الأربعاء، 18 أبريل 2018

لابد من وجود فواز في كل بيت

قصة جميلة في حل المشكلات

*والله إنك خطير ي فواز*

قصة وعبرة ( فكم من أولاد في بيوت أبائهم كضيوف‼ ) :-

يقول :  د . عبدالعزيز الأحمد حفظه الله .

فواز من طلابي الإيجابيين ،
ذو التسعة عشر ربيعًا ،
صاحب خُلق و جد ، يدرس في المستوى الثاني قسم اللغة الإنجليزية ، وكنت أدرسهم مادة " مهارات التفكير "

كان من ضمن موضوعات المقرر :
" مهارة حل المشكلات "
والتي تدور حول الإحساس بالمشكلة ،وتحديدها ، وجمع بياناتها ، وتبويب البيانات ، ومعرفة الأشخاص الذين لهم علاقة بها ، ثم وضع الحلول
المتعددة و البدء بالأسهل ، ثم التطبيق ، وأخيرًا التقييم ، مع التأكيد على أهمية الدقة والموضوعية .
كان من ضمن أسلوب حل المشكلات ، ملحظ حيوي جدًا ، وهو أنّه أثناء السعي لحل المشكلة ، لابد للشخص من الشعور بأنه جزء من المشكلة حتى يتحمل جزءًا من الحل ،

ومن هنا تبدأ القصّة .

كنتُ أعطي الطلاب على أيّ موضوع تطبيقًا ، وكان ذلك بالنسبة لي و لهم كامتحان أعمال السنة ، من هؤلاء كان " فواز " كلماتنا في المحاضرة حفزته ، وبدأ يفكر و يتأمل ،
و بدأ يحكي قصته :
أبي و أمي شبه منفصلين
و هما في بيت واحد ، الشجار ديدنهما ، يدخل أبي البيت بعد عمله مجهدًا ، وأمي مشغولة بإخوتي أو بإعداد
الطعام أو نظافة البيت ، فليس الوضع مهيأ ، ينزعج جدًا فيرفع الصوت ، فتغضب أمي ، ثم يبدأ الصخب والسباب ،

نحن في البيت عددنا كبير ،
أنا في الجامعة ، أختي في الثانوية ، إخوة لي في المتوسط والابتدائي ،
و جميعنا نشاهد ذلك الصخب ، فينقلب ألـمًـا في نفوسنا وبكاءً في عيوننا ،
تطور الأمر حتى طلق أبي أمي مرتين ولم يبق سوى الأخيرة ، تطور الشقاق
و أصبح أبي يتناول حبوب الاكتئاب ، ولا يحب الجلوس في البيت ،أمي معظم الوقت متضايقة و متوترة ، يقول :
لـمَّـا أخذت مهارات التفكير وأهميتها وكيف أهملناها ؟
و بدأت أمارس التفكير
الناقد ، والتفكير الابداعي ،
فعلاً أحسست بأني كنت مهملاً نفسي وحياتي ، وكيف بلغت بي السلبية إلى عدم وجود أي أثر أو مشاركة لي
في البيت ،فقط أدرس ، آكل ، أشرب ، أنام ، وقد ألعب مع إخواني ، ولي طلعات مع أصدقائي ، أختي مثلي كذلك ،
كلانا نعزف نغم السلبية في بيتنا ، يقول فواز :
و لَـمَّـا مررنا على إستراتيجيات حل المشكلات ، و طبقت و مارست ،عرفت كم أنا مقصر مع نفسي و أبي
و أمي ؟
كنت أتصور أن المهمات والمسؤوليات على أبي و أمي فقط ، أما نحن فلا .
وقد حركني تجاههما أمران قلتهما يا دكتور ، إذا احسست بمشكلة حولك فلن تحلها حتى تحس بأنك جزءًا
من المشكلة و الحل ، والأمر الآخر أنه لا شيء مستحيل ، هنا فعلاً فكرت لماذا أنقد والدي و والدتي ولم أنقد نفسي !
أين دوري ؟
ثم فكرت بأسباب المشكلة ،
فوجدت من أبرزها ؛ أن هناك ضغطاً جسدياً ونفسياً على الوالدين ؛ فالأب يعمل في الصباح حتى قبيل العصر ؛ ثم يأتي مجهدًا فيتابع البيت
و متطلباته ، ومتابعتنا تعليمياً و تربوياً ، إضافة إلى مهام الأسرة و الأقارب ..الخ
لاحظت أن أبي لديه ١٤ مهمة ،
وأمي لديها مثلها في البيت ،
وأنا وأختي لا نشارك إطلاقًا ،
فوضعت خطة لتحمل أربع مهام .
من مهام والدي ، المشتريات ،
متابعة دروس أخي الصغير ،
القيام " بمشاوير " الوالدة ، إضافة الى إحداث جلسة للأسرة في بعض المغربيات
أديرها أنا و فيها سوالف
و فوائد و طرائف .
أيضا أختي ناقشتها
و اقتنعت بإعانة أمي ، فتقوم بأربع مسؤوليات ؛تقوم بالإشراف على سفرة الطعام
تقديمًا ، وتنظيفًا ، تعين في تنظيف البيت ، تُشرف على نظافة أختي الصغيرة ،
و تدرس أختي الصغيرة الأخرى .
بقينا ننفذ ذلك لمدة شهر ،
لاحظت تغيرًا واضحًا في نفسية الوالد ،أمي هدأت أكثر ،نحن بدأنا نحس بدورنا في البيت ، وغاب ٦٠ ٪ من المشكلة‼ قلت :
حقيقة أعجبت بهذه المبادرة والذكاء من فواز فحفزته ، وشجعته ، وحثثته على شكر أخته وأن يعطيها هدية
كحافز ، بعد ذلك اقترحت عليه أن يطلب من أبيه طلبًا والمهمة نفسها تقوم بها أخته ؛
و هو أن يعطيا والديهما :
" إجازة الوالدين من الأسرة "
بحيث يطلبان منهما أخذ اجازة ويذهبان بمفردهما إلى مكان في بلدهم ، أو خارجها لمدة ثلاثة أيام وينسيان هموم البيت و الأسرة والأولاد ليستجمّا و يرتاحا ، ثم يعودا أكثر نشاطًا ، وقلت له ربما
يرفض الوالدان من باب الخوف عليكما .
فجهز حلاً مناسبًا ،
وهو تذهبان لبيت جدك
و جدتك يومًا ، واليوم الآخر تأتي جدتك إليكم ، وفعلًا فواز وأخته نظما الأمر واختارا
وقتًا مناسبًا ، و هيـئا الوضع ،
وطلبا من والديهما أن يرتاحا عدة أيام ليجددا الحياة ،
في أول الأمر رفضا خوفًا عليهما من تركهما وحدهما -
و حياء ربما -ولكنهما في الأخير اقتنعا .
وفي الأسبوع الذي يليه حزما حقائبهما وسافرا ظهر الأربعاء ، ولم يرجعا إلا العاشرة ليلة السبت ،
وكان بينهما وأولادهما الهاتف ، قال لي فواز و هو يضحك :
رجع والدايَ والله كعروسين ،
ووجه أمي ينضح بالبُشرى والارتواء كأنها عروسة اللحظة ، أما أبي فلقد كان سعيدًا مطمئنًا غاب
حزنه وترك الحبوب النفسية ،
وعند دخوله ضمّني وقبلني ثم بكى ، وقال : يا حبيبي يا فواز ، كان حقًا عليّ أن أزوجك ، فإذا بك أنت من يزوجني .
كان لزامًا عليّ أن أبني سعادة بيتنا ، فإذا بك أنت وأختك من يمد قلبي وقلب أمك بالحب والحنان بعدما كاد ينكسر الزجاج ، و ينثلم الفؤاد .
يا بني علمتني أنت أن الحياة نحن من يصنعها في دواخلنا ، علمتني بذكائك
و لباقتك ، أن المشاركة للكل راحة للكل ،وأن المركزية تقتل سعادة المرء ،فهو متعب دائمًا و الناس معه متعبون ،
والآن شاركتم و بادرتم وريّحتم .
انتهى

كتب ذلك كله لي " فواز "
وقال لي :
يا دكتور لقد غابت المشكلة كلها تقريبًا ،لكن لأول مرة أدرس العلم تطبيقًا .

هنا يا أحبابي أرغمني " فواز "
أن أعطيه الدرجة كاملة .

اﻷبناء عندما يتحرّرون من اﻷنانية ، يُصبحون نعمة❗

أرسلوها لأولادكم ،
فكم من أولاد في بيوت أبائهم
كضيوف‼

دمتم بخير وود .

ليست هناك تعليقات:

قران كريم