس عاقَّاً

إسماعيل إبراهيم البشيتي، أحد الأشخاص الذين كانوا ضحية الأخطاء الطبية، التي من جرائها وُلد بعاهة مستديمة، رافقته طوال سنوات عمره الـ 36 ولاتزال ترافقه .

المشكلة أن إبراهيم لم يصب بالإعاقة بسبب مرض وراثي أو زواج أقارب، أو إصابة والدته بإحدى المشكلات الصحية أثناء الحمل، بل ببساطة، هو خطأ الطبيب الذي ولَّده بالمستشفى، حيث لم يكن هذا الأخير حريصاً وأميناً على القَسم الذي أداه، بل كان مستعجلاً، أو كان ذهنه مشغولاً بشيء غير العملية، فقام بسحب الطفل برعونة وخشونة، أدّت إلى كسر الأعصاب في جسده، مما سبب له إعاقة في الحركة وفي النطق أيضاً، حيث لم يستطع المشي إلا بعد بلوغه سن السادسة .

وبعد مجيئه إلى الإمارات مع أسرته، وهو في سن ال 6 أشهر، تم إلحاقه بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إحدى مؤسسات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، ليتم تأهيله، ومن ثم ليصبح طالباً في صفوفها، وبعدها موظفاً حتى اليوم .

والذي يتعرف إلى إسماعيل يلمس دماثة أخلاقه وابتسامته التي لا تفارق وجهه وتفاؤله المستمر، وقد يصح أن يكون نموذجاً لأمثاله، ولنا جميعاً أيضاً .

قد يتساءل البعض: لماذا؟

والجواب هو أن إسماعيل اليوم رب لأسرة تتألف من ثلاث بنات، هن: هدى (9 أعوام)، ووعد (8 سنوات)، وليال (5 سنوات)، وأخيراً إبراهيم (5 أشهر) .

أما كيف يعيل هذه الأسرة، فإسماعيل يعمل في وظيفتين، الأولى في مدينة الشارقة للخدمات الاجتماعية، حيث يقوم بتصوير أوراق العمل وطباعتها في قسم الإدارة، وفي الفترة المسائية تجده جالساً في مركز الفردان يبيع بطاقات الهاتف التي تدر عليه دخلاً يعينه على حياته وتربية أولاده الذين يتعلمون في المدارس، باستثناء الوليد الصغير، وهناك ترى حوله بناته يلعبن في المركز، وهو يراقبهن بعينيه المملوءتين بالحب والحنان والعطف، وأيضاً الحرص .

وأصبح لإسماعيل الكثير من العلاقات الاجتماعية من خلال مهنته التي لا تقتصر على ذوي الاحتياجات الخاصة، بل من الشرائح كافة الذين يحرصون على تحيته وسؤاله عن أخباره وعلومه وصحته .

وُلد إسماعيل بمصر، حيث كان يعيش مع أسرته الفلسطينية متواضعة الحال، وبالتالي لا يوجد فيها أحد معاق غيره، واهتم والداه به كثيراً، وأخضع للعديد من العمليات، حتى وصل إلى الحالة التي هو عليها، ولحين كتابة هذه السطور، فإن إسماعيل لايزال في حالة نقاهة من آخر عملية أجريت له في قدمه الأسبوع الماضي .

أما سبب نجاحه واستمراره وحبه للحياة وتكوين أسرة، فلزوجته ابنة خالته الدور الكبير، تقول مريم: تعرفت إليه وإلى أسرته في إحدى مرات زياراتنا لمصر، فأنا من سكان غزة، وهو يقيم بالإمارات، ومن الصعب لقاؤنا، ولفت نظري كثيراً حبه للحياة، وعدم شعوره بالإحباط نتيجة لوضعه الصحي، واتفقنا على الارتباط، وكان هذا بموافقة الأهل طبعاً، ومن ثم جئت إلى الإمارات، ونحن نعيش حياة سعيدة باستثناء المشكلات التي تواجهها أي أسرة، فإسماعيل قادر على استيعاب الأمور كافة، بمعنى أنه مسيطر على الوضع، واليوم همه الكبير الذي يشغل باله كثيراً هو أولاده، وكيفية تربيتهم وتعليمهم بمستوى جيد .

كما أن وضعه الصحي يزعجه، لأن الأوجاع تزداد عليه وتؤرقه، ولكنه على مستوى الأبوة رائع وحنون وعطوف جداً، وقد خلق علاقة جميلة مع بناته، ولا توجد مشكلة في التعامل معهن من ناحية النطق، بل تعودن عليه، ويفهمن فوراً ما يريده .

وعن يومياته، تقول مريم، التي تصغر إسماعيل بـ 10 أعوام: يداوم صباحاً في مدينة الشارقة للخدمات الاجتماعية التي سبق أن تلقى علومه في صفوفها الخاصة بالمعاقين، ودرس لغاية الصف الثالث الإعدادي، وكان أن أكرمته المدينة بتوظيفه، ويمضي فترة ما بعد الظهر مع أولاده الذين يحبونه كثيراً، وهو بالمثل، واليوم أصبح سعيداً أكثر بولادة إبراهيم الذي سماه على اسم جده، ويأمل إسماعيل أن تتحسن أحواله إلى الأفضل، خاصة بعدما كبر الأولاد، وبدأت حاجاتهم ومتطلباتهم تزداد .

إعاقة مبدعة

لم تمنع الإعاقة منار الحمادي من إحراز أعلى نسب التحصيل الأكاديمي، والتفوق على كل زملائها بالجامعة، لأنها أدركت تماماً أن الصبر على المحن أهم مقومات النجاح، لتؤكد أن العمى عمى القلوب، لا عمى النظر، وأن الشخص في حياته يصنع الكثير .

منار التي أصيبت بفقدان البصر منذ مولدها، استطاعت بإرادتها القوية أن تتخذ من إعاقتها دافعاً إلى مزيد من النجاح والنبوغ، حتى أصبحت الآن واحدة من حَملة الشهادات اللاتي يسعين إلى رد الجميل الذي يحملنه في أعناقهن لخدمة بلدهن الذي أعطاهن الكثير، خاصة أن منار درست على طريقة برايل في مركز رعاية المعاقين في دبي، وأوجدت لنفسها مناهج تتعلم منها، وكانت فكرة الدمج فكرة جديدة يصعب على المجتمع فهمها، ولكن رفض المجتمع أحياناً لها، لم يمنعها من مواصلة حبها للتعلم، فأكملت دراستها الجامعية وكانت أول كفيفة تتخرج في جامعة الشارقة من كلية الآداب والعلوم، في تخصص علم الاجتماع، وبعدها توجهت إلى مؤسسة التمكين لفاقدي البصر لأخذ دورات في اللغة الإنجليزية وخدمة العملاء والحاسب الآلي .

منار متميزة في عملها في إدارة الإقامة وشؤون الأجانب في دبي، فهي ترد على الاستفسارات الخاصة بقسم الموارد البشرية بالإدارة، وهي مثال جيد في العمل بين زملائها في العمل، ولم تمنعها آفتها من الغوص في بحور الإبداع، فاستطاعت من خلال قلبها المرهف أن تعي مكامن كيفية الوصول إلى قلوب جميع العاملين معها، وتمكنت من خلال أفقها الواسع أن تعبر إلى حدود أبعد من الخيال .

خرجت منار من ظلام بطن أمها إلى ظلام الحياة، ولكن مقدرتها وحبها للنجاح دفعاها إلى أن تلوّن هذا الظلام، وترسم بدلاً منه لوحات بألوان تتخيلها، وخضعت لبرامج تدريبية أهّلتها لتبدع في مهارات تخص إعاقتها، ودعمتها الإدارة في تنفيذ ملتقى أسمته على اسمها منار لتثقيف الموظفين على كيفية التعامل مع المكفوفين .

كفاح ونجاح

إن الحياة رحلة كفاح وقصة نجاح تبدأ بالطموح لتنتهي بتحقيق الهدف، ولكل فرد منا تجربة يسردها لمن يحب، لعلها تكون عبرة لأخ أو ابن أو صديق أو شخص عزيز، فالإنسان الذي وهبه الله عز وجل العقل والصبر يعمل جاهداً على تخطى الصعاب، والتسلح بالإرادة من أجل الوصول للهدف، سواء كان صحيح البدن ومعافى، أو العكس .

ومن تلك القصص التي لا بد من الإشارة إليها، رحلة كفاح وقصة نجاح للطالب الكفيف المواطن عبد العزيز نجم قاسم الذي لم يتجاوز عمره 19 عاماً، ويدرس في مدرسة حميد بن عبد العزيز في عجمان بالصف الأول الثانوي .

عبدالعزيز نجم برغم فقدانه بصره منذ نعومة أظفاره، فإنه تمسك بحبل الصبر، والعزيمة المتوقدة، والسعي الدؤوب نحو التميز والنجاح، وقال لنا والابتسامة تعلو محياه: إنها الإرادة التي كنت متسلحاً بها، وصبرت وحمدت الله عز وجل أن وهبني أسرة التفت حولي وساندتني، ووطناً كبيراً يسكن جوارحي، ولم يبخل على أبنائه يوماً بشيء .

وأضاف: تسلحت بروح الإيمان والعزم والطموح، فكان التفوق العلمي سر نجاحي، واتخذت من المسرح مكاناً لعرض إبداعاتي وتحقيق هدفي الذي أسعى إليه جاهداً، وأوغلت في حب الفن، والإنشاد، والتمثيل وكتابة السيناريوهات الأدبية، فكانت أولى وقفاتي تقديم مسرحية همسة أمل التي عرضت بأبوظبي، و7 زهرات، التي قدمتها بمناسبة اليوم الوطني الأربعين، لقيام اتحاد دولة الإمارات .

يقول عبدالعزيز قاسم: رغم إعاقتي البصرية، فهي قدر المرء، وبالتالي لا بد للحياة أن تتواصل بدعم الأسرة والمجتمع، فكلاهما يمثل ركيزة أساسية للإبداع ودعم المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن قد تجري الرياح بما لا أشتهي، فقد اصطدمت بواقع أزعجني وأحبط من عزيمتي على الرغم من تعاملي مع الفنان جابر نغموش، والكاتب جمال سالم في مسلسل حاير طاير، إضافة إلى تقمصي إحدى شخصيات شعبية الكرتون، الذي عرض على شاشة سما دبي خلال شهر رمضان للعام الماضي، حيث تقمصت شخصية المرأة العجوز المتحدثة باللغة اللبنانية .

وآمل أن أجد لي مكاناً في قناة ما، أو برنامج أو استوديو إعلامي، يمثل حلقة تواصل بيني وبين وأفراد المجتمع من دون حواجز أو قيود، ولكن للأسف لم أجد آذانا صاغية أو حاضنة لطموحاتي المهنية، فطرقت أبواباً عديدة من القنوات التلفزيونية بالدولة، إلا أن إعاقتي كانت سبباً في عدم قبولي وتحقيق حلمي .

ويؤكد أنه على يقين وأمل، أن يأتي اليوم الذي يتحقق فيه هدفه، خاصة أن لدولة الإمارات قادة عظاماً أوفياء لوطنهم وأبناء شعبهم، يلبون طموحاتهم ويدعمونهم، فهو يحلم حلماً بأن يقابل والده وقدوته الذي لم يره بعينيه، ولكن يلمسه بأحاسيسه ومشاعره، إنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فسموه كرَّس ولا يزال يكرّس ويدعم الإبداعات والطاقات من أبناء الدولة من دون تمييز أو تفرقة بين أحد .

لا صعوبة عملية

فيصل الجسمي، موظف إداري في محاكم دبي، ويعاني إعاقة حركية، يؤكد أن إعاقته لا تقف أمام قيامه بواجباته في خدمة الجمهور، رغم الصعوبات التي تواجهه في العمل، حيث إنه يعمل في المحاكم منذ العام 2003 .

وتقتضي مهام الجسمي مقابلة الجمهور، وتسجيل الملفات ، وتجهيز الإعلانات للأطراف المتخاصمة، وإرسالها إلى التدقيق، حيث يقول: هناك صعوبات تواجهني مع المراجعين المتحدثين بلغات مختلفة، لكنني أحاول دائما فهم ماذا يريدون، وفيما يتعلق بالصعيد العملي، فلا أجد أي صعوبة .

تنقل الجسمي في وظائف عدة في المحاكم، منها الأرشيف وخدمة الجمهور، حيث يشير إلى أن المعاقين قادرون على العمل بكفاءة في مختلف القطاعات، وأنه يجب على المسؤولين عدم جعله، يشعر بأنه ناقص عن بقية الموظفين . ويطالب الجسمي المؤسسات والوزارات بالاهتمام بالمعاقين لأنهم قادرون على تنفيذ عدة وظائف بفعالية، وإحداث تغييرات مهمة في آليات سير العمل .

الجسمي حاصل على شهادة الثانوية العامة، ويرغب في إكمال دراسته إما في العلاقات العامة، وإما في برمجة الكمبيوتر .

برفقة الكرسي المتحرك

أشارت ليلى إسماعيل الحوسني (29 عاماً)، إلى أنها تعاني شلل أطفال، أصابها بعد 40 يوماً من الولادة، وحكم عليها أن تمضي حياتها برفقة الكرسي المتحرك للأبد، مؤكدة أنها تمكّنت من التغلب على هذا العجز، فأمضت سبع سنوات في مجال العمل، في جهات مختلفة .

وتضيف: تم تعييني من قبل مركز وزارة الداخلية لتأهيل وتعيين ذوي الاحتياجات الخاصة، وبدأتُ حياتي العملية في بلدية أبوظبي كموظفة استقبال، وتلقي المكالمات الهاتفية لمدة ثلاث سنوات، وبحثت عن وظيفة أخرى بعيدة عن مجال الاستقبال، وتلقي الاتصالات الهاتفية، في العديد من الجهات الحكومية والخاصة، وكنت أوفق في إيجاد الكثير منها، لكن المشكلة أنها كانت في مجال الاستقبال أيضاً، فأنا أعمل الآن موظفة استقبال في هيئة البيئة بأبوظبي .

ولم أواجه أي صعوبات سواء من زملائي في العمل، ولا مع أفراد المجتمع ككل، مشيرة إلى أن نظرة المجتمع اختلفت تماماً عما كانت عليه في السابق، حيث أصبح المجتمع أكثر تقبلاً لوجود المعاق في كل الأماكن العامة، كما عملت الدولة على توفير المرافق كافة التي تخدم المعاق وتيسّر حركته، موضحة أنها تعاني قلة مواقف السيارات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى الرغم من قلتها، يلجأ البعض إلى استخدامها، متسبباً في عرقلة حركتها، وزيادة معاناتها .

وقالت ليلى الحوسني: بحث والدي منذ طفولتي عن علاج مناسب لحالتي، ولكن علاج شلل الأطفال لم يكن متوافراً داخل الدولة، ولم أسعَ للسفر خارج الدولة لتلقي العلاج، تقبلت مشكلتي الصحية، ولم أسمح لإعاقتي بأن تمنعني عن مواصلة طموحي، أكملت دراستي الثانوية في المدارس العادية، ولم ألتحق بمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، بدأتُ دراستي الجامعية، وأنا كلي حماسة لأواصل حتى النهاية .

نماذج مشرفة

نموذج من النماذج المشرفة من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة الغربية استطاعوا أن يتحدوا إعاقتهم وأن يثبتوا أنفسهم وجدارتهم، وأنهم يستطيعون الإنتاج في مختلف المجالات، من هذه النماذج أحمد علي صابر المزروعي وخليفة سعيد بن حميلة المزروعي .

قال أحمد علي صابر المزروعي إنه من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يعمل مساعداً إدارياً في إحدى الجهات الحكومية منذ أعوام، مشيراً إلى أن إعاقته لم تشكّل أي عقبة في طريقه، بل عمل وتحدى نفسه والجميع من أجل أن يصل ويعمل ويشارك في الحياة المجتمعية، مشيراً إلى أنه يعدّ نفسه كأي شخص عادي يعيش حياته بصورة طبيعية، ويمارس النشاطات والهوايات كافة .

ولفت إلى أنه لا يخجل من الإعاقة، بل يعدّها تحدياً، لأنها أوصلته إلى ما هو عليه الآن من النجاح والصمود في وجه أي عقبة، مؤكداً أن قيادتنا الرشيدة، أسهمت في تذليل الصعوبات لإيجاد فرص العمل المناسبة لنا .

من جهة أخرى، قال خليفة سعيد بن حميلة المزروعي إنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إنه لم يولد بالإعاقة، إنما تعرض لحادثة قبل 13 عاماً أدت إلى كسر الرقبة، ما تسبب له في حدوث إعاقة، مشيراً إلى أنه يعمل في مجال التجارة والأعمال .

وأشار إلى أنه أب لأسرة مكونة من طفلين، حيث تزوج منذ ثلاث سنوات، وهو العائل الوحيد لأسرته، مشيراً إلى أنه، بفضل من الله، ودعم أسرته، خاصة والده وخاله، تجاوز هذه المحنة، بل تحدى نفسه والجميع، وأثبت أنه يستطيع أن ينجز أي عمل مثل أي فرد عادي .

وأوضح أن التشجيع والدعم المتواصل من قبل أصدقائه هو ما أسهم في أن يكون شخصاً منتجاً، وأن يعمل من أجل ذاته ليحقق هدفه وطموحه الذي يصبو إليه في الحياة .

شعاره في الحياة لا يوجد مستحيل في طريق النجاح

غريب المطوع: طموحي يقودني إلى مناصب قيادية في العمل

غريب عبيد المطوع (39 عاماً)، شاب طموح، شعاره في الحياة لا يوجد مستحيل في طريق النجاح، تحدى الإعاقة الجسدية بتصميمه على تسلق السلم الوظيفي، ليصل إلى منصب رئيس قسم خدمة العملاء في وزارة البيئة والمياه، فرع المنطقة الوسطى .

يقول غريب إنه بدأ في ممارسة عمله في العام 1999 محاسباً، ثم رئيس وحدة مراقبة المستودعات في العام ،2000 ثم رئيس قسم الشؤون الإدارية في العام ،2004 ليصل إلى منصبه الحالي في العام ،2010 إلا أن طموحه في المستقبل، يقوده إلى مناصب قيادية في الوزارة، تجعله أكثر عطاء لوطنه، مؤكداً أن الإعاقة لا تشكل تحدياً له، خاصة في ظل ضغوط العمل، حيث إنه بالإرادة يمكن حل جميع المصاعب، بفضل من الله ودعم المسؤولين له في الوزارة .

ويضيف: أعتقد أنني قادر على تحقيق أهدافي الوظيفية، حيث أعمل في إطار وصف وظيفي محدد لجميع رؤساء أقسام خدمة العملاء، بغض النظر عن وضعهم، كما يوجد لدى القسم خطة عمل محددة لتحقيق الأهداف، بناء على مبادرات الوزارة والأهداف الاستراتيجية، كذلك لا توجد أي صعوبات في إدارة العمل في مركز خدمة المتعاملين، فقد قمت بتطوير مهاراتي في العمل الإداري، من خلال التدريب المستمر، والتعلم الذاتي، وحضور ملتقيات أفضل الممارسات في مجال خدمة التعاملين، المنفذة من قبل رئاسة مجلس الوزراء، لتطبيق أفضل الممارسات في مجال خدمة المتعاملين، والتدريب على دليل جودة الخدمات، حيث يتم في الوقت الحالي استخدام أحدث التقنيات في إنجاز معاملات الجمهور .

ويشير إلى عدم وجود ما يعيق عمله اليومي، حيث إن لديه الخبرة الكافية في مجال العمل الإداري، والعلاقات الطيبة مع زملاء العمل في جميع الوحدات التنظيمية التابعة للوزارة، إضافة إلى توفير جميع التسهيلات في مقر العمل لذوي الاحتياجات الخاصة، مثل الأبواب الإلكترونية ودورات المياه وغيرها، لافتاً إلى أن لدى المتعاملين وعياً بقدراته في إنجاز المعاملات، وحل المشكلات من واقع التعامل المستمر معهم، ولا وجود لنظرة الشفقة معه .

وعن أكثر المواقف الصعبة التي مر بها خلال العمل، يقول غريب إن التنقل في أرجاء المبنى القديم، كان يعد من أكثر هذه المواقف صعوبة بالنسبة إليّ، حتى تم إحلال المبنى من قبل وزارة الأشغال العامة، بما يتناسب مع حالة ذوي الاحتياجات الخاصة، أما أكثر المواقف التي جعلته يضحك خلال تأديته لوظيفته، فيتمثل في قيام زملائي بتنظيم حفل مفاجئ تقديراً لجهودي في تطوير العمل .

ويؤكد أنه منذ الصغر يفضل الاعتماد على نفسه، والاستقلالية في كل شيء، كما أنه لا يفضل العيش عالة على المجتمع، الأمر الذي دفعه إلى التصميم على دخول سوق العمل، لإثبات ذاته وقدراته الوظيفية كأي إنسان آخر، كما أنه يتوجب عليّ المساهمة في نهضة وطني، مثل أي مواطن يعيش في هذه الدولة .

ويوضح أن المحيطين به سواء من أهل أو أصدقاء أو زملاء وظيفة، يشجعونه على مواصلة تحقيق طموحه، والوصول إلى أعلى المناصب القيادية، وخير مثال على ذلك تكريمي من قبل الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه، ضمن قيادات الصف الثاني، في حفل شموخ الإمارات بمناسبة اليوم الوطني ال 40 لدولة الإمارات العربية المتحدة، كذلك تكريمي من قبل الدكتورة مريم الشناصي، وكيل الوزارة، لمساهمتي في تطوير خدمات إلكترونية لخدمة العملاء .

ويقول غريب إنه على ذوي الاحتياجات الخاصة جميعاً، عدم الشعور بالخوف من دمجهم في سوق العمل، بل المبادرة وتطوير المهارات لإثبات قدراتهم كالبقية، حيث لديه شعارات يطبقها في حياته ومنها، عند وضع هدف لا بد من الوصول إليه وإن اختلفت الطرق، لا يوجد شيء مستحيل في طريق النجاح، الإعاقة الجسدية يجب ألا تتحول إلى إعاقة ذهنية ونفسية تدفن المواهب والقدرات الموجودة لدى الإنسان .

يقود سيارته إلى العمل ويمارس الرياضة وفاز بميداليتين ذهبيتين

أب لـ 8 أبناء: الإعاقة لا تمنعني من تنفيذ واجبي

المواطن غلام خورشيد أب ل 8 أبناء يعمل في محاكم دبي كاتب أرشفة إلكترونية للقضايا، لم تمنعه إعاقته الحركية من مجاراة زملائه الأسوياء في تنفيذ المهام المنوطة به، على أحسن وجه .

يقول لـالخليج إن هناك ضغطاً كبيراً في العمل، حيث يقوم بأرشفة 50 إلى 80 ملفاً يومياً، ورغم هذا يستطيع تنفيذ عمله على أكمال وجه، بالتعاون مع زملائه في القسم .

ويشير إلى أنه لا يشعر بأنه يعاني إعاقة أثناء عمله، فلا يعاني أي تميز من قبل زملائه، لافتاً إلى أن نظرة الناس إليه طبيعية في الحياة اليومية، وأنه يحب عائلته، ويسعى دائماً إلى تأمين سعادتها .

يأتي خورشيد كل صباح إلى العمل بواسطة مركبته الخاصة المعدة لتتماشى مع احتياجاته الشخصية، التي ساعدته على إعدادها هيئة تنمية المجتمع، ووفرت له كرسياً متنقلاً خاصاً يساعده على الحركة والتنقل في أروقة المحاكم، حيث إن سعر هذا الكرسي غال في السوق، إذ يصل إلى قرابة 25 ألف درهم، ولم يكن خورشيد ليؤمِّنه لولا هذه المساعدة .

في عالم خورشيد المقابل للعمال، هناك رياضة خاصة يمارسها، حيث فاز مؤخراً بالميدالية الذهبية في رياضة رفع الأثقال التي نظمها نادي الثقة للمعاقين عن وزن 67 كيلوغراماً، وشارك أيضاً في بطولات محلية وعالمية، لرفع الأثقال، وفاز السنة الماضية أيضاً بميدالية أخرى، يقول خورشيد: بعد العمل أتناول غدائي، وأذهب إلى النادي لرفع الأثقال لأنني أحب هذه الرياضية .

ويؤكد خورشيد أن ذوي الاحتياجات الخاصة قادرون على تخطي الحواجز، والعقبات، وإنهم رغم الإعاقة يقومون بعملهم في المؤسسات الحكومية على أفضل وجه .

ليست هناك تعليقات:

قران كريم