السبت، 30 يوليو 2011

شعر امل دنقل

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com




البكاء بين يدي زرقاء اليمامة



رقم القصيدة : 20 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !


ضد من



رقم القصيدة : 392 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,
***
ضِدُّ منْ..?
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!
***
بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ!


شجوية



رقم القصيدة : 398 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: سماع


لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ?
أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه,
(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)
أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ
(تهدُرُ مثل الطَّواحين)
لكنَّها بغتةً..
تَتباعدُ شيئاً فشيئا..
ويصحو نِداءُ الكَمان!
***
أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:
أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً..
رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!
***
لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?..
فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..
فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ,
نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي,
تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..
وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!
شوارعُها: فِضّةٌ!
وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..
ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!
وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ
ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!
أُحبُّكِ,
صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!
وصارَ يمامُ الحدائقْ.
قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ
وغَابَ الكَمانْ!


الموت في لوحات (5)



رقم القصيدة : 63775 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


حبيبتي في لحظة الظلام ؛ لحظة التوهّج العذبة
تصبح بين ساعديّ جثّة رطبه !
ينكسر الشوق بداخلي ، و تخفت الرغبة
أموء فوق خدّها
أضرع فوق نهدها
أودّ لو أنفذ في مسامّ جلدها
لكن .. يظلّ بيننا الزجاج .. و الغياب .. و الغربة !
.. ... ... ... ... .... .. ...
وذات ليلة ، تكسّرت ما بيننا حواجز الرّهبة
فاحتضنتني .. بينما نحن نغوص في قرار التربة
تبعثرت في رأسها شرائح الصورة و النجوم
و اختلطت في قلبها الأزمنة الهشيم
لكنّها و هي تناجى
سمعتها تناديني
باسم حبيبها الذي قد حطّم اللّعبة
مخلّفا في قلبها .. ندبة !!


خمس أغنيات إلى حبيبتي..!



رقم القصيدة : 916 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


على جناح طائر
مسافر..
مسافر..
تأتيك خمس أغنيات حب
تأتيك كالمشاعر الضريرة
من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الاميره
الأغنية الأولى
مازلت أنت.....أنت
تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمت
لكن أنا ،
أنا هنـــــــا:
بلا (( أنا ))
سألت أمس طفلة عن اسم شارع
فأجفلت..........ولم ترد
بلا هدى أسير في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخـر يطل
تقاطعُ ،
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معا......،
فلا نعود،
لانصل.
الأغنية الثانية
تشاجرت امرأتان عند باب بيتنا
قولهما علي الجدران صفرة انفعال
لكن لفظا واحدا حيرني مدلوله
قالته إحداهن للأخرى
قالته فارتعشت كابتسامة الأسرى
تري حبيبتي تخونني
أنا الذي ارش الدموع ..نجم شوقنا
ولتغفري حبيبتي
فأنت تعرفين أن زمرة النساء حولنا
قد انهدلت في مزلق اللهيب المزمنة
وانت يا حبيبتي بشر
في قرننا العشرين تعشقين أمسياته الملونة
قد دار حبيبتي بخاطري هذا الكدر
لكني بلا بصر:
أبصرت في حقيبتي تذكارك العريق
يضمنا هناك في بحيرة القمر
عيناك فيهما يصل ألف رب
وجبهة ماسية تفنى في بشرتها سماحة المحب
أحسست أني فوق فوق أن اشك
وأنت فوق كل شك
وإني أثمت حينما قرأت اسم ذلك الطريق
لذا كتبت لك
لتغفري
الأغنية الثالثة
ماذا لديك يا هوى
اكثر مما سقيتني
اقمت بها بلا ارتحال
حبيبتي: قد جاءني هذا الهوى
بكلمة من فمك لذا تركته يقيم
وظل ياحبيبتي يشب
حتى يفع
حتى غدا في عنفوان رب
ولم يعد في غرفتي مكان
ما عادت الجدران تتسع
حطمت يا حبيبتي الجدران
حملته ، يحملني ،
الى مدائن هناك خلف الزمن
اسكرته ، اسكرني
من خمرة أكوابها قليلة التوازن
لم افلت
من قبضة تطير بي الى مدى الحقيقة
بأنني أصبت،....اشتاق يا حبيبتي


خطاب غير تاريخي



رقم القصيدة : 397 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


ها أنتَ تَسْترخي أخيراً..
فوداعاً..
يا صَلاحَ الدينْ.
يا أيُها الطَبلُ البِدائيُّ الذي تراقصَ الموتى
على إيقاعِه المجنونِ.
يا قاربَ الفَلِّينِ
للعربِ الغرقى الذين شَتَّتتْهُمْ سُفنُ القراصِنه
وأدركتهم لعنةُ الفراعِنه.
وسنةً.. بعدَ سنه..
صارت لهم "حِطينْ"..
تميمةَ الطِّفِل, وأكسيرَ الغدِ العِنّينْ
(جبل التوباد حياك الحيا)
(وسقى الله ثرانا الأجنبي!)
مرَّتْ خيولُ التُركْ
مَرت خُيولُ الشِّركْ
مرت خُيول الملكِ - النَّسر,
مرتْ خيول التترِ الباقينْ
ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادينِ المراهنه
نموتُ تحتَ الأحصِنه!
وأنتَ في المِذياعِ, في جرائدِ التَّهوينْ
تستوقفُ الفارين
تخطبُ فيهم صائِحاً: "حِطّينْ"..
وترتدي العِقالَ تارةً,
وترتدي مَلابس الفدائييّنْ
وتشربُ الشَّايَ مع الجنود
في المُعسكراتِ الخشِنه
وترفعُ الرايةَ,
حتى تستردَ المدنَ المرتهنَة
وتطلقُ النارَ على جوادِكَ المِسكينْ
حتى سقطتَ - أيها الزَّعيم
واغتالتْك أيدي الكَهَنه!
***
(وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عَنه..)
(نازعتني - لمجلسِ الأمنِ - نَفسي!)
***
نم يا صلاحَ الدين
نم.. تَتَدلى فوقَ قَبرِك الورودُ..
كالمظلِّيين!
ونحنُ ساهرونَ في نافذةِ الحَنينْ
نُقشّر التُفاحَ بالسِّكينْ
ونسألُ اللهَ "القُروضَ الحسَنه"!
فاتحةً:
آمينْ


قبل الثورة


لا تصالح



رقم القصيدة : 65804 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد


(1 )
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ

أدب .. أمل دنقل : البكاء بين يدي زرقاء اليمامة


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

بالفيديو.. مئات الآلاف يحتشدون لـ(جمعة توحيد الصف) في ميدان التحرير - بوابة الشروق

فى الذهن والقلب دائمًا - أهداف سويف - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الأولى - التحرير بدأ متحدا‏..‏ وانتهي منقسما السلفيون يركزون على المطالب الدينية و33 حزبا وحركة تنسحب احتجاجا

تطورات إيجابية في الموقف الإسباني من تسليم حسين سالم


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

تظاهروا في ميادين مصر آمنين


شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com maboeleneen@yahoo.com

الجمعة، 29 يوليو 2011

مقالات د علاء الاسوانى المناضل والكاتب المحترم

شارك برايك يهمنا Feedback Feedback mhassanabo@gmail.com
maboeleneen@yahoo.com
مقالات الدكتور علاء الاسوانى

كتبهاعلاء الأسوانى ، في 26 يوليو 2011 الساعة: 11:43 ص
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
26 يوليو 2011
هل أنتم حقا مع الثورة؟!

أؤكد أننى مثل المصريين جميعا أعتز بالقوات المسلحة المصرية، لكننى أجد من واجبى أن أوجه النقد إلى سياسات المجلس العسكرى الذى يقوم الآن بمهام رئيس الجمهورية… منذ أيام توجه آلاف الشبان إلى وزارة الدفاع ليرفعوا إلى المجلس العسكرى مطالب الثورة التى لم تتحقق.. كانوا يريدون التعبير عن آرائهم بطريقة سلمية متحضرة فماذا حدث؟!..  
أحاطت بهم الشرطة العسكرية وحاصرتهم ثم هجم عليهم مئات البلطجية واعتدوا عليهم بالزجاجات الحارقة والسيوف والقنابل المسيلة للدموع وأوقعوا مئات المصابين..
هذا الاعتداء المروع على متظاهرين سلميين حدث أمام أفراد الشرطة العسكرية الذين لم يحركوا ساكنا لحماية الضحايا مما يدل على وجود تعليمات بعدم التدخل. هذا التصرف غير مقبول من أفراد الشرطة العسكرية فلا يمكن لهم أن يتخلوا عن واجبهم فى حماية المواطنين ويتفرجوا عليهم بينما يتم ذبحهم بالسيوف من قبل مجموعات من البلطجية المأجورين من النظام السابق، إن الرسالة التى أراد المتظاهرون إيصالها إلى المجلس العسكرى تحمل مطالب الثورة المصرية التى لم يحقق المجلس العسكرى مطلبا واحدا منها بعد انقضاء ستة شهور على تنحى مبارك وهى تتلخص فى التالى:
أولاً: معظم القضاة المصريين شرفاء يحكمون ضمائرهم فى عملهم، لكن النظام القضائى فى مصر غير مستقل حيث إن إدارة التفتيش القضائى التى تملك محاسبة القضاة تتبع وزير العدل الذى يعينه رئيس الدولة، وقد طالب القضاة مرارا بنقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء لكن المجلس العسكرى لم يستجب.
كما أن هناك قضاة يتم انتدابهم كمستشارين فى هيئات الدولة المختلفة مقابل مكافآت مجزية، بينما هم فى الوقت نفسه ينظرون فى قضايا قد تتعلق بالجهات التى يعملون فيها كمستشارين. آخر المفاجآت فى هذا الصدد وثيقة مهمة نشرتها حركة ٦ أبريل (لعل ذلك قد ضاعف من غضب المجلس العسكرى عليها)، الوثيقة تؤكد أن السيد المستشار مصطفى سليمان أبواليسر الذى تولى التحقيق مع حسنى مبارك يعمل مستشارا لشركة مصر للطيران التابعة لوزارة الطيران المدنى، ولنا أن نتخيل مدى الحرج الذى قد يستشعره المستشار المذكور إذا عهد إليه بالتحقيق فى بلاغات إهدار المال العام المقدمة ضد الفريق أحمد شفيق. عندئذ سيكون المستشار يحقق مع الوزير الذى كان يصرف له مكافآته الشهرية..
إن إلغاء انتداب القضاة للعمل فى هيئات الدولة شرط أساسى لتحقيق استقلال القضاء، لكن المجلس العسكرى لا يستجيب له. هناك قضاة أشرفوا على انتخابات مزورة كما أثبتت أحكام محكمة النقض وقد طالب شيوخ القضاة المجلس العسكرى مرارا باستبعاد هؤلاء القضاة لكن المجلس لا يستجيب. إن العمل على تحقيق استقلال القضاء وتطهيره مطلب أساسى للثورة لا بد من تحقيقه حتى يطمئن الرأى العام لعدالة المحاكمات. 
ثانيا: مع احترامنا لشخص ومقام السيد النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، فإنه بعد أن تم تعيينه فى منصبه بواسطة حسنى مبارك اضطر إلى مواءمات سياسية فى قضايا كثيرة، ولعل النموذج الصارخ على ذلك أن النيابة العامة فى عهده لم تقم بدورها فى التفتيش على أماكن احتجاز المواطنين. لقد كان آلاف المصريين يعذبون ببشاعة فى مقار أمن الدولة وأقسام الشرطة بينما السيد النائب العام لا يأمر وكلاء النيابة بالتفتيش على الضباط..
بل إن الفريق أحمد شفيق بعد إقالته من رئاسة الحكومة تم تقديم ٢٤ بلاغاً ضده بتهمة إهدار المال العام وبعد مرور ثلاثة أشهر كاملة فإن النائب العام لم يأمر بالتحقيق معه حتى هذه اللحظة.. المطلوب الآن تعيين نائب عام جديد يعبر عن روح الثورة وقد طرحت أسماء مثل المستشار زكريا عبدالعزيز والمستشار هشام البسطويسى وهما من القضاة العظام الذين تفخر بهم مصر كلها.. إن إقالة النائب العام مطلب أساسى للثورة. 
ثالثا: مازال المجلس العسكرى مصرا على إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية.. كيف يحال عشرات الألوف من المصريين المتظاهرين إلى محاكم عسكرية بينما ينعم قتلة المتظاهرين ورموز الفساد بكل ضمانات القضاء المدنى الطبيعى؟..  
عندما طالبنا المجلس العسكرى بحل المجالس المحلية وحل الحزب الوطنى رفض المجلس العسكرى بشدة وأعلن على لسان أعضائه أنه لن يتخذ أى إجراء استثنائى، وانتظرنا طويلا حتى تم حل الحزب الوطنى والمجالس المحلية بحكم المحكمة؟..
 نحن سعداء باحترامكم للقانون يا أعضاء المجلس العسكرى، لكننا ننبه سيادتكم إلى أمرين: أولا إن إحالة المدنيين إلى محاكمات عسكرية مخالفة صارخة لمبادئ القانون وللاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر. وثانيا: إن محكمة القضاء الإدارى فى قنا قد أصدرت مؤخرا حكما بمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وقضت بالإفراج عن كل المعتقلين على ذمة أحكام عسكرية وإعادة محاكمتهم أمام القاضى الطبيعى.. لماذا إذن لا تلتزمون بالقانون وتنفذون هذا الحكم؟.. إن منع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى مطلب أساسى للثورة.
رابعا: خلال الثورة قدم الشعب المصرى ألف شهيد، وألف وأربعمائة مصرى فقدوا عيونهم من الرصاص المطاطى بالإضافة إلى ٥ آلاف مصاب وألف مفقود فى الغالب تم قتلهم ودفنهم فى أماكن مجهولة.. بعد ستة أشهر كاملة على هذه الجرائم البشعة لم تتم إدانة ضابط واحد من قتلة المتظاهرين.. الوحيد الذى تمت إدانته أمين شرطة هارب، وهو يبدو مطمئنا إلى أن أحدا لن يقبض عليه إلى درجة أنه يتصل وهو هارب ببرامج التليفزيون ليطلع المشاهدين على وجهة نظره فى الموضوعات المختلفة..
لقد طالبنا وزير الداخلية اللواء عيسوى بإيقاف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل لأنهم يضغطون على أهالى الشهداء حتى يغيروا شهادتهم لصالحهم، لكن وزير الداخلية يبدو مصرا على حماية القتلة وتوفير الظروف المناسبة لكى يفلتوا من العقاب، فهو لم يوقفهم عن العمل، بل إن بعض الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين، مثل وائل الكومى فى الإسكندرية، تمت ترقيتهم ونقلهم إلى إدارات ذات امتيازات فصاروا يحصلون على ثلاثة أضعاف راتبهم الأصلى.. إن وقف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل حتى تنتهى محاكمتهم مطلب أساسى للثورة.
خامسا: أثناء الثورة رأى المصريون بأعينهم مجموعات القناصة الذين اعتلوا أسطح المنازل وقتلوا عشرات المتظاهرين بدم بارد، بل إن هناك فيلما مصورا يوضح مجموعة من القناصة وهم يعتلون سطح وزارة الداخلية بالقاهرة وقائدهم يوجههم لقتل المتظاهرين.. أين هؤلاء القناصة ولماذا لم يقبض عليهم حتى الآن؟  
لقد قال وزير الداخلية إنهم غير تابعين لجهاز الشرطة ثم صدرت وثائق تؤكد أنهم تابعون للشرطة. وهنا نجد أنفسنا أمام احتمالين، إما أن وزير الداخلية لا يعرف ما يحدث فى وزارته وإما أنه لا يقول الحقيقة، وأى احتمال منهما كفيل بإقالته. إن الكشف عن القناصة ومحاكمتهم مطلب أساسى للثورة.
سادسا: منذ بداية الثورة طالبنا المجلس العسكرى بتطهير أجهزة الدولة من أتباع النظام الفاسد وحذرنا من أن تركهم فى مواقعهم سيدفعهم إلى التآمر ضد الثورة… للأسف لم يستجب المجلس العسكرى لمطالبنا وترك النظام القديم على حاله وها نحن ندفع الثمن.. معظم أحداث الفوضى والاعتداءات مدبرة من أتباع النظام السابق. منذ أيام قبض المعتصمون فى الإسكندرية على ضابط أمن دولة مندس بينهم وصادروا بطاقته.
 هذا الضابط كانت مهمته أن يندس وسط المتظاهرين ليرشق قوات الجيش بالحجارة حتى تطلق النار على المتظاهرين.. قبل ذلك بأيام اعترف مجموعة من البلطجية أمام النيابة بأن عضوا بارزا فى الحزب الوطنى دفع لهم مبالغ طائلة من أجل فض اعتصام أهالى الشهداء فى حديقة سعد زعلول بالإسكندرية. حتى الدكتور السباعى الطبيب الشرعى الشهير الذى كان يكتب تقارير شرعية وفقا لطلبات ضباط الشرطة، بعد أن تم استبعاده لمدة شهرين، عاد بالأمس إلى ممارسة عمله بطريقة عادية ويبدو أنهم سيحتاجون فى الفترة القادمة إلى تقاريره المطبوخة… إن تطهير أجهزة الدولة من فلول النظام السابق مطلب أساسى للثورة.
سابعا: لأن الإعلام الحكومى لم يتم تطهيره فقد استعاد بقوة دوره القديم فى تضليل الرأى العام وتشويه صورة الثورة. من ضمن الأكاذيب التى يرددها الإعلام أن الثورة قد سببت الأزمة الاقتصادية فى مصر.
هذا الكلام مغلوط تماما أولا لأن الأزمة الاقتصادية الطاحنة تسبب فيها نظام مبارك وكانت سببا مباشرا لقيام الثورة.. ثانيا لأن الثورة المصرية لم تتول السلطة، وبالتالى فإن كل المشكلات التى حدثت بعد تنحى مبارك، المسؤول الوحيد عنها المجلس العسكرى الذى يقوم بمهام رئيس الجمهورية.. إذا كانت السياحة والاستثمارات قد تأثرتا سلبا فإن السبب فى ذلك تدهور الحالة الأمنية. الشرطة المصرية غائبة منذ ستة شهور ومن حقنا هنا أن نسأل ماذا فعل المجلس العسكرى من أجل استعادة الأمن حتى يستعيد الاقتصاد المصرى عافيته؟!..  
لماذا تركت الشرطة العسكرية المتظاهرين فى قنا يقطعون خط قطار الصعيد لمدة أسبوع كامل؟!.. لماذا لم تتدخل الشرطة العسكرية أثناء هدم كنيسة أطفيح وأثناء حرق الكنائس فى إمبابة؟!.. إن إقالة وزير الداخلية الحالى وإعادة هيكلة جهاز الشرطة من أجل تحقيق الأمن مطلب أساسى للثورة.
ثامنا: لماذا يبقى حسنى مبارك فى شرم الشيخ، وهل من الطبيعى أن يختار المتهم المدينة التى يحب أن يحاكم فيها؟ هل صحيح أن حسنى مبارك قد سافر إلى السعودية وعاد أكثر من مرة؟ لماذا لا نرى صورة واحدة له، وما هذه التقارير المتضاربة عن صحته؟ لماذا لا ينقل إلى مستشفى سجن طرة ويعامل كأى مسجون آخر؟
لماذا لا يسمح بزيارته كمتهم عادى؟ ولماذا لم يسمح لأعضاء اللجنة التى زارت جمال وعلاء مبارك برؤيتهما فى السجن؟ أليس من حق المصريين أن يعرفوا الحقيقة؟ إن محاكمة حسنى مبارك وأسرته بطريقة عادلة مطلب أساسى للثورة.
هذه مطالب الثورة التى ينادى بها المتظاهرون فى كل مكان.. كلها مطالب عادلة مشروعة، وكلها فى يد المجلس العسكرى أن ينفذها لكنه لا يستجيب.. إن الأزمة التى تعانى منها مصر الآن نتيجة طبيعية لسياسات المجلس العسكرى التى اتسمت بالبطء والتخبط والتجاهل الكامل لما يريده المصريون. إن الطريق إلى مستقبل مصر يمر عبر تحقيق مطالب الثورة ولا يمكن بحال تأجيلها أو التهرب منها.
أيها السادة أعضاء المجلس العسكرى، هل أنتم حقا مع الثورة؟!
الديمقراطية هى الحل.
كتبهاعلاء الأسوانى ، في 19 يوليو 2011 الساعة: 10:46 ص
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
19 يوليو 2011
«أبوشامة»

السكان فى ذلك الشارع كانوا مثل سائر البشر: بعضهم أشرار ومعظمهم طيبون، يعملون بتفان حتى ينفقوا على أولادهم. كان من الممكن أن تستمر حياتهم بطريقة طبيعية، لكن القدر ادخر لهم مصيرا مختلفا: ذات ليلة قبيل الفجر استيقظ السكان على صراخ وإطلاق رصاص. خرجوا إلى الشرفات. كانت الضجة تنبعث من شقة حسن الخردواتى فى آخر الشارع. كان حسن عريسا جديدا وكانت زوجته باهرة الجمال.. هدأت الضجة وعندما طلع الصبح وجدوا جثة حسن الخردواتى ملقاة فى عرض الشارع، وقد علقت على صدره ورقة مكتوب عليها بخط كبير: 
ــ هذا جزاء من يعصى المعلم «أبوشامة». سرعان ما انتشرت الحكاية: ملثمون مسلحون هاجموا حسن يريدون زوجته ولما دافع عنها قتلوه ثم اغتصبها زعيمهم «أبوشامة».. سرت حالة من الفزع بين السكان وهرعوا إلى نقطة البوليس القريبة من الشارع. استقبلهم رئيس النقطة، ضابط طيب فى أواخر الأربعينيات يتمتع بثقة الأهالى الذين اختبروه مرارا من قبل فوجدوه شجاعا وأمينا. طمأنهم الضابط إلى أنه سوف يقبض على «أبوشامة» خلال يوم أو اثنين على أقصى تقدير.. فى اليوم التالى تكرر الأمر بتفاصيله مع فرج الحلاق. دخلوا عليه وحبسوا أطفاله الثلاثة بعد أن قيدوهم وكمموا أفواههم ثم هجم أبوشامة على زوجة فرج الذى ما إن دافع عنها حتى قتلوه وألقوا به فى الشارع وعلى صدره ورقة مكتوب عليها نفس الجملة:
- هذا جزاء من يعصى المعلم «أبوشامة».. 
تكررت الحادثة بنفس التفاصيل مرة وراء أخرى.. الزوج يقاوم فيقتل والزوجة تغتصب. ظل «أبوشامة» يقتل الأزواج ويغتصب الزوجات. وفى كل مرة يشيع السكان جنازة زوج شهيد يهرعون إلى ضابط النقطة ويتوسلون إليه أن يفعل شيئا.. بعد أن زاد إلحاح الأهالى اضطر ضابط النقطة إلى مصارحتهم بالحقيقة فقال:

هذا النوع من الجرائم يصعب منعه.. أنا لا أعرف الضحية المقبلة وليس لدى أفراد لحماية كل زوجة فى الشارع. هؤلاء المجرمون يجيدون استعمال السلاح كما أنهم ليسوا من المنطقة ولا أعرف أماكنهم.
كانت ذروة المأساة عندما أدرك الأهالى أن الشرطة عاجزة عن حمايتهم.. أحسوا أنهم فى كابوس مرعب حتى إن بعضهم ترك الشارع، لكن معظمهم لم يكن يملك الاختيار، من أين يأتون بشقق جديدة وهم يعيشون بالكاد، اضطروا إلى البقاء فى مساكنهم.
… ما حدث بعد ذلك مخجل حقا. فقد استمر اغتصاب الزوجات لكن أحدا من الأزواج لم يقتل. كف كل زوج عن الدفاع عن زوجته أو ربما كان يبدى دفاعا شكليا حفظا لماء الوجه ثم يتركها بعد ذلك لـ«أبوشامة» يفعل بها ما يشاء. فى البداية كان الرجل الذى تغتصب زوجته يبدو منكس الرأس لا يجرؤ على محادثة الناس أو حتى النظر إليهم. شيئا فشيئا قل إحساس الرجال بالعار من اغتصاب زوجاتهم.. ربما بفعل العادة وربما لأن البلاء وقع عليهم جميعا.. تقبل رجال كثيرون اغتصاب زوجاتهم واعتبروه جزءا من حياتهم وانصرفوا إلى أداء أعمالهم بل إن بعضهم حمدوا ربنا علنا على أن «أبوشامة» يغتصب الزوجات ولا يغتصب البنات العذارى حتى لا يفسد فرصهن فى الزواج.. الزوجات المغتصبات تناقلن همسا فى حكاياتهن السرية أن قدرة «أبوشامة» الجنسية خارقة لم تعرفها امرأة منهن من قبل حتى اللاتى تزوجن أكثر من مرة. المغتصبات لم يرين وجه «أبوشامة» لأنه لا يرفع اللثام مطلقا عن وجهه لكنهن جميعا وصفن شامة سوداء كبيرة بين أسفل عنقه وأعلى صدره. 
الشيخ عبدالباسط إمام الجامع (الذى اغتصبت زوجته أكثر من مرة) قال فى خطبة الجمعة: 
- إن الرجل الذى يغتصب أبوشامة زوجته فى حكم المضطر لأن مقاومة «أبوشامة» تعنى الهلاك المحقق.
العجيب أن الشيخ عبدالبر مع تساهله فى موضوع اغتصاب الزوجات، كان متشددا للغاية فى مظاهر الدين فكان يرفض مصافحة النساء ويرفض الحديث مع أى امرأة غير محجبة. 
أما أحمد عبدالقادر، المثقف اليسارى المعروف الذى ينشر مقالاته فى جرائد عديدة ويظهر أحيانا فى التليفزيون فبعد أن اغتصب «أبوشامة» زوجته مرارا.. خرج بنظرية راح يرددها على الناس فى المقهى:
- إن إحساس الرجل بالعار عندما تضاجع زوجته شخصا آخر ليس إلا إحساسا رجعيا بملكية جسد المرأة ورثناه عن الثقافة البورجوازية المتعفنة. 
- عندما كان أحد الجالسين يعترض كان عبدالقادر ينهى المناقشة بثقة وتعال: 
- اسمع يا بنى. أنا لن أضيع وقتى معك. هل قرأت ديكارت أو نيتشه؟! هل سمعت عن هيجل أو شبينجلر؟! 
- كانت هذه الأسماء تصيب المستمعين بالرهبة وتلزمهم الصمت، عندئذ يستطرد المثقف الكبير قائلا: 
- اقرأ لهؤلاء الفلاسفة وسوف تدرك أن اغتصاب «أبوشامة» لزوجتك فى جوهره ليس إلا حادثة ارتطام. قطعة لحم دخلت فى قطعة لحم أخرى.. لا أكثر ولا أقل. 
على أن موقف الشيخ عبدالبر والأستاذ عبدالقادر كان أهون من موقف بعض الأزواج الذين بعد أن يقضى «أبوشامة» وطره من زوجاتهم كانوا يطلبون مالا أو خدمات، وكان «أبوشامة» يجيبهم إلى طلباتهم لكنه يتعمد أن يثنى على مفاتن زوجاتهم ليستمتع بإذلالهم.
تغيرت أخلاق الناس فى الشارع وتحول معظمهم إلى شخصيات أنانية منافقة كارهة تتوجس من الآخرين وتكره لهم الخير وتفرح لمصائبهم كما ساد التطرف بينهم فى الاتجاهين.. بعضهم استسلم للمخدرات والخمر والملذات ربما ليدفن إحساسه بالمهانة، والبعض الآخر تطرف فى فهمه للدين.. فصار الحجاب والنقاب واللحية بالنسبة إليهم علامات الدين وأوله ومنتهاه، صار هؤلاء المتطرفون دينيا يختلفون على أمور شكلية فيتبادلون الشتائم المقذعة والاتهامات بالفسق والكفر، ولا يفكر أحدهم أبدا فى أنهم جميعا لا يفعلون شيئا بينما زوجاتهم تغتصب بانتظام. 
مر عامان ونصف العام، ثلاثون شهرا والشارع يعيش فى هذا الكابوس حتى تزوج كريم من جارته مها. كريم ابن الحاج مصيلحى (الذى اغتصب «أبوشامة» زوجته مثل الجميع).. على أن كريم بمجرد عودته من شهر العسل ذهب لأداء صلاة الجمعة ولما تكلم الشيخ عبدالبر عن حكم المضطر وقف كريم وقال: 
- يا فضيلة الشيخ السكوت على هتك العرض ليس من الدين. 
هاج المصلون عليه لكنه أصر على رأيه ثم أعلن بوضوح:
- إن زوجاتكم تغتصب لأنكم استسلمتم أما أنا فلن تغتصب زوجتى وأنا على قيد الحياة وسوف ترون.
كثيرون فى الشارع سخروا منه، لكن كثيرين أيدوا منطقه وانضموا إليه، شباب وشيوخ كانوا ينتظرون من يشجعهم على المقاومة. بالتأكيد وصل خبر كريم وزملائه إلى «أبوشامة»، ففى اليوم التالى هاجم شقة كريم ليغتصب زوجته ونشأت معركة رهيبة ترددت أصداؤها فى الشارع من أقصاه إلى أقصاه، واستمرت ما يقرب من ساعة كاملة، وفى النهاية تم إخراج ثلاث جثث لشهداء من زملاء كريم، ولم يلبث كريم نفسه أن ظهر وهو يجر على الأرض جثة «أبوشامة» الذى انكشف اللثام عن وجهه الدميم الكريه بينما قبض الناس على أفراد عصابته وهللوا وكبروا، وجاء ضابط النقطة ليحتضن كريم ورفاقه واحدا واحدا وقال لهم: 
- لقد استرددتم بشجاعتكم شرفنا جميعا. 
سادت حالة من الفرح الغامر بين الأهالى وحدث بينهم نوع من الاتفاق الضمنى بنسيان الماضى. لم يعد أحد من السكان يتذكر ما حدث لزوجته أو زوجات الآخرين.. استبشر الجميع، أخيرا لكن السرقات بدأت تنتشر بكثافة. سرقات من كل نوع. بدءا من سرقة أحذية المصلين فى الجامع وخطف حقائب السيدات وحليهن فى الشارع حتى سرقة الناس بالإكراه فى ساعات الليل المتأخرة.. أحس الأهالى بخيبة أمل، وبدأ بعضهم يردد أن «أبوشامة» بالرغم من إجرامه كان يحمى الشارع من اللصوص. ذات ليلة هدد لص حمدى اللبان بمطواة وأخذ حصيلة المحل ثم فر هاربا على دراجة بخارية كانت تنتظره. ظل حمدى اللبان يستغيث بالناس ويولول كالنساء وما إن رأى كريم وأصحابه حتى صاح فيهم:
- الله يخرب بيوتكم. ضيعتم الشارع.. إننا نتعرض للسرقة كل يوم عيانا جهارا.. ولا يوم من أيامك يا «أبوشامة».
هنا لم يحتمل كريم فصاح فيه:
- أنت غاضب من أجل بضعة جنيهات، بينما كانت زوجتك تغتصب أمام عينيك وأنت راض.. كادت أن تحدث معركة بين كريم وحمدى اللبان لولا تدخل العقلاء. لكن كريم أدرك أن ما قاله حمدى اللبان يعبر عن رأى بعض الناس فى الشارع. أولئك الذين ألفوا اغتصاب «أبوشامة» لزوجاتهم وتعايشوا معه، ولطالما أخذوا ثمن تفريطهم فى شرفهم. ذهب كريم بصحبة زملائه إلى ضابط النقطة وقال له: 
- يجب أن تؤدى واجبك فى حماية الناس.
بان الغيظ على وجه الضابط لكنه تمالك نفسه وقال:
- سيعود الأمن قريبا 
- طالما قلت ذلك ولم تفعل شيئا
- أنا أبذل كل جهدى
- أنت تعلم أن كل هؤلاء اللصوص من أتباع «أبوشامة» وهم يروعون الناس انتقاما لمقتله. 
- ما تقوله بلا دليل
- بل هو لا يحتاج إلى دليل.
- ماذا تريد يا كريم؟ 
- هل أنت معنا أم علينا؟ 
- هل نسيت أننى أول من هنأك بانتصارك
- أنت تتكلم ولا تفعل شيئا
- حاذر فى كلامك
- لقد واجهت الموت واستشهد زملائى أمامى فلن يخيفنى تهديدك.
ساد صمت مفعم بالغضب وفجأة طرأت فكرة لكريم، فاقترب حتى صار ملاصقا للضابط ثم صاح: 
- افتح قميصك
بان الاضطراب على وجه الضابط، وحاول أن ينهض من مكانه، لكن كريم الذى توقع حركته قبض بيد على رقبته وضغط عليها ليشل حركته، وباليد الأخرى نزع رباط العنق وفتح ياقة القميص.. عندئذ رأى أسفل عنق الضابط.. شامة سوداء كبيرة. 
الديمقراطية هى الحل
كتبهاعلاء الأسوانى ، في 12 يوليو 2011 الساعة: 11:10 ص
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
12 يوليو 2011
ماذا يقيد المجلس العسكرى..؟!

منذ أسابيع، تلقيت الدعوة للقاء بعض أعضاء المجلس العسكرى بغرض تبادل الرأى حول الأوضاع فى مصر. قضيت بضع ساعات مع ثلاثة من السادة اللواءات فى المجلس وانصرفت بانطباع جيد للغاية. لمست فيهم إدراكا شاملا عميقا للأحداث الداخلية والخارجية وإخلاصا حقيقيا للثورة والوطن، لكننى أحسست أيضا بأنهم بعيدون عن اتخاذ القرار، وأن دورهم يتلخص فى نقل وجهات النظر المختلفة إلى سلطة أعلى منهم. كنت آنذاك مازلت أعتقد أن المجلس العسكرى سوف ينفذ مطالب الثورة كما توقعنا منه وكما تعهد لنا فى بياناته الأولى.

على أن ستة أشهر كاملة مرت على قيام الثورة ولم يتحقق مطلب واحد من مطالبها، بل بدا الأمر أحيانا وكأن المجلس العسكرى يدفع بالأمور فى عكس اتجاه الثورة. ثم جاء يوم الجمعة ٨ يوليو فأرسل الشعب المصرى رسالة قوية لمن يهمه الأمر، نزل ملايين المصريين فى كل أنحاء مصر يطالبون المجلس العسكرى بتحقيق مطالب الثورة.
لماذا تأخر المجلس العسكرى فى تحقيق مطالب الثورة؟!.. نحن نعرف أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تعادى الثورة المصرية وتضغط بشدة من أجل إجهاضها.. بعض الأسر الحاكمة فى دول الخليج دافعت عن حسنى مبارك إلى النهاية، وهى الآن تضغط على المجلس العسكرى من أجل منع محاكمة مبارك بأى ثمن.. ربما يدفعهم لذلك نوع من الوفاء لصديقهم مبارك، وربما لأن جمال وعلاء مبارك شريكان لبعض أمراء الخليج فى مشروعات تجارية بملايين الدولارات، لكن السبب الأهم فى رأيى أن الثورة المصرية سوف تغير مفهوم الحكم فى العالم العربى كله. من الآن فصاعدا لن يكون الحاكم رمز الأمة ووالد المواطنين وشيخ القبيلة كما يُنظر إليه فى الخليج، لكنه سيكون موظفا عاما وخادما للشعب، إذا أخطأ وجبت محاسبته ومحاكمته.
هذا المفهوم الديمقراطى للحاكم إذا انتقل من مصر إلى الخليج سيسبب مشاكل جمة للأسر الحاكمة هناك. إسرائيل أيضا، ومن ورائها الولايات المتحدة، تدفع بكل قوة من أجل القضاء على الثورة لأن التحول الديمقراطى سيجعل من مصر دولة قوية عملاقة تقود المنطقة العربية كلها، الأمر الذى يؤرق إسرائيل بشدة.. هذه الضغوط الخارجية، مهما كانت قوتها، لا تفسر فى رأيى تأخر المجلس فى تحقيق مطالب الثورة. إذ إن المجلس العسكرى مهما انتقدنا أداءه السياسى يعكس فى النهاية روح العسكرية المصرية التى حرصت دائما على استقلال الإرادة الوطنية وتعاملت بحساسية بالغة مع أى تدخل أجنبى فى القرار المصرى.
.. ماذا يقيد المجلس العسكرى إذن ويمنعه من تنفيذ مطالب الثورة.؟! علينا هنا أن نتذكر أن حسنى مبارك لم يكن مجرد حاكم مستبد سرق أموال المصريين وأذلهم وأوصلهم إلى الحضيض فى كل المجالات.. لقد شكل حسنى مبارك نظاما استبداديا يحمل رؤية سياسية محددة تتلخص فى التالى:
أولاً: الانفراد المطلق بالسلطة
فى عام ١٩٨٦ عين مبارك اللواء زكى بدر وزيرا للداخلية وقد اشتهر، رحمة الله عليه، بالإضافة إلى قدرته الرهيبة على البطش بالمعارضين، بولعه البالغ بترديد البذاءات وتوجيه الشتائم المقذعة لكل من حوله. أثار زكى بدر استياء المصريين جميعا لكن مبارك كالعادة ظل متمسكا به حتى ألقى بدر كلمة فى بنها فى شهر يناير ١٩٩٠ وجه خلالها الشتائم إلى الجميع بطريقة لا يمكن تحملها، ونشرت جريدة «الشعب» نص خطبته البذيئة فأصدر مبارك قراراً بإقالته. وقد حكى لى رئيس تحرير جريدة «الشعب» المفكر الكبير عادل حسين، رحمه الله، أنه التقى بحسنى مبارك بعد ذلك فى إحدى المناسبات فبادره مبارك قائلا:
ــ إياك أن تعتقد يا عادل أن ما نشرته فى جريدة «الشعب» كان سببا فى إقالة زكى بدر.. أنا الذى قررت إقالته بمزاجى. 
هكذا كان مبارك يعتبر الاستجابة للرأى العام نوعا من الضعف الذى يقلل من هيبته كحاكم.. كان حسنى مبارك ينفرد دائما بالقرار ولم يفكر قط أنه مطالب بتفسير قراراته أمام الشعب. كان ينفرد بتعيين الوزراء وإقالتهم دون إبداء الأسباب، كما أن وزراءه جميعا كانوا بلا صلاحيات مما جعلهم أقرب إلى أفراد فى طاقم سكرتارية منهم إلى مسؤولين حقيقيين. هنا سوف نلاحظ أن المجلس العسكرى يمارس نفس مفهوم مبارك للسلطة. بعد أن تنحى مبارك عن الحكم أجمع فقهاء القانون الدستورى على أن الدستور سقط بسقوط النظام، وأنه لابد من كتابة دستور جديد عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة، لكن المجلس العسكرى انفرد بالقرار وشكل لجنة لتعديل الدستور القديم ثم أجرى استفتاء على التعديلات ثم تجاوز نتيجة الاستفتاء بإعلان دستور مؤقت..
ثم انفرد المجلس مرارا وتكرارا بقرارات أقل ما يقال فيها إنها لا تعبر عن رغبة الرأى العام ولا عن فكر الثورة.. قام المجلس بتشكيل حكومة نصف وزرائها على الأقل ينتمون قلبا وقالبا لنظام مبارك، ثم أصدر حركة تعيين المحافظين فإذا بهم جميعا من رجال نظام مبارك، وبعضهم من ضباط أمن الدولة الذين انتهكوا حرمات المصريين وأهدروا آدميتهم، وإذا بالمجلس العسكرى بدلا من إحالتهم للمحاكمة يكافئهم بتعيينهم محافظين. ثم يحتفظ المجلس العسكرى بيحيى الجمل، نائبا لرئيس الوزراء، بالرغم من استياء الجميع من أدائه، ويعين وزيرا للخارجية كان يعلن دائما أن مبارك أفضل زعيم فى تاريخ مصر..
 وبالرغم من عشرات الدعوات لتطهير جهاز الدولة من فلول نظام مبارك إلا أن المجلس العسكرى تجاهل هذه الدعوات حتى قويت شوكة الثورة المضادة وبدأت تضغط على المصريين من أجل التخريب وإحداث الفوضى.. إن المجلس العسكرى بكل أسف يكرر معادلة مبارك الشهيرة.. «قل ما تشاء واكتب ما تشاء والحاكم يفعل ما يشاء»، وكما كان مبارك دائما بعيدا عما يحدث فى الشارع المصرى لا يستجيب للناس إلا بشكل متأخر ومحدود. فإن المجلس العسكرى بعد أكثر من يوم ونصف اليوم من تظاهر ملايين المصريين مطالبين بتنفيذ مطالب الثورة، بعث لنا بالدكتور عصام شرف ليلقى علينا بيانا مرتبكا مشوشا يتجاهل كثيرا من المطالب الأساسية ويستعمل عبارات إنشائية تذكر المصريين بتوصيات مؤتمرات الحزب الوطنى. 
ثانيا: الاستقلال الشكلى لأجهزة الدولة 
كان حسنى مبارك يكرر دائما أن مصر دولة مؤسسات وأنه لا يتدخل أبدا فى استقلال القضاء.. وفى نفس الوقت كنا نعلم أنه المتحكم الأوحد فى كل ما يحدث فى مصر. فقد كان الرئيس الأعلى لكل المؤسسات، وكان يتحكم فى الجهاز القضائى عن طريق إدارة التفتيش القضائى التابعة لوزير العدل الذى يعينه بنفسه. مارس مبارك ضغوطاً شديدة على القضاة حتى يتحولوا إلى أدوات فى يده، وقد رفض معظم القضاة هذه الضغوط، لكن بعض القضاة قبلوها فأشرف بعضهم على تزوير الانتخابات وظهرت وثائق تؤكد تعاون بعض القضاة مع مباحث أمن الدولة لإصدار أحكام بعينها فى بعض القضايا.  
وبالرغم من طلبات شيوخ القضاة المتكررة بتطهير القضاء، مرت ستة أشهر على الثورة ولم يتخذ المجلس العسكرى قرارا واحدا فى اتجاه استقلال القضاء أو تطهيره، بل إنه استبقى جهاز النيابة العامة وعلى رأسه السيد النائب العام الذى - مع احترامنا الكامل لشخصه ومقامه - اشتهر فى عهد مبارك بالمواءمات السياسية التى كثيرا ما منعته من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد عشرات البلاغات التى تقدم بها مواطنون تعرضوا للتعذيب على أيدى ضباط الشرطة ومنعته أيضا من التفتيش على مقار أمن الدولة أو الأقسام بطريقة تمنع انتهاك كرامة المصريين التى كانت تجرى فيها على قدم وساق.
ثالثا: التنكيل بالمعارضين والتغنى بالديمقراطية
فى عهد مبارك توحشت أجهزة الأمن تماما بحيث تعرض عشرات الألوف من المصريين إلى الانتهاك والتعذيب فى مقار أمن الدولة وفى أقسام الشرطة، ولم يكن مبارك يفوت فرصة واحدة دون أن يتغنى بالتحول الديمقراطى الذى شهدته مصر فى عهده. اليوم نجد المجلس العسكرى فى بياناته يشيد بالثورة ويؤكد سيادة القانون، وفى نفس الوقت يحيل آلاف المواطنين المدنيين إلى المحاكم العسكرية ويكفى أن تشترك فى مظاهرة أو اعتصام ويتم القبض عليك حتى تواجه محاكمة عسكرية قد تلقى بك لسنوات فى السجن الحربى، وفى نفس الوقت نرى الذين قتلوا المصريين ونهبوهم وأهدروا كرامتهم تتم محاكمتهم أمام محاكم مدنية.
فى النهاية، فإن ما يقيد المجلس العسكرى ويمنعه من تحقيق مطالب الثورة هو أنه يتبع نفس السياسات التى اتبعها حسنى مبارك. إننا لا نشكك أبدا فى إخلاص المجلس العسكرى ولا فى حرصه على إنجاح الثورة، لكن المجلس مهما حسنت نواياه لا يمكن أن يزيل نظام مبارك ليبنى نظاما جديدا وهو مازال يتبع نفس أساليب مبارك فى ممارسة السلطة..
إن إدارة المجلس العسكرى لمصر بعد الثورة غير ثورية بالمرة، الأمر الذى قد يدفع بالبلاد إلى طريق مسدود ومواجهة خطرة. إن ملايين المصريين الذين قاموا بواحدة من أعظم الثورات فى التاريخ قد ارتضوا أن يتركوا ثورتهم أمانة فى يد المجلس العسكرى لكنهم بعد ستة أشهر اكتشفوا أن شيئا لم يتغير، فنزلوا إلى الشوارع ليطالبوا بإنجاز مطالب الثورة لكن المجلس العسكرى يبدو كأنه لا يريد أن يستجيب لهم. إن مطالب الثورة واضحة، كتبناها ونادينا بها عشرات المرات وكلها بسيطة ومشروعة: العدالة، والتطهير، والاصلاح الديمقراطى. من حقنا أن نعرف أين حسنى مبارك، وما هى حالته الصحية فعلا ولماذا لا يعامل مثل أى مسجون آخر؟.. 
 من حقنا أن نعرف أين جمال وعلاء مبارك، وأن نبعث بمن يتأكد من وجودهما فى السجن؟.

لابد من تطهير جهاز الشرطة من الفاسدين والقتلة، وتطهير جهاز الدولة بالكامل من أتباع حسنى مبارك ومحاكمات علنية عادلة لكل المفسدين والقتلة، وعلى رأسهم حسنى مبارك ووزير داخليته السفاح حبيب العادلى. لابد من تطبيق العدالة الاجتماعية بوضع حد أدنى للأجور يكفل حياة إنسانية للفقراء وحداً أقصى للأجور يمنع نهب المال العام.. هذه مطالب الثورة التى لن نتنازل عنها مهما كانت التضحيات. أتمنى أن يستمع المجلس العسكرى إلى صوت الشعب قبل أن يفوت الأوان، إن الشعب المصرى الذى قدم مئات الشهداء وآلاف المصابين من أجل الثورة على أتم استعداد لتقديم المزيد من الدماء والأرواح من أجل الحرية.
الديمقراطية هى الحل.
كتبهاعلاء الأسوانى ، في 4 يوليو 2011 الساعة: 22:00 م
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
5 يوليو 2011
..هل أخطأت الثورة المصرية ..؟! ..

 اشتهر الممثل الكوميدي الأمريكي جورج كارلين ( 1938 ــ 2007 ) بتعليقاته العميقة الساخرة وفي أحد عروضه سئل ماذا يفعل اذا كان مسافرا في طائرة وفوجيء أنها ستسقط في البحر .. أجاب جورج كارلين بما معناه :
ـــ "سوف أنقذ نفسي طبعا .. سوف أزيح السيدات من طريقي وأركل الأطفال بكل قوتي وأدهس الركاب المعاقين حتى أصل الى باب الطواريء وأنجو بنفسي ..بعد ذلك سأحاول انقاذ الركاب  "
هذه الصورة الساخرة تبين كيف يفعل بعض الناس كل شيء من أجل الاحتفاظ بحياتهم أو مكاسبهم .. كلما رأيت وزير الخارجية الجديد محمد العرابي تذكرت كلمات جورج كارلين . لقد كان محمد العرابي من أقرب الناس الى مبارك وأسرته وله في مديح مبارك مجموعة كاملة من الأناشيد والأهازيج .طبقا لما نشرته جريدة الوفد ، عندما كان العرابي سفيرا لمصر في ألمانيا صرح قائلا :
ــ انني مؤمن بأن حسني مبارك زعيم لم ولن يتكرر في تاريخ مصر
وقال أيضا :
ــ ان الله يحب مصر لأنه حباها بموهبة فذة اسمها جمال مبارك
السيد العرابي الآن وزير خارجية في حكومة ثورة أطاحت بزعيمه الذى لم ولن يتكرر وألقت بالموهبة الفذة جمال مبارك في السجن تمهيدا لمحاكمته .العرابي ليس حالة نادرة في السلطة المصرية . وزراء كثيرون كانوا من أكبر المؤيدين لمبارك وهم الآن يتخذون القرارات  في حكومة الثورة . الدكتور سمير رضوان وزير المالية الحالي كان عضوا في لجنة السياسات ومقربا من جمال مبارك الذى رشحه للوزير يوسف بطرس غالي فعينه مستشارا له عام 2005 ثم عينه حسني مبارك عضوا في مجلس الشعب . الوزير رضوان شريك في السياسات الاقتصادية لنظام مبارك وهو يريد الآن اقناع  الرأى العام بأنه يتبنى أفكار الثورة  فلا أملك الا أن أتذكر طريقة جورج كارلين في الهروب من الطائرة التى تسقط .
المشكلة هنا ليست فقط في قدرة هؤلاء الوزراء المدهشة على الدفاع عن الشيء ونقيضه ــ بنفس الحماس ــ من أجل الاحتفاظ بمناصبهم . المشكلة أن الثورة أسقطت حسني مبارك لكن نظام مبارك لم يسقط . . . . لواءات الداخلية الذين ساعدوا حبيب العادلى على اهدار كرامة المصريين وتعذيبهم وقتلهم لازالوا في مناصبهم . المسئولون في الاعلام الذين طالما ضللوا الرأى العام ونافقوا الطاغية وبرروا جرائمه لازالوا في أماكنهم . القضاة الذين أشرفوا على تزوير الانتخابات لازالوا يمارسون عملهم . ضباط أمن الدولة الذين ارتكبوا جرائم بشعة في حق المصريين لازالوا في في مناصبهم  بل وتم تعيين بعضهم كمحافظين تقديرا لجهودهم في خدمة النظام …. ماذا نتوقع من كل هؤلاء المسئولين ..؟! قطعا سوف يعجزون عن فهم منطق الثورة وغالبا سيتآمرون ضدها .  .ان المؤامرة على الثورة المصرية قد صارت واضحة المعالم وتتلخص في الخطوات الآتية : :
أولا :: اجراء محاكمات بطيئة لبعض رموز النظام السابق لامتصاص غضب الشعب شيئا فشيئا حتى ينسى الناس الأمر وينشغلوا بشئون حياتهم .. لماذا لم يحاكم مبارك حتى الآن وما السر في كل هذه التقارير المتضاربة عن صحته ولماذا لا يعامل كمسجون عادي ..؟!
 وأين علاء وجمال مبارك ولماذا لانرى صورتهما في السجن ..؟! لماذا يحظى كبار المسئولين المسجونين في سجن طره بمعاملة استثنائية ..؟! من الذى سمح لحسين سالم بالهرب ولماذا لم يتم الابلاغ الانتربول ضده من البداية ..؟! لماذا لم يقبض على زكريا عزمي وفتحى سرور وصفوت الشريف  الا بعد شهرين كاملين تمكنوا خلالهما من اخفاء ما يدينهم وتهريب ما يستطيعون من الأموال التى نهبوها من الشعب  المصري …؟! لماذا لم يتلق المصابون والشهداء أية رعاية من الدولة على مدى ستة أشهر كاملة و كيف يترك الشهيد  محمود قطب في مستشفى ناصر بدون علاج لمدة شهر كامل حتى تتقيح جروحه وتخرج الحشرات من فمه بينما يتم اخلاء مستشفى شرم الشيخ من المرضى حتى تعالج السيدة سوزان مبارك  أسنانها وتقف الحكومة المصرية على قدم وساق من أجل استدعاء الطبيب الألماني للاطمئنان على صحة حسني مبارك الغالية ؟! .. الأسئلة كثيرة والاجابة واحدة ..معروفة ومحزنة .  .. ..
ثانيا :  احداث حالة من الانفلات الأمنى المستمر مع تقاعس الشرطة المتعمد عن أداء واجبها في حماية الأمن  حتى يتم ترويع المصريين وتعطيل السياحة والاستثمار ،  فتبدو الثورة وكأنها قد جلبت علينا الخراب.. مع السعى الدائم لتصوير الشهداء على أنهم  بلطجية وتصوير الضباط القتلة على أنهم أبطال كانوا يدافعون عن الأقسام ثم تأجيل المحاكمات شهورا طويلة  حتى بتمكن الضباط المتهمون ( الذين لازالوا في مناصبهم) من الضغط على أهالى الشهداء حتى يغيروا أقوالهم فيفلتون من العقاب  . 
ثالثا : احداث حالة من الاستقطاب بين قوى الثورة  وتغذية الصراع بين الليبراليين  والاسلاميين مع تصوير الأمر على أن مصر بعد الثورة وقعت في قبضة المتطرفين الى الأبد . لعلنا نتذكر كيف خرجت صحيفة الأهرام في عهد رئيس تحريرها السابق وهي تحمل على صفحتها الأولى صورة رجل مقطوع الأذن مع مانشيت رئيسي  بأن السلفيين قطعوا أذن مواطن قبطي .. لعلنا نذكر كيف احتفت وسائل الاعلام بعبود الزمر القاتل و كأنه بطل قومي . لعلنا نفهم لماذا لايكاد يمر أسبوع بدون أن يتم الاعتداء على الأقباط أو الكنائس بينما رجال الشرطة يتفرجون على أن يتم اتهام الاسلاميين دائما حتى يتم تشويه الثورة في الداخل والخارج .  .. 
رابعا : المبالغة في حجم  الأزمة الاقتصادية والحديث المتكرر عن أن مصر على شفا الافلاس بسبب الثورة .  .. المغالطة هنا مركبة فقد ترك حسني مبارك مصر في حالة اقتصادية مزرية :
 40 % من نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر ومعدلات البطالة غير مسبوقة و يكفى أن نعلم واحد من ثلاثة من سكان القاهرة يعيش في العشوائيات .. نظام مبارك هو المسئول عن بؤس المصريين وليس الثورة .. كما أن الثورة لم تحكم حتى تتحمل المسئولية .. اذا كانت هناك أزمات بعد الثورة فهي مسئولية المجلس العسكري الذى يقوم بمهام رئيس الجمهورية ومسئولية الحكومة التى عينها  .. 
 ان ما حدث في ميدان التحرير في الأسبوع الماضي بالغ الدلالة : فقد تم اطلاق البلطجية ليثيروا الشغب ويعتدوا على وزارة الداخلية حتى يعطوا قوات الشرطة المبرر للاعتداء على المتظاهرين وهنا ظهر مدى الحقد ضد الثورة الذى يغلي في صدور بعض قيادات الشرطة وصباطها ، مالذي يجعل ضابطا كبيرا يستقل سيارة ويحمل ميكروفون خصيصا حتى يشتم المتظاهرين بأمهاتهم ..؟! ومالذي يجعل ضابط المباحث في قسم العجوزة يشتم أم الشهيد أحمد زين العابدين ويركلها بقدمه في بطنها ثم  يضرب ابنها محمد  على رأسه ويصعقه بالكهرباء وفي النهاية  يقبض عليه ويحيله الى محاكمة عسكرية .
هذه الاعتداءات  المشينة من رجال الشرطة  على أهالى الشهداء صاحبتها حملة تشويه مدوية على الطريقة القديمة صنعتها الخلايا النائمة للأمن في وسائل الاعلام ، مجموعة  من الصحفيين والمذيعين والمعدين لازالوا يتلقون  التعليمات من أمن الدولة الذى تغير اسمه الى الأمن الوطني .  أما السيد منصور عيسوي فلا أظن المتآمرين على الثورة يتمنون وزيرا للداخلية أفضل منه فهو يعتبر من واجبه أن  يدافع عن ضباطه مهما ارتكبوا من جرائم كما أنه منقطع بشكل غريب عما يحدث حوله لدرجة تجعلنا لا نأخذ ما يقوله على محمل الجد . ان أحداث التحرير ليست الا بروفة لمؤامرة كبرى يجرى تجهيزها من أجل اجهاض الثورة  نهائيا
السؤال هنا .. هل أخطأت الثورة المصرية ..؟ا
نعم .. أخطأت الثورة مرتين .. المرة الأولى في يوم 11 فبراير عندما تم اجبار مبارك على التنحى فاحتفل ملايين المصريين بالنصر ثم انصرفوا  الى بيوتهم وكان المفروض أن تظل الثورة في الميدان وتختار متحدثين باسمها يتفاوضون مع المجلس العسكري حتى  تتحقق مطالبها بالكامل.. الخطأ الثاني للثورة المصرية أنها انقسمت على نفسها قبل تحقيق مطالبها .. بدلا من اعلان سقوط دستور مبارك والدعوة الى دستور جديد ،  فضل المجلس العسكري أن يتبنى اقتراح مبارك بتعديل بعض المواد في الدستور القديم وتم اجراء الاستفتاء على تعديل بعض المواد وبعد اعلان نتيجة الاستفتاء تجاوزه المجلس العسكري  تماما وأعلن دستورا مؤقتا من 63 مادة  .. وقد  أدى هذا الاستفتاء ( المشكوك في جدواه )  الى انقسام أصحاب الثورة الى فريقين : الليبراليون والاسلاميون . دخل الفريقان في سجال عنيف الليبراليون يطالبون بالدستور أولا والاسلاميون يطالبون بالانتخابات أولا ..وتفرغ كل فريق لمهاجمة الآخر ونسى الفريقان أن النظام الذى قامت الثورة لاسقاطه لم يسقط بعد . ..ماجدوى الانتخابات اذا تمت تحت اشراف وزارة الداخلية التى يحكمها مساعدو العادلى وتلاميذه وتحت اشراف قضاة شاركوا في التزوير ولازالوا في مناصبهم و ماقيمة دستور تتم كتابته بواسطة أساتذة قانون طالما وضعوا معلوماتهم القانونية في خدمة الاستبداد  ..
ان الثورة المصرية تمر الآن بلحظة حرجة . مفترق طرق بمعنى الكلمة  .. اما أن تنتصر وتنجز أهدافها واما أن تنكسر لا قدر الله ويعود النظام القديم وان تغير شكله  .. ما العمل الآن .؟. علينا أن نتذكر حسني مبارك قبل الثورة . لقد كان كل شيء يصب في مصلحته . كان يتمتع بالدعم الكامل من اسرائيل والدول الغربية ومعظم الدول العربية. لم يكن أحد يتصور أن بالامكان ازاحته عن السلطة  لكن الشعب المصرى بفضل الله استطاع أن يجبر مبارك على التنحى . لن يحمي الثورة الا الذين صنعوها . من هنا تأتي أهمية مظاهرات الجمعة القادمة  يوم 8 يوليو من أجل تصحيح مسار الثورة  .. يجب أن ننسى  اختلافاتنا الفكرية والسياسية ونعود كما كنا أثناء الثورة .. الأقباط مع السلفيين والاخوان مع اليساريين و المنقبات والمحجبات مع السافرات .. لن نطالب بدستور ولا انتخابات .. سنطالب بتطهير النظام من فلول نظام مبارك .. سنطالب بمحاكمات عادلة وناجزة لقتلة الشهداء . سنطالب بعدم احالة المدنيين أمام المحاكم العسكرية مهما تكن الأسباب .. .. سننزل يوم الجمعة باذن الله ونحن مستعدون لدفع ثمن الحرية . سنكون كما كنا أيام الثورة جاهزين للموت في أى لحظة فلن  تكون حياتنا أفضل ولا أعز من حياة مئات الشهداء وقد قدموها عن طيب خاطر  من أجل  مستقبل مصر وكرامة المصريين .
الديمقراطية هي الحل 
العنوان الاليكتروني
Dralaa57@yahoo.com

كتبهاعلاء الأسوانى ، في 28 يونيو 2011 الساعة: 11:24 ص
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
28 يونيو 2011
من مواطنة مصرية إلى المشير طنطاوى

كل التفاصيل الصغيرة مازالت تذكرها
 كيف تلقت نبأ الحمل وكيف بدا لها ابنها عند الولادة صغيراً للغاية كأنه لعبة.. مازالت تذكر فرحتها به: حروفه الأولى وضحكاته وأنامله الصغيرة جداً لدرجة تبعث على العطف. خطواته المتعثرة وسقوطه المتكرر.
 انزعاجها من نوبات الإسهال وارتفاع الحرارة.. كيف كان يبكى كل صباح وهى تغسل وجهه وتسرح شعره بعناية ثم تلبسه المريلة وتوصله إلى المدرسة قبل أن تذهب إلى عملها.. شقاوته فى المرحلة الابتدائية وميله للتمرد فى الإعدادية بعد أن اخشوشن صوته وظهرت عليه أعراض البلوغ.
 معركة الثانوية العامة التى خاضتها معه باستماتة.. اقترضت من أقاربها لتسدد ثمن الدروس الخصوصية. مازالت تذكر فرحتها بمجموعه المرتفع وتلك الورقة الصفراء من مكتب التنسيق المكتوب فيها أنه مقبول فى كلية الهندسة جامعة القاهرة..
 تتذكر زهوها وهى تتابعه من خلف شيش النافذة وهو ذاهب إلى الكلية حاملا المسطرة الكبيرة فى يده، كانت تقرأ المعوذتين لئلا يحسده أحد وتحس بأن الله راض عنها.. بعد ولد وبنت جاء هذا الولد «غلطة» كما تهمس بحرج أحياناً لصديقاتها، لكنه أحب الأبناء وأجملهم. الولد والبنت كبرا وتزوجا وتوفى زوجها منذ عامين لكن ابنها معها دائماً كأنما يعيد إليها شبابها ويجدد فرحها..
  فى يوم الجمعة لم توقظه، تعمدت أن تتركه نائماً حتى لا ينزل إلى الشارع. كانت خائفة عليه وفى نفس الوقت غير قادرة على منعه. استيقظ متأخراً فقفز من الفراش وعاتبها لأنها تركته نائماً. كذبت عليه وقالت إنها نسيت.. اغتسل بسرعة وارتدى ثيابه.. كم يبدو كل هذا غريباً الآن.. لماذا كان يتعجل النزول ولماذا اعترضت طريقه وصاحت فى وجهه:
 - رايح فين.. الصلاة خلصت.
 لم يغضب لكنه ابتسم وتألقت عيناه واحتضنها بقوة.. كيف استجابت له ونسيت مخاوفها، ولماذا تعلقت به وغمرته بالقبلات حتى دفعها برفق وقَبّل يدها ثم استدار وانصرف.. مازالت تسمع صوت الباب يُغلَق وترى نفسها وهى تدخل إلى المطبخ، وقفت تعد له الأكلة التى يحبها. كانت تغرق قطع الدجاج فى الخلطة ثم البقسماط وبعد ذلك تلقيها فى الزيت الساخن، كانت تفعل ذلك بانفعال يشبه المرح وتتخيله وهو يلتهم قطع الفراخ بينما هى ترقبه برضا.
  خُيّل إليها أن صوتاً ما ينبعث من الخارج وتذكرت أنها تركت تليفونها المحمول فى الصالة، أخرجت الدجاج من الزيت وأغلقت النار ثم جففت يديها بسرعة وهرعت لترد.. كان الرقم غريباً وقال صوت شاب إنه صديق ابنها، وأكد لها أنه بخير لكنه تعبان وهو فى مستشفى قصر العينى، آخر ما تذكره هو شكل القماش المنقوش للمقعد الذى كانت تحدق فيه..
 كيف ارتدت ثيابها واستوقفت سيارة أجرة وماذا قال لها السائق عن حسنى مبارك وكيف ردت عليه.. كل هذه التفاصيل انطمست فى ذهنها واختلطت كأنها وشيش غير مفهوم.. لن تنسى أبداً وجه موظف الاستقبال فى المستشفى.. أخبرته باسم ابنها الثلاثى ثم استطردت:
 ــ أنا والدته. زميله اتصل وقال لى إنه تعبان ومحجوز عندكم.
 استغرق الموظف وقتاً. أطال النظر فى الدفتر ثم رفع رأسه ببطء وقال:
ــ ابنك استشهد.. البقية فى حياتك.
لم تصرخ. تطلعت إلى الموظف وكأنها لا تفهم.. لم تصدق.. كانت متأكدة أن هناك خطأ ما.. لا يمكن أن يكون هذا ما حدث.. «استشهد». ما معنى هذه الكلمة. لقد خرج من البيت وسوف يرجع وهى قد أعدت له قطع الدجاج بالطريقة التى يحبها. إنهم مخطئون بلاشك.. قصر العينى مثل كل المستشفيات العامة. منتهى الإهمال. صاحت هذه المرة بصوت عال:
 ــ من فضلك تأكد من الاسم.
 تطلع إليها الموظف بحزن ثم أدار نحوها الدفتر.. كان اسم ابنها مسجلا فى صفحة كتب عليها بخط كبير متعجل «قائمة المتوفين».. عندئذ فقط صرخت.. ظلت تصرخ وتلطم وجهها حتى اجتمع حولها العاملون وأهالى المرضى.. سيدات لا تعرفهن رُحن يواسينها ويحتضنّها وهن يبكين.. بعد دقائق كانت فى مشرحة المستشفى.

همس العامل معزياً ثم سار وهى تتبعه حتى توقف وفتح باب الثلاجة وجر بيديه مستطيلاً خشبياً كان ابنها راقداً عليه.. رفع العامل الغطاء عن وجهه. بدا لها كأنه نائم، تماماً كما رأته آخر مرة. نفس الطقم الذى اشتراه فى العيد، البنطلون الجينز والقميص الأبيض والبلوفر الكحلى.. كان وجهه هادئاً وكأنه على وشك الابتسام. الفرق الوحيد هو ذلك الثقب. ثقب أسود غريب كأنه مرسوم بعناية فى منتصف المنطقة بين الحاجبين..
 عرفت بعد ذلك الحكاية.. كان ابنها فى المظاهرة وبدأ الرصاص الحى ينهمر على المتظاهرين.. سقط متظاهرون حول ابنها فكان يهرع إليهم ليسعفهم.. قام بجر أول مصاب إلى سيارة خاصة لتنقله إلى المستشفى ثم اعتدل واقفا وتوجه لحمل مصاب آخر. عندئذ بات وجهه فى مجال عدسة القناص تماماً. صوّب القناص إلى نقطة بين الحاجبين وضغط الزناد فانطلقت رصاصة اخترقت الجمجمة وانتهى كل شىء.
 سقط ابنها. مات. رصاصة واحدة تساوى حياة بأكملها. ضغطة على الزناد تنتهى عندها الذكريات والأحلام، يستوى بعدها الحزن والفرح والتاريخ والمستقبل. الذى قتل ابنها ليس من جيش الأعداء وإنما هو مواطن مصرى تدرب طويلا حتى يقتل المصريين بدقة واحتراف.. وجه ابنها المثقوب بالرصاص هو الحقيقة وكل ما عدا ذلك غبار يتطاير أمام عينيها..
  شهادة الوفاة وتصريح الدفن، التغسيل والجنازة والدفن وسرادق العزاء والأدوية المهدئة التى تتجرعها كل ليلة.. حفلات التكريم لأمهات الشهداء وكل هؤلاء المتحدثين المتأنقين الذين يقولون كلاماً رناناً.. شهادات التقدير والقطع الزجاجية المنقوش عليها اسم ابنها وفوقه «شهيد الثورة».. كل هذه الأحداث مجرد أصداء، ظلال.
  الحقيقة الوحيدة أن ابنها لم يعد موجوداً. لن يعود فى المساء ويصفر وهو يفتح باب الشقة بمفتاحه، لن يجلس مرة أخرى إلى مكتبه ليستذكر دروسه، لن ينام فى فراشه ولن توقظه بعد ذلك ليذهب إلى الجامعة.
  لن تسمع صوته ولن تراه مرة أخرى. بالليل، تستلقى فى فراشها وتتساءل: ألم يكن ممكناً أن يعيش؟
 هل كان من المستحيل أن ينجو..؟! ألم يكن ممكناً أن يتخلف عن المظاهرة لأى سبب أو يذهب إلى المظاهرة ولا يلفت نظر القناص أو ربما يتحرك بعيداً فجأة فتخطئه الرصاصة؟!.
  لماذا اختاره القناص ليقتله؟ ..
 هل كان نظام الكون سيتغير لو عاش معها ابنها لعدة سنوات أخرى.. أو حتى لعام واحد.. أو حتى بضعة شهور.. هل يمكن لها أن تراه مرة واحدة فقط.. أن تتحدث إليه قليلا وتضع يدها على رأسه وتحتضنه وتقبله ثم يسترده الموت من جديد؟..
 كانت تستغفر الله على هذه الأفكار.. على مدى خمسة شهور كاملة فعلت كل ما يمكن حتى تأخذ حق ابنها. قدمت بلاغات ووكلت محامين.
 ذهبت وجاءت إلى مكاتب كثيرة وكتبت بلاغات جديدة. أجابت عن كل الأسئلة واستدعت شهوداً أكدوا جميعا نفس التفاصيل.. بل إنها كانت تحضر محاكمات الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين فى المناطق البعيدة عنها. كانت تحس بأنها ربما تجد بينهم القناص الذى قتل ابنها.
 بعد خمسة شهور كاملة لا يمكن أن تتقبل فكرة أن قاتل ابنها حر، طليق، يمارس حياته بطريقة طبيعية، يأكل ويشرب وينام ويضحك ويعيش مع أسرته.
 تتمنى أم الشهيد لو استطاعت أن تقابل المشير طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى، وتتعهد بأنها لن تضيع وقت سيادته.. سوف تسأله فقط:
 ــ يا سيادة المشير.. أين القناصة الذين قتلوا أولادنا؟
 إنهم معروفون لوزارة الداخلية فلماذا لم يقبض أحد عليهم ولم يحاكمهم أحد؟ لم يحاكم قناص واحد. هل هذا عدل يا سيادة المشير؟!
  ابنى والحمد لله شهيد وبإذن الله فى الجنة، لكن قاتله يجب أن يُحاكَم.. إن القانون المصرى يعاقب على سرقة الدجاج وتسميم المواشى فهل تكون حياة ابنى أقل من حياة الحيوانات؟
 يا سيادة المشير كيف يحاكم الضباط بتهمة قتل المتظاهرين ويتم الإبقاء عليهم فى مناصبهم؟ لماذا لا يتم إيقافهم عن العمل حتى لا يستغلوا مناصبهم ويؤثروا على الشهود وسير المحاكمات؟
 ما معنى أن تفرج محكمة جنايات الإسكندرية عن الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين حتى موعد الجلسة القادمة بعد أربعة شهور؟
  ماذا نتوقع من قيادات الداخلية المتهمين بقتل المتظاهرين وهم طلقاء ويشغلون مناصبهم القيادية؟
  ماذا سيهمهم أكثر: الحفاظ على الأمن أم الإفلات من الإدانة بأى طريقة؟!
  لماذا يحاكم حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق القاتل، أمام قاضٍ طالب كثيرون بالتحقيق معه فى شبهات أثيرت حول علاقته بمباحث أمن الدولة؟
 لماذا يصنع رجال الأمن سياجاً حول حبيب العادلى حتى لا يراه أحد فى قفص الاتهام؟
 وإذا كان ولاؤهم له كاملا لم يزل فكيف نتوقع منهم أن يقضوا على الانفلات الأمنى؟!
 لماذا يصر وزير الداخلية منصور عيسوى على تبرئة الضباط المتهمين بالقتل، ويؤكد أنهم كانوا فى حالة دفاع شرعى عن النفس؟ هل يليق أن يستبق السيد الوزير نتيجة المحاكمة ويصادر عليها؟ ثم هل بدأ المتظاهرون بمهاجمة الأقسام أم أن الضباط هم الذين بدأوا بقتل المتظاهرين لتفريقهم؟!
 هل كان القناصة فى حالة دفاع عن النفس؟! هل كانت سيارات الشرطة التى دهست المتظاهرين فى حالة دفاع عن النفس؟!
 لماذا أصبح كل من يطالب بالقصاص العادل للشهداء متهماً بالإساءة للشرطة؟!
 هناك رجال شرطة كثيرون شرفاء، لكن الضباط القتلة يجب أن يحاكموا ويلقوا عقابهم العادل.. لقد قدمت مصر فى هذه الثورة أنبل أبنائها فداء للحرية. لقد ماتوا حتى نعيش من بعدهم بكرامة، أليس من أبسط حقوقهم علينا أن نقتص من قاتليهم؟!
 أمهات الشهداء والمصريون جميعاً ينتظرون الإجابة من سيادة المشير.
 الديمقراطية هى الحل.
كتبهاعلاء الأسوانى ، في 21 يونيو 2011 الساعة: 12:01 م
مقالة الدكتور علاء الاسوانى فى المصرى اليوم
21 يونيو 2011
ماذا نتوقع من المجلس العسكرى..؟

عزيزى القارئ، تخيل أنك تعمل فى وظيفة ممتازة براتب كبير يحلم به الكثيرون، لكن المشكلة أن رئيسك فى العمل شخص متغطرس لا يتوقف عن إهانتك طوال النهار…
أمامك إذن اختيار من اثنين: إما أن ترفض الإهانة وتنتصر لكرامتك، وفى هذه الحالة ستخسر الراتب الكبير وتفقد عملك وتصبح فى الشارع، والاختيار الثانى هو أن تحاول التعايش مع الإهانة وتتحمل الإذلال لكنك ستنعم الراتب والحياة الرغدة… الاختيار الأول الذى يرفض الإهانة ويتمسك بالكرامة، بغض النظر عن النتائج، هو ما يجعلك ثوريا… الثورة هى أن تفضل المعنى على المصلحة، أن تقدم المبدأ على المنفعة.. الثورة هى أن ترفض كل ما يقيد إنسانيتك… هذا بالضبط ما حدث فى ثورة مصر.. ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع ليواجهوا الموت كانوا ينتصرون للكرامة والحرية، كل واحد فيهم كان على استعداد لأن يموت لكى يعيش أولاده من بعده باحترام وكرامة.
بقدر الثمن الباهظ الذى دفعه المصريون فى الثورة من حقهم أن يحصلوا على مكاسبها كاملة… إذا نجحت الثورة فلا مجال للحديث عن حلول وسط أو إصلاح. الإصلاح يستبقى النظام القديم ويعالج عيوبه، أما الثورة فتزيح النظام القديم الفاسد من أساسه وتبنى مكانه نظاماً جديداً سليماً. لقد أثبتت الثورة المصرية أنها عظيمة ومتفردة لأسباب عديدة: أولاً: لأنها استطاعت، بالتظاهر السلمى، أن تسقط واحدا من أسوأ الأنظمة القمعية فى العالم.
 وثانياً: لأن الذين قاموا بالثورة نزلوا إلى الشوارع لينظفوها بأنفسهم وهو سلوك حضارى راق.. وثالثا: لأن الثورة انتصرت ولم تتول السلطة وإنما عهدت بالحكم إلى وكيل الثورة، وهو الجيش المصرى الذى مهما اختلفنا معه يجب ألا ننسى أن سيطرته على الحكم فى الفترة الانتقالية قد عصمت مصر من الفوضى والاغتيالات وأعمال العنف التى تعقب الثورات دائماً، ويجب أيضا ألا ننسى أن قادة الجيش قد رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين، وانحازوا للثورة قبل أن يعلن حسنى مبارك تنحيه، هذا قرار شجاع كان أصحابه سيدفعون ثمناً غالياً لو تمكن مبارك من الاحتفاظ بالسلطة. دور الجيش فى حماية الثورة إذن معروف ومقدر من الجميع، لكن المصريين الآن يحسون بقلق وتوجس من المستقبل.. وهم يتوقعون خطوات محددة من المجلس العسكرى يرونها استكمالا ضروريا لواجبه فى حماية مصر والثورة، تتلخص فى التالى:
أولاً: القوات المسلحة فى العالم كله مؤسسة منضبطة يتميز أداؤها بالفاعلية والدقة، لكنها فى الوقت نفسه مؤسسة محافظة غير ثورية قائمة على النظام والطاعة وتنفيذ الأوامر.. ولما كانت القوات المسلحة تقوم بمهام رئيس الجمهورية فى الفترة الانتقالية، فقد بدا الأمر وكأن القرارات التى تصدر من المجلس العسكرى أوامر عسكرية يتم إقرارها وتنفيذها دون الرجوع إلى المواطنين..
بل إن القرارات كانت تتخذ أولاً، ثم يتم عقد حلقات للحوار حولها، مما يدل على أن صاحب القرار غير ملزم بنتائج الحوار، الأمر يفقد الحوار قيمته ويجعله مجرد دردشة. وقد كان من الطبيعى أن يوجه البعض آراء نقدية إلى الأداء السياسى للمجلس العسكرى. هذا النقد الطبيعى المشروع لم يجد للأسف تفهما عند بعض المسؤولين فى المجلس العسكرى فألمحوا، أكثر من مرة، إلى ضيقهم بهذا النقد، ثم بدأوا فى إحالة كل من ينتقدهم إلى النيابة العسكرية..
 توالت أسماء المحالين إلى النيابة العسكرية: المذيعة اللامعة ريم ماجد، والصحفية رشا عزب، والأستاذ نبيل شرف الدين، والصحفى الكبير عادل حمودة.. حتى المفكر الكبير محمد حسنين هيكل لم يسلم، فقد أبدى رأيا يقلل فيه من دور سلاح الطيران فى حرب أكتوبر، الأمر الذى أغضب الطيارين الذين اشتركوا فى الحرب فقدموا ضده بلاغا إلى النائب العام يتهمونه فيه بالإساءة إليهم. إلى هنا والأمر طبيعى يحدث فى أى بلد ديمقراطى، لكننا فوجئنا بتحويل الأستاذ هيكل إلى النيابة العسكرية.
الرسالة هنا واضحة: إن أى نقد لأداء المجلس العسكرى من الآن فصاعدا سيكون مكلفاً وسيؤدى بصاحبه إلى محاكمة عسكرية.. إن إحالة أصحاب الفكر والرأى إلى النيابة العسكرية، مثلها مثل إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية، تعتبر انتهاكا لحرية التعبير وحقوق الإنسان وتشكل تصرفاً غير مقبول، ولا يمكن تبريره، نحن نتوقع من المجلس العسكرى أن يعيد النظر فى هذه الممارسات حتى يظل تقدير المصريين لجيشهم كاملاً بلا شوائب.
ثانيا: بعد انتصار الثورة، وإجبار حسنى مبارك على التنحى، أجمع فقهاء القانون الدستورى على أن الدستور القديم قد سقط بسقوط النظام ودعوا إلى انتخاب جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد إلا أن المجلس العسكرى استعاد اقتراح حسنى مبارك بتعديل بعض مواد الدستور القديم. وقام بتشكيل لجنة من قانونيين ليس فيهم إلا خبير دستورى واحد، وعدد من أعضائها من المنتمين أو المتعاطفين مع الإخوان المسلمين.
تم إجراء الاستفتاء وأقبل المصريون على التصويت بأعداد غفيرة تعكس حرصهم على الديمقراطية. الحق أن الاستفتاء ذاته كان نزيها وغير مزور لكن بعض الممارسات الخاطئة حدثت قبل الاستفتاء وأثرت بلاشك فى نتيجته. فقد تم استعمال دور العبادة من مساجد وكنائس فى الدعاية الانتخابية، وهذه مخالفة خطيرة لقانون الانتخاب فى أى دولة ديمقراطية، كما أن بعض المنتسبين إلى التيار الإسلامى قدموا الموافقة على التعديلات للناس باعتبارها واجباً شرعياً يأثم تاركه، ثم كذبوا قائلين إن الاستفتاء سيحدد هوية مصر الإسلامية ووزعوا عشرات الألوف من المنشورات بهذا المعنى المضلل على الناس البسطاء فى الريف، وهذه جريمة أخرى اسمها تضليل الرأى العام. فى النهاية جاءت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على التعديلات بأغلبية كبيرة،
وهنا حدثت المفاجأة: فقد تجاوز المجلس العسكرى نتيجة الاستفتاء وأعلن دستوراً مؤقتاً من ٦٣ مادة، بينما كان الاستفتاء على تعديل ٩ مواد فقط… وانقسم الناس إلى فريقين: فريق يرى أن إعلان الدستور المؤقت قد ألغى نتيجة الاستفتاء، وأصبح كأن لم يكن، وهذا الفريق يطالب بتأجيل الانتخابات وكتابة الدستور أولاً لأنه يخشى من فوز الإخوان والسلفيين وفلول الحزب الوطنى بالأغلبية فى البرلمان القادم الذى سيكتب الدستور مما سيؤدى فى هذه الحالة إلى كتابة دستور منحاز لا يعبر عن كل أطياف المجتمع المصرى..
أما الفريق الثانى فيتمسك بإجراء الانتخابات فى موعدها ويدعو إلى احترام نتيجة الاستفتاء بغض النظر عن أى اعتبار آخر. الحق أننى رفضت التعديلات الدستورية فى الاستفتاء لكننى أرى فى إلغاء نتيجة الاستفتاء اعتداء صارخاً على إرادة ١٤ مليون مصرى وافقوا على التعديلات وأيدوا تصوراً معيناً لخطوات نقل السلطة، ولا يجوز أبداً أن نتجاهل إراداتهم. من ناحية أخرى فإن كتابة الدستور قبل الانتخابات عن طريق لجنة تأسيسية تتم بالاختيار والتعيين مسألة محفوفة بالمخاطر قد تؤدى بنا فى النهاية إلى دستور لا يعبر إطلاقاً عن إرادة الشعب المصرى.. الحل الذى أراه هو أن تعقد انتخابات البرلمان فى موعدها وينتخب مائة عضو من البرلمان لكتابة الدستور، كما يقضى الدستور المؤقت على أن ينتخب معهم مائة عضو من خارج البرلمان يشاركونهم فى كتابة الدستور وهكذا نحترم نتيجة الاستفتاء، وفى الوقت نفسه نتأكد من أن الدستور القادم سيكون معبراً عن إرادة الشعب المصرى بكل اتجاهاته. نحن هنا نتوقع من المجلس العسكرى أن يستمع إلى الآراء جميعا ويتخذ من الخطوات ما يضمن عدم سيطرة فريق سياسى بعينه على الدستور القادم.
ثالثا: بينما تخلصت الثورة من مبارك وعصابته إلا أن المجلس العسكرى قد فضل الاحتفاظ بمسؤولين كثيرين من النظام القديم فى مناصبهم… رؤساء الجامعات المعينون من أمن الدولة، والمسؤولون الإعلاميون الذين نافقوا مبارك وضللوا الشعب المصرى لسنوات، ومعظم قيادات وزارة الداخلية الذين كانوا أدوات نظام مبارك فى قمعه للمصريين.. كل هؤلاء ظلوا فى مناصبهم بل إن المحافظين الجدد قد بدوا وكأنهم معينون من حسنى مبارك نفسه، فجميعهم ينتمون إلى النظام القديم.. ومنهم ضباط سابقون فى أمن الدولة بدلاً من أن يحاكموا على تعذيب المصريين وانتهاك كرامتهم تم تكريمهم فى وضعهم فى مناصب المحافظين.. حتى المجالس المحلية واتحادات العمال التى جاءت بانتخابات مزورة واشترك كثيرون من قيادييها فى جرائم النظام السابق، تركها المجلس العسكرى كما هى ورفض أن يصدر قرارا بحلها.
كل ذلك يزيد من ضبابية المشهد ويدفع المصريين إلى التساؤل عن فائدة الثورة إذا كان أتباع مبارك مازالوا فى مناصبهم. كما أن التمسك بأنصار النظام القديم يعطيهم فرصة ذهبية للتآمر على الثورة وإجهاض التغيير.. نحن نتوقع من المجلس العسكرى أن يتخذ قرارات عاجلة لتطهير جهاز الدولة من المنتمين لنظام مبارك على أن يدفع إلى مواقع المسؤولية بالشباب، أصحاب الثورة الحقيقيين الذين لولا شجاعتهم ووعيهم لما تغيرت مصر..
إن مصر الآن تمر بلحظة حاسمة ستحدد مستقبلها لأجيال قادمة… المعركة فى مصر الآن ليست بين الإسلاميين والعلمانيين، كما يدعى البعض، وإنما هى معركة بين القوى الديمقراطية والقوى الفاشية.. (مصطلح الفاشية يطلق على مجموعة من الناس لا يعترفون بحق الشعب فى أن يحكم نفسه ويعتبرون أنهم وحدهم يملكون الحقيقة ومن حقهم أن يفرضوا أفكارهم بالقوة على الشعب).. المعسكر الديمقراطى يضم إسلاميين مستنيرين ويساريين وليبراليين وجموع الشعب المصرى الذين قاموا بالثورة حتى تكون السيادة للشعب والأمة مصدر السلطات..
أما معسكر الفاشيين فيضم نوعين من الناس: أنصار النظام القديم الذين يرون أن الشعب غير مؤهل لممارسة الديمقراطية، وبالتالى فهم عاجزون عن إدراك منطق الثورة أو التعاطف مع مطالبها المشروعة. والفريق الفاشى الآخر مجموعة من المتطرفين دينيا لا يعترفون أساساً بحق الشعب فى أن يحكم نفسه، وهم يعتبرون أنفسهم ممثلين عن ربنا سبحانه وتعالى فى تنفيذ أحكامه على الناس وفقاً لمفهومهم وإرادتهم.. إن الذين يعطون أنفسهم الحق فى إحراق الكنائس وإزالة الأضرحة وتدمير التماثيل واتهام من يخالفونهم فى الرأى بالعداء للإسلام والكفر لا يمكن أبداً أن يتفهموا الديمقراطية أو يحترموها.
نحن نتوقع من المجلس العسكرى أن ينحاز إلى القوى الديمقراطية، ويتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الدولة المدنية التى قامت الثورة من أجلها، عندئذ فقط سيبدأ المستقبل فى مصر.
الديمقراطية هى الحل.

كتبهاعلاء الأسوانى ، في 14 يونيو 2011 الساعة: 19:47 م
علاء الأسواني: هناك فرق في درجات الحرارة بين الثورة والمجلس العسكري
موقع جريدة الدستور الاصلى
إيهاب الملاح
الثورة المضادة لا تؤثر على الكتلة الثورية ولكن على "زباين الإعلام الحكومي"
ما فعله نظام مبارك خلال الثورة في 18 يوما أسوأ مما فعلته إسرائيل في حرب غزة في 40 يوما!
في كلمات شديدة الوضوح والدلالة وفي رسائل مباشرة لمن يهمه الأمر في مصر، أكد الكاتب والروائي الكبير علاء الأسواني أن الثورة المصرية العظيمة، هي واحدة من أهم وأعظم الثورات في التاريخ، وأنها غيرت جذرياً وجه العالم والتاريخ بتحطيمها لمفاهيم وأفكار سادت لمئات السنين، وأسست لمفاهيم جديدة وأفكار مغايرة في العلوم السياسة ونظم الحكم وتاريخ الأمم وإرادة الشعوب، وحفرت لنفسها مكانا بارزا في تاريخ الثورات العالمية، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي أوباما في كلمته عقب تنحي مبارك، وأكد على ذات المعنى عدد كبير من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات من دول العالم أجمع.
واعتبر الأسواني أن الثورة المصرية قد أنهت تماماً النظرية السياسية التي روجت لها الإدارة الأمريكية القائلة بأن "النظام الاستبدادي لا يتغير إلا بالقوة.. عن طريق انقلاب عسكري بالداخل أو غزو مسلح من الخارج"، وهي النظرية الترويجية للولايات المتحدة الأمريكية التي صدّرتها للعالم، كي تعطيها الشرعية الزائفة والغطاء الأخلاقي الزائف لشن حروبها اللا أخلاقية ضد الشعوب. وأن الثورة المصرية جاءت لتحطم هذه النظرية، وتثبت أن ثورتها التي رفعت شعار "سلمية.. سلمية"، ما دامت اجتمعت الإرادة الشعبية العامة وتوفرت لديها واتحدت على ذلك، تستطيع أن تأتي بالتغيير وتسقط الأنظمة الاستبدادية، وأنها بسلميتها التي بهرت العالم قد واجهت وأسقطت واحدا من أعتى الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في العالم، وهو نظام مبارك، كما كان من آثارها المباشرة انتقال تأثيرها للمحيط العربي، وبالتحديد إلى 4 دول عربية، بل انتقالها أيضا وبشكلها البارز وبصماتها الواضحة إلى أوروربا، حيث وقف الشباب الإسباني في قلب أكبر الميادين بمدريد العاصمة وهم يرفعون لافتات مكتوبا عليها "هنا التحرير". مشيرا إلى أن ذلك كله دلالة واضحة على التقاط النموذج المصري في التغيير واحتذائه واتباعه في العالم أجمع.

جاء ذلك في الندوة والاحتفالية الموسيقية للفنان علي الحجار التي عقدت مساء أمس الاثنين، والتي نظمتها دار الشروق بقاعة الحكمة بساقية الصاوي بالزمالك، بمناسبة صدور ألبومه الجديد عن الثورة، وقام بتقديمها د.علاء الأسواني.
وعن هذا التقليد الذي يجمع الاحتفال بصدور ألبوم غنائي جديد لفنان كبير بمصاحبة كاتب وروائي، قال الأسواني إنه تقليد جديد تماما في مصر، ولم يشهده قبل ذلك إلا في لقاءات مماثلة في فرنسا.
ووجه الأسواني الشكر لساقية الصاوي وإدارتها على دورها المهم في الثقافة المصرية، وكذلك لدار الشروق والقائمين عليها لدورها البارز والمهم كذلك في الحياة الثقافية المصرية على مدار عقود..
واستطرد الأسواني قائلا: "وبمناسبة الحديث عن تنظيم هذه اللقاءات، فقد كانت دار الشروق هي التي نظمت حفل توقيع لكتابي "لماذا لا يثور المصريون؟" الصادر عنها وكان حفل التوقيع يوم الأحد 23 يناير؛ أي قبل الثورة بيومين.. وأذكر أنني قلت حينها إن التغيير في مصر آت آت.. وقريبا جدا.. ولم يمض يومان على ما قلته حتى قامت الثورة.. وبالطبع لم يكن هذا عن معلومات أو معرفة مسبقة، ولكن عن إحساس مؤكد ويقيني بوقوعه وحدوثه".
وقدم صاحب "عمارة يعقوبيان" في حديثه عن جوانب تفرد الثورة المصرية، قراءة عامة للمشهد المصري خلال الشهور الخمسة الماضية، التي أعقبت قيام الثورة، أجملها في أنها ثورة نجحت ولم تحكم، وأعطت توكيلا شعبيا للقوات المسلحة المصرية كي تحكم نيابة عنها وكان هذا له إيجابيات وسلبيات.
وقال الأسواني "صحيح أن الجيش وقف مع المتظاهرين منذ البداية، وهذا ليس ببعيد أو مستغرب على الجيش المصري الذي يمثل الشعب ويدافع عنه، وأن وجود المؤسسة العسكرية ووقوفها في صف الشعب وانحيازها للثورة قد حجم وحدّ من الشطط الثوري الملازم دائما لاندلاع الثورات من قبيل المحاكمات الثورية وما يمكن أن ينتج عنها من عنف ودموية وهذا جانب إيجابي. لكن والمفارقة هنا أن الجيش مؤسسة ليست ثورية، هناك فرق في درجات الحرارة بين الثورة والمؤسسة العسكرية، والمجلس العسكري الذي يحكم الآن يتخذ قرارات ويتبع سياسات من واجبنا أن ننتقدها".
وأشار إلى أن الذي سيحمي الثورة الآن هو الثورة نفسها، وأنها ستستمر وستنجح؛ وأن صوت الثورة الوحيد هو المليونيات التي يمثل الضغط الشديد على من ينفذ مطالب الثورة؛ الثورة التي دفعت ثمنا فادحا تمثل في سقوط حوالي 1000 شهيد، و800 مصاب، 1400 فقدوا أعينهم، وحوالي 1000 مفقود في عداد المتوفين، هذه الحصيلة الضخمة والتي تمت في أسبوع واحد فقط، هي ثمن باهظ يكفي 4 أو 5 ثورات في التاريخ، مؤكدا أن ما فعله نظام مبارك خلال أيام الثورة الـ18 أسوأ بكثير وفاق بكثير جدا مما فعلته إسرائيل في حربها الوحشية على غزة خلال 40 يوما.
وتابع الأسواني قائلا: "إن في أعقاب أي ثورة تحدث انقسامات وينقسم الناس إلى 3 أقسام.. الأول وهو (الكتلة الثورية) الذين صنعوا الثورة هم مستعدون للتضحية بأرواحهم، والكتلة الثانية ما نسميهم أو نطلق عليهم (الثورة المضادة)، وهم من أفقدتهم الثورة المزايا التي كانوا يتمتعون بها في ظل النظام الذي أسقطته الثورة، أما القسم الثالث فهو الكتلة الساكنة أو ما أسميهم (المتفرجون) أو "زباين الإعلام الحكومي" على القناتين الأولى والثانية بالتليفزيون المصري".

وبحسه الساخر وأسلوبه المتهكم اللاذع الذي أثار عاصفة من الضحك، ضجت بها القاعة أكثر من مرة استحسانا وتأييدا لنقداته اللاذعة، أوضح الأسواني الاشتباك والالتباس الحادث بين الكتل الثلاث، فالثورة المضادة لا تضغط أبدا على الكتلة الثورية بل على المتفرجين كي ينقلبوا على الثورة لأن وعيهم ليس وعيا ثوريا كي تقول وتدعي أن الثورة ضيعت البلد سياحيا واقتصاديا وصناعيا وزراعيا!
وفي معرض إجابته عن المعنى العام للثورة وما مفهومها، أوضح الأسواني أن الثورة هي رفض كل ما يقيد الإنسانية، وأن تضع المعنى قبل المصلحة.. أن تقدم القيمة الإنسانية على المصلحة الزائلة، والدليل الناصع على هذا هو أن الناس في ميدان التحرير رجالا ونساء شبابا وكهولا، وبلا استثناء، عندما نزلو لميدان التحرير نزلوا وهم يعلنون "نعيش بكرامة أو نموت بكرامة"
وفي التفاتة من العام إلى الخاص، أدار الأسواني دفة الحوار من الكلام عن الثورة إلى الحديث عن الفنان الثوري صاحب الموقف الثوري على مستوى حياته الشخصية أو المهنية، وهو الفنان علي الحجار صاحب الاحتفالية، مؤكدا أن الحجار ذو حس مرهف وصوت جبار ويمتلك معرفة واعية ومبصرة بالتراث الغنائي العربي، وإدراك واع باتجهات الموسيقى المعاصرة، وكل ما سبق يحيل الفنان -أي فنان- إلى ظاهرة.
وأضاف الأسواني في تقديمه لألبوم على الحجار الجديد عن الثورة، أن علي الحجار كان فنانا ثوريا وكان يمارس هذا السلوك الثوري في حياته وفنه؛ لأنه وببساطة كان يغلب المعنى أو القيمة على المصلحة المباشرة، وهذا نابع من التزامه بوظيفة الفن ورسالته السامية.
واختتم الأسواني تقديمه قائلا: "أنت إزاء فنان يمارس الثورة قبل الثورة؛ لأنه ببساطة يبحث عن الجمهور الحقيقي للمصريين لأن وظيفته كفنان أن يصل إليهم وإصراره على التواصل معهم.. إن أجمل ما في الحجار مثل أجمل ما في مصر لا تستطيع أن تعرفه وتحصره، بل تحسه وتشعر به فقط".


قران كريم