الجمعة، 16 مارس 2012

القولون

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
 maboeleneen@yahoo.com


موقع المهندس محمد النوايسة
القــولـــون Colon


ما هو القولون؟

القولون هو ما يسمى بالأمعاء الغليظة أو (المصران الغليظ)، وهو الجزء من الأمعاء الذي يصل بين الأمعاء الدقيقة والمستقيم ثم الشرج، ويبلغ طول القولون حوالي 1.5 متر، وفي التقسيم الطبي الحديث يتألف القولون من أربعة أجزاء رئيسية هي:



1. القولون الصاعد أو القولون الأيمن (Ascending Colon).

2. القولون المستعرض (Transverse Colon).

3. القولون النازل أو القولون الأيسر (Descending Colon).

4. القولون السيني (Sigmoid Colon).







ما هي وظيفة القولون؟

وظيفة القولون الأساسية هي امتصاص الماء والأملاح من بقايا الطعام المهضوم قبل دفعه إلى الخارج على شكل كتلة برازية شبه صلبة، وللقولون جدار عضلي يتقلص وينبسط دافعا تلك المواد باتجاه الوسط الخارجي وفي القولون تتجمع الغازات، كما يؤمن القولون وسطاً مناسب لنمو البكتيريا المعوية والتي لها أهمية في صنع بعض الفيتامينات مثل فيتامين (K).



كيف يعمل القولون؟

يقوم القولون بأداء وظيفته التي ذكرتها.. فيدفع بقايا الطعام إلى الخارج للتخلص منها من خلال تقلصات عضلات جداره الرقيقة التي تتحكم بها الأعصاب والهرمونات واستجابة القولون نفسه لمحتوياته، وهذه العملية البسيطة تحتاج إلى تناغم بين تقلصات عضلات القولون والمخارج وعضلات الحوض لتتم بسلاسة ونجاح.

عندما يحدث خلل في التقلصات الوظيفية التي يقوم بها القولون فتصبح هذه التقلصات قوية أو ضعيفة؛ يتسبب هذا في سرعة أو تأخر حركة محتوياته مسبباً في حدوث مشاكل كثيرة منها الإمساك (Constipation) والإسهال (Diarrhea).

القولون العصبي Irritable Bowel





الجهاز الهضمي من أكثر الأجهزة التي تتعرض للأمراض المختلفة والأمعاء الدقيقة والغليظة جزء من هذا الجهاز الحساس والدقيق، ويوجد في الأمعاء ما يقارب 100,000,000 مستقبلة عصبية تبطن جدران الأمعاء من الداخل، وهذا العدد من المستقبلات العصبية هو نفس العدد الموجود في الدماغ لذلك يطلق أحياناً على الجهاز الهضمي بأنه "الدماغ الثاني".

وجود هذه العدد الكبير من المستقبلات العصبية ليس عبثاً فالأمعاء تحتاج لهذا الجهاز العصبي لكي تقوم بعملها على أكمل وجه، فالغذاء وهو في الأمعاء يحدث له العديد من التفاعلات والحركة التي يمر بها وينتقل خلال الأمعاء ليست حركة عشوائية أو عادية، وعند حدوث خلل في الجهاز العصبي للأمعاء تحدث المشاكل عندها.. وفي الأسطر القادمة سأحاول شرح ما هو القولون العصبي ولماذا سمي بهذا الاسم.





ما هو القولون العصبي؟..

متلازمة القولون العصبي يسمى بالإنجليزية (Irritable Bowel Syndrome) ويطلق علية مصطلحات عدة منها القولون المثار والقولون المتشنج وتهيج القولون ولكنه مشهور باسم القولون العصبي ولدى الأطباء باختصاره العلمي (IBS)، والقولون العصبي هو أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشاراً والأقل وضوحاً لدى الأطباء، حيث يشكل حوالي (50%) من كل المرضى الذين يراجعون عيادات أمراض جهاز الهضم، وحتى وقت قريب كان الاعتقاد بأنه أحد أعراض التوتر النفسي وليس مرضاً قائماً بذاته.



والقولون العصبي ليس معناه أنك تعاني من مشكلة عضوية في الجهاز الهضمي وإنما هو اعتلال وظيفي مؤقت للجهاز الهضمي عند حالات معينة.. وابسط توضيح ووصف لمرض القولون العصبي هو:

حصول اضطراب في الحركة العصبية للقولون، ينتج عنه سرعة أو بطئ في حركة وتقلصات جدران القولون مما يؤثر في عمليات الهضم والامتصاص؛ فمعروف أن بقايا الفضلات المارة في القولون تكون اقرب في قوامها للسائل قبل امتصاص الماء منها في القولون، ففي حالة سرعة حدوث التقلص فأن هذه الفضلات تخرج بشكل سائل وهنا يحصل عند المريض الإسهال (Diarrhea)، وفي حالة بطئ تقلص عضلات القولون فأن الماء الموجود في الفضلات يُمتص بشكل اكبر وزائد عن المطلوب فيحدث حينئذٍ الإمساك (Constipation).



القولون العصبي عادة ما يبدأ بشكل بسيط إلى درجة أن العديد من الأشخاص يتعايشون معه ولا يعرفون أنهم مصابون به, ولكنه أيضاً في الكثير من الحالات يسبب أعراض عنيفة وألم شديد لمن يعاني منه.



وهذا الاضطراب تحدث معه أعراض أخرى كثيرة ومختلفة من شخص لأخر، فبجانب الإمساك والإسهال فأن العلامة الأكثر بروزاً ووضوحاً في اغلب مرضى القولون العصبي هي حدوث مشاكل نفسية وتوترات عصبية.



سبب تسمية القولون العصبي

على الأرجح فأن الحركة الغير طبيعية والتقلصات العصبية لجدران القولون هي السبب في تسمية القولون العصبي بهذا الاسم وليس بسبب الحالة النفسية والعصبية التي ترافق مريض القولون العصبي، كما يعتقد عامة الناس.

أعراض القولون العصبي



أعراض القولون العصبي كثيرة ومتنوعة ومختلفة من شخص لأخر حسب شدة الخلل الحادث في وظيفة القولون وحسب العمر والحالة النفسية وعوامل أخرى مهمة، وقد تتأرجح حالة مريض القولون العصبي فتهدئ الأعراض في أيام وفترات معينة وتعود بشدة أو بشكل متفاوت في أيام معينة.



يمكن تلخيص أهم الأعراض التي عايشتها ورأيتها في مرضى كُثر بالتالي:

انتفاخ البطن نتيجة زيادة الغازات ومرافقة ذلك مع آلام في المنطقة السفلية من البطن وصوت زغولة وقرقرة (قراقر) صادرة من البطن وقد يبدأ الألم في الانتقال إلى الجهة اليسرى أسفل البطن عند غالبية المرضى أو إلى الجهة اليمنى عند البعض منهم، ومن ابرز الأعراض كذلك ظهور الإمساك المتكرر أو الإسهال المتكرر أو الاثنين معاً في كثير من المرضى، وشكوى المريض من عدم راحته عند التغوط وصعوبة التبرز رغم شعوره برغبة شديدة في ذلك.



هذه الأعراض تبدأ في الظهور عند الإصابة بالقولون العصبي تقريباً وتزيد أو تقل من مريض لأخر.. وبعد فترة وعند إهمال المرض أو الإفراط في استخدام المهدئات فقط يتطور المرض ويبدأ الشعور بضيق في الصدر وآلم في أعلى منطقة القلب نتيجة ضغط الغازات على الحجاب الحاجز وقد يمتد هذا الألم إلى الخلف باتجاه لوح الظهر.



بعدها بفترة وجيزة يبدأ مريض القولون في الأغلب بالدخول في أعراض القولون المزمن وهنا يحدث تدهور في الحالة النفسية للمريض هذا إن لم تكن الحالة النفسية السيئة هي المسببة للقولون للعصبي أصلاً..!



تزداد المشاكل النفسية مثل القلق والتوتر والاكتئاب عند مريض القولون العصبي وفي النهاية يتطور الأمر إلى الوسواس القهري وهي من اشد المراحل على مريض القولون العصبي، حيث يبدأ غالبية المرضى باستخدام العلاجات والأدوية النفسية.



كذلك قد تظهر أعراض غريبة تشكل عائقاً أمام الأطباء والمختصين فيعجزون عن تشخيص القولون العصبي من هذه الأعراض الحرارة في مناطق معينة في الجسم كحرارة غير مبررة في الظهر وأسفل الظهر وبعض المرضى تتركز الحرارة في الأطراف أو حتى حرارة في الجوف، وهناك أعراض مرافقة أخرى مثل الشعور بالاختناق والحموضة وسوء الهضم وآلم في الجانب الأيسر أسفل البطن وظهور البواسير وبالذات في مرضى القولون العصبي المزمن بسبب الإمساك الدائم، وفي الوقت الحالي لعل احد أكثر أسباب ظهور البواسير مضاعفات القولون العصبي لذلك يصعب علاج البواسير ما لم نتخلص من العلة الرئيسية.



هناك أعراض أخرى قد يشتكي منها بعض مرضى القولون العصبي ولا يوجد عليها أي إثبات بأن القولون العصبي مسئول عنها مسؤولية مباشرة، فالصداع مثلاً والشقيقة (الصداع النصفي) قد نجد بعض مرضى القولون العصبي يشتكون منهما وشخصياً اعتقد أما بأن الحالة النفسية والتوتر الذي يسببه القولون العصبي هو المسئول عن حدوث الصداع والشقيقة أو أن لهما أسباب أخرى غير القولون العصبي. المزيد عن الصداع والقولون العصبي..



أعراض القولون العصبي العامة:

الانتفاخ والغازات.

أصوات صادرة من البطن.

الإمساك في الأغلب أو الإسهال بعد الطعام أو في الصباح الباكر أو كلاهما معاً.

الشعور بعدم استكمال الإخراج بعد الذهاب للحمام.

آلام في البطن ومغص تزول بعد الذهاب للحمام.

القلق والتوتر والاكتئاب.

أسباب القولون العصبي



لم يتوصل الطب لمعرفة الأسباب الحقيقية والدقيقة لمتلازمة القولون العصبي على وجه التحديد، وهناك الكثير من النظريات حول هذا الموضوع.. ولكن النظرية الأرجح تقول أن القولون عندما يكون حساساً للضغط النفسي وبعض أنواع الأطعمة يختلّ عمله مسبباً ما يسمى بالقولون العصبي، وهناك نظريات أخرى تشير إلى أن جهاز المناعة الذي يقوم بحماية الجسم من الجراثيم ربما يكون له تأثير في حالات القولون العصبي.



الاضطراب والأعراض التي تحدث لمريض القولون العصبي قد تكون لها أسباب كثيرة ومتداخلة لكن لا يوجد سبب واضح ومثبت علمياً، وأغلب هذه الأسباب هي أسباب بديهية ويمكن استسقائها من خلال مراقبة النظام الغذائي وطريقة العيش والحالة النفسية للمرضى.. ومن رأيي فأن النظام الغذائي الخاطئ والمفرط والحساسية لبعض الأغذية وانتشار السموم والمبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية التي صارت تدخل في كل ما نأكله، وكذلك طريقة العيش في العصر الحديث من رفاهية سلبية بعيداً عن الحركة كل هذه تؤدي لحدوث القولون العصبي أو قد تكون سبباً لحدوث التوتر العصبي نتيجة لمثل هذه الطريقة من الحياة وهذا التوتر يؤدي إلى انتفاخ وتقلصات ومشاكل معوية.. وسأتكلم عن أهم وابرز الأسباب المحتملة لانتشار القولون العصبي فيما يلي من اسطر.


أسباب انتشار القولون العصبي

يشير أغلبية المختصين والباحثين إلى انتشار القولون العصبي خلال العشرين سنة الأخيرة بشكل ملفت للنظر، فأصبح من أهم وأكثر أمراض العصر انتشاراً وتواجداً، ولا أبالغ لو قلت أن خمسين في المائة من السكان في دول الخليج العربي يعانون من أعراض القولون العصبي، فتغير نمط الحياة وانتشار الرفاهية المفرطة وقلة الحركة والنظام الغذائي السيئ وانتشار مطاعم ما بات يُعرف بالوجبات السريعة وتقلبات المزاج والتوتر العصبي والنفسي وكثير من الأسباب كلها أدت إلى توسع رقعة انتشار مرض القولون العصبي.



كذلك وبسبب ارتباط القولون العصبي بالحالة النفسية كالتوتر والقلق والاكتئاب، فأن انتشار هذا المرض يكثر بين الأشخاص المعرضين للضغوط النفسية فنجد القولون العصبي يكثر في رجال الأعمال والمضاربين بالأسهم وبين المدرسين والمدرسات، وبالنتيجة فأن القولون العصبي ينتشر بين أصحاب المهن التي يزيد فيها التوتر كثيراً.



في دراسة أجريت قبل أربع في بعض الدول العربية ومنها اليمن ومصر تبين أن القولون العصبي ينتشر بين الذكور والنساء على حد سواء في كلاً من مصر وبنسبة تصل لـ (41 %) وفي اليمن بنسبة (39 %) وهي نسبة مخيفة خصوصاً أن القولون العصبي في اليمن ومصر كان نادر الحدوث، وكذلك لأن سكان مثل هذه الدول كانوا يعتمدون في غذائهم على توازن نتيجة تميز البيئة ونشاط أهلها الاجتماعي والسكاني.



ويمكنني تلخيص ابرز أسباب انتشار القولون العصبي في الدول العربية على الأقل إلى التالي:



سوء استخدام الغذاء:

فالإفراط في تناوله وعدم وجود جدول لمواعيده وتناول الوجبات الدسمة في أوقات غير مناسبة كتناول الأرز مع اللحم (الكبسة) على العشاء ليلاً وقبل الذهاب إلى النوم، وتوقف النساء عن الطبخ في المنازل وانتشار وجبات المطاعم السريعة والتسابق على تناولها والاستخدام الجنوني للمشروبات الغازية والمنبهات مثل القهوة والشاي.. كل هذه أسباب مهمة قد تشكل سبب رئيسي ومهم لحدوث القولون العصبي.

زيادة الرفاهية وقلة الحركة:

بسبب تطور الحياة وانتشار وسائل الراحة من سيارات ووسائل نقل حديثة والاعتماد عليها كلياً في التنقل وإهمال الحركة وأهميتها.. كلها عادت بالضرر البالغ وأدت لانتشار القولون العصبي.

الحالة النفسية والتوتر العصبي:

في تسعينات القرن الماضي وبسبب تزايد وتيرة الانفتاح على العالم ودخول عصر السرعة والتكنولوجيا كلها أمور انعكست في أهدافها لتصبح مصدر قلق وتوتر لبني البشر مما أدى لزيادة التوتر النفسي والعصبي وبالتالي تأثر القولون وحركته وحدوث مرض القولون العصبي.

الحرارة والظروف المناخية السيئة:

اغلب دول الخليج وبسبب الطفرة النفطية انتقلت المدن ومعها السكان وامتدت من المناطق ذات المناخ الصحي إلى الصحاري والمناطق ذات المناخ السيئ المرتفع الحرارة صيفاً وشديد البرودة شتاءً وكل هذه العوامل أضرت الكثير وحدت من النشاط وقللت من الحركة إلا باعتماد وسائل مريحة يرافقها المكيفات التي شاركت ولو بنسبة ضئيلة في الإصابة بإمراض عديدة من بينها القولون العصبي.

طرق تشخيص القولون العصبي



يجب أن يدرك الجميع بأنه لا يوجد تحليل مختبري أو أشعاعي نستطيع من خلالها تشخيص وإثبات بأن الأعراض التي يعاني منها المريض هي أعراض القولون العصبي، ويتم التشخيص من خلال مقابلة الطبيب وأخذ تاريخ المرض بالكامل، وبعدها يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات التي تشمل فحصاً للدم والبراز ومنظاراً للقولون من خلال فتحة الشرج، وكل هذه الفحوصات تجرى فقط لاستبعاد أسباب عضوية أخرى قد تسبب وتشابه أعراض مثل أعراض القولون العصبي، وسأقوم بتوضيح الأعراض والأمراض التي تُشابه القولون العصبي في موضوع مستقل لاحقاً.

بعد أن يتأكد الطبيب من استبعاد الأسباب العضوية لاعتلال الجهاز الهضمي سوف يبدأ بسؤالك عن أنواع المأكولات والمشروبات التي تظهر معها الحالة وكذلك يتأكد من هدوء نفسيتك وأنك لا تعاني من مشكلات نفسية.





المعايير المعتمدة للتشخيص

قام الباحثون بتطوير معايير كثيرة للتشخيص وأشهر هذه المعايير ما يُعرف بمعايير روما (Rome Criteria) للقولون العصبي واضطرابات الأمعاء الوظيفية الأخرى، ووفقاً لهذه المعايير يجب وجود أعراض محددة ليتم تشخيص الحالة كقولون عصبي، ومن أهمها ألم واضطراب معوي يستمر لمدة 12 أسبوع على الأقل خلال العام وليس بالضرورة أن تكون الأسابيع متواصلة، ويجب أيضاً تأكيد وجود اثنين على الأقل من الأعراض الآتية:

1) تغير في عدد مرات التبرز أو طبيعة البراز.

لأن طرح البراز قد يتغير من كتلة طبيعية لينة متماسكة ما بين مرة يومياً إلى مرة كل ثلاثة أيام، إلى طرح براز رخو سائل غير متشكل عدة مرات في اليوم، أو طرح براز جاف متصلب مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أيام.

2) الانحشار أو الرغبة الملحة في التبرز أو الشعور بعدم القدرة على طرح البراز بشكل كامل.

3) وجود مخاط في البراز.

4) النفخة (تطبل الأمعاء) أو تمدد الأمعاء.



يقوم الطبيب بتقييم حالتك وفقاً للمعايير السابقة، بالإضافة إلى أي أعراض أخرى موجودة قد تدل إلى احتمال وجود مشكلة صحية أخرى، ومن الأعراض المثيرة للشكوك والتي تتطلب من الطبيب عمل فحوصات إضافية:

بداية الحالة بعد سن الخمسين.

نقص الوزن.

ارتفاع الحرارة.

التقيؤ المتكرر.

إذا تواجدت لديك أحد هذه الأعراض، يجب عمل فحوصات إضافية لتشخيص الحالة.

وإذا كانت الأعراض تقع ضمن معايير تشخيص القولون العصبي وليس هناك أي من الأعراض الخطيرة السابقة، فعندها لا حاجة للمزيد من الفحوصات ويشخص المرض على أنه مرض القولون العصبي.

نسبة حدوث مرض القولون العصبي





لا توجد إحصائيات دقيقة تكشف نسبة حدوثه وانتشاره بين الجنسين والفئات العمرية، لكن بعض المراجع الأجنبية تقول بأن خمس أفراد المجتمع مصابون بهذا المرض.. أي أن حوالي عشرين شخصاً من كل مائة شخص ممن حولك مصابون بهذا المرض، وفي أمريكا وحدها تدل الإحصائيات على أن هذا المرض هو السبب وراء ثلاثة ملايين زيارة للطبيب في كل عام، وأن نصف مراجعي عيادة القناة الهضمية هم مرضى القولون العصبي.



شخصياً ومن واقع خبرة واحتكاك مع المرضى أجد أن هذه النسبة تزيد كثيراً في الدول العربية وارتفعت خلال العشرين سنة الأخيرة بسبب التغير في النمط الغذائي، وتزيد المسألة عندنا نحن العرب نظراً لطبيعة أكلنا المليء بالدهون وعدم التوازن فيما نتناوله وهذا يجعل عاداتنا الغذائية مضطربة ولا تحترم هذا القولون الرقيق.



في دراسة أجريت في بعض الدول العربية قبل أربع سنوات ظهرت أرقام مهولة كشفت نسباً تقترب من 40%، واستطيع القول بأنه حتى الآن من الصعب توفير وعي صحي في الدول العربية لمحاولة تفادي هذي النسبة الكبيرة والتي ترتفع وتزيد كل يوم بكل تأكيد، ولا أحد يملك مناعة ضد الإصابة به فالكل معرض لذلك ما لم يتوفر الوعي والالتزام المناسبين.



متلازمة القولون العصبي تظهر عادة في مقتبل العمر، ونادراً ما تظهر ولأول مرة بعد سن الخمسين، وأغلب الأبحاث رجحت إلى أن سنّ بداية ظهور أعراض القولون العصبي يكون غالباً بين 25 عام إلى 55 عام إلا أنه سُجلت حالات أصابه في مرحلة المراهقة، ولأسباب غير معروفة فالنساء أكثر احتمالاً (خاصة قبل الدورة الشهرية) للإصابة باضطراب القولون العصبي من الرجال بمقدار ثلاثة أضعاف (لا تعليق!).

مآل القولون العصبي



دائما ما يتساءل مرضى القولون العصبي عن المضاعفات الخطيرة والتي قد تؤدي إلى حدوث أمراض خطيرة أو مُميتة كأورام القولون أو سرطان القولون أو غيرها من الالتهابات القولونية.. ولأهمية هذا السؤال وعدم معرفة العامة من الناس به بل ومبالغة البعض في التحدث عن خطورة القولون العصبي أفرد هذه المساحة للحديث عن تطور ومآل مرض القولون العصبي.





هل يؤدي القولون العصبي إلى أمراض خطيرة مثل الأورام وسرطان القولون؟..

القولون العصبي لا يسبب مضاعفات وخيمة وخطيرة على حياة المريض به ويتعايش أغلبهم مع المرض رغم ألآمه، كما لا يتعرض المصاب بالقولون العصبي إلى النزيف أو السرطان أو يتطور إلى أمراض القولون الأخرى مثل كرونز والتقرحات القولونية أو غيره، لكن مرضى القولون العصبي قد يدخلون للمستشفى بسبب اشتداد أعراض القولون العصبي وقد حدثت في مواقف كثيرة قيام الأطباء بعمليات جراحية بالخطأ بسبب الاشتباه في أمراض أخرى.



ويتركز الخوف بالنسبة لمرضى القولون العصبي في أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية على الوضع النفسي ومن ثم الصحي، كما أن للقولون العصبي تأثيرات أيضاً على معدل الغياب ومستوى الإنتاجية سواء في الدراسة أو العمل، لذلك يعد القولون العصبي ثاني أشهر أسباب التغيب عن العمل بعد الزكام.

الأعشاب التي تعمل على تهدئة نوبات القولون العصبي





تلعب الأعشاب دورا ً هاما ً في العلاج وتخفيف حدة الأعراض كما وإنها تخلو من الأعراض الجانبية إذا استعملت باعتدال، وهناك الكثير من الأعشاب التي تعمل على ترويض وكبح أعراض القولون العصبي وأغلبية من المرضى يستخدمونها وبكفاءة عالية، وفي الأغلب تنشط النساء المصابات بالقولون العصبي في استخدام هذه الأعشاب أكثر من الرجال المصابين به.

ووفقاً لديفيد هوفمان في كتابه الهضم الصحي (Healthy Digestion) فأن أفضل الأعشاب التي تخفف من أعراض القولون العصبي هي النعناع والشمر وبذور الشبت وكذلك يمدح كثيراً بالزنجبيل والقرفة فهما من الأعشاب التي تستخدم بكثرة بين المصابين بالقولون العصبي.



في هذه الجزئية اذكر بشيء من الاختصار أهم الأعشاب التي تساعد في تخفيف أعراض والآم القولون العصبي.



1- النعناع:

نبات النعناع المشهور والمستخدم شعبياً في علاج المغص المعدي (من المعدة) والمعوي يستخدم كعلاج فعال لأمراض القولون؛ نظراً لاحتوائه على زيوت طيارة تساعد على تهدئة حركة القولون واسترخاء عضلاته، ومن الأفضل استخدام كبسولات زيت النعناع.



2- الكراويا:

يمكن تناول مشروب الكراويا فهو يساعد الكثير من مرضى القولون العصبي، والكراويا معروف ومشهور باستخدامه كمضاد للانتفاخ، وبذلك فأنه يساهم في التخفيف من أهم أعراض القولون العصبي.



3- الينسون:

الينسون أو اليانسون من الأعشاب التي تستخدم على نطاق شعبي كبير، ومعروف أن الينسون يعمل على تهدئة الأعصاب والمزاج العام، ولأنه يقوم بتهدئة التوتر فهو بذلك ممتاز في التخفيف من أعراض القولون.



4- الحلبة:

الحلبة من الملينات ذات الأثر اللطيف على الأمعاء فقد أكدت الأبحاث أن الحلبة تعيد للقولون عافيته وتخلصه من المخاط الزائد، كما تساعد الحلبة في عملية الإخراج وبذلك تداوي الإمساك الحاصل عند اغلب مرضى القوى العصبي.



5- الشمر:

فمغلي بذور الشمر يسكن ويلطف القولون ويقضي على الألم الحاصل بسبب حركة جدران القولون.



6- الزنجبيل:

تفيد أخر الدراسات بأن ريزومات الزنجبيل علاج فعال لراحة القولون العصبي، فالزنجبيل غني بالعديد من المواد الفعالة والتي لها تأثير الحركة العصبية للقولون.

أهمية العسل لمريض القولون العصبي



ورد ذكر عسل النحل في القرآن الكريم في الآية (69) من سورة النحل، يقول الله تعالى: (يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وفي السنة النبوية أشار وتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن العسل في أكثر من موضع، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهي أُمتي عن الكي).. فالعسل لم يشرف هكذا شرف عبثاً، فهو يملك من الفوائد ما لا نستطيع حصره.



أكد خبراء التغذية اكتشاف وسيلة جديدة ضمن خواص عسل النحل للعلاج من بعض الأمراض، وذلك لما يمتاز به من طبيعة وبساطة تؤدي إلى شفاء أسرع من وسائل العلاج الأخرى، وأوضح الخبراء وفقا لصحيفة (الرياض) أن عسل النحل مفيد جدا للوقاية من أمراض المعدة والقولون وأيضاً الانتفاخ والغازات وعسر الهضم والحموضة وما إلي ذلك من أمراض الجهاز الهضمي.



ولقد ثبت أن العسل لا يكلف الجهاز الهضمي أدنى مجهود للهضم، لأن المنجنيز والحديد الموجودين في العسل يساعدان على الهضم وتمثيل الغذاء، بعكس السكر الصناعي فأنه يؤدي إلى الاضطرابات الهضمية المتزايدة يوماً بعد يوم، والعسل ذو فضل كبير على كل أعضاء الجهاز الهضمي إضافة لفوائده العديدة التي تساعد في الشفاء والمعالجة السريعة.



يمتاز العسل باحتوائه على مواد طبيعية سهلة الهضم والامتصاص, لذا فهو لا يحتاج إلى عمليات تحويل، إضافة إلى أن العسل يحتوي على خمائر تساعد جهاز الهضم على إتمام مهامه, كما يُنصح للمصابين بالقرحة المعدية, فهو مسكن للآلام الناجمة عنها ويساعد على التئامها واندثارها.



والعسل ليس له تأثير معكوس على الجهاز العصبي فهو يتركب من سكر الفواكه وسكر العنب وأكثر من خمسة عشر نوعاً من أنواع السكر، وهذه السكاكر سهلة الهضم ولا يحتاج الجسم إلى أية عمليه معقده لتمثل هذه السكاكر، فالعسل يتجه مباشرة إلى الكبد ليتحول إلى جليكوجين دون أي عمليه أخرى، ولأن العسل يتمتع بهذه الخاصية فهو لا يرهق القولون ولا يحتاج لوقت طويل للبقاء فيه، وقد وجد العلماء بأن للعسل تأثير طبيعي كامن ويجعل عملية الإخراج سهلة مما يعالج مشكلة الإمساك المرافقة للقولون العصبي، ولا يسبب العسل اضطرابات لأغشية القناة الهضمية الرقيقة وبالتالي يحافظ على بطانة القولون ويرمم البطانة المتأثرة والمتضررة بسبب الإمساك الشديد أو الإسهال الدائم.



وتأثير العسل سريع جداً في الوصول إلى أعضاء الجسم المستهدفة فور تناوله بسهوله، ولذلك يعد عسل النحل غذاء مفيدا للمصابين بالقولون العصبي ويعالج العيب الوظيفي لحركة الأمعاء حيث انه غذاء مريح للقولون ولا يتسبب في حدوث عفونة أو تكون غازات بل انه يقاوم العفونة التي كثيراً ما تصاحب هذه الحالة بفضل خاصيته المقاومة للجراثيم، ومن ناحية أخرى فان تناول العسل يساعد على تهدئة النفس المضطربة مما ينعكس أثره على حركة القولون فتصبح أكثر انتظاماً وانضباطاً.



أما تأثير العسل على بقية أجزاء الجهاز الهضمي فهي إيجابية جداً، فلقد اقرَ كثير من الأطباء أن العسل يلغي الحموضة الزائدة في المعدة، لذلك ينصحون المصابين بالقرحة أو الإثنى عشر والذين يشكون من الحموضة الزائدة في المعدة أن يكون معظم طعامهم العسل أو ممزوجاً بالعسل، لكي ينظم الحموضة وينظم كمية العصارة المعدية، ويؤثر تأثيراً طيباً على الأعراض مثل حرقان الجوف والتجشؤ، لذلك يُنصح في حالة قرح المعدة والإثنى عشر أن يؤخذ العسل في كوب ماء فاتر قبل الأكل بساعتين على الأقل أو بثلاث ساعات بعد العشاء، لأن العسل المذاب في الماء الفاتر يسهل إسالة المخاط المعدي ويسبب سرعة الامتصاص بدون إلهاب الأمعاء كما يسبب نقص الحموضة، وأما العسل المذاب في الماء البارد فإنه يبطئ إفراغ المعدة ويلهب الأمعاء.


ومن التجارب العلاجية باستخدام العسل تقول أحدى الأخوات التي كانت تعاني من القولون العصبي وشُفيت منه باستخدام العسل:

"عانيت فترة طويلة من القولون العصبي ولم تجدي الأدوية الطبية فلجأت إلى العسل بحيث آخذ ملعقة من عسل السدر صباحاً على الريق وملعقة أخرى قبل النوم، وبدأت الآلام تخف شيئاً فشيئاً إلا أنني استمررت في أخذ العسل ما يقارب العام وها أنا لا أشعر بأي من الآلام السابقة وقد أمضيت على فترة علاجي سبع سنوات ولم احتاج لمراجعة الطبيب منذ ذلك الحين ولله الحمد والمنة".

ويقول أبو (عبدالله) احد المرضى السابقين بعد أن مَنَّ الله عليه بالشفاء:

"أتعبني القولون العصبي كثيراً إلى جاء أمر الله بالشفاء ونصحني احد الأخوة جزاه الله ألف خير باستخدام العسل فأصبحت اتبع طريقته وهي انه أقوم بشرب كوب من الماء الدافئ ومعلقة من العسل قبل (30) دقيقة من الأكل، وبالفعل خفت الأعراض كثيراً وصرت لا استطيع الامتناع عن هذا العلاج الرباني".

العلاج الطبيعي لمرض القولون العصبي



في هذا الجزء أتحدث عن أفضل علاج توصلت إليه واستخدمه مع كل مرضى القولون العصبي، واغلبهم تماثل للشفاء والحمد لله، الدواء الذي أقدمه هنا هو علاج طبيعي ولا أضرار جانبية له إن استعمل بالطريقة الصحيحة، فحتى الأعشاب وأساليب الطب القديم لا تخلو من المضاعفات بسبب الجهل في الاستنفاع بها، وهذا العلاج لن يكون حكراً على احد بل سأقوم بسرد تفاصيله بلا موانع أو تحفظات أو حتى اشتراط بتوفير هذا العلاج من طرفي.



العلاج الطبيعي هو خلطة مكونة من عسل النحل وأعشاب طبية مأمونة ومجربة، ويتركز عمل وتأثير هذا العلاج في منع حدوث التقلصات الغير طبيعية لعضلات جدران القولون وبالتالي يمنع ويوقّف ظهور أعراض القولون العصبي.



تحدثت في صفحة سابقة بالموقع عن العسل وأهميته لمريض القولون العصبي، والعسل علاج رباني لا يحتاج لأدنى ذرة شك، لكن يجب أن نعلم بأن ليس كل أنواع العسل مناسبة لمرضى القولون العصبي، فهناك العسل الأسود أو ما نسميه في اليمن بالسُمر ويسمى في الحجاز وجنوب المملكة بعسل شوكة وهذا العسل على منافعه الكبيرة ليس بالمناسب لمرضى القولون العصبي، وما يناسبهم هو نوعين من العسل إما عسل السدر أو العلب والنوع الثاني وهو الأجود والأكثر منفعة للقولون العصبي لكنه غير متوفر بكميات كبيرة ويسمى عسل الصال.



طبعاً بدون الخوض في موضوع غش العسل فهو من المواضيع الشائكة والطويلة، لكن كل ما أريد أن أنبه وأشير إليه أنه عند الرغبة في شراء العسل المناسب لمريض القولون العصبي يجب التركيز على العسل العلاجي (وليس الغذائي) الحار في طبعه فهو نوعية العسل الجيدة والمناسبة لمريض القولون العصبي وبالذات الذين تدهورت حالتهم النفسية، فالعسل الحار في طبعه يعمل على تهدئه الأعصاب نتيجة تثبيطه لإفراز هرمون الكورتيزول وزيادة إفراز الهرمونات التي تعمل على إراحة التوتر النفسي والقلق.



بالنسبة للأعشاب المستخدمة مع العسل في الخلطة العلاجية فهي عبارة عن عشبتين، احدهما مشهورة وهي الآس وتسمى في اليمن (الهدس)، والأخرى غير مشهورة وتكثر في اليمن في فصل الخريف وبداية فصل الشتاء وهي ليست مصنفة علمياً ونسميها بالعامية "روحب".



يجب أن يعلم الجميع بأن العلاج الذي أقدمه هنا آمن تماماً ويحمل في مكوناته الحل والدواء الشافي بإذن الله، ومريض القولون العصبي يستجيب لهذا العلاج بسرعة خصوصاً المريض الذي لم يستخدم بعد أدوية الحالات النفسية أو الخاصة بالوسواس القهري.



في الأخير وحتى لا ادخل بموضوع التآلي على الله في الشفاء فالجاهل هو الذي يخوض في هكذا مواضيع، ولن أكون مثل غيري أقول بأن العلاج الذي أقدمه في هذا الموقع هو الحل والدواء الوحيد والشافي، فلا شفاء إلا شفاء الله وما نحن وما نتوصل إليه إلا أسباب، وقد يضع الباري الشفاء بيد اضعف خلقه وأني لا احسب نفسي إلا من اضعف خلقه.



ملحوظة: في حالة أن المريض يعاني من القولون العصبي منذ فترة طويلة وقد وصل إلى درجة الوسواس القهري ويستخدم أدوية نفسية مهدئة، فأنه يحتاج لخطة علاجية شاملة أسميها خطة العلاج الثلاثي وسأقوم بشرح تفاصيلها كاملة. خطة العلاج الثلاثي..

خطة العلاج الثلاثي لمرض القولون العصبي



العلاج الطبيعي الأساسي لمرض لقولون العصبي يرتكز على استخدام خلطة العسل مع الأعشاب الطبية المأمونة كما فصلتها في صفحة "العلاج الطبيعي"، لكن في حالة أن القولون العصبي مزمن منذ فترة طويلة عند المريض وحالة المريض النفسية سيئة وقد أدمن في استخدام الأدوية الكيميائية المهدئة وأدوية الحالات النفسية والوسواس القهري؛ ففي هذه الحالة يجب على المريض إتباع خطة علاجية شاملة أطلقت عليها مسمى (خطة العلاج الثلاثي لمريض القولون العصبي)، ومن المسمى فأنها تحتوي على ثلاثة محاور، وسأقوم بشرح هذه المحاور في الأسطر القادمة.



تختلف طريقة وأسلوب استخدام الخطة العلاجية من شخص إلى آخر ومن فئة عمرية إلى فئة عمرية أخرى، فليست هذه الخطة واحدة لجميع مرضى القولون العصبي وإنما على حسب المريض وشدة أعراض القولون العصبي عنده، فالمحور الأول وهو العلاج الطبيعي باستخدام العسل والأعشاب يترافق معه محورين مهمين هما العلاج بالحجامة والعلاج بالمستفرغات التي تقوم بتنظيف القولون، وبهذا يحقق مريض القولون العصبي (حتى وإن كان المرض مزمناً) أفضل طريقة لمحاصرة القولون العصبي وإجباره على الخضوع والتشافي بإذن الله تعالى..



نزولاً عند رغبة الكثير من زوار الموقع سأقوم بالحديث عن الأسلوب أو الطريقة العامة في خطة العلاج الثلاثي، وعند الرغبة في معرفة التفاصيل أكثر يقوم المريض بالتواصل معي عن طريق الإيميل أو الجوال (وهي الطريقة الأفضل)، ويوضح لي في اتصاله بعض البيانات المهمة وهي العمر وبداية إصابته أو اكتشافه للقولون العصبي وهل توجد أمراض أخرى مرافقة مثل السكري أو الضغط أو الكولسترول أو أي مرض أخر، وهناك مجموعة من الأسئلة سأقوم بطرحها على المريض.. بعدها سأكون قادراً على تحديد الطريقة المُثلى والجرعة المناسبة لعلاج القولون العصبي.

العلاج الثلاثي يتألف من ثلاث طرق علاجية بسيطة تجرى في وقت متزامن واحد، هذه الطرق العلاجية هي:

1- العلاج بالعسل والأعشاب.


2- العلاج بالحجامة.


عندما تكون الحالة النفسية سيئة لا يأتي أي علاج بنتيجة لأن الجسم ليس عنده استعداد لاستقبال أي شيء فهو في حالة ارتباك، والعكس صحيح فالحالة النفسية الممتازة والجيدة تجعل العلاج أسهل كثيراً ويعطي نتائج ايجابية، والحجامة تنظم الحالة النفسية وتساعد في هدوء واستقرار النفس بسبب الراحة التي تتركها الحجامة بعد خروج الدم المليء بالأخلاط والرواسب وكريات الدم الحمراء الهرمة والشاذة.

يحس ويعلم الكثير من الذين سبق لهم إجراء الحجامة بالتأثير المدهش لها وخصوصاً على الحالة النفسية، وعند قيام مريض القولون العصبي بإجراء عملية الحجامة في بداية العلاج فأننا نسيطر على الحالة النفسية والعصبية وهي التي تقوم بالدور الواضح في ظهور وتفاقم أعراض القولون العصبي، ومريض القولون العصبي الذي يعاني من الوسواس القهري فأن الحجامة تكون السبب الرئيسي لتحسن حالته النفسية وشفاءه بإذن الله.

ولعل السبب في تأثير الحجامة الايجابي هو أنها تقوم بموائمة الناحية النفسية عن طريق تنظيم عمل الجهاز السمبثاوي والباراسمبثاوي المسئولين عن الغضب والانفعالات، وهذا إنما يتأتى نتيجة التأثير على الأطراف العصبية في الظهر والقريبة جداً من الجهاز العصبي المركزي

هنا يجب أن أشير إلى أن مواضع الحجامة بالنسبة لمريض القولون العصبي مهمة جداً لظهور التأثير العلاجي المطلوب، وتختلف هذه المواضع تبعاً لقوة أعراض القولون العصبي وحالة المريض الصحية وبنيته وعمره.. وسأقوم بتحديد هذه المواضع تبعاً لهذه العوامل بعد تواصلي مع المريض.

3- العلاج بالمستفرغات.

استطيع القول جازماً بأن الاهتمام بتنظيف القولون كل فترة وأخرى من العوامل المهمة التي تقي الجميع من مرض القولون العصبي وتساعد كذلك على شفاء القولون العصبي ولعل أهم المنظفات للقناة الهضمية بما فيها القولون هو نبات (السنامكي أو السنا) وهذا النبات مما أوصى به طبيب ورسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان الرسول يستخدم السنامكي ويأمر أصحابه باستخدامها وكانت السنامكي تستخدم على نطاق واسع أيام الرسول صلى الله عليه وسلم.

والسنامكي لها من الفوائد ما لا يحصى ولا يعد واعتقد أن فاعليتها على المصابين بمرض القولون العصبي بسبب أن مفعولها لا يبدأ إلا في القولون، حيث يتم تحلله بواسطة البكتيريا القولونية، ولذا فإن السنا لا يؤثر على المعدة ولا على الأمعاء الدقيقة، وبالتالي لا يؤثر على امتصاص الغذاء كما تفعل معظم الملينات والمسهلات، ولا يسبب إمساكاً بعد الإسهال، ولا يسبب السنا تقلصات في الأمعاء كما تفعل معظم المسهلات الأخرى، وقد يحدث منه مغص خفيف سرعان ما يزول، ويبدأ تأثير المسهل عندما يصل السنا إلى القولون ويستدعي ذلك من 6 إلى 12 ساعة أو أكثر.

ومريض القولون العصبي عند استخدامه للسنامكي يشعر بتحسن فوري فتختفي اغلب أعراض القولون العصبي، فهي تلين الأمعاء وبذلك ينتهي الإمساك عند المريض كما تعمل على تنظيم حرارة الجسم فتختفي تلك الحرارة المزعجة في الظهر أو الأطراف ولا انسي دور السنامكي في التخفيف من احتقان البواسير التي ترافق بعض مرضى القولون العصبي.

وحتى في حالة كان المريض يعاني من الإسهال المستمر فأن السنامكي ممتازة وتوقف الإسهال في أيام معدودة، لكن هنا يجب أن أشير وأنبه إلى أن الإفراط في استخدام السنامكي يؤدي لنتائج سيئة لمريض القولون لأنها قد تسبب ارتخاء في غشاء أو بطانة القولون وقد تستثير عضلات القولون فتسبب مشاكل في الإمساك على المدى البعيد.

وأشير لنقطة مهمة في موضوع استخدام السنامكي وهي أن طريقة استخدامه مهمة للحصول على تأثيره ومنفعته المرجوة منه، فالغالبية من الناس تستخدم السنامكي بطريقة خاطئة تفقده الخصائص العلاجية.

وهناك مستفرغات طبيعية أخرى مثل زيت الخروع وهو من أشهر المستفرغات وعشبة (الرواند) والتي لها فوائد رائعة كذلك، لكن المشكلة أنها تحتاج لحذر عند استخدامها ولا تُعطى للأطفال أو كبار السن.

الغذاء ودوره في مرض القولون العصبي



الطعام الذي نتناولهُ له الدور الكبير في حدوث الكثير من الأمراض.. والرسول صلى الله عليه وسلم يلخص ذلك ويشير له صراحة في الحديث الحسن الصحيح الذي رواه الترمذي في صحيحه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ؛ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ؛ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ)..



ويشير العلماء إلى أن العلاج الدوائي في حالة القولون العصبي مجرد عامل مساعد بينما العلاج الحقيقي يكمن في إتباع أنظمة غذائية صحية، فالإنسان المصاب بالقولون العصبي طبيب نفسه وعليه أن يختار غذائه وما يناسبه بعناية، ومن المؤكد أن التغذية الصحية المتوازنة من حيث الكم والكيف تكفي لعيش حياة سعيدة وبلا أمراض


هل توجد أطعمة تسبب في حدوث مرض القولون العصبي؟

لا توجد أطعمة تسبب في حدوث القولون العصبي ولم يتوصل العلماء إلى أن هناك مادة غذائية معينة تسبب الإصابة بالقولون العصبي، لكن هذا لا يعني أن نغفل عن دور الغذاء فلا نختار ما يدخل جوفنا ونصبح مجرد وعاء لا يعيّ، فالجميع يعلم بأن الغذاء له دور كبير في صحتنا ككل والقولون هو ممر لما تبقى من فضلات هذا الغذاء لذلك فالتركيز على النظام الغذائي يقينا من الإصابة بالقولون العصبي ويساهم في تجنب آلام ومضاعفات القولون العصبي، وإذا قدر الله ووقعنا ضحية للقولون العصبي فيجب أن ندرك عندها أن إهمالنا للغذاء هو احد المسببات ما لم يكن السبب الرئيسي في ذلك، وفي حالة الإصابة بمرض القولون العصبي فأن هناك بعض الأطعمة التي من الممكن أن تزيد من الحالة أو الأعراض سوءاً، ونظراً لأهمية هذا الموضوع لمريض القولون العصبي سأدرج في الفقرة القادة أهم الأطعمة التي قد تضاعف من أعراض القولون العصبي.


ما هي المثيرات المباشرة للقولون العصبي؟

ليس هناك مثير واحد لكل الناس، إذ تختلف المثيرات من شخص لآخر، ولكن الإفراط بأي نوع من أنواع الطعام وتناول وجبات كبيرة قد يسبب في إثارة القولون العصبي، وهناك بعض الأطعمة قد تمثل مصدر تهييج للقولون لذلك يجب على الفرد المصاب بالقولون العصبي اختيار أصناف الغذاء ومحاولة الابتعاد عن المأكولات التي قد تثير حالة القولون العصبي، ولا يستطيع الطبيب تحديد أنواع هذه المأكولات فهي تختلف من شخص لآخر، فمثلاً الخضروات الغير مطبوخة والسلطة قد تثير حالة القولون العصبي عند بعض الأشخاص، ولكن وفي نفس الوقت البعض الأخر قد يتعافى من حالات القولون باستخدام هذه الخضروات نفسها مثل الجرجير والخيار وأنواع أخرى، لذلك يجب على مريض القولون العصبي أن يركز قليلا في تأثير المأكولات على حالته الصحية ومن ثم أن يستشير الطبيب وبهذا يمكنه معرفة حالته ومدى قابلية جسمه للمأكولات المختلفة.


بعض المأكولات والأطعمة التي قد تثير القولون العصبي:

1. الدهون أو الأطعمة العالية في دهونها كاللحوم الحمراء والزيوت الحيوانية والنباتية، وهذه الدهون لها تأثير انقباضي قوي على جدران الأمعاء مما يؤدى إلى حدوث التقلصات.

2. الكحوليات والشوكولاتة تساهم في ازدياد الحالة سوءاً.

3. وإذا كانت الغازات تسبب مشكلة للشخص فعليه الابتعاد عن الأطعمة التي تزيد من حدتها وخاصة تلك التي تتضمن على البقوليات والكرنب وبعض أنواع الفاكهة.

4. الألبان ومنتجاتها من الأطعمة التي يكثر الكلام عليها في حالة الإصابة بالقولون العصبي، وأغلب الأطباء يقومون بمنع المرضى منها وهذه من الأخطاء الشائعة، الواجب على الشخص المصاب بالقولون العصبي أن يركز على تأثير الألبان ومشتقاتها على مرضه وهل هناك أعراض تزيد بعد تناولها أم لا؟.. فإذا كانت تضايق الشخص فهذا معناه احتمالية وجود حساسية من اللاكتوز (الحساسية من اللاكتوز هو أن جسد الفرد لا يستطيع هضمه)، واللاكتوز هو السكر المتواجد في اللبن، وقد تزيد الألبان ومنتجاتها من حالة القولون سوءاً إذا كان الشخص يعانى من هذه الحساسية، وإذا كان الأمر هكذا فلابد من الحد من كم الألبان ومنتجاتها في النظام الغذائي.

5. المنبهات أو الأطعمة التي تحتوى نسبة عالية من الكافيين كالشاي والقهوة، والكافيين له تأثير يشابه الدهون حيث يسبب في انقباض الأمعاء مما يؤدى إلى حدوث التقلصات.

6. البهارات التوابل الحارة تمثل أحياناً من المهيجات لمريض القولون العصبي.

7. بعض العقاقير الطبية قد تزيد من أعراض القولون العصبي فيجب الانتباه والتوقف عن استخدامها.

القولون العصبي والوسواس القهري



القولون العصبي في مراحله المتقدمة يتسبب في حدوث مشاكل نفسية كبيرة تجعل من هذا المرض مصدر إزعاج متواصل بجانب آلامه ومضاعفاته الكثيرة.. وفي كثير من الأحيان تتحول المشاكل النفسية والتوترات إلى صورة اعنف بشكل وسواس قهري مزعج، وبالتالي يصل اغلب مرضى القولون العصبي والمهملين في متابعته وعلاجه إلى الوضع الذي يستخدمون فيه الأدوية والعلاجات النفسية الخاصة بذوي الحالات النفسية والعصبية المتدهورة.



صحيح أن القولون العصبي لا يشكل خطراً على حياة المريض، لكن مع تدهور الحالة العصبية والدخول في دوامة الوساوس النفسية فأن مريض القولون العصبي يشعر بعدم قدرته على التواصل مع الناس أو الأصدقاء فيبتعد عن ممارسة أي نشاط اجتماعي وينزوي بعيداً وقد يتغيب عن عمله أو حتى يتركه نهائياً..!.



يجب أن يعلم الجميع بأن هناك ارتباطاً وثيقا بين الوسواس القهري والقولون العصبي، وفي أغلب المرضى يكون القولون العصبي هو المسبب والمؤدي إلى الوسواس القهري وفي حالات أخرى يكون الوسواس القهري وسوء الحالة النفسية هو السبب في ظهور أعراض القولون العصبي.



إذا ومن هذا يتضح لنا أمران مهمان وهما:

1- إذا كان الوسواس القهري وتدهور الحالة النفسية للمريض هي احد أعراض ومضاعفات القولون العصبي، هنا يجب استخدام علاج متوازي ومتوازن للخروج بالشفاء العاجل بإذن الله تعالى، ويتمثل هذا العلاج في التركيز على القولون العصبي "فهو المسبب للوسواس القهري" لأنه بإزالة السبب (المرض) يزول أعراضه.



2- أما إذا كان الوسواس القهري هو ابرز الأسباب التي أدت إلى تأثر القولون وحدوث أعراض القولون العصبي، في هذه الحالة يجب إتباع إستراتيجية ثنائية تتمثل في التركيز على الوسواس القهري أولاً باعتباره المسبب للمرض وموازاة مع ذلك نقوم ثانياً بالتخفيف من أعراض القولون العصبي الأخرى حتى يسهل معنا رفع وعلاج نفسية المريض ليتخلص بذلك من هذا المرض المستشري.



أساليب تساعد في التخلص من التوتر والقلق

- واظب على الصلاة والنوافل والإكثار من السجود لله.

- استعن بالله في كل أحوالك واستخر عند كل صلاة ولا تجعل الدنيا همك.

- تعامل مع المشاكل بهدوء وروية واعلم أن الغضب هو أكثر ما يهيج القولون.

- أترك مساحات في جدولك للراحة والأمور غير المتوقعة.

- اجعل من العمل متعة، ولا تحرم نفسك من الإجازة.. استفد منها وحاول استغلالها في الراحة.

- حاول شغل وقتك بما ينفع واكتشف هوايات جديدة.

- حافظ على قسط كاف من النوم من 6 إلى 8 ساعات وإذا لم تشعر بالاكتفاء والرغبة بالزيادة فنم 10 ساعات كحد أقصى لان النوم لمدة طويلة يزيد الشعور بالإجهاد النفسي.

- تعلم تمارين الاسترخاء العضلي أو التنفسي.


الأدوية المستخدمة في علاج القولون العصبي



الأدوية التي يصفها الطبيب أو يتناولها أغلبية مرضى القولون العصبي لا تخرج عن دور تهدئة أعراض المرض فقط.. فمن الأدوية الملينة للأمعاء أو المضادة للإمساك إلى الإنزيمات الهاضمة والتي تستخدم وقت الشعور بالآلام وكثير من الأدوية يرتكز دورها في المساعدة على تنظيم حركة القولون.



اغلب الأدوية الكيميائية التي تستخدم في حالات القولون هي أدوية تقوم بتهدئة الأعراض فقط، فمثلاً عقار (prozac) له أثر علاجي في كبح أعراض القولون العصبي لكنه وعند استعماله على المدى البعيد يسبب مشاكل وأعراض جانبية كثيرة منها الإخلال بإفراز وبوظائف الهرمونات الذكرية، وكذلك الدواء الشهير (Zantac) المستخدم لعلاج قرحة المعدة والذي يستخدم على نطاق واسع في تقليل أعراض القولون العصبي فأنه وعلى المدى يؤثر كذلك على بعض الهرمونات وعلى الهرمونات الذكرية وعلى الجهاز العصبي المركزي.



أيضاً ينبغي التنبيه على أنه يجب تجنب العقاقير التي تعالج الإمساك من خلال استثارة عضلات القولون مثل مركبات الألياف (Senna compounds) فعندما تعمل هذه الأدوية لأكثر من أسبوع فأنها قد تؤدي للإمساك على المدى الطويل.



أيضاً من العقاقير التي أخذت شهره كبيرة دواء (زلماك Zelmac) وهو الذي وجد إقبال منقطع النظير وانتشر في دول العالم بعدما قامت منظمة الأغذية والدواء الأمريكية (FDA) باعتماده وأعدت له شركات الأدوية حملة دعائية ضخمة وقالت أنه يجعل من أعراض القولون العصبي كوابيس من الماضي، إلا أنه وبعد فترة اتضحت أضراره الكبيرة على متناوليه وتم سحبه من الأسواق الأمريكية والأوربية في شهر مارس 2007م. ولم يسحب من الأسواق الخليجية والعربية إلا بعد أربعة أشهر تقريباً من سحبه في أمريكا والدول الأوربية، وهذا الدواء بمادته الفعالة تيجاسيرود (Tegaserod ) كان الأطباء وبعض المرضى يعلمون حتى عند بداية استخدامه بأن من أثاره الجانبية انخفاض ضغط الدم والإغماء والصداع الشديد والغثيان، وبعد سحبه من الأسواق قالت شركة نوفارتس العالمية (Novartis) المنتجة له بأن الدراسات الحديثة توصلت بأن الدواء قد يزيد من احتمال الإصابة ببعض المتاعب في القلب مثل الأزمات القلبية, الجلطات وألم شديد في الصدر..!.



هناك أيضاً العقاقير المهدئة للحالات النفسية كالقلق والتوتر وهي تقوم بتخفيف الضغط النفسي حتى لا يحصل إثارة للقولون، ولكن للأسف اغلب هذه الأدوية تعود بأثر سلبي على الرغبة والقدرة الجنسية وتسبب الإدمان عليها.



ولا ينتهي المجال بذكر الأدوية التي تستخدم لكبح أو تخفيف أعراض القولون العصبي، فهي كثيرة ومتنوعة بتنوع وكثرة شركات الأدوية.

نصائح في التغذية العلاجية



أقدم هنا التغذية العلاجية وهي عبارة عن نصائح شاملة تصلح وحدها أن تكون علاجاً شافي لمرض القولون العصبي، ولكن.. يجب أن أوضح قبلها للجميع أن تطبيق هذه النصائح يحتاج لتركيز من جانب مريض القولون العصبي، فإذا لاحظ المريض أنها تسبب له غازات وانتفاخ فعليه الابتعاد عنها.. فكما قلت سابقاً بأنه لا يوجد جدول غذائي أو أطعمة نستطيع تطبيقها على جميع مرضى القولون العصبي فكل مريض هو طبيب نفسه وحالة منفردة، لذا يجب على جميع المصابين بالقولون العصبي التركيز واختيار ما ينفعهم وتجنب ما يزيد من أعراض هذا المرض.



العسل:

شراب أو محلول العسل الصباح على الريق مفيد جداً لمرضى القولون العصبي ومحلول العسل أي العسل مخلوطاً كما كان يستخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستطيع مريض القولون العصبي أن يتناول ثلاث ملاعق عسل في كوب ماء فاتر صباحاً وقبل تناول أي شيء ولا يفطر إلا بعد مرور ساعة كاملة على الأقل.



زيت الزيتون:

استخدام زيت الزيتون 3 ملاعق كبيرة على الريق مفيد جداً لكثير من مرضى القولون العصبي ما لم يحدث تهيج لأعراضه، ولا تختفى فوائد زيت الزيتون على احد وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم باستخدامه.



الخل:

شرب ملعقة خل تفاح بلدي مخففة بكوب ماء بعد الوجبات مباشرة يساعد مرضى القولون في معادلة الطعام، لا وبل يساعد في تنظيف القولون من بقايا الطعام العالقة بين خملاته التي تمتص المواد الغذائية، ولو احتجنا أن نتكلم عن الخل وفوائده لحتجنا لمؤلفات كثيرة لما له من نفع كبير وملحوظ.



التلبينة:

التلبينة مهمة جداً لمريض القولون العصبي، وهي مما أوصى به رسولنا الكريم.





بذور الكتان (seedFlax):

تناول ملعقة كبيرة أو ملعقتين من زيت بذرة الكتان يومياً، هذا يساعد على جعل البراز لينا، وأيضاً يحتوي بذر الكتان على المعادن التي يفقدها الجسم مع الإسهال المصاحب للقولون العصبي، كما أنه يساعد في تهدئة الأمعاء.

من ناحية أخرى أثبتت لجنة الخبراء الألمان التي تقيم الأدوية العشبية لصالح الحكومة الألمانية، والتي تناظر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أن استخدام 1 إلى 3 ملاعق كبيرة من العشب المسحوق مرتين إلى ثلاث مرات يومياً مع الكثير من الماء يعالج من التهاب الردب.



التمر:

التمر في غاية الأهمية لمريض القولون العصبي.. فالتمر بما يحتويه من عنصر الماغنسيوم يعمل على تهدئة حالة التوتر والقلق لدى المريض فتقل بذلك أعراض القولون العصبي.



التين

التين من الفواكه التي ذكرت في القرآن الكريم بل وشرفها الله بالقسم العظيم (والتين والزيتون وطور سنين)، والتين سواء طازجاً أو حبات التين المجففة فعال جداً لمرضى القولون العصبي، فهو ملين للطبيعة مخرج للفضول.



اللبن الرائب

اللبن الرائب أو ما نسميه بالزبادي مهم جداً لمريض القولون وخصوصاً لمن يعانون من الإسهال الدائم، وفي اللبن الرائب بكتيريا تساعد القولون في القيام بوظائفه على أكمل وجه.

تنبيهات ونصائح



- الابتعاد عن التوتر النفسي والعصبية قدر الإمكان وتعلم كيفية التعامل مع الإجهاد النفسي والضغوط.

- تناول 6 وجبات صغيرة في اليوم بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة، بحيث تكون هذه الوجبات منتظمة ومتوازنة وفي أوقات محددة.

- الانتباه والتقليل عند تناول بعض الوجبات الدسمة والتي تكون صعبة الهضم، وعدم الإفراط في البهارات والفلفل الحار.

- تناول كمية كبيرة من الماء ويفضل بعد الوجبات، والإكثار من السوائل بقدر المستطاع.

- محاولة السيطرة على الإمساك الحادث من القولون العصبي، وذلك بالتركيز على الخضروات والفواكة التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف حيث تنشط هذه الألياف حركة الأمعاء عامة والقولون خاصة، ومن الخضروات والفواكة المحتوية على الألياف: الخس والجرجير والجزر والبطيخ والعنب والملوخية... وغيرها.

- التحكم والحد من الإسهال عن طريق شرب الملينات والمسهلات كشراب الحلبة وزيت الخروع والسنا مكي وذلك للمساعدة في عملية الإخراج.

- المداومة على الرياضة فهي تشد العضلات وتحافظ على الوزن وتضبط إيقاع القولون.

- عدم تناول أي دواء كيميائي إلا بمشورة الطبيب، والخضوع للفحص الكامل، بغرض استبعاد أي أمراض أخرى.

- الابتعاد عن شرب القهوة والشاي والمنبهات، والتوقف عن التدخين حيث وجد في حالات كثيرة أن مثل هذه العادات الاجتماعية تساعد علي ظهور أعراض القولون العصبي.

- الإكثار من المشي والحركة والنشاط، ومزاولة أي نشاط رياضي ولو كان خفيفاً فالحركة الدائمة وقليل من الرياضة تشد العضلات وتحافظ على الوزن وتضبط إيقاع القولون وتساعد على التحسن والشفاء.

- مضغ الطعام جيداً قبل بلعه وعدم الإسراع في الأكل وتهيئة جو هادئ أثناء الأكل وعدم الضجيج وتجنب الشجار.

- الاهتمام بنوعية الأطعمة التي من الممكن أن تكون أحد العوامل المؤدية إلى اضطراب وظيفة القولون، ومن هذه الأطعمة:

• البقوليات: مثل الحمص والفول والعدس وبعض أنواع الخضراوات والتي ينتج عن هضمها كميات كبيرة من الغازات المسببة للاضطرابات الهضمية.

• الحليب ومشتقاته: قد يحدث سوء هضم عند شرب الحليب أو احد مشتقاته لأنه يؤدي إلى انبعاث كمية كبيرة من الغازات أثناء عملية الهضم ويشتكي (40 %) من المرضى من صعوبة هضم سكر الحليب.

• العلكة أو اللبان: فمضغ العلكة وبالذات لفترة طويلة يساعد على ابتلاع كمية كبيرة من الغازات أثناء عملية المضغ.

المشروبات الغازية: تحتوي المشروبات الغازية على كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلى انتفاخ في منطقة البطن وبالتالي اضطرابات في الجهاز الهضمي.

الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة



حتى نكون على علم واطلاع بأحدث ما توصل له العلماء والباحثين حول أمراض القولون بما فيها القولون العصبي، لذلك ارتأيت أن أقدم في هذه الصفحة أهم واحدث الأبحاث الطبية.





القولون العصبي وفيتامين (أ).



اظهر بحث جديد لعلماء جامعة نانشانج الصينية أن احد أشكال فيتامين (a) والتي تسمى حمض الريتينويك قد يكون فعال في علاج الأفراد الذين يعانون أمراض القولون العصبي والتهاب القولون التقرحي.

وأجرى العلماء اختبارات على الفئران والأنسجة البشرية حيث أظهرت النتائج فاعلية حمض الريتينويك في تخفيض الالتهاب المصاحب لأمراض القولون العصبي عن طريق زيادة نشاط بعض جينات المناعة وتخفيض نشاط مركبات الالتهاب.

ويقول العلماء أن البحث الجديد يعتبر مفيد للغاية حيث أن معظم الالتهابات التي تحدث بالجسم غير معلومة السبب كما انه من الصعب علاجها.



فوائد الزنجبيل لمرضى القولون العصبي.

أثبت العلماء أن ريزومات الزنجبيل علاج فعال لراحة القولون العصبي، وتقول الدكتورة نيفين عبدالهادي المدرسة بكلية الصيدلة جامعة الأزهر بمصر أن الزنجبيل غني بمجموعة من المواد الفعالة التي تعالج الكثير من الأمراض فهو يحتوى على زينجيبارين وشوقولز وساينول وغيرها من المواد المهمة والفعالة، ونصحت طبقاً لما نشر بالقاهرة أمس بإضافة 50 جراماً من الزنجبيل المطحون على نصف كأس من الماء المغلي يترك ليبرد ثم تضاف ملعقة صغيرة من الخل ويشرب عند الشعور بآلام القولون.



ومن المعروف أن القولون العصبي من أمراض الجهاز الهضمي التي تصيب العديد من الناس وتتأثر ببعض الأطعمة والمأكولات بالإضافة إلى الحالة العصبية التي تهيج القولون كما انه يعاني منه الكثير من المصريين بصفة خاصة.



علاج القولون العصبي يتطلب تغيير الأنماط الغذائية



أكثر الناس إصابة بالقولون العصبي هم أشخاص مرهفو الحس، فالقولون هو محرار (ترمومتر) أعصاب الإنسان، ويؤكد الأطباء أن أكثر من 80% من أعراض القولون العصبي تكشف أسلوب حياة يتسم بالتوتر والقلق، ويرتكز علاجهم على تغيير أنماط سلوكية اعتادوا عليها.

وهناك علاقة وثيقة تربط بين القولون والجهاز العصبي اللاإرادي، هذا الجهاز الذي يلعب بجميع أعضاء الجسم الداخلية فهو يصدر أوامر بتسريع ضربات القلب عند الخوف ويسبب زيادة إفرازات اللعاب عند مشاهدة الطعام وبالتالي تفرز المعدة حامضها، وقد يؤدي الجهاز العصبي اللاإرادي إلى سرعة حركة القولون فيصاب الإنسان بالإسهال أو يقلل من سرعة الحركة فيصاب بالإمساك.



ويشير الدكتور محمد النادي استشاري الجهاز الهضمي والكبد، إلى إن القولون ليس له أي دور في هضم الطعام لكنه يمتص الماء فقط ويبقى مخزنا لفضلات عملية الهضم ومن المعروف عن أعراض القولون العصبي تعددها وتنوعها وتبدأ بالشعور بالامتلاء السريع للمعدة أثناء أو بعد الأكل مباشرة وكذلك انتفاخ البطن السريع مع الشعور بألم أسفل البطن بجانبها الأيسر والأيمن مع اضطراب في عمليات الإخراج ما بين إسهال مزمن أو إمساك مزمن، وقد يشكو المريض من الم أسفل الظهر مما يعطي انطباعا خاطئا بوجود مشكلة في العظام وغالبا ما يصحب القولون العصبي ضيق تنفسي وألم أعلى البطن وعدم انتظام في ضربات القلب، متى تظهر هذه الأعراض؟.. يجيب الدكتور النادي قائلا: عندما يتعرض الإنسان لضغط عصبي أو توتر أو قلق وتعتريه المخاوف.



نمط غذائي من جانبه يشير الدكتور عبد اللطيف رضا أستاذ الجهاز الهضمي إلى أن العلاج الدوائي في حالة القولون العصبي مجرد عامل مساعد بينما العلاج الحقيقي يكمن في أتباع أنظمة غذائية صحية، فالإنسان المصاب بالقولون العصبي طبيب نفسه وعليه أن يعلم العوامل المحفزة لإثارة قولونه والابتعاد عنها.



ومن أعداء القولون لغالبية المرضى المخللات بكافة أنواعها والأكلات الحريفة (المشبعة بالمتبلات)، وهي مواد لا تمتص فتسبب تهيجا بالغشاء المخاطي للقولون، كما أن هناك بعض الأطعمة تزيد من متاعب القولون ينبغي الابتعاد عنها قدر الإمكان مثل الأغذية التي تحتوي على الكبريت كالفجل والبصل والثوم والكرنب والقرنبيط ومن الفواكه البطيخ والجوافة كذلك البقول الجافة كاللوبيا والفاصوليا والألبان ومنتجاتها، والمريض يكتشف بمرور الوقت الأطعمة التي تسبب له متاعب وتثير قولونه وعليه الابتعاد عنها فوراً.



ولان التوتر والقلق والخوف أعداء للقولون العصبي فينبغي بقدر الإمكان تجنب هذه المشاعر وتغيير نمط الحياة المشجع على هذه المشاعر السلبية، وينصح الدكتور عبد اللطيف مرضى القولون العصبي بالمواظبة على ممارسة الرياضة منها المشي والامتناع عن الأطعمة الدسمة وقبل ذلك ينبغي مراجعة الطبيب من آن لآخر للتأكد من أن القولون العصبي فقط وراء الأعراض التي يشعر بها المريض نظرا لتشابه هذه الأعراض مع أمراض أخرى كالالتهابات المزمنة بالمرارة وقرحة المعدة والاثني عشر.


المشي يخفض خطر الإصابة بسرطان القولون.



أظهرت دراسة حديثة أن ممارسة رياضة المشي بانتظام يمكن أن تخفض خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 25%. وقال باحثون، في الدراسة التي نشرت في "مجلة السرطان البريطانية"، إن ممارسة الرياضة بانتظام ومن ضمن ذلك المشي يمكن أن يخفض احتمال الإصابة بواحد من بين أكثر أمراض السرطان انتشاراً. وذكرت صحيفة "دايلي مايل" البريطانية الخميس أن الباحثين توصلوا إلى هذه النتيجة بعد الاطلاع على نتائج 52 دراسة أجريت خلال السنوات الخمس والعشرين الأخير حول هذا الموضوع.



وتبين من الدراسة، التي شملت آلاف الأشخاص، أن الأكثر نشاطاً منهم كانوا الأقل عرضة للإصابة بأمراض سرطان القولون، مشيرة إلى أن ممارسة الرياضة والمشي يمكن أن تخفف أيضاً من خطر المشاكل التي لها علاقة بأمراض مثل السرطان والبدانة والتدخين. وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد دراسة التأثير الإيجابي للرياضة والمهن التي تتطلب بذل مجهود بدني والهرولة والتدرب في النوادي الرياضية والمشي السريع، مشيرين إلى أن الرجال والنساء يستفيدون بنفس القدر من وراء ذلك. ويقول أطباء إن ممارسة الرياضة تمنع البدانة وتزيد سرعة خروج المواد الكيميائية التي تسبب السرطان من الجسم وتخفض خطر الإصابة بالتهابات الامعاء والهرمونات التي لها علاقة بنمو الأورام السرطانية. وتعد الإصابة بمرض سرطان الأمعاء ثالث أكثر الأمراض انتشاراً في بريطانيا إذ يؤثر على أكثر من 36500 شخص سنوياً، وتحصل ثلثا الأمراض في القولون والباقي في المستقيم.

في الأخير..

يجب على مريض متلازمة القولون العصبي أن يتعلم طريقة السيطرة على مرضه ولا فأن المرض سيسيطر عليه وتزيد أعراضه شدة وألماً، ويجب عليه أن يعلم بأن مفتاح الباب للسيطرة عليه يكمن في شيئين أثنين: أولهما التركيز والتنويع على الغذاء والثاني السيطرة على الانفعالات والتوترات العصبية والعمل على رفع الحالة النفسية.



من خلال معايشتي لمرضى القولون العصبي وهم كُثر.. فأن أصعب شيء خلال تعاملي معهم هو إقناعهم، لذا فأن توصيل المعلومة إليهم من الصعوبة بمكان حتى يقتنعوا بها فيقبلوها، وفي هذا فأني لا ألومهم أبداً فالحالة النفسية والعصبية للمريض هي التي تلعب ذلك الدور وتضع الحواجز بين المريض وطبيبه، وهنا أدعو المرضى للتثقف والبحث عن كل ما يدور حول القولون العصبي، فمعلوم أن الطريقة الأكثر تأثيراً على أي مرض هي معرفة المريض بتفاصيل مرضه، وبالتالي يسهُل العلاج عليه وعلى الطبيب.



كما من الأهمية بمكان معرفة الجميع.. الصحيح قبل المريض.. بأنه ما من داء إلا وله دواء مصداقاً لقول رسولنا العظيم طبيب القلوب والأبدان عليه الصلاة والسلام: "ما من داء إلا وأنزل له دواء؛ إلا السام، علمه من عمله وجهله من جهله".. والدعوة هنا صريحة بضرورة البحث عن الدواء في حالة جهله، فهو موجود في مكان ما يعلمه الذين لا ييأسون من رحمة الله ورضوانه.



أتمنى للجميع حياة هادئة بعيداً عن القولون العصبي والتوترات.. وأسأل الله أن يعينني على طاعته وأن يجعلني عونا للمحتاجين وسبباً في الشفاء التام لجميع مرضى المسلمين، اللهم لا شفاء إلا شفائك.. اللهم اشفي وعافي وأحفظ كل مسلم من هذا الداء ومن كل داء.. اللهم آمين.



الدكتور سليم بن طلال.




تم بحمد الله

نقلاً عن موقع علاج القولون العصبي 3colon3.com

طب الطبيعة

طب الطبيعة

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الخميس، 15 مارس 2012

طب الطبيعة

شارك برايك يهمنا
 Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
 maboeleneen@yahoo.com



طب الطبيعة
مقدمة في طب الطبيعة
فلسفة طب الطبيعة
  • القوة الشافية للطبيعة Vis Medicatrix Naturae
  • تعرف على سبب المرض وعالجه Tolle Causum
  • "أولا: لا تسبب للجسم ضرراً"
  • الطبيب بوصفه معلماً
  • الوقاية
  • عالج الشخص بأكمله
  • قوانين الشفاء
  • نموذج للصحة والمرض
  • العقل، والعاطفة، والروح Mind, Emotion, Spirit
  • التغذية Nutrition
  • العلاج المائي Hydroptherapy
  • طب النباتات Botanical Medicine
  • الزيوت الأساسية (العطرية) Essential Oils
  • طب العلاج التجانسي Homeopathy
  • المعالجات الطبيعية
  • الطب الصيني
  • الوخز بالإبر Acupuncture
  • الأعشاب الصينية Chinese Herbs
  • توي نا Tui Na
  • كي جونج Qi Gong
  • طب اليوروفيدا Ayurvedic Medicine
  • الطب الفطري Indigenous Medicine



مقدمة لطب الطبيعية 
يعتمد طب الطبيعة في معرفته بأساليب العلاج على القدر الهائل من الحكمة الكامنة في الأرض. فعندما تستخدم طب الطبيعة فإنك ستستخدم أقدم طب موجود وأكثر طرق الطب من حيث الأبحاث الإكلينيكية، وهي المعالجات الطبيعية التي تم تطبيقها بفعالية لعشرات الآلاف من السنين، مندمجة مع أفضل الأبحاث والتكنولوجيات المعاصرة.


وطب الطبيعة هو نظام من الطب التقليدي مُعَرَّف بفلسفته. و يعكس لفظ " تقليدي" جوهر طب الطبيعية بصورة أشمل من لفظي "بديل" أو "مكمل". وترجع جذور طب الطبيعة إلى العصور القديمة، حين درس الأطباء عمليات الصحة كما درسوا عمليات المرض. بل إن هذه الجذور تمتد تاريخيا لأعمق من ذلك، إلى عصر أدرك فيه البشر القوة الشافية الموجودة في أجسامهم ذاتها، وكذلك في النباتات والعناصر التي تحيط بهم. وهذه القوة الشافية الكامنة التي أمد الله بها الأجسام تساعد الجسم على تجديد ذاته واستعادة توازنه.


وهناك أساليب وطرق علاجية عديدة تدخل تحت مظلة طب الطبيعة. فإن فلسفة طب الطبيعة توفر الرابطة التي توحد هذه المجموعة من الممارسات المتنوعة. ومن النواحي الأساسية لهذه الفلسفة، والتي سنذكرها بالتفصيل لاحقا، هو أن العلاج يجب أن يكون متناسب مع كل فرد على حده، ليلاءم احتياجات كل مريض بعينه. فإن طب الطبيعة يعالج الأمراض بمعالجة الأشخاص. فقد يأتي إلى المكتب عشرة أشخاص بأعراض متماثلة من البرد أو الأنفلونزا، ومن المرجح أن يخرج هؤلاء الأشخاص ومعهم عشر خطط علاج مختلفة، وضعت كل منها لتلاءم مجموعة معينة من الاحتياجات.


وهذا التنوع في طرق العلاج يجعل طب الطبيعة صعب الفهم على بعض الناس. فالهيئات التشريعية تفهم أساليب العلاج الأخرى، مثل الوخز بالإبر، بشكل أفضل، لأن طريقة العلاج ثابتة لكل مريض. فإن المعالجين بالإبر يستخدمون الإبر للوخز، وأطباء العلاج اليدوي يستخدمون الضغط أو تخفيف الضغط أو تخفيف الضغط للعلاج، والأطباء العاديون يصفون أدوية صيدلانية أو جراحات.


وأما طبيب الطبيعة فلديه منظومة ضخمة من المعالجات الممكنة التي يختار منها. ويدرس طلاب طب الطبيعة جميع العلوم الطبية بما في ذلك التشخيص الإكلينيكي، والبدني، وعلم الأمراض، والتشريح (ومعمل التشريح)، وعلم الأدوية، والتخصصات مثل طب الأطفال، وأمراض النساء، وأمراض القلب، وباختصار، جميع المواد التي تدرس في أي كلية طب. وبالإضافة إلى ذلك فإننا نخصص مئات من الساعات في دراسة مواد لم تعد موجودة في معظم مناهج كليات الطب الكلاسيكي، وتشمل تقديم المشورة والتغذية، والعلاج بالتمارين الرياضية، والعلاج المثيل، وطب النباتات، والعلاج بالماء، والعلاج الطبيعي (انظر الملحق للإطلاع على لوحة المقارنة).


 ومثل أي طبيب عادي، فإن طبيب طب الطبيعة يسأل المريض عن تاريخ المرض، ويقوم بالفحص البدني ويطلب اختبارات معملية ويشخص الأمراض. و لكن طبيب طب الطبيعة يختلف عن غيره من الأطباء فقط في كيفية علاج المرض الذي تم تشخيصه، وفيما يفعل بالمعلومات التي جمعها. فقد تشمل خطة العلاج تقديم المشورة الغذائية، ووضعه للعلاج المثيل، ومناقشة لكيفية الاستفادة من برنامج معين للتمارين الرياضية لصحة المريض. وقد تغطي المناقشة الضغوط الوظيفية أو الأسرية وكيف تؤثر على صحة المريض. كما أن زيارة المريض للطبيب قد تشمل نوعاً من العلاج الطبيعي إذا كان المريض يحتاج لذلك. وفي بعض الأحوال يحتاج المريض إلى جراحة بسيطة، مثل إزالة زائدة جلدية أو خياطة جرح. وأخيراً، فقد يلجأ طبيب طب الطبيعة في حالات معينة إلى وصف أدوية صيدلانية.


 وبصفتي دكتوراً في العلوم الطبية وعلوم التغذية، وخريج الكلية الكندية لطب الطبيعة، ومعتمدا من البورد الأمريكي لطب الطبيعة ANCB ومن وزارة الصحة بدولة الإمارات العربية، ومستشارا وممارساً معتمداً في العديد من علوم الطب البديل، فإنني لست معارضاً لاستخدام الأدوية والجراحة في حدود معينة، فلدي أدوية معينة استخدمها كجزء من العلاج، وبالنسبة لبعض المرضى فإنني أعتقد أن الجراحة تكون اختياراً متاحاً، وقد يكون ضرورياً لهم. ويتفوق الطب المعتاد في علاج حالات الكوارث، مثل الإصابات الجسيمة الشديدة بعد حادث سيارة، أو استئصال الأورام السرطانية الكبيرة. فعندما نحتاج إلى "المدفع الكبير" فإن الطب العادي يتدخل بعنف وسرعة تبعث على الاطمئنان. و عندما يحتاج الجسم إلى علاج متواصل لمرض مزمن، أو مساعدة في إعادة البناء بعد إصابة أو مرض شديدين، فليس لدى الطب المعتاد قدر كبير مما يقدمه.
و حتى الحالات الحادة "البسيطة" لها علاجات قليلة في النظام الطبي المعتاد. وقد اعترف زميل لي من خريجي كلية طب، بكونه عاجزاً عن علاج البرد. و أخبرني بقوله "أعني أنني لا أعرف ماذا أفعل حتى لنفسي"، "ماذا أقول لمرضاي؟". و قد كنت مندهشا من تصور معرفته بقدر اندهاشي من صراحته. فإنه يمكنني أن أصف ما لا يقل عن ستة علاجات للبرد، وعدة علاجات لإنهاء نزلة البرد في مراحلها الأولية.


إن نظام الطب المعتاد قد فقد موارد لا تقدر بثمن عندما هجر حكمة الطب التقليدي. فقد فَقَدَ معرفة تدعيم قوة الجسم والاستعانة بالقوى التي تساعد على الشفاء الطبيعي والكامنة في الجسم. كما فَقَدَ أيضاً الفهم الحقيقي للاستثمار في الصحة كوسيلة للوقاية. ولسوء الحظ فإن "المدافع الضخمة" للطب المعتاد قد أعطت الناس شعوراً زائفا بالأمان. فكثير من الناس يفترضون أنه يمكنهم أن يستمروا في تناول الطعام غير المفيد، وأن لا يمارسوا التمارين الرياضية، ويدخنوا ويشربوا الخمر بإفراط، ثم "ينقذهم" الطب الحديث من المرض في ما يلي من عمرهم. ونحن الآن بعد أكثر من نصف قرن من ظهور الأدوية الكيميائية العجيبة، نتعلم أن معجزات الأدوية هي ظواهر مؤقتة وليست دائمة. فالبكتيريا والفيروسات تحدث لها طفرات وتصبح مقاومة للمضادات الحيوية. و العلاج الكيميائي وأدوية علاج ضغط الدم لها آثار جانبية خطيرة قد لا يمكن علاجها أحياناً. و مثل هذه "المعجزات" لها ثمن باهظ كما أن لها منافع، والثمن الذي ندفعه هنا هو صحة أجسامنا وحيويتها. ويعتمد طب الطبيعة على القوة الكامنة في الجسم ليأتي بمعجزاته. و أدويته العجيبة هي مصادر نباتية وعناصر موثوق بها، استخدمت بفاعلية منذ فجر فنون العلاج.


وقد تم إضافة علم العلاج بالحجامة إلى طب الطبيعة لسببين رئيسيين غاية في الأهمية،


الأول وهو إحياء هذا النوع من العلاج الذي أثبت فعاليته و نجاحه على مر العصور والأزمنة وترسيخه كفرع من فروع طب الطبيعة Naturopathy شأنه في ذلك شأن الوخز بالإبر الصينية والعلاج بالأعشاب والعلاجات الطبيعية الأخرى، حيث أنه لا يقل عنه في فعاليته وفائدته.


وأما السبب الثاني فهو تصحيح أحد المفاهيم الرئيسية لعملية الحجامة والتي كثيرا ما يتردد أنها تخرج الدم الفاسد من الجسم، ولكن وبفضل الأبحاث التي قمت بها وخرجت منها بنتيجة أنه لا يوجد دم فاسد في الجسم ودم صالح فالدم كله يجري مجراه في الجسم ولا يمكن فصله أو تصفيته بهذه العملية، وإنما الدم الذي يتم امتصاصه وإخراجه يكون محتويا على السموم التي تخزن في الطبقة الدهنية الموجودة تحت الجلد، وبالتالي فإن الجسم يتخلص من تلك السموم ويستعيد نشاطه وعافيته.


وكوننا مسلمون فإننا لا نحتاج إلى براهين وأدلة لإثبات فائدة الحجامة فيكفينا يقينا وإيمانا بها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالحجامة حيث قال: "نعم الدواء الحجامة، تذهب الدم وتجلو البصر وتخف الصلب"، وهذه شهادة من نبي لا ينطق عن الهوى، وقد أوصته الملائكة بالحجامة في ليلة إسرائه حيث قال عليه الصلاة والسلام: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أُسْرِيَ بي، إلا قالوا عليك بالحجامة".


ولابد من التذكير في ختام هذه المقدمة أن الشفاء بيد الله عزَّ وجلّ، لقوله على لسان إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: "* وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *"[1]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يعوذ أهله أو يدعو لمريض: "اللهم رب الناس مذهب البأس واشف، أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما"[2] . وما التداوي والعلاج إلا اتخاذ بالأسباب، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على البحث عن العلاج وطلبه، مع اليقين بأن الشافي هو الله ولا أحد سواه: جاءت الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: " نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله عزَّ وجلَّ لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً، غير داء واحد"، قالوا: ما هو؟ قال: "الهرم" [3] 

[1] 
الشعراء (80) [2] صحيح مسلم، سنن أبو داود، والنسائي في اليوم والليلة [3] أخرجه أبو داود، وابن ماجة، والترمذي في سننهم، وأحمد في مسنده، وقال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح. 
 


فلسفة طب الطبيعة
القوة الشافية للطبيعة Vis Medicatrix Naturae
إن كل من أجسامنا البشرية وجسم الأرض بها حكمة كامنة تحكم دورات الميلاد، والنمو، والنضج، والاضمحلال. وصحة الجسم تقوى بالحركة اليومية، والحياة في تناغم مع هذه الدورات الطبيعية. ويأتي كثير من أدوات الشفاء من الأرض مباشرة، مثل العلاج بالماء، الذي يعتمد على الخصائص العلاجية للماء. ويستخدم الطب النباتي خصائصه العلاجية من النباتات. كما أن المواد المعدنية، والنباتية، والحيوانية، تزودنا بأساس الطب التجانسي. ولكل من هذه العلاجات ذكاء فطري يتفاعل مع حكمة الجسم الشفائية للتوصل إلى الصحة والتوازن والتناغم. فالصحة ناتجة عن التوازن الذي يمكن المحافظة عليه بما قد يبدو أنه قوى مدمرة – مثل الحمي أو الالتهاب- والتي تسفر في النهاية عن استعادة أجسامنا لصحتها وحيويتها (انظر نموذج الصحة والمرض، فيما يلي). 


تعرف على سبب المرض وعالجه Tolle Causum 
إن المرض لا يحدث بدون سبب. فالجسم بحكمته الرائعة دائما ما يهمس قبل أن يصرخ. والرعاية الصحية الواعية تعني تعلم الاستماع إلى الجسم وعلامات الإنذار المبكر التي يصدرها. فالأعراض الجسمية هي كنايات، أو ربما إذا شئنا مزيداً من الدقة، مؤشرات على تحولات وتغيرات في عمليات الحياة. فالأعراض هي عادة نتيجة لمحاولة الجسم إعادة التوازن لذاته. وتتطلب معرفة السبب التوصل إلى الجذور النفسية، والاجتماعية، والروحية للمشكلة، وكذلك الأسباب البدنية للمرض. و نادراً ما يتعامل علاج الأعراض مع الاضطراب الكامن وراءها، بل إن علاج الأعراض في الواقع قد يخفي المرض ويجعل التعرف على السبب أكثر صعوبة. ويتطلب علاج السبب التعامل مع الجسم ككل.


ويشير الطب الصيني إلى مبدأي العلاج (بين Ben ) و(بياو Biao ) وهما "جذور" المرض و"فروعه". ويتعلم الطبيب الحاذق التفريق بين الأسباب العميقة (الجذور) والظواهر السطحية (الفروع) المتعلقة بالمرض. وقد كتب ماشيوشيا "Maciocia" في "أسس الطب الصيني": "عند النظر في الجذور (بين) والظواهر (بياو) فمن المهم أن نفهم الصلة بين الاثنين. فهما ليسا كيانين منفصلين، بل وجهين متناقضين، مثل الين واليانج. وكما يشير إسماهما فإنهما مرتبطان ببعضهما، مثل جذور الشجرة المرتبطة بفروعها، فالجذر تحت الأرض وهو غير ظاهر، والفروع فوق الأرض وهي مرئية. وتوجد نفس تلك العلاقة بين جذور المرض وظواهره الإكلينيكية: فإنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً وهي تشكل وجهين لنفس الكيان" .


وعلاج السبب يعني التعامل مع جذور المرض وليس فقط مع السيقان والأوراق التي ترمز للأعراض والعلاقات المرضية في الجسم. فإن اختلال الجذر قد يظهر في هيئة مجموعة من الأعراض. وأحياناً تسبب عدة جذور مضطربة عرضاً واحداً، مثل صعوبة التنفس التي قد تكون عرضاً مرتبطاً بعدة أمراض متزامنة مثل هبوط القلب الاحتقاني "Congestive Heart Failure" ، أو الأوديما الرئوية "Pulmonary Edema" ، أو الالتهاب الشعبي المزمن "Chronic Bronchitis" ، أو تمدد الرئة"Emphysema" أو جميع هذه الأمراض. و المبدأ الأساسي في كل من الطب الصيني وطب الطبيعة هو: "لكي تعالج مرضاً، يجب أن تجد الجذر".


"أولا: لا تسبب للجسم ضرراً" 
إن العلاجات التقليدية الطبيعية تهدف إلى إعادة التوازن للجسم بأقل قدر ممكن من المعالجات التدخلية. وأنا أبدأ دائما بأبسط المعالجات للمرض في عيادتي (وهي بصفة عامة تغيرات في النظام الغذائي والعلاج بالماء) قبل إضافة معالجات أكثر تعقيداً وأكثر تكلفة. فأنا أصف تركيبة نباتية متوازنة جيداً قبل أن أوصي بملئ كيس من الإضافات. كما أن "عدم التسبب في أي ضرر" يشمل إعطاء علاجات تغذي الجسم وتقويه، فالتقاليد الطبية لكل من الطب المعتاد الشرقي والغربي تشمل استخدام "مقويات"، وأعشاباً، وتركيبات أخرى لتقوية الجسم. وتوصف هذه المقويات بصفة عامة بعد الولادة (للأم)، وبعد الأمراض الطويلة، وللرعاية الوقائية. فغالبا ما يشرب الصينيون أنواعاً خاصة من الشاي ويأكلون أطعمة خاصة عند تغيير الفصول لإعداد الجسم للظروف الجوية الجديدة.


الطبيب بوصفه معلماً 


 إن كلمة "دكتورDocere " تعني "يُعلم"، فوظيفة الطبيب الأساسية هي أن يقدم المعلومات للمرضى، وبذلك يُمَكِّنْ الناس من تنظيم صحتهم. و يقضي طبيب طب الطبيعة قدراً كبيراً من وقته في عيادته في تعليم المرضى. وعندما ينجح مريض في تطبيق المعلومات وتحقيق مستوى صحي أفضل، فإن الطبيب يكون مصدراً لمزيد من المعلومات للحالات الطارئة، أو مدرباً للمساعدة في الوصول إلى مستويات صحية أعلى.


و للأسف فإن بعض المرضى لا يريدون مثل هذه المعلومات بل إنهم يريدون أن يقوم الطبيب بإصلاحهم كسيارة في ورشة للإصلاح. فقد قضيت حوالي ساعة أوجه النصائح إلى إحدى المرضى بشأن الغذاء، والتمارين الرياضية، وتقليل التوتر، محاولاً أن أوضح أن غذاءها (المكون في معظمه من الوجبات السريعة) يرتبط ارتباطاً وثيقاً بشعورها بالإرهاق. فحملقت لي المريضة وهي تغلي من الغيظ وقالت: "ألا يمكنك أن تعطيني بعض الأقراص، لقد أعطاني آخر معالج بطب الطبيعة زرته بعض الأقراص التي كنت أشعر بتحسن طالما تناولتها. ألا يمكنك أن تعطيني شيئاً من ذلك؟".


وقد ترددت قبل أن أصف لها بعض المكملات الغذائية المضادة للأكسدة، مع علمي بأنني بذلك أعطيها مسكنا مؤقتاً لمشكلة أكبر كثيراً، فقد كانت المريضة تتناول غذاء غير صحي، ولا تمارس التمارين الرياضية، كما أنها تعمل في وظيفة مرهقة جداً، وترعى أمها المريضة في المساء. وكانت تخشى من احتمال أي تغيير جوهري في حياتها. فقد كانت تريد لصحتها أن تتحسن بدون تغيير أي من الظروف التي كانت تؤدي إلى مرضها.


 إن معظم الناس مازالوا معلقين بنمط نشأ عن نظام الطب المعتاد: "إنني أشعر بألم، فأعطني بعض الأقراص ليزول الألم حتى أواصل حياتي". ومشكلة هذا النمط هي أنه أحيانا ما يكون أسلوب حياة المريض هو سبب الألم. و لذلك فإن إزالة الألم "بقرص سحري" لن يفيد المريض كثيراً. إن بعض أطباء طب الطبيعة يقتنعون بإعطاء المريض أدوية لإزالة الأعراض سريعاً، آملين أن يعود المريض يوماً ما لعلاج المشكلة الأساسية.


 ربما كنت في حاجة إلى مزيد من الوقت في الموقف الذي وضعته، من أجل تعليم المريضة مزيداً من المعلومات عن حالتها. وربما كانت المريضة في تلك الفترة من حياتها غير مستعدة لتقبل أسلوب علاجي يحتاج إلى مشاركتها. فليس كل مريض مهتم بالصحة و تطوير أسلوب حياته. و لذلك فإن الأدوية والجراحة قد تكون اختيارات ملائمة لهؤلاء المرضى.


الوقاية


 إن الرعاية الوقائية تستلزم دراسة الصحة بنفس القدر من الدقة كما ندرس حدوث المرض. فمعظم المعالجات الطبية المعتادة تركز على المرض، لإعادة المرضى من وضع الرقود إلى وضع الوقوف على أقدامهم (التدخل لحل الأزمات). و الطب التقليدي يمكنه كذلك إعادة المرضى من الرقود إلى الوقوف، كما يمكنه مساعدتهم على المشي والجري فعلاً. فالطب المعتاد يهدف إلى البقاء على قيد الحياة، ولكن الطب التقليدي يهدف إلى تحقيق الصحة المثالية.


و يحتاج الطب الوقائي الصحيح إجراء تعديلات يومية من أجل صحتنا، مثل تناول الأطعمة التي تغذي أجسامنا، وممارسة التمارين الرياضية، وتكوين علاقات محبة، ومجتمعات مساندة، تساهم في صحة الأرض. فإن الناس الأصحاء يعيشون في بيئات صحية. والطب الوقائي يعني العمل من أجل هواء نظيف، وأرض نظيفة، وماء نظيف. إن صحة الإنسان لا تنفصل عن صحة هذا الكوكب الذي نعيش عليه.


عالج الشخص بأكمله 


إن سبب المرض يرجع في أغلب الأحوال إلى عوامل متعددة ولذا فإن المعالجة يجب أن تكون متعددة الجوانب. وأنا أسأل المريض المعتاد "ما الذي يحدث في حياتك؟ لماذا تعتقد أنك مريض الآن؟". ويتعجب بعض المرضى من ذلك، فهم ليسوا معتادين على أن يهتم أي طبيب سوى بالأعراض البدنية ونتائج التحاليل المعملية في عمله. و كثير من المرضى يعلمون سبب مرضهم، ولكن البعض الآخر يحتاجون إلى تدريب وإقناع لكي يفهموا أن أجسامهم ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع حياتهم العقلية، والانفعالية، والروحية، بل وحتى هيكلهم العظمي.


ولا أقصد هنا أن كل اضطراب بدني يمكن أن يكون راجعاً إلى سبب انفعالي، أو عقلي، أو روحي. وفي وقت ما كنت مقتنعاً بأن جميع الأمراض راجعة إلى "مسألة" أو "مسائل" تظهر على المريض في صورة مرض بدني، أي أن التعرف على الأنماط الانفعالية/ العقلية وتغييرها سيؤدي إلى علاج المرض البدني. ولكن تفكيري قد تغير مع مرور الزمن. فبعض الناس أحياناً يوجِدون الأمراض ليتخلصوا من "مسائل". و في أحيان أخرى يصاب البعض بنقص في الحديد لأن لديهم نقصاً في الحديد، وليس لأن لديهم درساً كونياً يتعلمونه. وعندما تخليت عن الحاجة إلى إيجاد سبب "ميتافيزيقي" لكل مرض، فقد مكنني ذلك من أن أتجنب إصدار الأحكام على الناس وأن أتفهم بقدر أكبر تعقيدات الصحة والمرض. كما أن التخلي عن يقين بشأن أسباب المرض أعطاني مجالاً أكبر ليعبر اللغز العظيم للصحة والمرض عن نفسه.


 إن عملية التعافي غالباً ما تسبب ظهور الجروح التي لم تلتئم في الماضي، وقد تكون تلك الجروح قد حدثت على المستوى البدني، أو العقلي، أو الانفعالي، أو الروحي. كما أن التركيز على شفاء أي جانب من النفس قد يعيد تنشيط الجروح القديمة. فالجسم لدية طاقة كافية "لتنظيف البيت" ولاسترجاع النفايات القديمة، وفحصها، والتخلص منها. فالتخلص من الألم الانفعالي مثلاً قد يكون مصحوباً بعودة طفح جلدي أصاب المريض أثناء طفولته. فشفاء الطفح قد يتبعه إدراك لنمط مستحيل من العلاقة التي يكون المريض مستعد لتغيره.


والمسار الذي يعود فيه كل شخص إلى الحالة الطبيعية هو مسار متميز لكل شخص، مع أن هناك أنماطاً معينة للتعافي قد تميز ذلك المسار، ونموذج التعافي الموضح فيما يلي ينطبق على كلٍ من طب الطبيعة والعلاج التجانسي:


قوانين الشفاء


الشفاء يحدث:
  • من الداخل إلى الخارج (الأعضاء الداخلية أولاً، والجلد في النهاية).
  • من القمة إلى القاعدة (من منطقة الرأس نزولاً إلى القدمين).
  • من الأحدث إلى الأقدم (الأعراض الحديثة تشفى أولاً تتبعها الأعراض الأقدم– أي بعبارة أخرى بعكس الترتيب الزمني لحدوثها).
  • من الأعضاء الأقل أهمية إلى الأعضاء الأكثر أهمية في الجسم.
نموذج للصحة والمرض


 إن كل فن من فنون العلاج يعمل في إطار معين لشرح أسباب المرض ويرسم طرق العودة إلى حالة صحية معينة. و سيوضح الفصل الثاني بعض نظم العلاج الرئيسية التي تقع تحت مظلة طب الطبيعة.


 وفيما يلي نموذج أساسي يشرح تطور المرض من منظور طب الطبيعية. كما يقترح هذا النموذج كيفية التغلب على سير المرض والعودة إلى حالة الصحة. و يجب أن نتذكر أن النموذج ليس بالضرورة هو "الحقيقة" وقد قال مدرس مستنير ذات مرة "إننا نسلي أنفسنا بالنماذج إلى أن تظهر الحقيقة". ومع أن النموذج التالي قد لا يمثل الحقيقة المطلقة، فإنني قد رأيت هذا النموذج يعمل بكفاءة عالية في الممارسة السريرية. و يقدم لنا هذا الموجز فهماً مبسطاً وجيداً للصحة والمرض والشفاء، وهو مصدر هام استمد منه الإرشاد أثناء عملي.


 http://www.dryousefalbader.com/natural/nat2.h1.jpg


إن معظمنا يبدأ الحياة في حالة الصحة المثالية. و أثناء حياتنا نتعرض لظروف تجعل توازننا يختل وتُحَمِل الجسم فوق طاقته الاحتمالية، ويستجيب الجسم لذلك عن طريق حدوث الالتهاب (الاحمرار، الألم، الحرارة، والتورم). والحمى هي واحدة من أكثر الاستجابات الالتهابية شيوعاً.


http://www.dryousefalbader.com/natural/nat2.h2.jpg
و عندما تعطى العلاجات الطبيعية بأسلوب سليم، يمكنها أن تسرع مرحلة الطرد وتعجل بالعودة إلى الصحة. و لسوء الحظ فإن معظم الناس يحاولون وقف الاستجابة الالتهابية قبل أن تأخذ فرصة لإبعاد الخلل من الجسم. و لذا فإن إيقاف أو كبت التهاب يمكن أن يدفع الخلل عميقاً داخل الجسم مما يسبب خللاً مزمناً. وإذا استمر ذلك الخلل المزمن لفترة طويلة فسيبدأ الجسم في الاضمحلال (الضمور، الأورام، الانحلال).


http://www.dryousefalbader.com/natural/nat2.h3.jpg


 ومن الأمثلة التقليدية على التعطيل، التي يعترف بها كل من الطب المعتاد وطب الطبيعة، استخدام كريم الكورتيزون على طفح الإكزيما. الكورتيزون يوقف الالتهاب بتعطيل نشاط الجهاز المناعي. ويلاحظ مرضى الإكزيما الذين يستعملون كريم الكورتيزون حدوث ربو في أغلب الحالات (أو تطوره إلى الأسوأ) بينما تخف الإكزيما. إن كريم الكورتيزون يلغي الإكزيما ويدفع بالالتهاب عميقاً داخل الجسم، أي إلى الرئتين في هذه الحالة. ويلاحظ المرضى غالباً أن الإكزيما تعود إلى الظهور عندما يتحسن الربو لديهم – فالجسم قد تحسن إلى درجة دفع الالتهاب نحو السطح (الجلد) مرة أخرى (انظر "قوانين الشفاء" أعلاه). فيقومون باستخدام كريم الكورتيزون مرة أخرى، فتتحسن الإكزيما وتسوء حالة الربو. وقد تستمر الدورة المزمنة من التعطيل والتحسن لعدة سنوات قبل أن يَمَل الجسم فلا يدفع الالتهاب إلى السطح بعد ذلك. وعند ذلك تخف حدة الإكزيما إلى درجة منخفضة من التهيج، بينما تتعمق جذور الربو ويصبح حالة مزمنة.
وكذلك عندما تطبق علاجات طب الطبيعة بشكل غير سليم، فيمكنها أن تسبب تعطيل الالتهاب وحدوث تهيج. ومع أن التعطيل أقل حدوثاً مع علاجات طب الطبيعة، فإن ممارس العلاج بالماء، والعلاج بالأعشاب، والعلاج التجانسي، يجب أن يكون منتبها لوصفاته وأن يراقب جيداً ظهور أية علامات للتعطيل. ففي المثال السابق، الربو هو "تهيج مزمن" في أنسجة الرئة سببه تعطيل تهيج سطحي ناتج عن عيب بنيوي في الهيكل العظمي (راجع طريقة جيسري في علاج الربو). ومن منظور طب الطبيعة فإن التهيج السطحي (الإكزيما) أقل خطورة من الالتهاب المزمن في عضو حيوي (الربو). وإذا استمر الالتهاب المزمن فترة كافية من الزمن، فسيحدث تحلل للأنسجة. وبصفة عامة، لن تظهر على الجسم علامات ضرر قابلة للقياس حتى يصل المرض إلى مستوى "الالتهاب المزمن" أو "تحلل الأنسجة"، فعلى سبيل المثال، إن أخذ عينة من جيب أنفي به التهاب حاد، وفحصها تحت الميكروسكوب لن يكشف في المعتاد عن تغييرات كبيرة في الأنسجة. ولكن الجيب الأنفي المصاب بالتهاب مزمن ستظهر فيه علامات تهيج على مستوى الخلايا. وقد يسبب التهيج على المدى الطويل تحلل الأنسجة. فتلف الأنسجة هو ظاهرة متأخرة من تحلل الأنسجة.


إن النموذج المثالي للعودة إلى الصحة هو إحداث انعكاس في سير المرض. 
text


و من منظور طب الطبيعة، تنشط عملية الشفاء أولاً عن طريق الجهاز الهضمي، بطريقتين أساسيتين: الغذاء السليم والعلاج بالماء. فالجهاز الهضمي مهم جداً لتجديد أي نسيج في الجسم. فالقناة الهضمية مسؤولة عن امتصاص جميع المواد الغذائية والتخلص من معظم الفضلات في الجسم. وإذا كان الجهاز الهضمي يؤدي وظيفته بشكل مثالي، فسيكون لدى الجسم الفرصة للحصول على جميع المواد الغذائية الموجودة في الطعام الذي نأكله، والتخلص من جميع الفضلات التي نتجت عن الجسم خلال عمليات الإحلال والتجديد الطبيعية.


والعلاج المائي البنيوى  Constitutional Hydrotherapy – وهو نوع خاص من العلاج المائي مصمم لتنشيط الجهاز المناعي وزيادة الدورة الدموية في الجهاز الهضمي – هو أبسط الوسائل وأقواها وأقلها تكلفة لدعم شفاء الجهاز الهضمي. (انظر قسم العلاج المائي – في الفصل الثاني).
كما أن التغييرات في نظام الغذاء والعلاج المائي البنيوى تنشط كذلك شيئاً لا يوجد له أداة لقياسه في نظامنا الطبي الحالي، وهو القدرة على الشفاء الكامن في الجسم ذاته. ففي حين يسترد الجسم عافيته، تبدأ مسيرة المرض في الانعكاس. و يتحسن تحلل الأنسجة فيصل إلى مستوى التهيج المزمن، ثم يصبح التهيج المزمن حاداً – وعند ذلك يكون لدى الجسم طاقة كافية "لتنظيف البيت"، لإخراج الالتهاب الحاد الذي كان معطلاً إلى السطح مرة ثانية. و غالباً ما يعود الالتهاب المزمن في صورة حمى منخفضة الشدة، أو برد أو مرض شبيه بالأنفلونزا يستمر لبضعة أيام. و أحيانا ما يظهر "تنظيف البيت" الذي يشار إليه أيضا باسم "أزمة الشفاء Healing Crisis " في شكل عودة مرض قديم. و لكن أزمة الشفاء تكون في المعتاد مختلفة عن النوبات السابقة لها في أنها ذات مدة أقل كثيراً، وأنها أقل حدة من النوبات الأصلية للمرض.


و إذا سُمح للالتهاب الحاد بأن يكمل مساره، فإنه سيسمح للجسم بأن يطرد الخلل الأصلي، فيعود الجسم مرة ثانية لحالة الصحة المثالية. و عندما يحدث للجسم التهاب حاد عقب مرض مزمن طويل، فتذكر أنه يجب السماح للالتهاب بإكمال مساره، فإنه سيسمح للجسم بأن يطرد الخلل الأصلي، فيعود الجسم مرة ثانية لحالة الصحة المثالية. وعندما يحدث للجسم التهاب حاد عقب مرض مزمن طويل، فتذكر أنه يجب السماح للالتهاب بإكمال مساره بدون أي تعطيل ( على سبيل المثال لا كورتيزون ولا أسبرين). و بالإضافة إلى التغذية والعلاج المائي، تُنَشط كثير من أنواع العلاج الأخرى قدرة الجسم الكامنة على الشفاء. وقد يساعد الجسم في رحلة الشفاء هذه العلاج التجانسي، والأدوية النباتية، وتقليل الإجهاد، والوخز بالإبر، والعلاجات الطبيعية. كما أن المجهود الذاتي، والتأمل، وتقديم المشورة تعالج جذور بعض الأمراض. و يحتاج اختيار أسلوب معين استخدام المهارة والحدس معاً – إذ يحتاج الممارس إلى معرفة قوية باختصاصه، وحدس ثاقب لاختيار الطريقة أو الطرق التي تمنح المريض أقصى قدر من الفائدة. و كثيراً ما أخبر المرضى بأننا سنقوم "بعمل غير كامل"، لنكتشف ما هي العلاجات التي تساعدهم لأقصى قدر ممكن.


ويعتمد رد الفعل بالطبع، و بشكل جزئي، على مهارة الممارس، وعلى قدرته على استخدام أداة علاجية معينة.


وهذا التزاوج بين المعرفة والبديهة هام جداً لتطبيق هذه المبادئ. حاول أن تعلم كل ما تستطيع عن الأساليب التي تجدها أكثر فائدة، أو التي تشعر بأنك تفضلها أكثر من غيرها. استشر الممارسين المحليين، واقرأ، وادرس، ومارس ما تتعلمه. فالمعلومات تتحول إلى معرفة حية عندما تطبق في حياتك. تعلم كيف تصغي إلى حدسك، ذلك "الذكاء الفطري" الذي يرشدك خلال تطبيق المعرفة. وتذكر أن كل شخص مختلف عن غيره وأن ما يؤثر على أحد الناس قد لا يؤثر على غيره. وكلما أصبحت أكثر معرفة بجسمك وأجسام أسرتك، فسوف تستطيع إجراء اختبارات أكثر دقة على أساس من معرفتك بالأساليب العلاجية.



  العلاجات Therapies


إن اختيار أسلوب علاجي يمكن أن يكون أكثر الأبحاث إثارة وإحباطاً، مجزياً ومحيراً لأي شخص مهتم بفنون العلاج. خذ نفساً عميقاً، واعلم أنك ستكتشف مع مرور الوقت عدة طرق علاجية، ستكون بعضها مفيدة لك، بينما ستجد بعضها الآخر مؤدياً إلى طريق مسدود، فتقرر استكشاف طرق أخرى.


ولكل طريقة علاجية دور هام تقوم به، فإن فن التعامل مع العلاجات الطبيعية يلبي حاجاتك بالذكاء الفطري الذي تستثمره في كل طريقة علاجية. فما يعطي نتائج جيدة معك قد يكون مضراً لجارك أو لزوجتك. احترم الفروق بين الناس، فما يفيد أحد الأشخاص قد لا يكون مفيداً بالضرورة لشخص آخر. و قد يستجيب جسمك لطرق مختلفة في أوقات مختلفة – استمر في الإصغاء لاحتياجات جسمك ولاحظ ردود فعله على مر الزمن.


فلكي يصبح الشخص معالجاً موهوباً في طب الطبيعة، سيحتاج ذلك مثلا إلى دراسة تستمر طول العمر. ويمكنك تجنب بعض الإحباط الناجم عن الاستثمار في كتب وعلاجات لا تعطي إلا نتائج بسيطة، وذلك عن طريق العمل مع شخص درس أسلوباً معيناً من قبل، ومن ضمن أفضل الوسائل لذلك هي انتسابك إلى أكاديمية الطب التكميلي لأخذ دورات وشهادات في الطب التكميلي وتعلم كيفية تطبيق طب الطبيعة في حياتك اليومية. وفيما يلي خلاصة للأساليب العلاجية الرئيسية التي يستخدمها أطباء طب الطبيعة، وتشمل وصفا مختصراً لأنظمة الطب الأخرى الكبرى التي تشترك مع طب الطبيعة في فلسفة واحدة.


و عندما أبدأ علاج مريض جديد، أضع في اعتباري المعالجات الممكنة بترتيب معين، على أساس ما أعرفه عن كيفية شفاء الجسم. وسيرد هذا الترتيب في قائمة العلاجات التالية. و بالإضافة إلى وقت العلاج، فقد أضفت معلومات عن كيفية، وتوقيت، التفكير في استخدام علاج معين. وآمل أن تساعدكم هذه المعلومات في أن تقرروا متى تختارون كل علاج.


العقل، والعاطفة، والروح Mind, Emotion, Spirit
إن أي كمية من العلاج الطبيعي أو الأعشاب لا يمكن لها أن تكون بديلاً يعوض عن الصحبة في حياة شخص يشعر بالوحدة. كما أن العلاج بالوخز بالإبر لا يمكن أن يعوض عن وظيفة تضني الروح، أو عن بيئة منزلية مسممة عاطفياً. ففي هذه المواقف وغيرها توفر الوسائل العلاجية في أفضل أحوالها وسيلة لمساندة الشخص إلى أن يصبح مستعداً لإجراء تغييرات في حياته تؤدي به إلى الصحة الكاملة.


إنني أتردد في وضع هذا على قمة القائمة، وذلك خشية الوقوع في تعريف "اختلال التوازن الروحي" أو "مسائل عاطفية" باعتبارها جذور كل مرض. ضع في ذهنك أن الأشخاص الذين لديهم ارتباط روحي عميق وحياة عاطفية إيجابية يمكن أن يصابوا بمرض في أجسامهم. وقد قيل لكثير من النساء اللاتي لا يحصلن على تغذية جيدة واللاتي يعملن فوق طاقتهن (ولبعض الرجال أحياناً كذلك) أن أمراضهن تكمن في عقولهن، وأنهن يجب أن يتوقفن عن الشكوى ويستمرُّن في حياتهن. ومن الواضح أن أمراضهن ليست في رؤوسهن. فإن الشفاء يشمل الجسم كما يشمل الحالة العقلية الانفعالية للمريض. و عندما يحدث المرض، فإن هناك وسيلة بسيطة لاستخدام علاج العقل والعاطفة والانفعالات والروح وهي أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:
  • ما الذي يحدث في حياتي الآن ؟
  • ما هي أكبر دواعي القلق وأكثر مسببات الإجهاد في حياتي الآن؟
  • هل أعمل أكثر من اللازم؟ أو أقل من اللازم؟ هل يمنحني عملي الرضا؟
  • هل نمط حياتي يتسم بالاستمرارية، أي: هل أكمل كل ما أحتاج إلى إكماله وأظل محتفظاً بصحتي؟
  • هل علاقاتي مع الناس تمنحني الدعم ؟ هل استثمر الوقت والاهتمام في العلاقات الكبرى في حياتي؟
وتطرح سيدة مسنة الأسئلة التالية:
  • هل أنا سعيدة بما أفعله
  • هل ما أفعله يزيد من الارتباك؟
  • ما الذي يجب أن أفعله لكي أتمتع بالهدوء والرضا؟
  • كيف سيتذكرني الناس بعد أن تنتهي حياتي؟
ضع في اعتبارك أن هذه الأسئلة هي بداية. والغرض منها هو التشجيع على الاستبصار، وليس تنشيط الأنظار المدمرة للذات (أي: لا تجهد نفسك إذا اكتشفت بعض المجالات الصعبة). إن الأمراض قد توفر لنا فرصة لنبطئ سيرنا ونعيد تقييم حياتنا، ولنحدد اختياراتنا بناء على أكبر أحلامنا وأعمق متعنا.


وقد تفيد هذه الأسئلة أيضاً كاختبار جيد لواقعنا. فعندما يتعرض الإنسان لشدة معينة أو لعدد من الضغوط، فمن المرجح أن يصاب الجسم بمرض. وقد ظلت إحدى مرضاي تصارع الاكتئاب لحوالي ثلاث سنوات، وقد أعطاني استعراض حياتها قبل الاكتئاب مباشرة أدلة واضحة على سبب اكتئابها: ففي خلال ستة شهور فقدت خمسة من أفراد أسرتها وصديقتين مقربتين. كما كشف تاريخها عن أنها كانت طفلة متبناة، وأن لديها نمطاً مشتركاً لدى كثير من الأطفال المتبنين – فقد انتابها شعور عميق بالهجر عندما خرج أشخاص مهمون من حياتها. ومازلت أتبع معها علاجات مساندة بالإضافة إلى تقديم المشورة، مع العلم بأن الشفاء الحقيقي قد يحتاج إلى استقصاء انفعالي عميق لعلاج تجربتها الأولى التي هي الفقد والهجر. وفي هذه الحالات لا ينفع الغذاء أو النبات في العلاج، بل يقتصر دورهم على التخفيف من حدة المرض. وقد أصبحت العلاقة بين الصراعات النفسية والأمراض البدنية علما كبيراً له أساس بيولوجي كما أثبت ذلك الدكتور الألماني "ريكي هامر"، ونحن في الأكاديمية بصدد وضع منهج خاص بهذا العلم لتدريسه وذلك نظرا لأهميته القصوى في عمليتي المرض والشفاء.


التغذية Nutrition


إن وجود جهاز هضمي سليم هو أمر أساسي لصحتنا العامة. فالجهاز الهضمي مسؤول عن امتصاص معظم المواد الغذائية، والتخلص من معظم الفضلات من الجسم. ولا يمكن الاستفادة من أفضل الأطعمة المغذية وأفضل الإضافات الغذائية استفادة كاملة إذا لم يكن الجهاز الهضمي قادراً على امتصاص المواد الغذائية والتخلص من الفضلات.


ويوجد بالجسم جهازان عصبيان يعملان في نفس الوقت، وهما الجهاز السمبثاوي والباراسمبثاوي. وهما يؤديان وظيفتهما طوال الوقت ولكن أحدهما يكون سائداً على الآخر. وعندما يكون الجهاز العصبي السمبثاوي أكثر نشاطاً، يكون الجسم في وضع " القتال أو الفرار" مستعداً لحمايتنا من الخطر. فالجسم يستجيب للإجهاد الخارجي بنفس الطريقة سواء كان " المهاجم" هو نمر جائع أو مدير غاضب. ويسري هرمون (الأدرينالين) إلى مجري الدم، فيزيد معدل ضربات القلب والتنفس. ويستجيب الجهاز الدوري بتحويل الدم من الأعضاء الداخلية إلى العضلات الطرفية استعداداً للحركة السريعة. ويبدأ الجهاز الهضمي في "الانغلاق" بتخفيض الإفرازات المعدية وحركة الأمعاء.


وكثير من الناس في عصرنا الحاضر يعيشون بصفة مستمرة ولديهم مستويات عالية من الأدرينالين، حيث يسود الجهاز العصبي السمبثاوي. و في هذه الحالة لا يصل إلى الجهاز الهضمي إلا قليل من الدم، فيبقى الطعام في القناة الهضمية لفترات طويلة من الوقت بدون كمية كافية من العصارات المعدية لهضمه. ولا تستطيع القناة الهضمية امتصاص الغذاء أو التخلص من الفضلات بطريقة سليمة.


ويسود الجهاز العصبي نظير السمبثاوي عندما نكون في حالة استرخاء، مما ينشط تجديد أنسجة الجسم وزيادة نشاط الجهاز الهضمي، وقد تكون لاحظت أن معدتك وأمعاءك تقرقر عندما تكون مسترخياً وسعيداً. وهذا القرقرة علامة طيبة تشير إلى أن الجهاز الهضمي يعمل جيداً (ويجب عدم الخلط بينهما وبين صوت هدير المعدة في حالة الجوع).


و إذا لم يكن الجهاز الهضمي يعمل جيداً، فإن أغنى الأغذية الصحية وأقوى المكملات الغذائية لا يمكن الاستفادة منها جيداً في الجسم. و بالإضافة إلى ذلك فقد لاحظ أحد المتخصصين في التغذية أن بعض الناس لديهم أغلى بول في العالم: فهم يبتلعون أقراصاً لا يمكن للجسم أن يستفيد منها لأن الجهاز الهضمي يجد صعوبة في هضمها. فالجسم يستطيع استخدام مقدار معين فقط من الفيتامينات التي تذوب في الماء في أي وقت معين، وخلال فترة قصيرة يتم التخلص من الفيتامينات غير المستخدمة مع البول إلى خارج الجسم.


إن التغذية السليمة تبدأ بتحديد أنواع الأطعمة التي قد تسبب تهيجاً للجهاز الهضمي. و توجد فحوص معملية عديدة للتعرف على أنواع الطعام المسببة للحساسية والتهيج ومن هذه الفحوص فحص يوضح أنواع الطعام التي لا يتحملها الجسم بطبيعة تكوينه – أي الأطعمة التي لا يهضمها الجسم جيداً.


وإذا تعرض الجسم بصفة متكررة لهذه الأطعمة على مدار فترة طويلة من الوقت، فستصبح القناة الهضمية في حالة إثارة. وفي النهاية تؤدي الإثارة إلى تدمير الغشاء المخاطي للأمعاء، ويحدث " تسرب في القناة الهضمية "، حيث تدخل جزيئات الطعام الأكبر حجماً إلى الدم عبر الغشاء المخاطي للقناة الهضمية. و لأن الجهاز المناعي غير معتاد على وجود تلك الجزيئات الكبيرة، فقد يفرز أجساماً مضادة لتقاوم " الغزاة الأجانب" المزعومين.


إن تجنب الأطعمة المسببة للحساسية يمكن أن يساعد في شفاء أعراض عديدة، ولكن تجنب تلك الأطعمة في حد ذاته يؤدي إلى علاج القناة الهضمية، كما أنه لن يساعد على تحديد الأطعمة الأساسية التي سببت اضطراب القناة الهضمية في المقام الأول. فالتعرف على الحساسيات التكوينية من الأطعمة هو الجزء الأول من المعادلة، لإزالة الأسباب الأساسية للتقيح في الجهاز الهضمي. و بالإضافة إلى ذلك فإن الجسم يحتاج إلى مساندة لتنشيط تجديد الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي، والعلاج المائي الصحي هو أبسط وأقوى وسيلة لمساندة شفاء القناة الهضمية. انظر قسم "العلاج المائي" للاطلاع على تعليمات محددة عن العلاج المائي الصحي.


العلاج المائي Hydroptherapy


إن كوكب الأرض هو كوكب مائي، منحه الله -سبحانه وتعالى - كمية ضخمة من الحياة المائية ذات اللونين الأزرق والأخضر. ويشكل الماء نسبة 70 في المائة من أجسامنا. فقد غادرنا الماء الذي كان يحيط بنا داخل الأرحام وصار الماء داخل أجسامنا. و يمكن للإنسان أن يعيش لأسابيع بدون طعام، ولكنه سيهلك إذا حرم من الماء لبضعة أيام، وربما لبضع ساعات في بيئة صحراوية جافة. قال تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون " [1] .


لقد استُخدم الماء لآلاف السنين في علاج المرضى والإصابات، وشهِد عدة طفرات في استخدامه خلال ذلك التاريخ الطويل. وقد قاد فانسنت بريسنيتز Vincent Priessnitz (1799 – 1852) أحدث حركة أوروبية لإعادة اكتشاف الخواص العلاجية في مصحته الجبلية. وكان جون هارفي كيلوج Jhon Harvey Kellogg, MD(1852 – 1943) من كبار المؤيدين للعلاج بالماء في الولايات المتحدة. وقد جمع في مصحته باتل كريك Battle Creek Sanitarium بين العلاج بالماء والتدليك والعلاج الغذائي. (ومازالت طريقته في تحويل حبوب القمح الكاملة إلى رقائق موجودة حتى الآن في صناعة الحبوب بطريقة كيلوج). وقد دون كيلوج ملاحظاته في سجلات دقيقة وأجري بحوثاً علمية في مصحته، فصارت البيانات التي جمعها أساساً لكتابه " العلاج المائي المعقول Rational Hydrotherapy " (1901)، الذي مازال هو المرجع الأساسي في هذا المجال.


وقد ورد في القرآن الكريم العلاج بالماء في سورة (ص) حيث قال المولى عزَّ وجلّ مخاطبا نبينا أيوب: " وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" [2] والنُصب هو الضر والمرض الذي أصيب به لمدة 18 سنة، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ جَسَده مَغْرَز إِبْرَة سَلِيمًا سِوَى قَلْبه حَتَّى آلَ بِهِ الْحَال إِلَى أَنْ أُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَة مِنْ مَزَابِل الْبَلْدَة هَذِهِ الْمُدَّة بِكَمَالِهَا وَرَفَضَهُ الْقَرِيب وَالْبَعِيد سِوَى زَوْجَته الكريمة. فَلَمَّا طَالَ الْمَطَال وَاشْتَدَّ الْحَال وَانْتَهَى الْقَدْر وَتَمَّ الأجَل الْمُقَدَّر تَضَرَّعَ إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ وَإِلَه الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ " أَنِّي مَسَّنِي الضُّرّ وَأَنْتَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ "، فَعِنْد ذَلِكَ اِسْتَجَابَ لَهُ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُوم مِنْ مَقَامه وَأَنْ يَرْكُض الأرض بِرِجْلِهِ فَفَعَلَ، فَأَنْبَعَ اللَّه تَعَالَى عَيْنًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْتَسِل مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ جَمِيع مَا كَانَ فِي بَدَنه مِن الأذَى ثُمَّ أَمَرَهُ فَضَرَبَ الأرض فِي مَكَان آخَر فَأَنْبَعَ لَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْرَب مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ جَمِيع مَا كَانَ فِي بَاطِنه مِنْ السُّوء وَتَكَامَلَتْ الْعَافِيَة ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلِهَذَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " اُرْكُضْ بِرِجْلِك هَذَا مُغْتَسَل بَارِد وَشَرَاب ". والروايات كثيرة ومتعددة حول استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم للماء المقروء عليه في العلاج من الأمراض العضوية، والجروح والقروح، ولدغات العقارب، والعين والحسد. و في الرابطة بين الاثنين، أي الماء والدعاء، يكمن سر العلاج الشامل للروح والبدن معاً.


ويشمل العلاج المائي استخدام الماء الساخن والبارد في علاجات محددة لتنشيط جهاز المناعة، والتأثير على الدورة الدموية لمناطق معينة من الجسم. وسنوضح فيما يلي خمس أنواع من العلاج المائي يمكن استخدامها لعلاج نطاق واسع من الحالات.


تحذير عام: يجب على مرضى السكر عدم استعمال الأشياء الساخنة على مستوى القدمين. كما ينطبق ذلك على أي شخص مصاب بضعف في الدورة الدموية بالساقين. ويمكن بدلا من ذلك وضع كمّادة كبيرة (منشفة مبللة بماء دافئ) على منطقة أعلى الفخذ.


طب النباتات Botanical Medicine


إن عالم النباتات يوفر لنا عدداً كبيراً من الأدوية. وتتوفر الأدوية النباتية أو الأعشاب في عدة صور. فَكِّرْ في زراعة النباتات الطبية بنفسك، فستتعلم المزيد عن خصائصها العلاجية كما سيكون لديك مخزون متوافر من تلك الأدوية.


وفيما يلي نورد الأساليب الفنية الأساسية للتحضير وتعليمات بشأن الجرعة. ونرجو إتباع الجرعات الموصي بها للأنواع المختلفة من الأعشاب لتحقيق أقصى فائدة مع تقليل الآثار الجانبية من زيادة الجرعة.


الزيوت الأساسية (العطرية) Essential Oils
الزيوت الأساسية هي مستخلصات عشبية مركز تركيزاً شديداً. وتحتوي الأوقية من الزيت الأساسي على خلاصة عدة أرطال من مادة النبات الجافة. استخدم هذه الزيوت بحرص.


طب العلاج التجانسي Homeopathy


الهوميوباثي هي كلمة تعني "دراسة المتناظرات" وهو أحد العلوم الطبية التي تشترك مع طب الطبيعة في نفس فلسفة العلاج. فكلاهما يهدف إلى تنشيط قدرة الجسم على الشفاء لتحقيق العلاج من المرض. وقد وضع أسس العلاج التجانسي صمويل هاهنيمان Samuel Hahnemann وهو طبيب ألماني عاش في أواخر القرن الثامن عشر، ونبع هذا العلم من السنين التي قضاها هذا العالم في ترجمة النصوص الطبية، فقد كان محبطا من الممارسات الطبية في عصره، فتحول إلى ترجمة الكتب الطبية بغرض الإنفاق على أسرته كبيرة العدد، وكذلك على أمل اكتشاف، أو إعادة اكتشاف، قوانين عامة للعلاج كانت تبدو مفقودة في الممارسة الطبية المعاصرة له.


وأثناء ترجمته للكتاب "ماتيريا ميديكا Materia Medica "، لاحظ هاهنيمان شرحاً ينص على أن الكينين Quinine يعالج الملاريا بسبب خواصه القابضة ولاختبار هذا النص، تناول هاهنيمان أوقية ونصفاً أي حوالي 15 جرعة من الكينين كل صباح وكل مساء. وخلال أربعة أيام ظهرت أعراض الملاريا على جسمه الذي كان سليما من قبل. وحين توقف هاهنيمان عن تناول الكينين اختفت تلك الأعراض.


وبهذه التجربة أكد هاهنيمان "قانون المتناظرات Law of Similars "، وهو مبدأ علاجي قديم حول استخدام المثيل لعلاج مثيله. وبعبارة أخرى فإن المادة التي تحدث الأعراض في شخص سليم يمكن أن تستخدم لعلاج نفس الأعراض في شخص مريض. وبدأ هاهنيمان وبعده عدد كبير من تلاميذه سلسلة من التجارب لاختبار تأثيرات الخلاصات النباتية والمعدنية المختلفة على الأشخاص الأصحاء. وقام هاهنيمان بنفسه باختيار وتسجيل تأثيرات مواد عديدة بدقة بالغة، وتوفي سنة 1843 عن عمر يناهز الثامنة والثمانين. وأثناء السنوات التي قضاها هاهنيمان في إجراء الأبحاث، اكتشف حقيقة أساسية أخرى: كلما كان الدواء مخففا، كلما كان تأثيره أقوى. وكان هذا الاكتشاف مخالفاً للممارسات السائدة في عصره، حيث كان الأطباء يستخدمون جرعات كبيرة من الزئبق والكبريت وزيت الفحم والمركبات السامة الأخرى لإحداث تأثيرات عنيفة ومطهرة للجسم.


وتحضر أدوية الطب التجانسي بتخفيف نقطة واحدة من الصبغة الأساسية المحضرة من النبات الكامل، إما في عشر نقط من الماء (تركز X )، أو في 100 نقطة (تركز c ) من الماء. ثم يرج المزيج عدداً محدداً من المرات لزيادة قوة العلاج. وبعد ذلك توضع نقطة واحدة من المحلول بتركيز 1 إلى 10أو 1 إلى 100 في قنينة مع عشر نقط أو 100 نقطة أخرى من الماء. و تكرر هذه العملية إلى أن يصل المحلول إلى القوة أو التخفيف المطلوب.


وقد أنكر عديد من الأطباء تأثير علاجات الطب التجانسي، بدعوى أنها ذات تأثير وهمي فحسب. ولكن دراسات إكلينيكية عديدة أظهرت فعالية الطب التجانسي. كما أن الأبحاث الحديثة التي أجريت بطريقة الحجب المزدوج أثبتت أيضا فعالية علاجات الطب التجانسي بصورة مؤكدة في علاج أمراض معينة.


المعالجات الطبيعية


تشمل المعالجات الطبيعية نطاقاً واسعاً من الأساليب والمناهج العلاجية. وهنا أيضا يستجيب المرضي المختلفون لأساليب مختلفة. وتتراوح المعالجات بين المعالجة بتحريك العظام ومعالجة الأنسجة العميقة وبين الأساليب الأكثر دقة مثل علاج العمود الفقري بطريقة "بوين". وتتعامل هذه المعالجات بصفة عامة مع أمراض الجهاز العضلي العظمي، ومع ذلك فإن مهنة الكيروبراكتيك Chiropractic قد أثبتت بشكل حاسم أن هناك نطاقاً واسعاً من الحالات الداخلية الحادة والمزمنة التي تستجيب للمعالجة بتحريك العظام.


الطب الصيني


التوازن هو السمة المميزة للطب الصيني، ففي حالة الصحة تكون أجسامنا في حالة تحول دائم وتوازن رشيق. و لكن "التوازن" لا يعني بحال من الأحوال "السكون" في نموذج الطب الصيني – فالجسم السليم يتحول باستمرار ويتغير ليحافظ على حالة ديناميكية من الاستقرار. ويشير الصينيون إلى توازن الين واليانج الذي يشمل جميع الأضرار التي يمكن أن تخطر على البال، مثل النور/ الظلام، الحار/ البارد، الرطب/ الجاف، الداخلي/ الخارجي. ويفهم الصينيون أن أي تطرف في أي حالة لابد أن يؤدي إلى ما هو ضده، كالحية التي تلتف فتلدغ ذيلها. ويحتوي الرمز التقليدي للين/ اليانج على بقعة من الضوء في النصف الداكن وبقعة داكنة في النصف الفاتح، مما يشير إلى أن فهم كل حالة أو خاصية تحمل في طياتها بذرة ضدها.


ويهدف الطب الصيني التقليدي إلى التعامل مع الشخص بأكمله. و كما هو الحال عند أطباء طب الطبيعة، فإن ممارس الطب الصيني سيسأل أسئلة عن طباع الشخص ونمط حياته والأعراض العامة التي يشعر بها. وتسمح هذه المعلومات للممارس بمعرفة أنماط الصحة أو فقدان التوازن. و هذه الأنماط أو "صور مجموعات الأعراض" ترشد الممارس إلى أفضل المعالجات المساندة لمريض معين، أي المعالجات التي تساعد على استعادة توازن الجسم حتى يعود إلى حالة الصحة المثالية.


ويشمل الطب الصيني التقليدي أربع أنواع أساسية من العلاج: الوخز بالإبر، والأعشاب الصينية، و "توي نا Tui na " أي تدريب الجسم، و "كي جونج Qi gong " أي الحركة والتأمل. وقد تشمل زيارة الممارس تطبيق واحدة أو أكثر من هذه الأساليب العلاجية.


وهناك فرع آخر من الطب الصيني هو "العناصر الخمسة Five Elements " وهو يمارس حالياً في الولايات المتحدة. و يشخص الممارسون العلاقات بين التراب، والنار، والماء، والشجر، والمعادن في الجسم ويرتبط كل من هذه العناصر بالآخر في نمط معقد مترابط. و  يهدف ممارس أسلوب العناصر الخمسة إلى إعادة توازن تلك العناصر واستعادة الصحة للجسم بذلك.


ملاحظة: غالبا ما يصف الطب الصيني الحالات بأسلوب شِعري بخلاف ما يستخدم في المصطلحات الطبية الغربية. فالممارس الطبي الصيني مثلا قد يشخص أحد الأفراد بوجود "نقص في الدم". و قد لا يكون المريض مصاباً بالضرورة بعدم توازن الدم مما يظهر في تحاليل الدم (مثل الأنيميا)، ولكن قد يكون لديه نقص نوعي في خواص الدم المرطبة والمبردة مما يظهر على شكل جفاف في الجلد والشعر. كما يشير الصينيون إلى "تأثيرات خارجية خبيثة" كسبب للمرض. و                                                                                      هذه العوامل الخارجية – مثل الحرارة والبرودة والرياح والرطوبة – يمكن أن تدخل الجسم وتسبب أمراضا حادة. فالتهاب الحلق والصداع مثلاً يمكن أن يشخص على أنه غزو من الرياح والحرارة.


الوخز بالإبر Acupuncture


 يعمل الوخز بالإبر باستخدام تيارات الطاقة الخاصة بالجسم ذاته والتي يمكن قياسها كقوى كهرومغناطيسية. وهذه القوى الكهرومغناطيسية أو "نهر الطاقةRiver of energy " تتبع أنماطاً معروفة في الجسم. وقد رسم الممارسون الصينيون بعد قرون من الدراسة والملاحظة خرائط لتلك التيارات من الطاقة وسموها "خطوط الطاقة Meridians " التي ترتبط بأعضاء وأجهزة معينة في الجسم. ويساعد الوخز بالإبر على إعادة توجيه سريان الطاقة أو "كي Qi " في خطوط الطاقة. وتُغرس إبر رفيعة جداً في "نقاط" على الجسم لتساعد على إعادة توجيه مناطق الطاقة المتجمعة الراكدة وتنشيط "كي" للسريان إلى المناطق التي بها نقص أو فقر في التغذية وبصفة أساسية، تساعد إبر الوخز على إعادة توازن التيارات الكهرومغناطيسية في الجسم. كما أن إعادة توجيه الطاقة بالجسم عن طريق الوخز بالإبر يمكن أيضا أن يعيد التوازن العقلي والانفعالي.


الأعشاب الصينية Chinese Herbs


يعتمد طب الأعشاب الصيني على فهم عميق للأعشاب من حيث تأثيراتها باعتبارها أعشابا "بسيطة" أي منفردة، وكذلك وظيفتها عند إضافتها إلى أعشاب أخرى. بدلاً من التركيز على ما هي الأمراض التي يعالجها عشب معين، فإن الصينيين ينظرون إلى التأثيرات العامة على الجسم، فمثلا: هل العشب يدفئ الجسم؟ أو يسبب عرقاً؟ أو ينشط الهضم؟ هل يميل إلى زيادة إنتاج السوائل؟ هل يسبب جفافاً؟ كل هذه أمثلة على "مفعول" الأعشاب.


و عندما يتعرف الممارس الطبي الصيني على نمط من اختلال التوازن في الجسم، فسيمكنه تحديد الأعشاب التي تعالج الموقف بأفضل طريقة. و نادراً ما توصف الأعشاب الصينية "متفرقة"، بل توصف في مجموعات لتكوين خليط قوي التأثير. وتحتوي التركيبة على أعشاب إضافية (ثانوية) لموازنة الآثار الجانبية المحتملة للأعشاب الرئيسية في التركيبة. فعلي سبيل المثال، قد تحتوي تركيبة أعشاب لوقف الحمى على كمية صغيرة من عشب مدفئ بالإضافة للأعشاب المبردة. فالعشب المدفئ المنفرد يلطف المفعول المبرد القوي للأعشاب الأخرى، وبذلك يحمي الجسم من الدرجات القصوى من الحرارة أو البرودة. وقد تزيد أعشاب أخرى من تأثيرات أحد الأعشاب الرئيسية في التركيبة. وتهدف الخلطات العشبية دائما إلى استعادة التوازن أو الاتزان الفسيولوجي.


توي نا Tui Na


إن الطريقة الصينية للعلاج بتحريك الجسم، التي تعرف باسم "توي نا" هي أسلوب علاجي شديد التنوع. فقد يستخدم المعالج الخبير في "توي نا" كل من تدليك الأنسجة العميقة والمعالجة باليد وتطويل العضلات والعلاج بخطوط الطاقة في جلسة علاجية واحدة. ويعالج الممارسون الموهوبون في "توي نا" تشكيلة واسعة من حالات الجهاز العظمي العضلي.


كي جونج Qi Gong


يطبق هذا الفرع من الطب الصيني حكمة "الطاقات البارعة" للجسم مقترنة مع طاقة الحياة الشاملة. ويستخدم المعالجون الخبراء في "كي جونج" فهم نظام خطوط الطاقة في الجسم، فيعلمون تلاميذهم كيفية تقوية هذه التيارات من الطاقة عن طريق الممارسات اليومية للحركة والتأمل.


طب اليوروفيدا Ayurvedic Medicine 


يعتبر بعض مؤرخي الطب أن طب اليوروفيدا هو أساس الطب الصيني. ويؤكدون أن الحكمة العلاجية الهندية انتقلت أولا إلى نيبال والتبت ثم انتقلت تدريجيا إلى الصين وكذلك إلى اليابان في نهاية المطاف.


ويتعامل طب اليوروفيدا مثل الطب الصيني، مع التوازن في الجسم. فبدلا من التركيز على خمس عناصر، فإن طب اليوروفيدا يركز على ثلاثة عناصر: النار (بيتاPitta )، التراب (كافا Kapha )، والهواء (فاتا Vatta ). ويشمل تشخيص اليوروفيدا تقييم طبيعة جسم المريض طبقا للعنصر السائدة من بين تلك العناصر أو "الدوشات Doshas ". وفي الواقع، تتناوب "الدوشات" باستمرار في الجسم محدثة توازناً ديناميكياً من لحظة إلى أخرى. ويصف ممارس طب اليوروفيدا العلاج طبقاً لطبيعة جسم المريض. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يضيف علاجات لتصحح اختلال التوازن الحاد.


وقد يشمل برنامج كامل من العلاج بطب اليوروفيدا نظاماً غذائياً، وتمارين رياضية، والأعشاب والتأمل، وتمارين التنفس وعلاجاً طبيعياً. ويشمل العلاج الطبيعي نطاقاً واسعاً من المعالجات،منها التدليك والعلاج بالصوت واللون وأساليب إزالة السموم من الجسم.


الطب الفطري Indigenous Medicine


يراقبون الحيوانات المريضة ليعرفوا كيف تعالج نفسها. ومن خلال الأحلام يهتدون إلى نباتات جديدة. تمتلك الثقافات الفطرية المرتبطة بالأرض في أنحاء العالم معرفة عميقة عن العلاج. وقد وصف أحد معلمي تشيبوا Chippewa (أشنابي Ashnabe ) الأصناف الثلاثة من المعالجين في بيئته: الذين يعالجون بأيديهم، والذين يعالجون بالأعشاب، والذين يعالجون بعقولهم عن طريق التعليم. وكان سبيله هو الأسلوب الثالث، ومع أنه كان على معرفة ممتازة بالأعشاب. و عندما حضرت إليه امرأة تطلب معلومات بشأن نبات معين وخواصه العلاجية، نظر إليها نظرة ثاقبة وقال "أنت بشر مثلي، فلماذا لا تسألين النبات ذاته؟".


ويفترض كثير من العلماء الغربيين أن الشعوب الفطرية توصلت إلى أساليبها العلاجية عن طريق التجربة والخطأ. و في الواقع فإن معظم الثقافات الفطرية تستخدم صورة راقية من العلم الاستقصائي. فهم يعرفون النباتات والحيوانات الموجودة في محيطهم كما يعرفون أبناءهم. وهم وفي لحظات الهدوء، يأتيهم الإلهام لاستخدام علاجات تحتوي على المعادن والماء والهواء والنار. وقد توصل معظم الشعوب الفطرية إلى إجادة فن "الإنصات العميق " وهو إخماد صوت ثرثرة العقل إلى الحد الكافي ليفسح المجال للأصوات الهادئة العميقة لسكان الأرض.


وقد أسفرت هذه القدرة على الإنصات العميق عن إيجاد معالجين وأساليب علاجية يعجز التفسير العلمي عن فهمها أحياناً.


فعلي سبيل المثال، يعرف المعالجون الفطريون أن النبات يحدث تأثيراً أقوى حينما يتضرع المرء ويستعين بالقوة الروحية. فإن إلقاء النعناع في إبريق الشاي دون اهتمام وإعداد شاي عقب الغذاء ليس له تأثير قوي مثل زراعة النبات بمهارة وجمعه بحمد الله وشكره، والاستعانة بالخصائص العلاجية لخالق هذا النبات. فهذا الموقف المتسم بالمهابة يجلب ردة فعل مختلفة وصدى عميقاً وفرصة أكبر للشفاء. فإن علاقة المرء مع أحد النباتات أو أحد العناصر تؤثر تأثيراً كبيراً على قوته العلاجية ومن هنا يبرز لنا جليا مفهوم التوكل على الله الذي يعني أن لا يثق المسلم في شيء إلا في خالقة ويعلم أنه إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون، ويعلم أيضا أنه لا تواكل فهو يعلم أن الضر والنفع بيد الله ولكن الله جل جلاله قد أمر العبد المسلم بالتماس الأسباب التي تعينه على أمور الدنيا ولكنه في نفس الوقت يعلم أنه سبب في ذاته لا يضر ولا ينفع ومن هنا نفهم أن المسلم حينما يصيبه المرض يجب أن يذهب إلى الطبيب ويأخذ الدواء الموصوف له ولكنه ينظر إلى الطبيب والدواء معا على أنهما أسباب وعلي الله الشفاء . وليس لدى التكنولوجيا الغربية وسيلة لقياس أو تبرير مثل تلك الفروق النوعية في إعطاء أحد طرق العلاج المزمنة في المعدة والتهاب الجيوب الأنفية والبرد والسعال.


ويوجد لدى الثقافات الفطرية فهم عميق "للعلاقة الصحيحة" مع جميع أشكال الكائنات الحية. وتبدأ العلاقة الصحيحة بين الفرد والخالق، وتتشكل في دوائر متسعة إلى الخارج لتشمل أسرة الشخص ومجتمعه والعالم. ويشمل " المجتمع" جميع المخلوقات فيه، كما أن الارتباط السليم مع ذلك المجتمع يشمل أيضاً الأجيال القادمة.


وتقوم معظم المجتمعات الفطرية بتقوية ذلك النسيج الذي يشمل الخالق والنفس والمجتمع والعالم، عن طريق " الشعائر". فكل ثقافة فطرية تضع لنفسها دور للشعائر تعكس علاقتها مع الأرض ومع الفصول. وإذا اضطر أحد الشعوب إلى الهجرة بسبب الغزو أو المجاعة، فإنهم يحتفظون بجوهر ثقافتهم من خلال إتباع دورة الشعائر في موطنهم الجديد. وهناك شعائر معينة في كل جزء من العالم. فنباتات الصبار تنمو جيداً في الصحراء ولكنها لا تنمو في الغابات المطيرة، وبالمثل فإن شعائر مناطق الغابات الشرقية قد لا تكون مقبولة بالضرورة في قرى الهنود الحمر في المناطق الجنوبية الغربية، رغم أن تلك الشعوب الفطرية تشترك في مفاهيم روحية متوافقة.


ويمكن أن تكون الشعائر أداة قوية للشفاء، تشجع الناس على إعادة التواصل مع أنفسهم ومجتمعاتهم. وتعتبر الشعائر علامات مميزة للتحولات في حياة الفرد وكذلك لعجلة دوران الفصول المتعاقبة. ويمكن للصلاة والشعائر أن تحدث شفاءً عميقاً. فمن خلال الشعائر نعمق جذورنا في المكان والزمان بالخالق سبحانه وتعالي ، مما يمكننا من توسيع دائرة وجودنا لنلتقي مع دائرة الحياة الواسعة.


[1] الأنبياء (30)
[2] ص (41-42)



قران كريم