الجمعة، 25 نوفمبر 2011

مقال الكاتب المحترم جمال فهمى

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com

«الديكتاتورية» مطلب شعبى..!! November 25th, 2011 10:23 am

لم يقتنع زملائى فى قسم التصحيح بهذه الصحيفة ولم يستسيغوا استخدامى، فى مقال أمس، مقطعا مشهورا (عند جيلى) من أغنية رائعة لفيروز (فيروز نفسها يكاد جيلى يحتكر شهرتها) عنوانها «سيف فليشهر»، هذا المقطع نصه الأصلى يقول: «الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتُقرع»، والمقصود هو «عودة» شعبنا الفلسطينى لأرضه السليبة المسروقة، وقد استعار العبد لله شطره الأول غير أن الزملاء لاحقوه بإصرار وبسالة فى الموضعين اللذين استعملته فيهما وأجروا له عملية جراحية دقيقة وناجحة انتهت باستئصال كلمة «ليس» وأبدالها بـ«لا» فأضحت العبارة «الآن الآن لا غدا»!!
طبعا الزملاء (ربما بسبب اختلاف الجيل) لن يعتذروا لفيروز أو مبدع الأغنية الشاعر سعيد عقل عن التشويه غير المقصود لتناسق موسيقى المقطع المذكور، لهذا لا سبيل أمامى إلا أن أعتذر أنا للاثنين.
والآن أنا أخشى أن أعود لاستخدام «ليس» من جديد فيلاحقها زملائى بالبتر والتغيير أو يضطرون حذف المقال كله، ومع ذلك سأغامر وأتجاسر وأقول إننى «ليس» عندى أى وهم أن رأى عبد الله الفقير معتبر أو له أى قيمة عند الأخ المجلس العسكرى الذى لا يحفل ولا يعتبر ولا يهتز رمش واحد فى عيون سيادته الكحيلة، بينما المحرقة الرهيبة التى أقامها التابعون لسلطة جنابه تحصد كل ساعة وكل دقيقة عيون وأرواح بعض أجمل وأنبل شباب هذا الوطن، غير أن غياب هذا الوهم لن يمنعنى من أن أنذر المجلس وجنرالاته بأن استمرار مقتلة التحرير الإجرامية وعدم وضع حد فورى ونهائى لها «الآن الآن وليس غدا»، سوف يجعلنى أغير رأيى الداعى إلى القبول الاضطرارى بحكومة وحدة وطنية قوية وقادرة تتمتع بسلطات حقيقية واختصاصات واسعة كحل وسط يجسر الهوة بين مطلب شبابنا الثائر أن يرحل الجنرالات عن الحكم فورا ونهائيا، ورغبة هؤلاء فى البقاء كما هم ممسكون ومحتكرون لكل سلطات الحكم والتشريع إلى أن تنتهى واحدة من أسوأ وأخيب وأثقل مراحل الانتقال التى مرت بها شعوب الدنيا التى انتفضت وثارت على القهر والظلم والطغيان.
يعنى إن لم ترتدعوا وترعووا وتوقفوا هذا الإجرام الوحشى فسأعود للهتاف مع شبابنا فى ميدان التحرير: ارحلوا وحلوا عن سمانا وانزاحوا من فوق قلوبنا.. الآن الآن وليس غدا.
وبمناسبة «غدا» لم أفهم التلويح والتهديد الذى تضمنته كلمة المشير حسين طنطاوى باللجوء إلى استفتاء شعبى على بقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الحكم «إذا دعت الضرورة».. والواقع أن لا ضرورة ولا فائدة أبدا من الإقدام على إجراء شاذ من هذا النوع سوف يفتح أبواب البلاد أمام شرور عظيمة قد يكون أهونها «شرعنة» الديكتاتورية والفاشية وتحويل استبدال الحكم العسكرى بالديمقراطية إلى خيار أو مطلب شعبى (على فكرة، النازيون الألمان صعدوا إلى السلطة عبر انتخابات نزيهة).
غير أن أبشع شرور هذا الاستفتاء العجيب أنه يؤسس لتصدع وانقسام وانشطار سياسى ومجتمعى خطير وطويل المدى، ربما تصل التفاعلات الناجمة عنه إلى شىء أشبه بحرب أهلية رهيبة يتقاتل على جبهتها بسطاء الناس وعوام المواطنين من جهة، وقطاعات وشرائح المجتمع الأكثر تعليما وانفتاحا وتطلعا للتقدم والنهوض والحرية فى الجهة الأخرى.. إنه عمل متهور وكارثى يتناقض مع مقتضيات الضمير والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن.

ليست هناك تعليقات:

قران كريم