الثلاثاء، 31 يناير 2012

"الوطنية للتغيير" تدعو لانتخاب رئيس انتقالي وبدء الترشح 11 فبراير

"الوطنية للتغيير" تدعو لانتخاب رئيس انتقالي وبدء الترشح 11 فبراير

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

«النجار» يطالب «الكتاتني» بوقف قانون انتخابات الرئاسة ومراجعة جميع قوانين «العسكري»

ننفرد بتفاصيل لقاء الاهلى مع برشلونة ومانشيستر سيتى

ننفرد بتفاصيل لقاء الاهلى مع برشلونة ومانشيستر سيتى

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

المشير طنطاوي يطيح بـ«عتمان» من المجلس العسكري بدعوى بلوغه سن التقاعد!

المشير طنطاوي يطيح بـ«عتمان» من المجلس العسكري بدعوى بلوغه سن التقاعد!

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الجمعة، 20 يناير 2012

هى دى الرجولة عار عيكم ايها ؟؟؟

شارك برايك يهمنا
 Feedback Feedback
 mhassanabo@gmail.com
 maboeleneen@yahoo.com


بالفيديو:"الفتاة المسحولة" تطالب شرفاء الجيش بالتصدى للعسكرى

ظهرت اليوم بميدان التحرير الفتاة المسحولة صاحبة الرداء الأحمر التى كانت تحاول إنقاذ الفتاة التى تم تعريتها بالميدان الشهر الماضى أثناء فض اعتصام مجلس الوزراء من قبل جنود الجيش.
عزة هلال ظهرت اليوم فى جمعة "حلم الشهيد"  للمرة الأولي لها  بالميدان منذ الاعتداء عليها، ورددت هتافات "الشعب يريد إسقاط المشير" ..و"قول ماتخافشى المجلس لازم يمشى".
ووصفت هلال أفراد الجيش الذين قاموا بالاعتداء عليها بأنهم ليسوا رجالا قائلة:"إحنا شعب شرقى نحترم المرأة وآباؤنا علمونا أن الرجل الشهم إيده ما تدمدش على النساء".
وأضافت هلال أنها ستنزل الميدان يوم 25 يناير الجارى من أجل القصاص من قتلة الثوار وإسقاط المشير طنطاوى لافتة إلى أن المجلس العسكرى ما زال يتبع أساليب الرئيس المخلوع فى تبديل الحقائق وتلفيق الاتهامات لمعارضيه.
وطالبت الفتاة الشرفاء من قوات الجيش بالتصدي لجرائم المجلس العسكرى التى يرتكبها فى حق الشعب المصرى





الجمعة، 13 يناير 2012

د / احمد زويل

شارك برايك يهمنا 
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com

(ثورة العرب القادمة1-3

أضف تعليقك تعليقات : 0
آخر تحديث: السبت 12 مارس 2011 - 10:32 ص بتوقيت القاهرة
 بعد نجاح ثورة 25 يناير فى فتح آفاق غير مسبوقة لتحقيق الديمقراطية فى مصر، وفى وقت ينشغل فيه الرأى العام المصرى ــ كما فى العالم العربى على اتساعه ــ بحلم الإصلاح والتقدم، فإن المهمة العاجلة لإصلاح منظومة التعليم، سواء فى مصر أو غيرها من الدول العربية، هى بالتأكيد جزء لا يتجزأ من تحقيق النهضة العربية المقبلة. العالم المصرى وحائز نوبل الدكتور أحمد زويل يطرح تحليلًا ورؤية متكاملة لما يراه «ثورة العرب القادمة»، مؤكدًا أن إصلاح التعليم على حيويته ليس بالمهمة المستحيلة كما أنه ليس بالمهمة التى تحتاج عقودا لإنجازها.
«الشروق» تنشر فى حلقات ثلاث قراءة زويل لحال التعليم وسبل إحيائه لتعود مصر ويعود معها العالم العربى فى مصاف الأمم الناهضة.

طالعت مؤخرا دراسة مهمة حول جغرافيا المعرفة والسكان فى عالمنا. وأثارت هذه الدراسة ــ التى نشرها جويل كوهين وديفيد بلوم تحت عنوان «توفير التعليم لكل الأطفال.. خطة عمل دولية» ــ إعجابى واهتمامى فى آن واحد.

وتقول الدراسة بأنه فى الوقت الذى لا يمكن أن يعجز العالم عن القيام بالمهمة الملحة المتعلقة بتوفير التعليم لكل أطفاله فإن الحقيقة الماثلة أمام أعين الجميع تقول بأن هناك نحو ثلاثمائة مليون من أطفال العالم سيظلون محرومين من حقهم فى التعليم مع حلول العام 2015.
التحدى الكبير

إن تمكين الأجيال القادمة من الحصول على تعليم يمكنهم من الإمساك بناصية المعارف الحديثة والمتطورة هو بالتأكيد تحدٍ كبير، حتى إذا ما تعلق الأمر بالدول المتقدمة.

ومنذ عام تقريبا أطلق الرئيس الأمريكى باراك أوباما مشروعا طموحا تحت عنوان «التعليم الهادف لتطوير القدرة على الابتكار». والهدف من هذا المشروع هو أن يتمكن الطلاب الامريكيون خلال العقد القادم من رفع قدراتهم فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وعلم الرياضيات وهو المنظومة المتكاملة التى يمكن من خلالها ضمان اتساع قدرة المبتكرين وتطويرها.

وفى إطار هذا المشروع يتم تخصيص 250 مليون دولار لإطلاق وتنفيذ مبادرة تدريب وإعادة تأهيل للمعلمين الامريكيين بحيث يتم إعداد عشرة آلاف من المعلمين الجدد للعلوم والرياضيات ويتم بالتوازى مع ذلك إعادة تدريب مائة ألف من المعلمين الذين يقومون بالفعل بتدريس هذه المواد للطلاب الأمريكيين.

إننى أعلم أن التعليم بمختلف مراحله ــ وهو ما يستحوذ على قرابة تريليون دولار من ميزانية الولايات المتحدة الامريكية ــ هو أولوية أولى لدى الحكومة الأمريكية.

أما بالنسبة للعالم العربى فإن تطوير التعليم هو أمر حاسم لضمان مستقبل افضل للشعوب العربية. إن فشل منظومة التعليم فى العالم العربى هو احد اهم أسباب غضب الشباب فى البلدان العربية ــ ذلك الغضب الذى أصبح جليا ولا يمكن الاستمرار فى محاولة تجاهله، خاصة أن تبعات هذا الفشل لها أبعاد ثقافية واقتصادية وسياسية واضحة.
جيل الفيس بوك

لقد أطلق جيل الفيس بوك شرارة انتفاضات متتالية من أجل تحقيق الديمقراطية فى تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية.

إن التعامل مع أصل المشاكل التى نواجهها هو امر لا غنى عنه إذا ما كنا جادين فى حل هذه المشاكل وتجاوز آثارها.

وبالتأكيد فإن تطوير التعليم فى العالم العربى هو امر مفصلى بالنسبة لاستعادة النهضة العربية.

لقد أصبح من الحتمى أن نتحرك بخطوات أسرع نحو وضع التعليم وتطويره أولوية أولى على اجندات دول المنطقة العربية كلها.

ولا يمكن لشخص جاد أن ينكر أن النجاح والتقدم الذى حققته الولايات المتحدة الامريكية كما حققته دول أوروبية عديدة أو دول آخذة فى التقدم فى آسيا أو أمريكا اللاتينية لم يكن من الوارد تحقيقه وضمان استمراره بدون توفير مستوى جيد من التعليم لأبناء هذه الشعوب.

وبلغة اكثر مباشرة فإن هناك علاقة مباشرة لا يمكن اغفالها بين جودة التعليم ومستوى ارتقاء الشعوب.

وبالتأكيد فإن الحالة المصرية تمثل نموذجا جديرا بالتأمل فيما يخص العلاقة بين القوة الناجمة عن المعرفة وتأثير الحضارة العريقة، تلك الحضارة التى عاشت منذ ألفى عام أو يزيد على ضفاف المتوسط معتمدة على منارة مضيئة للعلم هى مكتبة الاسكندرية القديمة.
حضارات وعلماء

إن فكرة الحضارة فى ذاتها هى فكرة نابعة عن المعرفة.

وعلى ضفاف نهر النيل تمكنوا المصريون القدماء من تقديم مفاهيم جديدة فى علوم البناء والطب والفلك والكيمياء وكان لذلك تأثيره الأكيد على الحياة فى مصر القديمة وحضارتها العريقة كما وأن تأثيراته امتدت لحضارات أخرى مجاورة وتالية.

وإذا ما كان لى أن اتحدث عن مجال تخصصى العلمى على وجه التحديد فلابد أن اذكر أن القدماء المصريين كانوا هم من تمكن منذ أكثر من ستة آلاف عام من تعريف الزمن وادخال التقويم الزمنى المعتمد ولأول مرة على حركة الأرض حول الشمس.

ومؤخرا تمكن علماء فرنسيون من تقديم اكتشاف جديد ومذهل حيث أكدوا أن أبحاثهم تشير إلى أن مستحضرات التجميل المستخدمة فى عصر نفرتيتى كانت تحتوى على مواد طبيعية يتم تركيبها بغرض الحفاظ على صحة العيون وشفائها من الالتهابات والامراض المعدية.

وما زالت هذه الحضارة

القديمة للمصريين تقدم للغرب المتقدم اليوم الكثير والكثير من المعلومات والاكتشافات العلمية المثيرة للاهتمام.

ومنذ بداية الألفية سجلت الحضارة العربية الكثير من الإنجازات العلمية.

العام الماضى نشرت كتابا بالاشتراك مع سير جون توماس، من جامعة كمبريدج، حول الرؤية رباعية الأبعاد للميكروسكوب.

وفى هذا الكتاب أشرت للإسهامات المهمة فى مجال الرؤية والبصريات للعالم العربى الحسن بن الهيثم الذى عاش فى الفترة ما بين 965 و1040، متنقلا بين العراق ومصر. لقد طور ابن الهيثم نظريات، حول الإبصار والتقاط شبكية العين للصورة الواقعة تحت الضوء، استفاد منها علماء أمثال نيوتن، وفنانون أمثال دافنشى بل إن الاستفادة من هذه النظريات امتدت لتدخل فى أعمال مصورين فوتوغرافيين فى العصر الحديث.

وكانت تجربة ابن الهيثم المعروفة باسم «الحجرة المظلمة» هى الاساس الذى بنى عليه فيما بعد فن التصوير الفوتوغرافى حيث تعتمد هذه التجربة التى بينت أن الضوء له مسار مستقيم وعليه تتكون الصورة لأى مجسم عندما يمر الضوء خلال ثقب صندوق مظلم وبذلك أدخل ابن الهيثم فكرة الكاميرا الفوتوغرافية.

إن الاعمال التى قدمها ابن الهيثم وابن رشد، ذلك الفيلسوف الملم بالكثير من العلوم، وابن سينا، أبرز أطباء عصره على الاطلاق، والخوارزمى، عالم الرياضيات الذى استحدث مفاهيم جديدة فى علم الرياضيات ارتبطت باسمه، وغيرهم من علماء عصر النهضة العربية منذ قرون، تمكنوا من أن يجعلوا من عالمهم وعواصمهم فى بغداد والقاهرة وقرطبة منارات للعلم والمعرفة.
نهضة محمد على

وفى العصر الحديث ارتبط اسم مصر ايضا بمشاريع طموحة لتحقيق نهضة فى التعليم والثقافة والصناعة، وبالتأكيد فإن الرؤية التى تبناها محمد على لتحديث مصر كان لها دور مهم فى هذا الصدد.

لقد تمكن محمد على من تحويل مصر إلى مركز إقليمى للنهضة الاقتصادية والعسكرية معتمدا فى ذلك على تطوير وتحديث المجتمع المصرى ومستعينا بإرسال بعثات من الطلاب المصريين لتلقى العلم والمعرفة فى أوروبا.

وفى عصر محمد على تمكن رفاعة الطهطاوى ورفاق له، كانوا قد تلقوا العلم فى الغرب، من الاسهام فى تحقيق نهضة تعليمية واسعة فى مصر مستعينين فى ذلك بما ترجموه عن الفرنسية من روافد مختلفة للعلم والمعرفة.

وكان من شأن هذه النهضة التقدم بمصر إلى الصفوف الاولى الممسكة بمقاليد العلوم والآداب والثقافة.

وفى تلك السنوات ظهرت شخصيات مصرية رفيعة كان لها بصماتها فى مختلف المجالات الادبية والعلمية والفنية مثل طه حسين ونجيب محفوظ وعلى مصطفى مشرفة وأم كلثوم وعبدالوهاب وفاتن حمامة.

ومازالت الاسهامات المهمة لهؤلاء الادباء والفنانين والعلماء تمد الاجيال التالية بالإلهام عبر دول المنطقة.
ريادة مصر

ولا يمكن أن نغفل انه منذ قرن واحد فقط كان لمصر ريادة فى الحوكمة الرشيدة، كما أن مصر تمكنت فى الوقت نفسه من بناء مؤسسات تعليمية وعلمية رفيعة مثل جامعة القاهرة ومؤسسات مالية مهمة مثل البنك الأهلى ومؤسسات إعلامية مثل الاهرام الصحفية إلى غير ذلك من مؤسسات التصنيع بما فى ذلك صناعات النسيج وصناعة السينما.

وفى ذلك الوقت وبتلك الإمكانات كان لمصر القدرة على أن تكون المنهل العلمى لشخصيات بارزة ورائدة فى عالمنا العربى من بينهم على سبيل المثال المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد وعالم الرياضيات اللبنانى الاشهر مايكل عطية، وبالنسبة لى على المستوى الشخصى فإن الدكتور شاكر الفحام والد زوجتى هو رجل تعليم وآداب تولى رئاسة مجمع اللغة العربية فى سوريا وقد نهل هو الآخر من الثقافة المصرية.

بل إن قدرة مصر على توفير تعليم جيد لأبنائها استمرت حتى عقد الستينيات من القرن الماضى ــ أى بعد عقد واحد من ثورة يوليو ــ حيث تمكن ابناء جيلى من طلاب الجامعات المصرية من الحصول على تعليم لائق فى وقت كانت فيه الاجواء الثقافية مفعمة بالثراء والتنوع وكانت فيه أحلام النهضة الوطنية احلام كبرى يلتف حولها الجميع مثل بناء السد العالى وانشاء محطات للطاقة النووية بل والـتأهب للوقوف على مشارف غزو الفضاء.
العرب اليوم

وعندما يتفكر المرء فى هذه الخلفية الطويلة وعندما يكون الإنسان مدركا فى نفس الوقت أن منابع الطاقة البشرية لم تنضب فإن السؤال الذى لا بد له من أن يطرح نفسه هو: ما الذى حل بمستويات التعليم والبحث العلمى فى عالمنا العربى الراهن؟

إن اسهامات العالم العربى الجماعية فى مجالات البحث العلمى والاختراعات تكاد تكون غير موجودة أو ملحوظة.

إن من يقارن ما تستثمره الدول العربية فى مجالات البحث العلمى والتنمية العلمية والنظر فى النسبة المخصصة من إجمالى الناتج القومى فى مجالات التعليم والبحث وبين النموذجين الايرانى والتركى سيخلص بكل تأكيد أن ما تنفقه إيران أو تركيا على التعليم والبحث العلمى يفوق الميزانية المخصصة لنفس الغرض عن نظيراتها فى العالم العربى.
تركيا وإيران
فى عام 2009 أصدرت تركيا 22 ألف مؤلف علمى مقارنة بخمسة آلاف منشور علمى فى عام 2000، أما بالنسبة لإيران فارتفع عدد الاصدارات العلمية من 1300 فى عام 2000 إلى 15 ألفا فى عام 2009 ــ وفى ذلك بلا شك ما يعبر عن طفرة كبيرة.

وبحسب تقارير موثوقة صدرت مؤخرا فإن كلا من مصر والسعودية لم تنتج فى الفترة نفسها أكثر من 2000 من المطبوعات دون تحقيق زيادة تذكر هنا أو هناك.

ولم تتمكن أى من الجامعات العربية أن تضمن وجود اسمها على قائمة اهم 500 مؤسسة تعليمية فى العالم بصورة منتظمة ــ أحدى هذه القوائم تضمنت فى عام 2010 جامعة الإسكندرية.

ويقدر إبراهيم المعلم نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين أن حصة العالم العربى من اجمالى المبيعات العالمية للكتب لا يتجاوز الواحد بالمائة، وتحصل مصر على 4.. من هذه النسبة.

بينما يشير إلى أن نسبة الكتب العلمية لا تتجاوز نحو ثلاثة إلى خمسة بالمائة من هذه النسبة المتواضعة.

إن المدخلات التى يحققها البحث والتنمية فى إجمالى الناتج القومى لمصر تبقى شبه معدومة ومازالت مصر التى وصفها هيرودوت يوما بأنها هبة النيل تعتمد أساسيا فى دخلها القومى على هبات مصر مثل قناة السويس والسياحة وموارد طبيعية مثل الغاز والبترول.

فى الوقت نفسه فإن إسرائيل التى ليس لها من الطاقة البشرية سوى أقل من عشر ما تتمتع به مصر تحظى باقتصاد قوامه الرئيسى الصناعات التكنولوجية ويمكن القول إن نحو 90 بالمائة من الناتج القومى الاجمالى لها هو من موارد الصناعة والخدمات.

وإذا ما نظرنا إلى مستويات وسبل الانفاق الحكومى فى بلد عربى مثل مصر فإننا لا نجد الكثير من اسباب التفاؤل لو استمر الحال على ما هو عليه.

يقول الدكتور الشهير محمد غنيم فى تقرير أخير اعده، مستعينا بمعلومات واردة فى تقرير حديث للأمم المتحدة عن التنمية البشرية فى العالم العربى، إن إجمالى ما تنفقه الحكومة المصرية على التعليم سنويا لا يتجاوز 24 بليون جنيه، أى أقل من 5 بلايين دولار. وهذا الرقم لا يتجاوز 2.4 من الناتج القومى لمصر.

وبعملية حسابية بسيطة فإن النظر إلى هذا الرقم يعنى أن متوسط انفاق الحكومة المصرية على كل طالب لا يتجاوز فى العام الواحد 250 دولارا فى العام.

وبالمقارنة فإن إسرائيل تنفق ستة أضعاف هذا المبلغ حيث يحصل الطالب الاسرائيلى فى العام من انفاق حكومته على نحو 1500 دولار أو اكثر.
مصر والعالم

فى الوقت نفسه فإن أيا من طلاب الجامعات المصرية ــ الذين يبلغ عددهم نحو 2.2 مليون طالب ــ لا يحصل من الانفاق الحكومى على تعليمه أكثر من 500 دولار فى العام بينما تتكلف النفقات السنوية لتعليم قرينه من الطلاب المصريين فى بعض الجامعات الخاصة نحو 10 آلاف دولار إلى 15 ألف دولار سنويا.

هذه إذن حقيقة الوضعية المأساوية للتعليم فى مصر التى تدفع بأولياء أمور هؤلاء الطلاب لأن ينفقوا ما بين 10 بلايين إلى 15 بليون جنيه فى العام الواحد على الدروس الخصوصية سعيا وراء تحسين فرص أبنائهم فى تحصيل العلم وبالتالى تحقيق النجاح.

وإلى جانب ذلك فإن البنية التحتية للمدارس الحكومية فى مصر لا ترقى بحال من الاحوال لمستوى نظيرتها فى بلد صغير التعداد مثل فنلندا أو بلد له تقريبا نفس التعداد مثل كوريا الجنوبية، ذلك فى الوقت الذى يزيد فيه عدد التلاميذ فى المتوسط فى الفصل المدرسى بالمدارس الحكومية عن الـ60 مما يكاد يستحيل معه على المدرس أن يحقق التواصل اللازم مع التلاميذ لضمان نجاح او كفاءة العملية التعليمية.

أما بالنسبة لقاعات الدرس بالجامعات المصرية فهى دائما مكتظة بمئات أو ألوف من الطلاب.

وسواء تعلق الأمر بالتعليم فى المدارس او فى الجامعات فإن المنهج المتبع هو منهج التلقى المباشر دون تنمية قدرات التحليل او النقد وفى ظل تغييب شبه كامل لنظريات ومناهج التعليم الحديثة التى استفاد منها العالم المتقدم بأسره.

أما المناهج التعليمية ــ سواء فى المدارس أو الجامعات ــ فهى لا ترقى أبدا للمستوى المطلوب لتخريج كوادر بشرية قادرة على التنافس على المستوى العالمى فى عصر الفضاء وزمن ثورة المعلومات.

إلى جانب ذلك فإن الوضع الاقتصادى للمدرسين فى مصر يدعو للأسف وذلك بالرغم من محاولات بذلت أخيرا لرفع دخل المعلم المصرى وهو ما يدفع بالكثيرين للبحث عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية لتلاميذهم كوسيلة من وسائل تحقيق دخل إضافى.

وللحديث بقية

مصر الأمل.. ثلاثية الرؤية

أضف تعليقك تعليقات : 0
آخر تحديث: الأحد 15 مايو 2011 - 9:13 ص بتوقيت القاهرة
 جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير، لترفع الستار عن وجود قوة مؤثرة من الشباب المصرى، له من المبادئ والآمال والقدرة على الفعل والتغيير بصورة لم يكن يتوقعها الغالبية فى مصر أو فى العالم الغربى.

قبيل مغادرتى القاهرة بعد أيام من تنحى السيد حسنى مبارك عن حكم مصر، فى الحادى عشر من فبراير، التقيت إسراء، فتاة مصرية من قيادات الثورة، وسألتها عن الهدف الذى كان لدى الشباب عندما أطلقوا ثورتهم فى ميدان التحرير، ومختلف أرجاء ومحافظات مصر، فأجابتنى أن الهدف كان «تغيير النظام».

ولقد تمكن الشعب المصرى من خلال الثورة وفى 18 يوما، أن يُسقط رأس النظام، وينهى 30 عاما من حكم فردى وشمولى.

وبنظرة موضوعية، يجد المرء نفسه أمام عملية تحول ديمقراطى تشمل إنهاء آثار الحكم السابق وإظهار معالمه، خاصة الفساد الذى كان متفشيًا فى أرجاء وأعماق الوطن، والتحرك نحو حقبة جديدة من تاريخ مصر.

وبالفعل، فإن التحولات التى شهدتها مصر خلال الشهور الثلاثة الماضية، تعد تحولات كبرى، خاصة إذا ما قارناها بالشهور الثلاثة ــ أى نفس المدة ــ التى سبقت بدء ثورة الخامس والعشرين من يناير.
الثورة النموذجية

ومن أهم ما يميز الثورة المصرية عن غيرها من الثورات العربية التى يتعرض أبناؤها لإراقة دمائهم من أقبلة الأنظمة فى ليبيا واليمن وغيرهما، أن هذه الثورة مثلت وحدة رائعة بين أبناء الشعب المصرى وبين الشعب وقواته المسلحة.

فى الوقت نفسه، فإننا عندما نتابع تفاصيل الفساد الذى عاش به النظام السابق، والذى كشف عنه مع سقوط رأسه، لابد لنا وأن نشعر بأن مصر كانت محروسة بالفعل، كونها لم تتعرض لعملية إفلاس كاملة بالرغم من كل هذا الفساد.

والرائع واللافت للنظر فعلا هى قدرة الشعب المصرى على التخلص من قيود خوف كبلته لعقود، فكسرها، وتجاوز سنوات من القهر والظلام تعرض لها.

ولهذا كله، فإن الثورة المصرية تمثل نموذجًا فريدًا لتحقيق التغيير فى منطقة الشرق الأوسط. ومن ينظر فى الشأن المصرى، سيدرك على الفور أنه، وبالرغم من اختلاف عقائد أبناء هذا الشعب، وهو الاختلاف الذى يمكن أن ينجم عنه فى بعض الأحيان بعض التوترات أو المشاحنات، فإن الشعب المصرى يبقى فى نهاية الأمر شعبا موحدا، غير قابل للانقسام على أى أساس قبلى أو الوقوع فى فتن طائفية بالمعنى الكامل للكلمة.

فالشعب المصرى يجمعه تاريخ مشترك وميراث ثقافى عريق يبقيه دوما موحدا فى إطار الحضارة المصرية «أم الدنيا».

وفى هذا يختلف النموذج المصرى عن البلدان الأخرى التى بها من التمايز القبلى والثقافى ما يمكن أن يفتح الباب أمام سيناريوهات للفوضى، بل ربما الحروب الأهلية، وهو ما يعنى أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها يمكن أن تقع فى براثن النزاعات والتعصب، وهو أيضا ما سيدفع بالمنطقة نحو الخلف بدلا من الأمام.

ولذلك، فمن الضرورى أن تنجح الثورة المصرية فى تتويج أهدافها لتكون نموذجا قابلا للاستلهام فى حالات أخرى. والثورة المصرية فى رأيى حالة مركزية ومهمة لأن مصر التى يبلغ الآن تعداد سكانها الـ 85 مليون نسمة هى أكبر الدول فى منطقة الشرق الأوسط، كما أنها مركز ثقل العالم العربى لدورها المحورى فى السياسة والثقافة والمعرفة، وأيضا للمكانة التاريخية للأزهر الشريف.

إن القوة الفكرية الهائلة والكامنة فى الشعب المصرى ما زالت قادرة على إعادة مصر لهذا الدور الريادى حتى بعد التراجع الملموس فى العقود السابقة.

وعلى المستوى العالمى فإن نجاح التجربة المصرية هو أمر أساسى لضمان الاستقرار الذى من شأنه الحفاظ على أمن الإقليم وإرساء الديمقراطية وأيضا تدفقات النفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط لضمان إمدادات الطاقة فى العالم أجمع. والغرب يجب أن يقدم الدعم لهذه الثورات الشعبية فى العالم العربى، والتى تهدف بالأساس لتحقيق الديمقراطية، ذلك الهدف الذى لم يتمكن من تحقيقه بالحرب على العراق فى 2003 رغم تكلفة بلغت تريليونات الدولارات.

الديمقراطية والفوضى
ومع كل ما حققته الثورة المصرية من إنجازات، ومع كل ما تميزت به، بل وكل ما كشفت عنه من تحضر للشعب المصرى فإن هناك أمورًا توالت بعد انتهاء الثورة لا تتفق حسبما أراها مع قواعد الديمقراطية المتعارف عليها ولا مع قواعد الوطنية المصرية للثورات السابقة.

ومن ذلك التباين الكبير بين التألق الرائع للوحدة الوطنية التى عاشتها مصر أياما متتالية فى ثورتها التى تجسدت فى ميدان التحرير، حيث تداعت أى حواجز زائفة بين مسلمى الوطن وأقباطه، وأن نعود بعد أسابيع قليلة من انتهاء الثورة لنطالع أنباء مؤسفة ومؤلمة عن تشاحنات بين مسلمين وأقباط أو مسلمين بعضهم وبعض.

ولا يمكن بمنطق الثورة السلمية والشريفة أن يفسر المرء ما حدث من قطع الطرق ووقف القطارات ويصل الحد لإحراق بيوت العبادة ورفع أعلام لدول أجنبية على أرض الكنانة.

من المفهوم أنه بعد أى ثورة توجد فئات ومجموعات لديها أهداف ومصالح تسعى لتحقيقها من خلال عمليات شحن عشوائى لمشاعر البعض، ولكن هؤلاء سيكونون فى النهاية، وعندما تقام الدولة الديمقراطية بكامل أركانها، الخاسرين، لأن الغلبة ستكون للشعب المصرى القادر دوما على أن يظهر معدنه الحقيقى فى ظل كل الصعوبات، ولأن الغالبية العظمى من الشعب المصرى لا تريد الانجراف وراء التشاحن والفوضى، وإنما تسعى لبناء دولة ديمقراطية حديثة.

بناء المستقبل
والسؤال إذن هو، ماذا ينبغى أن نفعل فى هذه المرحلة؟ ومن منطلق خبرتى فى الدعوة والحث على تحقيق التغيير عبر عقدين من الزمن، ولأننى كنت طرفا مفاوضا أثناء الثورة المصرية، سواء من خلال التخاطب مع شباب الثورة أو مع الحكومة المصرية فى حينه، فإننى أعلم يقينا أن أهم ما يسعى إليه الشباب فى مصر هو مستقبل جديد، مستقبل يقدم لهم حياة تختلف عن تلك التى عاشوها فى ظل النظام القديم ومستقبل لتحقيق الإنتاج والتقدم، الذى يليق بمكانة مصر على المستويين العربى والعالمى.

مستقبل مصر الواعد يتطلب بالضرورة استقرار الوحدة الوطنية ليسعى الشعب متكاتفا لتحقيق أهداف ثلاثة أراها حتمية لبناء الدولة الديمقراطية، اقتصاديا وسياسيا. وعليه فإن ثلاثية الرؤية تتمثل فى:

 «البعد السياسى» والذى أساسه يكون بناء الهيكل الحقيقى لنظام الحكم الديمقراطى الرشيد بما فى ذلك عدالة تطبيق القانون، ضبط أمن البلاد والانتقال إلى الشرعية الدستورية لحكم مستقر مبنى على مبادئ الثورة.

 «البعد الاقتصادى» والذى يتطلب فى المدى القريب التحرك السريع نحو عودة الإنتاج إلى ما كان عليه مع إصلاحات فى المؤسسات الاقتصادية، وفى نفس الوقت فلابد من وضع رؤية شاملة لرفع الإنتاج المصرى والدخل القومى، وإصلاح الوضع المؤسوى لمحدودى الدخل.

«البعد القومى للنهضة» ولهذا البعد رؤية خاصة حيث فيه يلتحم الشعب مع الحكومة فى تبنى «مشاريع أحلام الوطن» والتى عن طريقهم يتم بناء جيل المستقبل ودفع مصر إلى مكانة العالم الأول، وتحديث العالم العربى ككل.

وهناك بعد رابع، بالمقارنة مع علوم الكون الطبيعية، هذا البعد يحدد ديناميكية العلاقة بين الجيش والحكومة من طرف والشعب من طرف آخر، وعليه فإن هذه الديناميكية لابد وأن تحدد بوضوح مسار التغيير الجديد والمدد الزمنية لاستكمال المسيرة، وذلك عن طريق حوار دائم وبناء.

وأعتقد جازما أن السعى نحو أى من هذه الأهداف الثلاثة، يتطلب أولا وقبل كل شىء، تحقيق الاستقرار الأمنى فى أسرع وقت، والذى ينبغى أن ينعم به أبناء الشعب المصرى، على أن يكون ذلك فى إطار مؤسسى لشرطة ما بعد الثورة، يباعد بين ما عرفه النظام السابق من آليات لتحقيق الأمن، ويعمل على احترام حقوق المواطن فى الوقت ذاته، فإن الإصلاحات السياسية الحقيقية ــ وليست تلك التى تكون مستمدة بشكل أو آخر من النظام السابق ــ ينبغى أن تكون سريعة، وأن تكون هادفة لتكوين المؤسسات الجديدة للدولة فى جميع القطاعات، وهو ما يتطلب بالضرورة أن يكون هناك تطبيق قاطع للقانون على كل المواطنين دون أدنى استثناء.

المأزق الاقتصادى.. والإنتاج
أما الإصلاحات الاقتصادية، والتى أراها هى حجر الزاوية للبناء والتقدم، فتلك هى التحدى الأصعب الذى يواجه مصر حاليا، كما سيواجهها فى المستقبل القريب، وذلك لأسباب عدة، أهمها أن السعى المصرى نحو بناء اقتصاد قوى يأتى بعد عقود من حكم السيد مبارك ودائرته المقربة، حيث تم استنزاف الكثير من الموارد المصرية.

إلى جانب ذلك، فإن الثقة فى مناخ الاستثمار فى مصر ليست عالية أبدا، وحركة السياحة ليست فى أحسن أحوالها، كما أن دعم المصريين فى الخارج، الذين لهم الكثير من القدرة على تقديم الدعم المادى والمهنى لمصر ما بعد الثورة، قد يتأثر بدرجة كبيرة، ربما بسبب عدم الارتياح إزاء بعض ما جاء فى التعديلات الدستورية، بالإضافة إلى أن أصحاب الأعمال المصريين، سواء كانوا من أصحاب الأعمال الصغيرة أو الكبيرة، يعانون تحديات لا يستهان بها.

لكن مع كل تلك الصعوبات، فإن بناء اقتصاد مصرى قوى ليس بالأمر المستحيل. إن استعادة التركيز على القضايا الجوهرية، والابتعاد عن الانخراط فى الأمور التى ليس لها جدوى تذكر، واسترجاع التسامح والتصالح الوطنى، وشعور الثقة فى الوطن وبين أبنائه يمكن بالتأكيد أن يدفع بالشعب المصرى نحو نهضة اقتصادية جديدة.

ولذلك ليس أمامنا من اليوم غير العمل والعمل الجاد من أجل الإنتاج. فالوقت لم يعد يسمح بإطلاق بعض الشعارات والتصريحات والاكتفاء بذلك.

إن تحقيق النمو الاقتصادى يتطلب أن يكون هناك استقرار فى معدلات النمو على المستوى المنظور، ليتم العمل على الأمد الطويل لرفعها بما يتناسب مع أهداف تحقيق التنمية والإنتاج المناسب لمصر، ورفع الإنتاج ينبغى أن يكون الشغل الشاغل لكل المجتمع المصرى، حيث لا يمكن لنا أن نقبل بأن يبقى الاقتصاد فى مصر ما بعد الثورة معتمدًا على عوائد قناة السويس والسياحة فقط.
الثروة البشرية
إن مصر ليس لها الكثير من الموارد الطبيعية، كما أن المساحة المزروعة من أرضها ليست بالمساحة الكبيرة، أقل من 10٪، ولكن مكمن الثروة المصرية الحقيقية هو أبناؤها. فمصر تتمتع بثروة بشرية هائلة إذا ما أحسن استغلالها من خلال العمل المنتج، ومن خلال مشاريع قومية يلتف حولها أبناء الشعب المصرى يمكن لها أن تحقق الكثير، خاصة إذا ما توازى ذلك مع مشروع نهضوى كبير لتحقيق طفرة فى مستوى التعليم والبحث العلمى، وبالتالى فى قدرات الثروة البشرية المصرية.

إن ما يطلق عليهم فى مصر الآن «شباب الفيس بوك»، يعلمون أن مصر كان لديها يوما مستوى من التقدم فى مجالات التعليم والبحث العلمى تفوق التى كانت لدى دولة مثل كوريا الجنوبية، والتى أصبحت الآن من أهم اقتصاديات العالم. كما أنهم يعلمون أنه خلال العقود الثلاثة، التى أمضاها السيد مبارك فى قصر الرئاسة تراجعت الأمور فى مصر بدرجة كبيرة، بينما تقدمت بلدان أخرى، وحققت طفرات.

فاستطاعت الصين أن ترفع حياة الملايين من مواطنيها من حال الفقر، كما استطاعت فى الوقت نفسه، أن ترسل روادا إلى الفضاء الخارجى، وأن تبنى مدنا عملاقة (Megacities)، وأن تصنع قطارات فائقة السرعة، وترفع مستوى التعليم بين طلاب المدن الصينية إلى المستويات الدولية. وبالتالى، فإن هؤلاء الشباب فى مصر يتساءلون: لماذا لم تحقق مصر ذلك، ولماذا لا تتحرك هى الأخرى نحو تحقيق مثل هذه الطفرات فى التعليم والتنمية؟

وبالطبع، فإن تحقيق مثل هذا النمو هو الهدف الذى ينبغى أن تسعى إليه مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن ذلك السعى سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصل إلى مبتغاه. ولأن الأمر سيستغرق شيئًا من الوقت، ويحتاج الكثير من العزيمة، فإن الأولوية الآن تحتاج لإشعال شمعة للأمل، لأن هذه الشمعة هى التى ستضئ الطريق نحو مستقبل أفضل.

الفرصة التاريخية.. المشروع القومى
إننى أنظر إلى مصر فأرى فرصة تاريخية لاستعادة هذا البلد لمكانة يستحقها بجدارة، كما أننى أرى الشعب المصرى القادر بالعزيمة والإيمان بحق بلاده فى التطور أن يحقق الهدف المبتغى من خلال عمل هو بالضرورة بسواعد المصريين أنفسهم.

وفى هذا الشأن، فإننى أقترح بناء مشروع مصر القومى للنهضة العلمية فى أسرع وقت، والذى عملت من أجله فى الـ12 عامًا الأخيرة مع النظام السابق وبدون جدوى لأسباب يعلمها الجميع ولا داعى هنا للعودة للماضى للحديث عنها.

إن هذا المشروع النهضوى والغير القابل للربح، يرتكز بدوره على ثلاثية مهمة، وهى:

«التعليم العصرى» وذلك لنشر المعرفة والعلوم الحديثة.


«المراكز المتميزة» وذلك للنهوض بالبحث العلمى والمشاركة العالمية.

 «التكنولوجيا الإنتاجية» وذلك لبناء القاعدة الإنتاجية والمعتمدة على تكنولوجيا العصر.

هذا المشروع فى عصر العلم هو العمود الفقرى للتقدم وأيضا لبث فكر مجتمعى جديد.

وكما قلت سابقا، فإنه لا يمكن لهذا المشروع أن يرى النور بدون الإرادة الوطنية، وتحقيق الهيكل الأكاديمى والقانونى الخاص بالعمل فى مشروع كهذا، بحرية وشفافية، مع إيجاد التمويل اللازم من قبل الحكومة والشعب المصرى.
صندوق «اقرأ»
وفى أولى كلمات القرآن التى
أوحيت للنبى محمد، تكمن الحكمة: «اقرأ». وإذا ما أردنا تطبيق هذه الحكمة على حال مصر الآن، فإن ما نسعى إليه بالتأكيد هو تحقيق طفرة فى اقتناء المعرفة وتطبيقها لصالح البلاد.
وفى مبادرة جديدة، اقترحت إنشاء صندوق للشراكة القومية والدولية، يمكن أن يسمى «صندوق اقرأ» ــ بين المؤسسات الخاصة والحكومية ــ لدعم المشروع، ولكن لابد أن نعلم جميعا أن مثل هذا المشروع لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على غير المصريين، وإن كنت أثق أنه عندما يصبح نجاح هذا المشروع واضحًا، فإنه سوف يجتذب الشراكة العالمية الفعالة والنافعة.
وفى اختيار كلمة «اقرأ» عنوانا للصندوق الذى أقترحه، فإننى أيضًا أطرح معنى عالميا، حيث أردت لها أن تكون المرادف العربى للكلمة الإنجليزية «READ» والتى هى اختصار لـ «Renaissance in Education And Development».
وينبغى أن يكون عمل هذا الصندوق بعيدا عن كل أغراض السياسة، وأن يتم تحت إدارة مجلس أمناء من الشخصيات البارزة المصرية والعربية والدولية، على أن يكون الهدف الرئيسى أمام هذا الصندوق هو رفع المستوى التعليمى والفكرى بما يؤدى إلى بناء استراتيجية واعدة لتحقيق نمو اقتصادى واسع، وإعادة صياغة البنية التحتية فى مصر، وفتح الآفاق أمام نهضة صناعية وثقافية تعود بنا إلى نهضة محمد على، ولكن فى سياق القرن الواحد والعشرين. إن الأمية ستبقى دوما عائقا قاسيا أمام تحقيق التنمية أو إرساء الديمقراطية، لهذا فإننى أقترح أن نسعى أيضا للعمل على محو كامل للأمية، وبناء مدارس علمية للموهوبين، وبناء مراكز تطبيقية لأغراض البنية الأساسية.
الإرادة والدعم
وفى البداية، فإن إطلاق هذا المشروع يحتاج إلى مليار دولار، كما يجب أن يتم فى الوقت نفسه إنشاء وقف مالى بقيمة مليار دولار أخرى، لأغراض تطوير المشروع وتوسيعه بصورة متدرجة، وعلينا أن نعلم أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا فى المملكة العربية السعودية لها وقف مالى يقرب من 20 مليار دولار.
وسيحتاج الأمر بالتأكيد خلال سنوات متتالية لمزيد من الأموال التى يمكن أن يسهم بها عدد من الدول المعنية بدعم استعادة النهضة المصرية ليتم توفير هذه الأموال من خلال البنك الدولى أو البنك العربى أو صندوق الإنماء الإسلامى، بجانب التبرعات الأساسية من الشعب والحكومة المصرية. ولكن كما ذكرت سالفا لا يمكن لهذا المشروع أن يتم بدون الإرادة المصرية والدعم المصرى، ثم بعد ذلك يتم الاستعانة بمؤسسات ودول أخرى، أما العكس فى الرؤية ففى رأى لا يؤدى إلى النتيجة المطلوبة من مشروع بهذا الثقل والأهمية.

وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن قرابة نصف سكان مصر هم من الشباب دون الثلاثين، فإننا سنجد أن الأموال المطلوب توفيرها لإطلاق وعمل هذا الصندوق الذى سيكون من أبرز نتائج نشاطه رفع مستوى كفاءة الفرد المهنية والفكرية، وتمهيد الأرض لإرساء الديمقراطية الحقيقية والمعتمدة على تبادل الآراء، فإننا سنجد أن تلك الأموال تعد النذر القليل بالمقارنة بمئات المليارات من الدولارات التى إهدرت وسرقت من مصر، وبدون فائدة للوطن وأبنائه.

وينبغى هنا أن أشير إلى الأثر النفسى الكبير الذى يمكن أن يلعبه إنشاء مثل هذا المشروع القومى الآن. فمصر هى دولة فى حالة من السيولة، تتنازعها أقطاب مختلفة من مخلفات النظام السابق إلى تيارات تمارس السياسة باسم الدين وبسمات من التعصب وغيرها، وكل يسعى لأن تكون له الكلمة الأخيرة فى تقرير مصير هذا البلد.

ومن خلال عملية إعادة بناء ناجحة لمؤسسات تعرضت للانهيار، فإن المشروع القومى مع صندوق «اقرأ» يمكن أن يسهم فى وضع مصر على بداية الاتجاه الصحيح فى الإنتاج من أجل الاقتصاد، والفكر من أجل التقدم. والفخر والاعتزاز من أجل بناء حضارة مستقبلية لمصر.

والجميع يعرف أن الأسر المصرية تعانى من نتائج تدهور التعليم الذى حل خلال العهد السابق. وأنا أثق أن كل أسرة مصرية، وبلا استثناء، تحلم اليوم بأمرين، أولهما: هو ضمان تعليم جيد لإبناءها. والثانى: هو الإسهام فى استعادة نهضة وعزة مصر.
التاريخ.. والأمل

يعلمنا التاريخ أن البلاد يمكن أن تستعيد تجارب النجاح، ومصر قادرة على ذلك. إن مصر قادرة على أن تستعيد مكانتها فى صنع الحضارة، وأن تكون مركز النهضة العلمية والفكرية والاقتصادية فى العالم العربى.

ولكن هذا لن يتم بالجدل السياسى عن الماضى والأيدولوجيات أو بالانشقاق الوطنى بين المسلمين والمسيحيين أو بالصراع بين المذاهب أو بالطموح السياسى مع إغفال مصلحة الأمة. وهنا يأتى دور هيبة الدولة واحترام القانون، والتسامح والمصالحة الوطنية، كما يأتى ضرورة عدم استغلال بعض رجال الإعلام وأهل السياسة للأوضاع الحالية فى مصر.
مصر فى حاجة إلى نقلة نوعية، من حالة شرعية الثورة إلى حالة دولة المؤسسات، لبناء الدولة الحديثة، وهذا يتطلب المشاركة البناءة والحقيقية، ويجب التذكر أن شبابنا فى أعز المحن فى الميدان كان يردد كلمة «سلمية»، وبالتالى فهم يتوقعون أن يكون شعار كل المصريين فيما بعد الثورة هو التسامح والتعايش السلمى!
إن ثورات تغيير النظم، كما يذكرنا التاريخ، كثيرا ما يعقب مراحلها الأولى بعض الاضطرابات، وفى بعض الأحيان انقلابات، وبالتالى فإننا يجب أن نبادر بالتغيير الشامل والعمل الجاد دون تردد، لأن أى تأخير ستكون له عواقب سلبية ستتحمل مصر والمنطقة بأسرها نتائجه لعقود قادمة، إن عامل الوقت هو عامل حاسم بكل تأكيد.
ولكننى عندما أُسئَل عن ثورة 25 يناير فأقول، وكما ذكرت مرارًا فى السابق، إننى «متفائل بمستقبل مصر»، أقول هذا ليس من منطلق العواطف ولكن لمعرفتى الشخصية بطموحات شباب مصر والمستمدة من لقاءاتى معهم، وأيضًا بمعرفتى التاريخية لعبقرية مصر، فقد تجلت هذه العبقرية مرارًا، كان آخرها النصر القومى فى عام 1973 بعد هزيمة 67 الفاجعة، والآن بعد نصر 2011، لابد وأن تهزم مصر الماضى وتبنى المستقبل.
وفقنا الله جميعا لخدمة مصر.. مصر الأمل!


ثورة العرب القادمة(2-3)

أضف تعليقك تعليقات : 0
آخر تحديث: السبت 12 مارس 2011 - 10:29 ص بتوقيت القاهرة
لم يكن فى الأوضاع المجتمعية فى العالم العربى إجمالا ما يسهم فى تحسين مستوى التعليم فى الدول العربية، ذلك رغم أن أكثر من 35 بالمائة من سكان العالم العربى هم أطفال دون سن الخامسة عشرة بما كان يمكن أن يمثل مخزونا هائلا للطاقة البشرية لو أحسن تعليمهم ـ لكن ذلك للأسف لم يتحقق بعد.

فى الوقت نفسه فإن مستوى البطالة فى المنطقة العربية يتراوح ما بين 10 إلى 20 بالمائة.

وبسبب الضيق الاقتصادى فإن قدرة الاسرة المصرية على تنشئة أبنائها تعد تحديا ضخما اليوم إذا ما قورنت بما كا عليه الحال من نحو 50 عاما. ذلك بينما يبلغ عدد الأسر المعيلة من قبل النساء فى المجتمع المصرى نحو 30 بالمائة من إجمالى الأسر المصرية وذلك لجملة من الأسباب من بينها انتشار حالات الطلاق وتولى النساء مسئولية تنشئة الأبناء.
وسائل الأعلام غير قادرة
من ناحية أخرى، فإن وسائل الإعلام فى البلدان العربية لا تبدو قادرة أو مؤهلة على نشر الارتقاء بقيم العلم والتعلم وذلك رغم الزيادة المذهلة فى أعداد الجرائد والمجلات الصادرة فى هذه البلدان وبالرغم من تزايد عدد القنوات الفضائية التى تبث برامجها على شاشات التليفزيونات العربية ليبلغ أكثر من 500 قناة ــ أكثرها يعنى بالترفيه والتسلية.

منذ بضع سنوات تصادف أن تزامنت زيارتى إلى مصر مع وصول مكوك الفضاء «آوبورشيونتى» إلى سطح المريخ بعد إطلاقه من قبل وكالة ناسا. وبينما كان العالم كله يتابع وصول آوبورشيونتتى باهتمام بالغ فإن الأمر لم يكن إطلاقا على أجندة الاهتمامات المصرية لدرجة أننى لم أجد سوى خبر مقتضب عن تلك القصة العلمية الكبيرة فى واحدة من الجرائد الصباحية.

وبينما يقدر ما ينفقه المواطن المصرى فى متابعة وسائل الإعلام المتاحة لديه بثلت اليوم الفعال فإن وسائل الإعلام هذه لا تعبأ كثيرا، أو دوما، بأن تقدم لمشاهديه معلومات لها طابع الثقافة العلمية أو التحليلات العميقة لها، وبالذات على المستوى العالمى. وقد بلغ العبث مداه لدرجة أن مقدم أحد أكثر البرامج مشاهدة فى مصر تحدث عن ظاهرة التغير المناخى بسطحية غير مقبولة قائلا إنه ينبغى على العالم أن يعرف من السبب وراء تغيير المناخ: «إيه اللى غيّر الجو بالطريقة دى؟ علينا جميعا أن نعاقب المتسبب فى ذلك حتى لو كان الجانى أحد البلدان».

من ناحية أخرى فإن الثقافة فى مصر، والعالم العربى بأسره، تبدو محاصرة. ومن ظواهر حصار الثقافة هو نشأة ثقافات فرعية يمكن لها بصورة ما أن تسيطر على الثقافة الأم المشتركة بين أبناء الوطن الواحد.

وعلى سبيل المثال فى مصر، فإن هناك ثقافة مختلفة للطلاب رواد المدارس الخاصة، التى تسعى الكثير من الأسر الميسورة لإلحاق أبنائها بها بحثا عن تعليم أفضل، تختلف كثيرا عن ثقافة طلاب المدارس الحكومية حيث إن ثقافة طلاب المدارس الخاصة هى بالضرورة أقرب لثقافة البلدان المنتجة للنظم التعليمية فى هذه المدارس منها للثقافة المصرية المشتركة.
الثقافة والهوية العربية
ولا أجادل على الإطلاق فى أهمية تعليم اللغات الأجنبية ولكن ما أقوله إنه فى غياب تعليم كفؤ للغة العربية وفى غياب حضور واضح للثقافة العربية فإن طلاب المدارس الأجنبية يصبحون فى خطر الابتعاد عن لغتهم الأم وثقافتهم الأم وهو الأمر الذى يهدد على نطاق أوسع بتفتيت البناء الثقافى ــ وفى هذه الحالة أيضا الاجتماعى والاقتصادى ــ للمجتمع المصرى. وينطبق ذلك عن مجتمعات عربية أخرى أصبحت قطاعات منها، كما فى مصر، تعانى من آثار التقليد الأعمى الذى يقوم به شباب هذه المجتمعات لما يتابعونه فى برامج تليفزيونية غربية ــ بينما هذه البرامج لا تقدم بالضرورة ما يعبر عن عمق وثراء الثقافة الغربية بما فى ذلك الثقافة الأمريكية.
كما ينبغى ملاحظة أن قياس مدى تمدن وتقدم المجتمعات العربية بما تبثه تليفزيوناتها من مواد ترفيهية مأخوذة عن القنوات التليفزيونية الغربية والأمريكية هو قياس مغلوط حيث إن السعى نحو التقدم والمدنية الحديثة ليس بحال سببا لتجاوز الهوية الثقافية للدول الآخذة فى النمو والتقدم.

أما فيما يخص الدين فلقد تراجع الإيمان بالمبادئ السامية والممارسات الفضلى التى تحض عليها الأديان أمام سلوكيات هى بالأساس مظاهر شكلية قد يصل الإصرار عليها فى بعض الأحيان إلى سياقات للإرهاب المجتمعى والفكرى، بل العقائدى.

وأعتقد أن خلط السياسة والدين لخدمة أهداف سياسية هو واحد من مسببات الالتباس المجتمعى، إلى جانب ذلك فإن الانغماس فى محاولة الحصول على الآراء من شخصيات لا تتمتع بغزارة وافية من المعلومات الدينية الصحيحة تسبب فى تغييب طاقات المجتمع عن البحث عما هو منتج والاقتصار على الاهتمام بما هو سطحى وظاهر للعيان وبالتالى تغييب أسباب التفكير والتحليل بما وصل بالذهنية المجتمعية لكثير من الناس لحالة من التكلس.

ولعل أخطر ما يهدد المجتمع المصرى، على سبيل المثال، نمط من أنماط التفتيت المجتمعى يقوم فكر أصحابه على التعصب للولاء الدينى ورفض الآخر واعتماد العنف آلية للتعبير عن هذا الرفض.

إن إطلاق الحديث العاطفى الخاوى من المضمون والأفكار البناءة لا يسهم بحال فى التعامل مع المشكلات التى يواجهها المجتمع النامى، وفى رأيى فإنه ليس من سبيل لتحقيق التقدم إلا إذا ما تمسكت المجتمعات بالحرص على التوافق بين أبناء الوطن الواحد والتجأت إلى تحكيم العقل والمنطق. والطريق الرئيسى نحو هذا الهدف يبدأ عند نقطة مفصلية وهى تطوير التعليم.
الإصلاح النوعى والشامل
من الجلى أن منظومة التعليم فى حاجة لعملية إصلاح شاملة وكبرى. والعملية التعليمية، بالنسبة لأى مجتمع تقسم بين التعليم الأولى الابتدائى والاعدادى، والتعليم الثانوى والتعليم الجامعى ثم التعليم العالى القائم على البحث والتطوير.
التعليم الأولى

يعد التعليم الأولى حقا من حقوق الإنسان الاساسية، خاصة فى عصر المعرفة الذى نعيش فيه. ولا بد أن تعطى الحكومات أولوية قصوى لمشروعات محو الأمية.

ولا أستطيع أن أخفى اندهاشى أمام وضع تعيش فيه المجتمعات العربية فى عصر المعرفة اللانهائية وهى قابلة لأن يكون من بين سكانها الذين يقارب عددهم 350 مليون نسمة ما لا يقل عن 20 بالمائة ضحايا للجهل والأمية. كيف يمكن لمثل هذه المجتمعات أن تتعايش من النظم القائمة بصورة واسعة ومتزايدة على خدمات الانترنت وكيف لها أن تكون قادرة على التعامل مع أسواق عمل تعتمد بالأساس على كفاءات منقولة بالمعرفة؟ كيف يمكن لأسرة لم يحصل الأب أو الأم فيها على قدر من التعليم أن تعد أبناء لمستقبل أفضل؟

إن الدول العربية تحتاج وبشدة أن تضاعف الميزانيات المخصصة لنشر التعليم والارتقاء به. وإذا ما استمر مستوى الإنفاق الحالى على التعليم فى معظم المجتمعات العربية فإنه سيكون من الصعب جدا تطوير مستوى التعليم ونوعية المناهج أو أداء المدارس أو كفاءة المدرسين بما يمكن من تخريج كفاءات وكوادر قادرة على التعامل مع المتطلبات المستقبلية للمجتمعات التى تعيش فيها أو المتطلبات الدولية فيما يتعلق بالتشغيل وغير ذلك.

وينبغى إذن توفير المزيد من المواد للعملية التعليمية وينبغى بالتأكيد أن يكون لمشاريع تطوير التعليم أولوية وأسبقية على مشاريع أخرى مثل إنشاء تجمعات سكنية مكلفة للطبقة الميسورة من المجتمع وغير ذلك من المشاريع التى تتعلق بترف الحياة وليس برفع نوعية الحياة والأداء المجتمعى.
تحسين وضع المعلمين

وينبغى أيضا تحسين مستوى دخول المعلمين على أساس الكفاءة وتقييم الاداء.

إن فى ذلك الحل للقضاء على العملية التعليمية الموازية المعروفة بالدروس الخصوصية التى تنفق عليها الأسر المصرية من الطبقة المتوسطة مبالغ لا تتناسب مع مواردها الاقتصادية فيما يمثل جزءا أساسيا من إجمالى الإنفاق على التعليم فى مصر ويتنافى مع افتراضية مجانية التعليم.

ويجب أن يكون للقطاع الخاص دور ما فى الارتقاء بالعملية التعليمية فى إطار من إعادة صياغة العملية التعليمية ذاتها لتكون قائمة على التكاملية بين الأسر وبين المدارس مع الأخذ فى الاعتبار أن آليات العملية التعليمية تختلف من حالة إلى أخرى وأنه ليس من السهل وجود حل نموذجى محدد يمكن لأى من كان ــ حتى لوزراء التعليم أنفسهم ــ أن يقدمه للمشاكل الكثيرة والملحة التى تواجه العملية التعليمية حاليا.

وعليه فإن مشاركة الأسر فى العملية التعليمية لها دور تربوى وأكاديمى مهم.
التعليم العالى

إن التعليم العالى فى مصر يواجه مشاكل جمة تكاد تجعله غير ذات جدوى كبيرة بالنظر خصوصا إلى تراكم أعداد الطلاب ومحدودية الموارد المخصصة للإنفاق على العملية التعليمية. ولقد حان الوقت لإعادة النظر فى المنظومة الحالية لعملية التعليم العالى التى تدهورت عبر العقود الماضية، وهى بالتأكيد لم تعد مناسبة للعصر الحالى ولا أمام التحديات الراهنة. إن الوقت قد حان للاعتراف بأن منظومة التعليم العالى لم يعد من الممكن أن تبقى قاصرة على سياق واحد فى الجامعات الرسمية وأن هناك مجالا للاستفادة من نظام متطور يجمع التعليم العالى المتخصص مع التعليم الخاص الأهلى أساسه التكافؤ والتكامل وهدفه إفادة الطلاب كل حسب اهتماماته وقدراته العلمية وكذلك إمكانياته الاقتصادية.

فى الوقت نفسه يجب القول إن الجامعات الخاصة لا ينبغى لها أن تتجاوز كونها مؤسسات تعليمية يفترض فيها أن تقدم القدوة فى الاهتمام بالبحث العلمى ووسائله ولا أن تتحول إلى مؤسسات هدفها الأساسى هو تحقيق الربح.

إن الجامعات الخاصة يجب أن تحتفظ بهيبتها الأكاديمية وأن تبقى مؤسسات للتنمية غير هادفة للربح.
القدرات البشرية

وعلى سبيل المثال فإن ولاية كاليفورنيا تقدم الدعم لجامعة كاليفورنيا ولعدد من الهياكل التعليمية التابعة لها بما فى ذلك كليات مخصصة لتعليم الكبار غير أن لكل من المؤسسات التعليمية المنضوية تحت مظلة جامعة كاليفورنيا هدفا تعليميا محددا تقوم به فى إطار عمل المنظومة التعليمية المتكامل بما يضمن تنوع الفرص التعليمية أمام مختلف الطلاب وبما يهدف فى النهاية احتياجات المجتمع بالنسبة لسوق العمل وما إلى ذلك، لنجد أنفسنا فى النهاية أمام آلية كفؤة لتقديم الخدمات التعليمية، بصورة تأخذ فى الاعتبار الفروق الفردية من حيث الاهتمامات العلمية والوقت المتاح للعملية التعليمية وكذلك الموارد الاقتصادية، ثم الاستفادة من هذه الخدمات التعليمية وتخريج الكوادر البشرية النافعة للمجتمع.


إن الأسر التى لديها مكانة اقتصادية جيدة ينبغى لها أن تسهم فى تحمل أعباء العملية التعليمية فى المرحلة الجامعية بالضبط كما كانوا يفعلون أثناء سنوات التعليم المدرسى، حيث كانوا يقدمون لأبنائهم تعليما خاصا، أو كما كانوا سيفعلون لو أرسلوا أبناءهم لتلقى التعليم الجامعى خارج البلاد.

أما الطلاب الذين ليس لديهم القدرة الاقتصادية فيجب أن يؤمن حقهم فى الحصول على تعليم جيد سواء من خلال المنح التعليمية التى يتم تقديمها بناء على القدرات التعليمية للطلاب أو من خلال الاقتراض المصرفى المقنن من أجل دفع مصاريف التعليم فى إطار يراعى أهمية التعليم واحتياجات الطلاب وقدرات حديثى التخرج على سداد هذه القروض.

وإذا عدنا إلى المثال المتعلق بكاليفورنيا سنجد أنه إلى جانب جامعة كاليفورنيا والمؤسسات التعليمية التابعة لها يوجد أيضا بعض من أهم الجامعات الخاصة فى العالم مثل جامعة كالتك وجامعة ستانفورد. وتقدم كل من كالتك وستانفورد مستوى رفيعا للغاية من التعليم كما أن بهما تخرّج رواد كبريات الشركات الأمريكية مثل جوجل وانتل، وإلى جانب ذلك فإن جامعة كالتك وجامعة ستانفورد هما يمثلان منارات العلم التى تحافظ على هيبة أكاديمية رفيعة فى إطار عملهما كمؤسسات لا تهدف لتحقيق الربح المادى، وتعتمدان على مصاريف مرتفعة نسبيا يدفعها الطلاب المنتسبين لهما وعلى إعانات تقدمها جهات وافراد مختلفة بغرض دعم العملية التعليمية والبحثية وأوقاف مخصصة للنشاط الأكاديمى لكل من الجامعتين.
البحث العلمى
أما فيما يتعلق بتغطية تكاليف البحث العلمى فإن ذلك يتم من ميزانيات الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية وهيئاتها المختلفة ومن خلال منح يقدمها القطاع الخاص. وتعد المؤسسة الوطنية للبحث العلمى واحدا من أهم ممولى نشاطات البحث العلمى وهذا نموذج يمكن للدول العربية أن تستلهم منه ما يسهم فى قيامها بإنشاء آليات ومؤسسات تعنى بالبحث العلمى.

وأود أيضا أن أقترح على وزارات الدفاع فى العالم العربى أن تقوم بتخصيص جزء من ميزانياتها لدعم أغراض البحث العلمى والتنمية فى دولها حتى لو أن المواضيع محل البحث العلمى لا تبدو مرتبطة بصورة مباشرة باهتمامات وأغراض وزارات الدفاع اليوم لأن آفاق التطور العلمى تتوسع وتتداخل بسرعة كبيرة.

وفى الشرق الأوسط تمكنت كل من تركيا وإسرائيل فى إنشاء مؤسسات خاصة تعنى بالبحث العلمى. ففى تركيا أصبحت جامعة بيلكانت واحدة من أهم دور البحث العلمى وهى تحصل على مواردها المالية من مكاسب تحققها تركيا فى مجالات مختلفة مثل بناء مشاريع كبرى على المستوى الدولى، ومثال ذلك عمليات الإسهام فى تشييد مطارات وتوسعات للميناء الجوى فى كل من مصر وقطر وكذلك بيع المنتجات الالكترونية للعديد من المصانع.

وقد كان هذا النموذج الذى طبقته تركيا حديثا هو اقتراحى لمصر منذ قرابة عشر سنوات ــ ولقد ضمنت كتابى «عصر العلم» بتفاصيل هذا المقترح الذى قدمته فى حينه للحكومة المصرية.

فى الوقت نفسه فإن إسرائيل تمكنت من خلال اعتمادها على المؤسسات الخاصة للبحث العلمى أن تصبح واحدة من أهم الدول المنتجة للتكنولوجيا وذلك من خلال عمل استغرق عشرين عاما.

الخلاصة هنا أن الأساليب المتبعة فى التعليم العالى فى مصر فى حاجة ماسة إلى إعادة النظر والتطوير، إن احترام الحقائق والعلم هو أمر اساسى فى هذا الصدد وهو السبيل الأكيد لتطوير العملية التعليمية كما أنه أحد أهم الوسائل المضمونة لتغليب قيمة التفكير المنطقى والمتزن فى سياق الثقافة المجتمعية.

إن الدول التى تكتظ فيها قاعات الدرس الجامعى لا يتحقق للطالب أن يتمكن من الحصول على تعليم جيد.

وعندما كنت طالبا فى جامعة الاسكندرية كنت أحضر مع ستة طلاب آخرين فصول التجارب المعملية وكان متاحا لكل واحد منا أن يستخدم الأدوات المعملية وأن يكون له الفرصة الكاملة لإجراء التجارب اللائقة بطلاب العلوم فى ذلك الوقت.

واليوم ومع تزايد كبير فى أعداد الطلاب فيمكن أن يتم الاستعاضة عن ذلك التعامل المباشر مع أدوات التعلم بأساليب تعتمد أكثر فأكثر على الانترنت والتعلم والتواصل عن بعد.

ولقد رأيت تطبيقات فعلية لهذا النهج التعليمى فى كل من تركيا وماليزيا وأستطيع القول إن هذه الطريقة هى أفضل بكثير من محاولة تعليم الطلاب المواد العلمية عن طريق التلقين والحفظ.

ويجب تأهيل الكليات العلمية بالصورة التى تمكن الدارسين فيها والمعلمين بها من الحصول على أحدث التقنيات العلمية والتزامهم بإجراء دراسات دورية بما يسمح بأن يتم تقييم الجميع على أسس أكاديمية بحتة تسمح بحصولهم على الدعم والمكافأة المادية حسب مستوى الإنجاز والأداء.
الهيئة المهنية والأكاديمية

على مسار متلازم ينبغى الاهتمام بتطوير التعليم المهنى وذلك بغرض رفع مستوى الكفاءة على نطاق وطنى أوسع ـ ويتطلب ذلك إيجاد ثقافة لا تقلل من شأن التعليم المهنى بل وتقدره بما يشجع على الانخراط فيه من قبل الطلاب.

إن مثل هذا النوع من التعليم يرفع من القدرة الإنتاجية للمجتمع عن طريق توسيع دائرة الحاصلين على المعرفة الفعلية وتطوير البنية التحتية.

إلى جانب ذلك ينبغى التوقف عن القبول بالحاق أعدادا كبيرة من الطلاب تتجاوز قدرة الاستيعاب للجامعات العاملة، وكذلك ينبغى إيجاد حل لظاهرة الدرجات التعليمية الكبيرة بصورة لافتة التى يسعى إليها طلاب المدارس الثانوية بغرض الالتحاق بالجامعات وتلك التى يحصلون عليها عند التخرج من هذه الجامعات.

وإنى أتذكر أننى حصلت على ما يقارب 90 بالمائة عند تخرجى وكان ذلك إنجازا ولكن ذلك لا يقاس بما يحصل عليه بعض الطلاب الآن من درجات نهائية تفوق أحيانا المائة فى المائة. إن أقصى ما يمكن لطالب أن يحصله منطقيا ينبغى ألا يتجاوز المائة فى المائة حتى لو كان مستحقا لبعض التشجيع أو الدرجات مقابل نشاطات أكاديمية أو تعليمية مختلفة.

إننى أتفهم نظام الحوافز ولكن لا يجب أن يكون تطبيق هذا النظام على حساب ضمان جودة الأداء أو أن يتحول لوسيلة للتلاعب بالكفاءات الحقيقية.

إن الارتقاء بالتعليم العالى يتطلب بالضرورة الارتقاء بالأسس التى يتم عليها السماح للطلاب الالتحاق بالجامعات والكليات المختلفة وفى نفس الوقت استعادة الجامعات لهيبتها الاكاديمية التى نالها الكثير من التراجع فى الفترة الأخيرة. إننى أتذكر مشاعر الاعزاز التى خالجتنى فى أول يوم دراسى لى بكلية العلوم بجامعة الاسكندرية حيث كانت لهذه الجامعة ولتلك الكلية فى ذلك الوقت هيبة كبيرة.

وأخيرا فإن الحرم الجامعى ينبغى أن يكون دوما ساحة للعلم والثقافة وليس مجالا للصراعات السياسية والدينية. ويجب ألا يتجاوز دور الأمن فى الجامعة حدود التأمين ويجب ألا يتداخل مع حق الطلاب الأكيد فى النقاش والحوار والقيام بنشاطات متعددة ـ وفى حال ما رأت إدارة الجامعة مدعاة لرفع نطاق الأمن فإن ذلك يجب أن يكون مسئولية حرس الجامعة وليس مسئولية جهاز الشرطة.


ثورة العرب القادمة (3-3)

أضف تعليقك تعليقات : 0
آخر تحديث: الأحد 13 مارس 2011 - 11:06 ص بتوقيت القاهرة
 فاهيم فى التنمية
يعد البحث العلمى هو ثالث وآخر مراحل الهرم التعليمى. وفى هذا الصدد يجب البدء بالقول إنه لا يمكن لأى دولة أن تحقق إنجازا حقيقيا فى مجالات البحث العلمى لو لم يكن لديها خطة واضحة يتم تنفيذها بكفاءة من أجل توفير موارد على المدى الطويل لأغراض البحث العلمى. وفى غياب هذه الخطة يصعب تصور وجود أى التزام من قبل المجتمع أو من قبل القطاع الخاص للالتزام بمشاريع وأهداف البحث العلمى والإسهام فى تمويله.

يجب أيضا القول إن الدول النامية يمكن لها أن توجد لنفسها مكانا على الساحة الدولية فى سنوات ليست بالكثيرة على العكس مما يقال من أن الأمر يحتاج إلى جيل أو جيلين.. ومن أمثلة ذلك ما حققته الصين والهند وكوريا الجنبية وماليزيا، وما تحققه الآن كل من الهند وتركيا.

بالإضافة إلى هذا، يجب القول إنه من الخطأ أن ينظر إلى البحث العلمى ومجالات تطبيقاته على أنه رفاهية لا تملكها الدول النامية، لأن ذلك القول ثبت خطأه، حيث تمكنت العديد من الدول النامية بل والفقيرة أحيانا من تخطى الحاجز الفاصل بينها وبين نظيراتها المتقدمة بمزيد من الاستثمار الوافر فى مجالات البحث العلمى والتنمية.

وأخيرا، إنه لن يمكن الاستفادة من البحث العلمى فى تحقيق التنمية لو لم يتم الاستثمار فى نشر وتطوير منظومة التعليم التى تشمل العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والهندسة.
البيئة المواتية

إن البحث العلمى الهادف للوصول إلى نتائج جيدة يتطلب بالضرورة أن يقوم الباحثون بالعمل فى بيئة مواتية للبحث ومشجعة على التنسيق بين الدارسين لمختلف المجالات العلمية ولا يمكن الوصول إلى هذا السياق عن طريق إجراء ترتيبات إدارية تبدو مشجعة للبحث العلمى ولكنها فى الحقيقة لا تؤدى الغرض منه، لأن البحث العلمى لا يحقق نتائجه إذا ما تم التعامل معه بمناهج بيروقراطية. كما أن الاهتمام بإنشاء مبان كبيرة تخصص لأغراض البحث العلمى لا يكفى وحده فى غياب العلماء والطلاب القادرين على تحقيق الأغراض المأمولة.

ولا يجب أبدا إلهاء اهتمام الطلاب وأعضاء هيئات التدريس عن أغراض البحث العلمى بإشغالهم فى أمور مثل ربط الترقيات بأعداد، وليس بجودة، الأبحاث، وما إلى ذلك من الأمور الإدارية، كما لا يجب محاولة تحويل القيادات العلمية القادرة على الدفع بالبحث العلمى لأدوات سياسية لأن ذلك ببساطة يعنى أنه لن يكون لدى أحد الوقت ولا الطاقة اللازمة للانشغال بالبحث والمعرفة.

وفى الوقت نفسه، فإن توفير الموارد الخاصة بالبحث هو أمر أساسى، لأن العقول المبتكرة لا تستطيع تحقيق الإنجازات فى غياب الأدوات والموارد اللازمة. إن الدول التى تهتم بتوفير متطلبات وموارد البحث العلمى هى ذاتها الدول التى ستحظى بالعديد من براءات الاختراع للاكتشافات العلمية الجديدة.

البحث عن آفاق جديدة للمعرفة هو نقطة الانطلاق لتحقيق نجاحات فى التنمية، كما أن توفير مراكز للتميز هو بالتأكيد الساحة التى يستطيع من خلالها الشباب من العلماء تقديم ابتكارات حديثة.

مراكز التميز

إن تجربتى الشخصية تقول إن الانجذاب إلى العلم يرتبط بالأساس بمتعة الاكتشاف التى بدأت فى حالتى عندما كنت طالبا فى المدرسة أحاول فك شفرة احتراق المادة. وفى هذه السن المبكرة، فإن رؤية تحول احتراق الخشب لغازات يمكن إشعالها بأعواد الثقاب كان بمثابة اكتشاف شكل فيما بعد المستقبل العلمى.

وعندما انظر حولى وأحاول الإجابة عن السؤال المرتبط بالأسباب الكامنة وراء كون جامعة كالتك ـ حيث أمضيت العقود الثلاثة الأخيرة من العمل ـ عريقة تخرج فيها 35 من الحائزين على جائزة نوبل فى العلوم والطب، فإننى أجد نفسى أمام إجابة واضحة للغاية وهى أن جامعة كالتك تؤمن فعلا بأن البحث العلمى يجب أن يكون متعة العلماء الجادين، وأن توفير الموارد والأجواء المناسبة للعلماء هو أساس الإنجاز فى البحث العلمى ـ وذلك كله يتم بعيدا عن الأجواء البيروقراطية أو السياقات السياسية.

وقد حان الوقت لمصر، كما لغيرها من الدول العربية، أن تبادر بتبنى هذا النهج، وأن تعمل على تأسيس وإطلاق مراكز للتميز، وأن تقوم بتوفير الموارد اللازمة للبحث العلمى وتطبيقاته. ولا يجب أبدا أن يكون الاهتمام ببناء مثل هذه المراكز أقل درجة للحكومات العربية من المدن الإعلامية المهولة التى تم إنشاؤها فى كثير من العواصم والمدن العربية. فى الوقت نفسه، يجب أن يكون لهذه المراكز القدر اللازم من الاستقلالية بما يسمح لها ببناء هياكلها الأكاديمية والإدارية تبعا لحاجاتها ومتطلبات العمل بها. كما أنه من الضرورى فى الإطار نفسه أن يتم إيجاد طريقة مناسبة لتوفير المنح التعليمية لمن يستحقها ولتوفير الهيبة الأكاديمية والاحترام اللازم للأساتذة العاملين فى مثل هذه المراكز.

بالتوازى مع إنشاء هذه المراكز، يجب أن تعمل الحكومات على زيادة البعثات التعليمية للخارج التى توفرها لشباب الباحثين، على أن تكون هناك البيئة المستقرة عند العودة إلى الوطن لاستئناف ما تلقوه من أساليب ومعارف خلال تلك البعثات بعيدا عن معوقات البيروقراطية وإلا تحولت تلك البعثات إلى إضاعة للمجهود والموارد المالية.

فجوة المعرفة

إن التحدى الماثل أمامنا فى العالم العربى يتعلق بتقليل الفجوة الفاصلة بيننا وبين العالم فى الكثير من مجالات المعرفة.

إننى أتذكر عندما كنت طالبا للدراسات العليا فى أمريكا فى الستينيات حيث كان الاتحاد السوفييتى قد سبق فى الوصول بالقمر الصناعى «sputnik» بالدوران حول الأرض، بينما كانت أمريكا لديها مشروع لغزو الفضاء الخارجى، بدأت أولى خطواته بوصول رائد الفضاء نيل آرمسترونج وسيره على سطح القمر فى 1969. واليوم، فإن أمريكا تقوم بإرسال مركبات فضائية وربما أيضا رواد فضاء إلى سطح المريخ وليس فقط القمر. إن العلماء يبحثون عن حيوات على سطح كواكب أخرى غير كوكب الأرض بغرض الوصول إلى موارد جديدة ومتجددة بل وربما، كما هو الحال بالنسبة لبعض الحكومات، التمكن من السيطرة على ما يدور على كوكب الأرض من خلال الفضاء الخارجى.

فى المجال الطبى، فإن الأبحاث والاكتشافات وصلت لدرجة من التطور أنها أصبحت تجرى على الجينات والخلايا بما يفتح آفاقا جديدة لتطوير عقاقير تساهم فى الشفاء من أمراض مستعصية.

إن العلماء أصبحوا قادرين على اجتزاء خلايا من الجلد البشرى كامل النمو وتحويلها إلى خلايا جذعية لاستنشاء أنسجة جديدة للقلب والعيون وأجزاء أخرى من الجسد البشرى. ومثل هذا النوع من التقدم الطبى كان بالتأكيد أمرا غير متصور من عشرين عاما مضت.

وفى العالم الميكرسكوبى لتطبيقات النانو تكنولوجى، فإن العلماء أصبحوا قادرين للمرة الأولى فى تاريخ البشرية من التعامل مع المادة من منظور رباعى الأبعاد، بما يمكنهم من الرؤية والتحكم فى المكان والزمان فى مسافة أقل من واحد على البليون من المتر وبسرعات زمنية فى أقل من واحد على مليون من البليون من الثانية. ومن شأن هذه التقنية الحديثة التى عملت على تطويرها مع فريق البحث العلمى فى جامعة كالتك ان تفتح آفاقا غير مسبوقة فى مجالات التطبيقات العلمية للمادة وفى مجالات العلوم الطبية والحيوية.

وما هذه إلا مجرد نماذج من أمثلة عديدة أخرى لتوضيح الفرق بين الدول التى تمتلك المعرفة وتلك التى لا تمتلكها.

والغرض من هذا، هو إيضاح مدى سطحية التفكير القائل بأن البحث العلمى هو مجرد رفاهية لا تقدر عليها كل المجتمعات. إن البحث هو الباب الذى يطرق الانسان للتوصل إلى معارف لم تكن تدور بخلده وليس فقط للتوصل إلى أن يعرف أكثر عما حصّله بالفعل من معارف.

المعرفة والتقدم
تقوم الحضارات وترتقى على أساس المعرفة، وتسقط عندما تتداعى أسباب هذه المعرفة، وتخبو إلى نقطة الاختفاء. ولقد بلغت الحضارة العربية والثقافة الإسلامية مستواها الأرفع عندما آمن قادة الأمة بأهمية العلم وقيمة المعرفة، وسعوا فى سبيل ضمان حقوق الإنسان وحرية العقل وحقه فى التفكير، فكان فى ذلك طريقا نحو تحقيق التقدم.

ولا توجد صعوبة كبيرة فى الحفاظ على المعرفة ونقلها، ولكن الصعوبة تكمن فى صناعة المعارف الجديدة، وهو الأمر الذى يتطلب أيضا استثمارا للمال والجهد دون توقع للربح على المدى القصير، مع إدراك أن ذلك من شأنه أن يكون مربحا وبشدة على المدى الطويل.
ولعل فى مثالين فقط من العديد من أمثلة الاختراع العلمى مثل استخدامات الليزر والترانزستور ما يوضح كيف يمكن للاكتشافات العلمية أن تكون مربحة على المدى الطويل، فهذان الاكتشافان حققا نقلة مذهلة فى مجالات الخدمات ومد الأسواق بحجم هائل من المنتجات.

إلى جانب ذلك ينبغى علينا أن ندرك أن المعرفة هى وسيلة من وسائل إثراء الثقافة والارتفاع بشأن المجتمع عن طريق ترجيح أسباب العقلانية والتعامل مع الحقائق المجردة بعيدا عن أسباب الكراهية والبغضاء والممارسات العنصرية.

وفى العصور الحديثة تراجعت بل وانعدمت أحيانا إسهامات العرب فى إيجاد المعارف الحديثة وتطويرها، وعلى ذلك فإن المجتمعات العربية أصبحت فى مواجهة تحديات كبيرة بعضها ينال من قدرة المجتمعات العربية على تحقيق أسباب التوسع الاقتصادى والحفاظ على الهوية الثقافية. والمشكلة الرئيسية هنا هى ذلك التردى الذى أصاب العملية التعليمية.

ولتكن الأمور واضحة للجميع، فبدون التعليم الجيد لن يتمكن أحد من تحقيق التقدم ـ مع الأخذ فى الاعتبار أن التقدم لا يقاس بالقدرة على شراء واستهلاك الابتكارات المنتجة فى الخارج.
الرؤية السياسية
تحتاج المجتمعات العربية للتحرك نحو بناء نهضة جديدة تقوم على ركيزة التعليم الحديث والسعى نحو تبنى العلم وانتهاج البحث وسيلة لتحقيق التنمية التى تحتاج إلى تطبيقات التكنولوجيا كما تحتاج للتفاعل المجتمعى. وقد يظن البعض أن هذا الأمر مستحيل، ولكنه ليس كذلك. إن المجتمعات العربية لديها بالفعل القدرة والإمكانات على بناء نهضة جديدة.
وإننى على ثقة من قدرة مصر على تحقيق النجاح بالرغم من كل التعقيدات والمشكلات التى تحيط بالتعليم والبحث العلمى فيها وبالرغم كذلك من المشكلات المتعلقة بالحكم فى مصر.

لقد أصبحت كل من تركيا وإيران قوتين بازغتين فى عالم الشرق الأوسط وإذا لم تتمكن مصر من اللحاق بهما، فإن قوة وتأثير العالم العربى فى المنطقة ستتراجع بالتأكيد.

كما أن العديد من الدول الإسلامية، مثل تركيا وماليزيا وقطر، تمكنت من تحقيق نقلة نوعية فى تطوير التعليم، وهو ما أسهم بالتأكيد فى تحسين الصورة النمطية لدى عالم اليوم عن الدين الإسلامى والثقافة الإسلامية. ولكن الحقيقة التى لا جدال فيها أن الوصول إلى التنمية هو أمر له متطلبات عديدة ينبغى الوفاء بها كاملة.

ولا يمكن ضمان تحقيق تغييرات مهمة وتقدم حقيقى فى العالم العربى فى غياب الرؤية السياسية السديدة والإرادة السياسية على أعلى مستوى فى دول العالم العربى. فى الماضى كان ممكنا ـ كما نعلم نحن فى العالم العربى ـ أن يغلق الحاكم الأبواب على دولته ولكن ذلك لم يعد الحال، ولن يكون ممكنا أبدا بعد اليوم. وعلى من لا يدرك ذلك أن ينظر حوله ليرى حرص كل منزل، فقيرا كان أم ميسورا، أن يكون لديه طبق يلتقط إرسال الأقمار الصناعية فيتابع قنوات إقليمية وعالمية ليتعرف عما يحدث فى العالم حوله وبحيث أصبح العالم بأسره مفتوحا أمام أولادنا، وعن طريق الفيس بوك ورسائل الموبايل أصبح من الممكن قيام ثورات لإسقاط أنظمة ديكتاتورية.

المستقبل.. العلم والإيمان

وفى سعينا نحو مستقبل أفضل، يجب ألا نقبل بأن يكون هناك نزاع بين العلم والدين. إن الهدف من التعليم هو بناء القدرات والخبرات الذهنية والبدنية والنفسية للشخص، وعلى هذا، فإن التعليم يهدف لتجاوز رغبة الأشخاص فى ممارسة التعنت الفكرى، كما أن أصل كلمة التعليم لغويا كامن فى كلمة علم والعلم هنا يراد به المعرفة. إن التعليم هو الوسيلة التى تنقل بها المجتمعات ما لديها من خبرات ومهارات وقيم من جيل إلى آخر ـ وهو بالتالى النسيج الذى تحاك به الحضارات.

ويتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بقدراته العقلية وعلينا بالتأكيد أن نستفيد من هذه الميزة وأن ندرك أن حياة الإنسان تحتاج للعلم كما تحتاج للإيمان. ولقد كانت لمصر تجربة ناجحة فى استلهام الإيمان واستخدام العلم لبناء حضارتها القديمة وهى بالتأكيد قادرة على فعل ذلك مرة ثانية. منذ عقود قليلة قال طه حسين، واحد من أهم الأدباء المصريين المعاصرين، إن العلم كالماء والهواء ـ ففى العلم إذن تكمن الحياة.

واليوم، فلدى العرب فرصة لاستعادة مكانة لائقة لهم فى التاريخ، وتجاوز أسباب التخلف الذى أسقطهم فريسة للاستعمار الغربى ـ وإن كان هذا الاستعمار هو فى ذاته جزء من المشكلة التى واجهت العرب بتداعياتها فيما بعد.

لقد حرصت القوة الاستعمارية دوما على أن تمارس السيطرة الثقافية إلى درجة يمكن وصفها باضطهاد وازدراء ثقافات الآخر، ولكننا لا ينبغى أن نبقى أنفسنا أسرى تاريخ الاستعمار الذى انقضى أو نترك أنفسنا لنقع فريسة لنظريات الفكر التآمرى. علينا أن نبدأ بالعمل ـ ونقطة البداية يجب أن تكون ساحاتنا الداخلية والمشاكل التى تعتمل بها، فبدون إيجاد حلول لهذه المشكلات لا أمل لدينا فى غد مشرق.

إن «الحرية والمعرفة والإيمان» هى المحددات الثلاثة لعمل مؤسسة أحمد زويل للمعرفة والتقدم الكائنة بالقاهرة. وبهذه المحددات الثلاثة يمكن لنا إعادة بناء النهضة الحديثة لعالمنا العربى لتشرق علينا إضاءات فجر جديد وعصر جديد هو عصر العلم.

واليوم، فعلينا أن نختار بين أن نكون 350 مليون نسمة من أهل الكهف أو نكون 350 مليون نسمة من أهل الكون.


http://www.66c.com/toolbar.php


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الجمعة، 6 يناير 2012

حقيقة ام خيال

شارك برايك يهمنا
Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com
مسرحيه محاكمه حسني مبارك

وقال أيه فاكرين أني كنت نايم علي سرير في القفص وحاطط صباعي في مناخيري
ده انا عاجنكم وخابزكم لمده 30 سنه والشبيه بتاعي وبتاع علاء وجمال عندكم اشبعوا بيهم في محكمه البهلوانات
والدولارات دي حقي وحق أولادي وأحفادي في بريطانيا وأبقوا قابلوني لو شفتوا دولار واحد
وطبعا أنتوا مشغولين في أنتخابات مجلس شعب ومجلس شوري وفتنه طائفيه والجاسوس وأيلان وعلان
أسيبكوا بقي أروح أتفرج عليكم في التليفزيون مع سوزي أصل الدنيا ساقعه الايام دي في بريطانيا
علي فكره يوسف بطرس غالي وحسين سالم ورشيد رشيد بيسلموا عليكم وبيقولولكم وحشتونا
وأنتوا أيلي طلعتوا في الاخر لافاش كيري وكل ثوره وأنتوا طيبين

مسرحيه محاكمه حسني مبارك

نصائح ذهبية للإقلاع عن التدخين - منتدي جميل وجميله


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الخميس، 5 يناير 2012

الى جميع الاصدقاء

شارك برايك يهمنا  Feedback Feedback
  mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com
الى جميع الاصدقاء من يزورنى ويشرفنى بمدونتى اعتذر اليكم لعدم تواصلى معكم بالاخبار الجديدة بسبب :-
1- شعور غريب يداهمنى بأن الثورة بتتسرق زى سرق عيون شباب طلع يحرر شعب عايش فى الظلام منذ امد
 طويل وقتل واستشهد شباب من خيرت ابناء مصر وللاسف قالوا عليهم حاجات غريبة مضللة وللاسف فيه ناس 
بتصدق هذه الاكاذيب  وطلع ناس واخذوا التورتة واكلوها لوحدهم ربنا يسامحهم ربنا يمهل ولايهمل.
2- لقد امتنعت عن التدخين ولكنى اقابل كثير من المشاكل ادعوا لى وان كان حد عنده نصيحة لله يراسلنى 
وله الاجر والثواب
 

قران كريم