شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback
mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com
اليكم مقالة رائعة لبلال فضل عن الابنودى وتوقعة للثورة
الأبنودي يكتب عن الثورة قبل إندلاعها ب30 عاما..الجزْر والمدّ..!!
الشعراء يتبعهم الغاوون.. ويتبعهم الثائرون أيضاً، فالثورة أنبل وأطهر غواية لا يستجيب لها إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقليل ما هم فى أوطان تدعو الركود استقراراً، وتحسب البلادة أماناً.
هناك خطأ شائع يدعى أن الأشعر عبدالرحمن الأبنودى كتب قصيدة عظيمة واحدة عن ثورة الخامس والعشرين من يناير، الحقيقة أنه كتب قصيدتين عظيمتين عن الثورة، الثانية هى قصيدة (الميدان) التى كتبها مساء جمعة الشهداء العظيمة، أما الأولى فقد كتبها قبل اندلاع الثورة بثلاثين عاما، بالتحديد فى عام 1981 عندما كان يحكم مصر وقتها «حاكم صدفة»، اسمه أنور السادات، لقى حتفه بعد نشر القصيدة بأشهر، ليحكم مصر بعدها حاكم صدفة آخر اسمه حسنى مبارك، لم يتعلم منْ قتل سلفه أمامه سوى درس وحيد هو أن يظل على كرسى السلطة «حتى آخر نفس»، وأياً كان الثمن. تلك القصيدة التى اختار لها الأبنودى وقت نشرها اسم (المد والجزر)، كتبها مستلهماً أحداث انتفاضة 21 فبراير العظيمة التى فجرها المصريون فى عام 1946 ضد «الظلم والخيانة والقيادات الجبانة نداغة الإهانة، كريهة الريحة، كريهة الصوت، والبرلمانات الموت»، تلك الانتفاضة العظيمة التى فجرها الطلبة والعمال ثم تفاعل معها الشعب المصرى كله ليزحف إلى ميدان التحرير، الذى كان وقتها يحمل اسم ميدان الإسماعيلية، ليسقط فيه وفى كل أنحاء مصر عشرات الشهداء وآلاف الجرحى فى حدث هز العالم كله وقتها وأصبح يوما عالميا للشباب، قبل أن يتم تغييبه وإسقاطه عمدا عن ذاكرة المصريين، لكى ينسوا أنهم شعب ذو باع طويل فى التمرد والثورة والغضب. كان الأبنودى فى ملحمته الشعرية الخالدة يستدعى مشهد المد المصرى العظيم فى عهد الجزر الانفتاحى التطبيعى الكريه، لكنه كان يبدو يائساً من أن يجىء اليوم الذى يرى فيه «تغير الظروف والوشوش والصنوف»، ولم يكن يعلم أن الله سيكون رحيماً به وبمصر، وأنه سينجيه من الحسرة التى ظن أنها قدره وقدر مصر، وأنه سيعيش اليوم الذى يرى فيه «المحدوفين ورا متبسمين فى أول الصفوف»، وأنه سيرى تحقق نبوءته التى بشرت بها نهاية القصيدة، فى نفس الميدان الذى أصبح رمزاً خالداً لتحرير وطن بأكمله من اليأس والحسرة وجميع أصناف المحتلين المحليين والأجانب. قطعاً ستندهش وأنت تقرأ هذه القصيدة لأنك ستشعر أنها كُتبت فى التو واللحظة وليس منذ ثلاثين سنة، لكن الأهم أن تحرص بكل ما فى وسعك وطاقتك وجهدك ووعيك على ألا تظل هذه القصيدة صالحة للإدهاش من الآن وصاعدا. لكى يقول من يقرؤها بعد ثلاث سنوات وليس بعد ثلاثين سنة «يا الله.. كيف تحمل الخال الأبنودى والأجيال التى تلته أن يعيشوا فى ظل عصر يدوم ثلاثين سنة دون أن يتغير».
ليس ذلك حلما عصى المنال، ولكى نحققه نريد أن نتحدى مؤامرات الثورة المضادة.. نريد أن نتحدى المصالح الرخيصة.. نريد أن نتحدى حتى قوانين الطبيعة.. نريده مدا لا جزر بعده لكى تحيا مصر إلى الأبد
خرج الشتا وهلّت روايْح الصيف
والسجن دلوقتى.. يُردّ الكيف
لو كان يا مصر بتفهمى الأصول
وتنشّفى النيل فى الضفاف السود
ما عُدتى متمتعة وانتى فى ناب الغول
بتندغى الذلة.. وتجترى الخمول
وأنا عارف إنى ما باملكهمشْ
لإنى ما مضّيتهمشى فى الكرّاس.
الناس اللى دمغها الباطل دمغ
اللى بتنضح كدب وتطفح صمْغ
.. وانا ياما لنفسى باقول:
هل ينفعوا دول لنشيد معدول
واضح فى العرْض ووافى الطول..؟
فى هذا الغيط الموبوء بديدان الهمّ
هل حتفتّح من تانى أزهار الدم؟
حترّجع صورْة الشّعلة للبرواز
والقمصان.. تتعاص فى الجاز
والطرابيش.. هتّواجه الجيش
وإلاّ حتفضل دكاكين الدنيا..
ينفعوا ياخدوا أمر ويُّدوا أمر؟
فوحى يا روايحْ المدن اللى..
والضُّهر.. وسيف الصيف السّاطى
والناس الدود الزاحفين فى الواطى
إللى متشبّح فى أرجاء الكون
وموافْقات الحكام.. الدُّون.
ويعلا ف برلماناتنا/ الموت
تترمى فى موانى المدن اللصة
التفتْ نحو الكبارى والميدان
لسه فى الأجواء روايح الدُّخان
واتجهت معاه لحِيث الاتساع:
ثُكنات الإنجليز آخر الميدان
والجموع الهادرة زاحفة من الحوارى
مصر رعد.. نور غضب.. وتِتْرهَب
الجامعة طالعة رايتها ضِلِّتها
بتتجه يمّ الوطن والموت..!!
و(شبرا) زاحفة تأكد التهديد
وصلت ميدان الفجر فى المواعيد!!
مصر اللى لا لحظة ولا صُدفة
ثورة فى ضمير النور.. بتتكوِّن.
رايات.. بدم البُسطا.. تتلوِّن
سَدوا الطريق كيف المؤامرة تفوت؟
كريهة الريحة.. كريهة الصوت!!»
الغضب بيوالى إنشاد البيان
والوجوه الصامدة فى وش الزمان
والرحابة فى الصدور وفى الليمان!!
غابت الأسر الصغيرة فى الوطن
صحْيت الأمة ف هدير السَّعْى
الوطن.. مفهوم وحلو ويتحضَن..!!
إقفل العقل القديم وافهم بقلبك..
رقصة الزار القديمة.. الفرعونية
لما تغمرها الإهانة.. والقدم..
تسحق الإنسان وتدهس القيم..»
العظيمة لحدّ فكرناها ثورة..
تعزل الكداب وتقبض ع الحرامى
تعرف الناس بالوجوه.. وبالأسامى.
نادغة الصبر.. قابضة الجمْر.
تنصب محاكم الشعوب فى كل قصر
إلى آخر الصفحات فى سِفْر الثورة.
وحاقولك إيه همَس الصوت للصوت
إوعى تمسّكها صحتها أو تدّيها راحتها.
لو اتحقق.. إحنا اللى نموت
وازرع شجرة تطلع فى الكاميرا
أو بتبوس بقرة أو تصطاد حوت
لا يطيعك إلا ان كان عريان
علّمه يفزع لما ينخفض الدولار
بالصدفة - وبعد عناء مهلك-
خلْف بلاهْة القطعان.. عِنْد
المصريين.. همّ اللى اخترعوا الحقد
إرفد كل الشرفاء وابقى الأشرف.
والدنيا ساعتها.. ما تعرفشى
إسرع إسرع قبل الزحف المجنون
لو كنت أعرف أرجَّع البكَرة
أرسى ف موانى الحلم من غير عِلْم
من غير عذاب.. ولا تضحِيات
يا ما بليدة يا خطوة التواريخ
قبل ما أشوف - لو حتّى دقيقة-
قبل ما تصحى كل الكتب اللى قريت
والمدن اللى فى أحلامى رأيت
وادفن كل بشاعْة الماضى ف بيت!!
تَغيُّر الوشوش وتَغيُّر الصُّنوف.
خايف أموت وتموت معايا الفكرة
ولا يتهزم كل اللى كنت اكره
يادى المماليك الترك الشركس
على كل الوزارات والإمارات
الأجنبى ساكنْ الدم يا مصريين.
سرقوا السُّمره من كل جباه الفلاحين
وبكل مهارة مداريين ناب الكلب.
كل الأشياء حواليا بتهزمنى
حتى رفاقى اللى بادّعى إنى منْهم
لكنى تنى باغنى.. مش مهزوم الصوت
ومادّبش ولا حيدبش فيا الموت
حقيقة الأمر فى الآخر تفوح
مانيش ساكن يا سيدى فى الزمالك
وعمارة (صدقى باشا) فى ضهرى
وعلى الشاعر إبن النيل الغلبان
اللى بيحلم يفتح للفجر بيبان
وعمارة صدقى لسة عظيمة الشان.
غابت فى غبار الثورة يومين
تنظرلى: »ياجربوع السكان..
يا ابن الكَفْر الحافى العريان
فات التاريخ. ولفّ لفّاتُه
لا صدقى مات ولا ابتساماته
ما ماتوا غير الرجال اللى جمعْهم هتاف
ووطن يقرقش لقمة سودا حاف.
تاواهم النيل المريب الصمت
وطل صدقى من العمارة الصفرا
وكام ذليل يا نيل وصبحك عِشا
لزْق القفا وركل الجزم أدمنت.
الحاكم اللى صوته عَوْرة وعار!!
مأساتنا.. إن الخونة.. بيموتوا
والإنجليز مازالوا بيقهقهوا
على كوبرى عباس.. والميدان
وصحيح.. معاكم إن شعبنا غافى
تحت أطنان الأكاذيب فى الخطب
بيتولد ـ فى السرّ ـ من جديد
بكره تلاقيه تانى فى أسوان الصعيد
وفى السويس وفى طنطا والمنصورة
ويحرق الثُّكنات لانجليزية
من الخيانة والعماله والعفن