الجمعة، 29 مارس 2013

جلال عامر بقلم رامى اﻻبن. منقولة

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com مقدمتى لكتاب (قُصر الكلام) لـ "جلال عامر" والصادر عن دار الشروق.. ******************************** ((عن أبي أتكلم)) بقلم: رامي جلال عامر **************** بعد انفصال سوريا عن مصر وقف السفير السورى يقدم أوراق اعتماده لعبدالناصر فقال: «أقدم إليك اليوم أوراق اعتمادى سفيراً، وكأننى ما عشت يوماً فى دولة أنت رئيسها»، فبكى الحاضرون.. ويطلب منى الجميع اليوم أن أتحدث عن جلال عامر وكأننى ما كنت أتحدث معه منذ أيام، يطالبوننى بالحديث عن التشخيص الخاطئ لأطباء هواة فى بلد الشهادات، أو الرفض القاطع لعربة الإسعاف الحضور فى منظومة فاسدة، ودائماً ما يراودنى مشهد خيالى مفاده أننى إذا قلت لمسؤولى الإسعاف الأغبياء يومها إن الراقصة الفلانية تحتاج إليهم، لا أظنهم كانوا سيتأخرون، فمصر لا تُبقى على من «يحبها» لكنها تُبقى على من «يهزها»! مشاهد لا حصر لها جمعتنى بجلال عامر، لكن يبقى أمام عينى مشهد النهاية، إحدى أصعب اللحظات التى قد تمر على ابن، فحين تضع والدك فى الكفن، فأنت فى الحقيقة تقطع جزءاً من جسدك وروحك وتستعد لإكمال حياتك دونه، تذكرت كيف كان يعتنى بى وأنا طفل صغير، أدركت لحظتها أنه كبر لدرجة أنه صار طفلى.. ملت عليه قائلاً- وكأنه يسمعنى: «ما تقلقش، كله هيكون تمام، إنت سايب راجل».. كنت أحسد الجميع لأن لديهم رفاهية البكاء، أما أنا فللأسف حُرمت من تلك النعمة.. خلال الأيام الثلاثة الأولى من الرحيل ظل عدد من يدعون أنهم أوصلوا أبى إلى المستشفى بعد تعبه فى ازدياد، حتى ظننت أن المظاهرة كان هدفها الوصول للمستشفى لإيداع جلال عامر والمطالبة بعزل المدير! تفهمت الأمر على أساس أن هذا طبيعى فى مثل هذه الظروف، وللكاميرات سحر تصعب مقاومته!! وللأمانة أنا لا أعرف إلى الآن، هل حقاً مات الرجل أم مات إحساسى بموته! يقول محمود درويش: «هزمتك يا موت الفنون جميعها»، وأعلم أن أبى سيبقى مع الجميع بأفكاره وكتاباته، لكن بالنسبة لى الأمر مختلف، فقد فقدت «كل شىء»، كان يملأ كل فراغ بشكل بارع ومكثف مثل كتاباته، مشتركات كثيرة بيننا تجعل منا «توأم سيامى»، إذا مات أحدهما وجب على الآخر الموت، وظنى أننى إن استوعبت رحيله سأرحل فوراً، وهو ما لن تتحمله أسرتى الآن، لذلك نؤجل اللقاء، لكن سيظل قول «ناظم حكمت» ماثلاً أمامى باستمرار: (فى مغيب آخر أيام عمرى، سوف أراك وأرى أصدقائى، ولن أحمل معى تحت الثرى غير حسرة الأغنية التى لم تتم).. الله يرحمك يا جلجل.

ليست هناك تعليقات:

قران كريم