السبت، 30 يوليو 2011

شعر امل دنقل

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com




البكاء بين يدي زرقاء اليمامة



رقم القصيدة : 20 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !


ضد من



رقم القصيدة : 392 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,
***
ضِدُّ منْ..?
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!
***
بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ!


شجوية



رقم القصيدة : 398 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: سماع


لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ?
أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه,
(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)
أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ
(تهدُرُ مثل الطَّواحين)
لكنَّها بغتةً..
تَتباعدُ شيئاً فشيئا..
ويصحو نِداءُ الكَمان!
***
أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:
أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً..
رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!
***
لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?..
فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..
فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ,
نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي,
تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..
وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!
شوارعُها: فِضّةٌ!
وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..
ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!
وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ
ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!
أُحبُّكِ,
صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!
وصارَ يمامُ الحدائقْ.
قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ
وغَابَ الكَمانْ!


الموت في لوحات (5)



رقم القصيدة : 63775 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


حبيبتي في لحظة الظلام ؛ لحظة التوهّج العذبة
تصبح بين ساعديّ جثّة رطبه !
ينكسر الشوق بداخلي ، و تخفت الرغبة
أموء فوق خدّها
أضرع فوق نهدها
أودّ لو أنفذ في مسامّ جلدها
لكن .. يظلّ بيننا الزجاج .. و الغياب .. و الغربة !
.. ... ... ... ... .... .. ...
وذات ليلة ، تكسّرت ما بيننا حواجز الرّهبة
فاحتضنتني .. بينما نحن نغوص في قرار التربة
تبعثرت في رأسها شرائح الصورة و النجوم
و اختلطت في قلبها الأزمنة الهشيم
لكنّها و هي تناجى
سمعتها تناديني
باسم حبيبها الذي قد حطّم اللّعبة
مخلّفا في قلبها .. ندبة !!


خمس أغنيات إلى حبيبتي..!



رقم القصيدة : 916 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


على جناح طائر
مسافر..
مسافر..
تأتيك خمس أغنيات حب
تأتيك كالمشاعر الضريرة
من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الاميره
الأغنية الأولى
مازلت أنت.....أنت
تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمت
لكن أنا ،
أنا هنـــــــا:
بلا (( أنا ))
سألت أمس طفلة عن اسم شارع
فأجفلت..........ولم ترد
بلا هدى أسير في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخـر يطل
تقاطعُ ،
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معا......،
فلا نعود،
لانصل.
الأغنية الثانية
تشاجرت امرأتان عند باب بيتنا
قولهما علي الجدران صفرة انفعال
لكن لفظا واحدا حيرني مدلوله
قالته إحداهن للأخرى
قالته فارتعشت كابتسامة الأسرى
تري حبيبتي تخونني
أنا الذي ارش الدموع ..نجم شوقنا
ولتغفري حبيبتي
فأنت تعرفين أن زمرة النساء حولنا
قد انهدلت في مزلق اللهيب المزمنة
وانت يا حبيبتي بشر
في قرننا العشرين تعشقين أمسياته الملونة
قد دار حبيبتي بخاطري هذا الكدر
لكني بلا بصر:
أبصرت في حقيبتي تذكارك العريق
يضمنا هناك في بحيرة القمر
عيناك فيهما يصل ألف رب
وجبهة ماسية تفنى في بشرتها سماحة المحب
أحسست أني فوق فوق أن اشك
وأنت فوق كل شك
وإني أثمت حينما قرأت اسم ذلك الطريق
لذا كتبت لك
لتغفري
الأغنية الثالثة
ماذا لديك يا هوى
اكثر مما سقيتني
اقمت بها بلا ارتحال
حبيبتي: قد جاءني هذا الهوى
بكلمة من فمك لذا تركته يقيم
وظل ياحبيبتي يشب
حتى يفع
حتى غدا في عنفوان رب
ولم يعد في غرفتي مكان
ما عادت الجدران تتسع
حطمت يا حبيبتي الجدران
حملته ، يحملني ،
الى مدائن هناك خلف الزمن
اسكرته ، اسكرني
من خمرة أكوابها قليلة التوازن
لم افلت
من قبضة تطير بي الى مدى الحقيقة
بأنني أصبت،....اشتاق يا حبيبتي


خطاب غير تاريخي



رقم القصيدة : 397 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


ها أنتَ تَسْترخي أخيراً..
فوداعاً..
يا صَلاحَ الدينْ.
يا أيُها الطَبلُ البِدائيُّ الذي تراقصَ الموتى
على إيقاعِه المجنونِ.
يا قاربَ الفَلِّينِ
للعربِ الغرقى الذين شَتَّتتْهُمْ سُفنُ القراصِنه
وأدركتهم لعنةُ الفراعِنه.
وسنةً.. بعدَ سنه..
صارت لهم "حِطينْ"..
تميمةَ الطِّفِل, وأكسيرَ الغدِ العِنّينْ
(جبل التوباد حياك الحيا)
(وسقى الله ثرانا الأجنبي!)
مرَّتْ خيولُ التُركْ
مَرت خُيولُ الشِّركْ
مرت خُيول الملكِ - النَّسر,
مرتْ خيول التترِ الباقينْ
ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادينِ المراهنه
نموتُ تحتَ الأحصِنه!
وأنتَ في المِذياعِ, في جرائدِ التَّهوينْ
تستوقفُ الفارين
تخطبُ فيهم صائِحاً: "حِطّينْ"..
وترتدي العِقالَ تارةً,
وترتدي مَلابس الفدائييّنْ
وتشربُ الشَّايَ مع الجنود
في المُعسكراتِ الخشِنه
وترفعُ الرايةَ,
حتى تستردَ المدنَ المرتهنَة
وتطلقُ النارَ على جوادِكَ المِسكينْ
حتى سقطتَ - أيها الزَّعيم
واغتالتْك أيدي الكَهَنه!
***
(وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عَنه..)
(نازعتني - لمجلسِ الأمنِ - نَفسي!)
***
نم يا صلاحَ الدين
نم.. تَتَدلى فوقَ قَبرِك الورودُ..
كالمظلِّيين!
ونحنُ ساهرونَ في نافذةِ الحَنينْ
نُقشّر التُفاحَ بالسِّكينْ
ونسألُ اللهَ "القُروضَ الحسَنه"!
فاتحةً:
آمينْ


قبل الثورة


لا تصالح



رقم القصيدة : 65804 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


(1 )
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ

هناك تعليق واحد:

د.ريان يقول...

? ? تهنئة خاصة لمتابعين بوح الخواطر ? ?

سمو الأمير / الحيران الموقر

صباحكم / ومساكم ...ورد وياسمين

وتطيبت أوقاتكم بروح الندى والرياحين

نتقدم لكم بأعذب أيات التهنئة بمناسبة قرب حلول

شهر رمضان تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

دمتم بكل خير ورضى وسعادة ونفتخر بمتابعتكم

http://store3.up-00.com/Jun11/E4e39938.jpg

أخوكم / د.ريان

قران كريم